Tuesday, 17 December 2024 08:26 GMT



خيط رفيع بين هذه وتلك

(MENAFN- Akhbar Al Khaleej) هنالك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمثال‭ ‬الشعبية‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬الإيجابية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬الستر‭ ‬والفضيحة‭ ‬متباريات‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬واسع‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وأجمل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬ان‭ ‬كلماته‭ ‬الثلاث‭ ‬فصيحة،‭ ‬وبارى‭ ‬الشيء‭ ‬يعني‭ ‬تبعه‭ ‬وجاراه‭ ‬وماشاه‭ ‬وسايره،‭ ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬نقول‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تبارِ‭ ‬فلانا‭ ‬لأنه‭ ‬سيء‭ ‬الخلق‮»‬،‭ ‬ونستخدم‭ ‬الكلمة‭ ‬ومشتقاتها‭ ‬غالبا‭ ‬بمعنى‭ ‬تبع‭ ‬يتبع‭. ‬ومعنى‭ ‬المثل‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬خيطا‭ ‬رفيعا‭ ‬بين‭ ‬الستر‭ ‬والانفضاح،‭ ‬وأنه‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬يرتكب‭ ‬‮«‬فضيحة‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يستتر،‭ ‬وأنه‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬كتمان‭ ‬الفضيحة،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬شهودا‭ ‬عليها،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬خفة‭ ‬لسان‭ ‬مرتكبها،‭ ‬او‭ ‬بسبب‭ ‬غبائه‭ ‬وعدم‭ ‬حيطته‭. ‬تذكرت‭ ‬المثل‭ ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬حكاية‭ ‬الزوجين‭ ‬البوسنيين‭ ‬سناء‭ ‬وعدنان،‭ ‬اللذين‭ ‬كانا‭ ‬يتغازلان‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة،‭ ‬وكل‭ ‬منهما‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬ان‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬المغازلة‭ ‬هو‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ (‬الزوج‭/ ‬الزوجة‭)‬،‭ ‬وبما‭ ‬ان‭ ‬محترف‭ ‬الغزل‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نفسه‭ ‬كـ«قمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الرقة‭ ‬والوسامة‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق،‭ ‬فقد‭ ‬أسهب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عدنان‭ ‬وسناء‭ ‬في‭ ‬مدح‭ ‬الذات‭: ‬أنا‭ ‬أشبه‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬وكأني‭ ‬توأمه‭. ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬إنني‭ ‬أحلى‭ ‬منه‭!! ‬بينما‭ ‬سناء‭ ‬بدورها‭: ‬أنا‭ ‬باميلا‭ ‬أندرسون‭ ‬بس‭ ‬خلقة‭ ‬ربنا‭ ‬مش‭ ‬بالعمليات‭ ‬الجراحية‭!! ‬حتى‭ ‬أيقن‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬أنه‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬الآخر‭ ‬الحبيب‭ ‬الذي‭ ‬افتقده‭ ‬في‭ ‬‮«‬الزوج‮»‬‭. ‬وتصور‭ ‬سعادتهما‭ ‬عندما‭ ‬اكتشفا‭ ‬أنهما‭ ‬يعيشان‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المدينة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬لم‭ ‬يترددا‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬للقاء‭ ‬يحول‭ ‬حبهما‭ ‬الالكتروني‭ ‬الى‭ ‬حب‭ ‬طبيعي‭ ‬‮«‬طالما‭ ‬نحن‭ ‬متفاهمان‭ ‬ومنسجمان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وكلانا‭ ‬طرف‭ ‬في‭ ‬زيجة‭ ‬فاشلة‮»‬‭. ‬وتواعدا‭: ‬طيب‭ ‬كيف‭ ‬سأتعرَّف‭ ‬عليك؟‭ ‬بسيطة‭ ‬سأرتدي‭ ‬جاكيت‭ ‬بيج‭ ‬وبنطلون‭ ‬بني‭ ‬وقمصا‭ ‬ابيض‭ ‬ماركة‭ ‬فان‭ ‬هوزن‭ ‬هي‭: ‬وأنا‭ ‬سأرتدي‭ ‬سكيرت‭ ‬فوق‭ ‬الركبة‭ ‬بقليل،‭ ‬لونه‭ ‬عسلي‭ ‬وبلوزة‭ ‬حمراء‭ ‬فاتحة،‭ ‬وحذاء‭ ‬ايطاليا‭ ‬بكعب‭ ‬عشرة‭ ‬سنتيمترات،‭ ‬وشعري‭ ‬أحمر‭ ‬على‭ ‬أصفر‭ ‬يجنن‭.. ‬وجاء‭ ‬موعد‭ ‬اللقاء‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬ترتاده‭ ‬الطبقات‭ ‬اللي‭ ‬فوق‭. ‬ومن‭ ‬البعد‭ ‬لمح‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬الآخر‭ ‬وتعرّف‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ثيابه،‭ ‬وخفق‭ ‬القلبان‭: ‬دمدم‭ ‬دمدم‭.. ‬تكتكتك‭.. ‬بمبمبم‭.. ‬وانفرجت‭ ‬الأسارير‭ ‬بالابتسام،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬ان‭ ‬اقتربا‭ ‬حتى‭ ‬صاحا‭ ‬في‭ ‬تزامن‭: ‬يا‭ ‬لهوييييي،‭ ‬جات‭ ‬الحزينة‭ ‬تفرح‭ ‬ملقتلهاش‭ ‬مطرح‭.‬

خيبة‭ ‬أمل‭ ‬كبيرة‭ ‬ان‭ ‬يخطط‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬لخيانة‭ ‬شريك‭ ‬الحياة،‭ ‬ويكتشف‭ ‬ان‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬هو‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬نفسه،‭ ‬وخلال‭ ‬دقائق‭ ‬كان‭ ‬عدنان‭ ‬وسناء‭ ‬قد‭ ‬اتفقا‭ ‬على‭ ‬الطلاق،‭ ‬وربما‭ ‬عاد‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬الآن‭ ‬الى‭ ‬الانترنت‭ ‬ليبحثا‭ ‬عن‭ ‬حبيب‭ ‬أو‭ ‬حبيبة‭ ‬بديلين‭ ‬بالمواصفات‭ ‬الالكترونية‭ ‬اللي‭ ‬طلعت‭ ‬فالصو،‭ ‬وهي‭ ‬تحريف‭ ‬لكلمة‭ ‬فولس‭ ‬الانجليزية‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬مزيف‮»‬‭.‬

كثير‭ ‬من‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬غافلون‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬أبنائهم‭ ‬وبناتهم‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬ضالعين‭ ‬في‭ ‬غرام‭ ‬الكتروني،‭ ‬يجعلهم‭ ‬يقضون‭ ‬الساعات‭ ‬الطوال‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬عبارات‭ ‬الحب‭ ‬والهيام‭. ‬وأخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬الالكتروني‭ ‬ان‭ ‬يتوهم‭ ‬طرف‭ ‬بأنه‭ ‬غارق‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬الحب،‭ ‬ويقرر‭ ‬تزويد‭ ‬الحبيب‭ ‬بصورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬شخصية‭. ‬وبعض‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬الى‭ ‬مواقع‭ ‬البورنو‭ (‬الفجور‭) ‬بعد‭ ‬التلاعب‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬تصبح‭ ‬أداة‭ ‬للابتزاز‭. ‬هل‭ ‬تذكرون‭ ‬حكاية‭ ‬حكم‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬البرازيلي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يذاكر‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬ظهر‭ ‬زوجته،‭ ‬أي‭ ‬يقيم‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬أخرى‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬الزوجة؟‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬نزل‭ ‬صاحبنا‭ ‬الى‭ ‬الملعب‭ ‬وطفق‭ ‬يصفر‭ ‬ويزمجر‭ ‬لضبط‭ ‬المباراة‭ ‬وفق‭ ‬القوانين‭ ‬السارية،‭ ‬ثم‭ ‬اعتدى‭ ‬لاعب‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬الملعب‭ ‬بإبراز‭ ‬البطاقة‭ ‬الحمراء‭. ‬وكانت‭ ‬المباراة‭ ‬متلفزة‭ ‬وأخرج‭ ‬الحكم‭ ‬ال‭...... ‬حمراء،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بطاقة،‭ ‬بل‭ ‬قطعة‭ ‬ملابس‭ ‬داخلية‭ ‬نسائية‭. ‬وعاد‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬فأخرجت‭ ‬له‭ ‬زوجته‭ ‬بطاقة‭ ‬حمراء‭ ‬حقيقية،‭ ‬وطردته‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬ومن‭ ‬حياتها،‭ ‬وعندها‭ ‬أدرك‭ ‬صاحبنا‭ ‬معنى‭ ‬المثل‭ ‬السوداني‭ ‬‮«‬السترة‭ ‬والفضيحة‭ ‬متباريات‮»‬،‭ ‬ولنتذكر‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬بليتم‭ ‬فاستتروا‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬خيطا‭ ‬رفيعا‭ ‬بين‭ ‬الإفراط‭ ‬والتفريط‭ ‬وبين‭ ‬التواضع‭ ‬والضعة،‭ ‬أي‭ ‬بين‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متواضعا‭ ‬وأن‭ ‬تقبل‭ ‬الإهانة‭ ‬والإذلال‭ ‬فتكون‭ ‬وضيعا‭.‬

MENAFN16122024000055011008ID1108999757


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.