Thursday, 18 July 2024 02:30 GMT



‏بث حياة جديدة في ميثاق الأمم المتحدة‏

(MENAFN- Alghad Newspaper) ‏‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة

دان بيريل؛ وهبة علي*‏ - (كاونتربنش) 2024/7/9


المشكلة الأساسية التي نواجهها اليوم في الشؤون العالمية هي فشلنا في تكييف مؤسساتنا الدولية مع الاحتياجات الحتمية لعصر سريع التطور.‏
قال الأمين العام للأمم المتحدة هذا القدر في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما أشار في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة إلى أنه: "لا يمكننا معالجة المشاكل بشكل فعال كما هي إذا كانت المؤسسات لا تعكس العالم كما هو".‏
أصبح العالم اليوم، بلا شك، أكثر تعقيدًا مما كان عليه في العام 1945 عندما تم إنشاء نظام الحكم العالمي الحالي، القائم في المقام الأول على "ميثاق الأمم المتحدة".‏
لم يعد هذا النظام للتعاون الدولي صالحًا للغرض. وهو يكافح من أجل التكيف والتعامل مع الأزمات المتعددة التي نواجهها، والتي لم تحل غالبًا لأن هذا النظام يفتقر إلى الولاية القضائية المناسبة، والموارد الكافية، والإطار المفاهيمي لتشخيص المشاكل بشكل فعال والتوصل إلى حلول ذات مصداقية، ولأنه يعد غير عادل في الأساس.‏
‏وهكذا، فإننا نمضي قدمًا نحو مستقبل ينطوي على احتمالات كارثية، من تغير المناخ المتسارع، والتفكك المستمر لنظامنا النووي، والقوميات المتصاعدة والمدمرة، والصراع المتزايد، والأوبئة الأكثر تواترًا، والنموذج الاقتصادي الذي لا يمكن أن يحقق الرفاهية للجميع.‏
‏تم اعتماد "ميثاق الأمم المتحدة" قبل 79 عاما، في 26 حزيران (يونيو) 1945. وإذن، هذه تجربة فكرية: لو كان لنا أن نبدأ من صفحة فارغة تمامًا، من دون أخطاء سابقة لتصحيحها أو سياق تاريخي للحفاظ عليه، فما هو نظام الحكم الدولي الذي سنصممه وكيف يمكن أن يعمل؟‏
‏يشكل التكيف وإعادة الابتكار جزءًا من المسار الطبيعي للأشياء. ويمكن للمرء أن يدعم الأمم المتحدة بسبب إنجازاتها وأن يعترف بالحاجة إلى تحويلها في الوقت نفسه. وتأتي دعوتنا إلى إصلاح الأمم المتحدة من رغبتنا في رؤيتها حية وتزدهر.‏
وكان القصد من الميثاق دائمًا هو أن يكون وثيقة حية. وعند اعتماده في العام 1945، أوضح الرئيس الأميركي آنذاك، هاري ترومان ذلك: "سيتم توسيع هذا الميثاق وتحسينه مع مرور الوقت. لا أحد يدعي أنه الآن صك نهائي أو مثالي. لم يتم سكبه في أي قالب ثابت. وسوف تتطلب الظروف العالمية المتغيرة إجراء تعديلات جديدة".‏
صيغت المادتان 108 و109 من الميثاق عمدًا لإضفاء الطابع المؤسسي على إمكانية تطوره بمرور الوقت. كانت القضية الرئيسية التي يجب أن تتناولها هاتان المادتان منذ بداية الأمم المتحدة هي حق النقض في مجلس الأمن. وينبغي إعادة النظر في هذا الأمر بجدية، على النحو الموصى به في تقرير صدر مؤخرا عن هيئة خبراء دعا الأمين العام إلى عقدها. ولكن، هل يمكن للميثاق أيضًا أن يشدد بقدر أكبر على تغير المناخ، الذي يلتزم الصمت بشأنه؛ وهو يستطيع أن يضع قواعد لـ"برلمان عالمي" ليجعل من نفسه أكثر تمثيلاً؛ ويمكن أن يعزز قدرة الأمم المتحدة على إنفاذ القرارات؛ وتوفير تمويل أكثر قابلية للتنبؤ، وإشراك مواطني العالم بشكل أفضل في صنع القرار الدولي.‏
لعل ‏الحجة الأكثر شيوعًا ضد تحديث الميثاق هي أنه مع المشهد الجيوسياسي المشحون اليوم، فإننا نخاطر بأن ينتهي بنا الأمر إلى شيء أسوأ.‏
‏أولاً، لن يكون هناك وقت مثالي. وكما يقول المثل، كان أفضل وقت لزراعة شجرة هو قبل 20 عامًا. وثاني أفضل وقت هو الآن.‏
‏ثانيا، سوف يستغرق إصلاح الميثاق سنوات. سوف يتغير المزاج في الوقت المناسب. لكننا في حاجة إلى بدء العملية، أو على الأقل، الحوار.‏
‏ثالثا، من شأن إصلاح الميثاق أن يعالج القضايا نفسها التي تجعل العديد من الدول فاقدة للثقة إلى هذا الحد، بما في ذلك المعايير المزدوجة المتصورة في تطبيق القانون الدولي، ونظام الحكم العالمي الذي يعطي امتيازات لمصالح قلة من البلدان القوية على حساب بلدان أخرى. ومن شأن تهيئة ساحة لعب أكثر إنصافا أن تحفز البلدان على المشاركة بحسن نية.‏
وأخيرًا، نعم، هناك مخاطر ينطوي عليها إصلاح ميثاق الأمم المتحدة، ولكن هناك مخاطر أكبر في مواصلة مسارنا الحالي.‏
‏هذا هو السبب في أن ممارسة تخيل بداية جديدة، من الصفر، يمكن أن تكون مفيدة. والخيال لا يخضع لحق النقض (يتطلب إصلاح الميثاق موافقة جميع الأعضاء الخمسة الدائمين على التغيير)، كما أنه غير مقيّد بالخلاف السياسي الحالي الذي يمكن أن يجعل حتى التغيير الهامشي يبدو صعبًا للغاية.‏
يمكن للخيال أن يفتح الباب أمام الأفكار العظيمة (مثل التشكيك في دور سيادة الدولة في عالم من الاعتماد العالمي المتبادل)؛ والصغيرة (مثل طلب أن تعقد "الجمعية العامة" دورة كلما تم استخدام حق النقض في مجلس الأمن).‏
‏إن ما يجب أن نتجنبه، بغض النظر عن اللحظة السياسية المشحونة وخوفنا، هو تأخير تصور شيء جديد من منطلق احترام في غير محله لنظام لا يقدم حلولاً موثوقة للتهديدات الوجودية.‏
‏سوف نُحسن صنعًا إذا ما تخيلنا كيف قد يبدو ميثاق الجديد (كما بدأ البعض في فعله مسبقًا)؛ ما هي المبادئ التي يمكن أن يتم بناؤها عليها، وما هي المؤسسات التي ستؤدي إلي نشوئها، وكيف يمكن أن يلهم العالم ليعمل معًا في مسعى مشترك جديد. تخيل ميثاقًا جديدًا يوضع من خلال عرض أكثر تمثيلاً للعديد من ثقافات وحكومات العالم (كانت هناك 51 دولة فقط عندما تمت صياغة الميثاق الحالي، بينما يوجد الآن حوالي 200 دولة قومية ذات سيادة). وبمجرد أن نتجرأ على التخيل، فإننا قد نكون مجهزين بشكل أفضل لإخراج بعض التغييرات الضرورية إلى حيز الوجود.‏
لا يمكن أن تكون المخاطر أكبر مما هي الآن. وثمة حاجة إلى مسار جديد. والسؤال هو ما إذا كنا نصوغه عن قصد، كمسألة اختيار واع، أو ما إذا كنا سنعاني من العواقب المروعة للفشل في التصرف.‏
‏كان المقصود من "ميثاق الأمم المتحدة" دائمًا أن يكون وثيقة حية. وربما يكون الوقت قد حان الآن لبث بعض الحياة الجديدة فيه.‏

‏*دان بيريل Dan Perell وهبة علي Heba Aly: عضوان في اللجنة التوجيهية لتحالف إصلاح ميثاق الأمم المتحدة الجديد، الذي يجمع المجتمع المدني والدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحشد الدعم لعقد مؤتمر عام لمراجعة ميثاق الأمم المتحدة، بما يتماشى مع المادة 109.‏
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Breathing New Life into the UN Charter

MENAFN17072024000072011014ID1108451485


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.