Thursday, 18 July 2024 02:25 GMT



هل تحول الكلف الباهظة دون اشتعال حرب واسعة بين حزب الله وكيان الاحتلال؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) محمد سمور الرنتيسي عمان- تنحسر حدة العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله اللبناني وكيان الاحتلال الإسرائيلي، في أحيان، وتشتد في أحيان أخرى، وسط تزايد المخاوف من اندلاع حرب واسعة النطاق بين الطرفين قد تمتد لتشعل حربا إقليمية تدخل فيها أطراف عدة حليفة للطرفين.
وفي الفترات الأخيرة، حرص الطرفان على تصعيد التهديدات والضغوطات المتبادلة سواء بالتصريحات السياسية والعسكرية، أو بالتحركات على الأرض، وإبراز القدرات العسكرية، وتحذير كل طرف للآخر بدفع ثمن باهظ إذا ما اشتعلت الحرب بالفعل.
ومن بين أبرز تلك التهديدات، ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مهددا بإعادة لبنان إلى "العصر الحجري"، في وقت يؤكد فيه حزب الله قدرته على استهداف العمق الإسرائيلي، مع إشارته إلى أن "القبب الحديدية والدفاعات الجوية الصهيونية لن تنجح بمنعه من ذلك"، وكان الحزب نشر مؤخرا مقطع فيديو عرض مسحا دقيقا من الجو لمناطق في شمال الكيان المحتل، حيث تتمركز بوارج حربية ومنشآت اقتصادية وإستراتيجية إسرائيلية مهمة وفي غاية السرية والحساسية.
ورغم أجواء التصعيد والتهديد تلك، إلا أن ثمة من يرى أن الانزلاق إلى حرب واسعة يعني أن كلفا باهظة سيتكبدها الطرفان، وتداعيات ربما لم تكن بالحسبان، ما يدفع إلى التراجع بدل الخطوة خطوات، وإن ظل التصعيد على مستوى التصريحات والتحركات الميدانية قائما.
ومن وجهة نظر الخبير الإستراتيجي د. عامر السبايلة، فإن "سيناريو اشتعال حرب واسعة بين حزب الله وإسرائيل انتقل إلى مرحلة بات حجم التهديد فيها أكبر بكثير من المراحل الماضية، لا سيما مع انحسار المعارك في غزة تقريبا، وبدء بالحديث عن إيقافها لصب التركيز على الجبهة الشمالية مع حزب الله".
وأضاف لـ"الغد"، أن "تركيز إسرائيل إذا لم تحل مسألة الجبهة الشمالية سيتصاعد في الشهرين المقبلين، وبالتالي سيكون شهر تموز (يوليو) هو الشهر الأهم لإنجاز هذا الملف".
لكن التصعيد الحالي كما يقول السبايلة "قد لا يعني اندلاع الحرب، خصوصا إذا أنجز ما هو مطلوب من ذلك التصعيد، خصوصا موضوع عودة حزب الله إلى ما خلف نهر الليطاني، وإنشاء منطقة عازلة، وهذا كله تحت ذريعة أنه لا يمكن تكرار مشهد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بالنسبة للإسرائيليين".
واعتبر أن "قدرة حزب الله على التكيف مع التطورات، تضعه تحت ضغوط كبيرة قد تدفع إسرائيل قبل الجلوس على طاولة التسوية، إلى توجيه ضربات للبنية التحتية لحزب الله، ونقل ملف الحزب ليصبح جزءا من أزمة داخلية لبنانية".
ووفق السبايلة، فإن "احتمالية الحرب ترتفع بشكل كبير، لكن هناك فرصة دبلوماسية بأن التلويح الحقيقي بالحرب قد يفضي إلى حل، لكن إلى الآن تشير المناخات إلى أن مساحة الدبلوماسية تقل لصالح احتمالية الحرب".
من جهته، يقول الصحفي اللبناني عامر شيباني لـ"الغد"، إن "لبنان في حالة حرب مع إسرائيل وما يحصل على الحدود الجنوبية، كرة نار ملتهبة تتدحرج رويداً رويداً نحو الداخل، وهناك ارتفاع كبير بعدد الضحايا، بالإضافة إلى الخسائر المادية في القطاع الزراعي والمنشآت والمباني والسيارات".
وتحدث شيباني عن أن "دعوات السفارات رعاياها إلى مغادرة لبنان أو منعهم من السفر إليه، خصوصا في الآونة الأخيرة، كلها مؤشرات تدل أن توسيع الحرب أمر وارد ونسبته مرتفعة جداً، لكن اللبناني في حالة (تناقض) بالمعنى الإيجابي للكلمة، إذ إننا نرى شريحة كبيرة من اللبنانيين تسهر وتمارس حياتها الطبيعية في ظل تخوّفها من الحرب وشريحة أخرى تواجه الحرب فعلياً في جنوب لبنان".
وأضاف، "لا شك أن اللبنانيين يجمعون على أن إسرائيل هي عدو ولا أحد ضد هذا الموقف، لكننا نرفض أن يكون قرار الحرب بيد جهة تتفرّد بقرارها وهي بطيعة الحال تأتمر من إيران. يجب أن يكون قرار الحرب والسلم بيد الجيش اللبناني الذي أثبت مراراً أنه القوة الوحيدة التي يصطف جميع اللبنانيين وراءها".
في المقابل، يقول شيباني، "نجد أن إسرائيل لديها جبهة غزة، ولديها معارضة كبيرة لحكومة بنيامين نتنياهو، وقضية الحريديم تقلق الشارع الإسرائيلي، فيما تقول آخر الاستطلاعات أن نحو 60 % من الإسرائيليين يؤيدون رحيل نتنياهو من الحكومة أو من العمل السياسي، ولكن هل يقدم على الدخول بحرب لاستعادة التضامن معه أم يزيد الطين بلة؟".
وتطرق إلى "التحضيرات اللوجستية لحزب الله، وأنه بحسب خبراء عسكريين، لم يكشف عن جميع أسلحته، بل يكتفي فقط بالمسيرات التي تقصف أو التي تصوّر آخرها (هدهد)، ويقصف مواقع إسرائيلية بصواريخ تم استخدامها في التسعينات كالكاتيوشا مثلاً، فهذا التحفظ يأخذه بالحسبان الإسرائيليون".
ويرى شيباني أن "الحرب على لبنان ستؤثر حتماً على المنطقة، والموقف الأميركي الأخير الذي نقله الموفد عاموس هوكشتاين يعلن بصراحة أن واشنطن لن تمنع الحرب إذا واصل حزب الله هجماته على إسرائيل، وهذا سيؤدي إلى تصعيد إقليمي خطير في المنطقة ربما تشارك فيه إيران والفصائل العراقية المسلحة والحوثيون، وكل بحسب موقعه، رغم أنني أدرك أن الخاسر الأكبر سيكون الشعب اللبناني".
أما أستاذ العلوم السياسية د. بدر عارف الحديد، فيستبعد من جهته، أن تندلع حرب واسعة بين الطرفين، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن كلفا باهظة يخشاها الطرفان على المستويات كافة.
وأضاف الحديد لـ"الغد"، أن "لبنان بلد منهك ويعاني من أزمات سياسية واقتصادية متفاقمة تلقي بظلال ثقيلة على الأوضاع المعيشية للمواطنين، وهناك العديد من الأصوات في البلاد، ترفض توسيع رقعة الحرب على وقع نزوج عشرات الآلاف من مناطق الجنوب، وتدمير عدد كبير من المنازل والمزارع، ويرفضون في الوقت ذاته تفرد حزب الله بقرار الحرب، في مقابل من يدعم الحزب ويرى أنه يدافع عن سيادة وأمن لبنان ويناصر حركات المقاومة ضمن ما يعرف بمحور الممانعة".
على الجهة الأخرى، يقول الحديد إن "كيان الاحتلال غارق في وحل غزة دون أن يستطيع تحقيق إنجازات نوعية بعد نحو 9 أشهر من العدوان على القطاع، ويعني الدخول في حرب واسعة مع حزب الله المزيد من الأزمات لإسرائيل التي تواجه استنزافا عسكريا واقتصاديا وحتى اجتماعيا".
وتطرق إلى أن "البلدات والقرى الحدودية داخل الكيان المحتل تحولت إلى مناطق مهجورة جراء عمليات حزب الله، ما دفع أكثر من 60 ألف إسرائيلي إلى النزوح من منازلهم"، مشددا على أن "هذا الأمر يزيد الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما دفعه وفق ما أكدت وسائل إعلام عبرية إلى القول بأنه إذا توصلت إسرائيل إلى اتفاق يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم، فـيمكن حينها التوصل إلى تسوية مع حزب الله".
وقال الحديد، إن "مختلف القوى والأطراف الدولية، لا تريد لرقعة الحرب أن تتسع وتضغط بكل ثقلها للوصول إلى تفاهمات وثني حزب الله عن ربط التهدئة بإنهاء على الحرب غزة"، لكنه أشار إلى أن "الدبلوماسية الأميركية ما تزال متعثرة في الوصول إلى اتفاق بين إسرائيل وحزب الله رغم نشاطها اللافت بهذا الخصوص".

MENAFN29062024000072011014ID1108389284


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.