Wednesday, 08 January 2025 08:15 GMT



عمان وأنقرة.. تدشين لمرحلة جديدة عنوانها أمن سورية من أمننا

(MENAFN- Alghad Newspaper)
زايد الدخيل






عمان - في ظل تسارع الأحداث في سورية، وما يمكن أن ينشأ من تأثيرات أمنية أو سياسية عنها في دول الجوار، جراء ما تعكسه تعقيدات الوضع هناك، يرى مراقبون أهمية كبيرة للتنسيق بين الأردن وتركيا، للحفاظ على استقرار دائم في سورية، وهذا يتطلب إعادة إعمارها، ودرء أي مخاطر تتعلق بمواجهة تنظيم "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية على غراره، قد تستغل الوضع المعقد في الاقليم العربي.
وفي هذا السياق، أشار المراقبون في احاديث منفصلة لـ"الغد"، الى ان البلدين؛ الأردن وتركيا، هما الأقدر في هذا النطاق على مقاربة قضاياهما، ما يتوجب أن يكون لهما دور رئيس في مواجهة ما قد يمس المنطقة من تحديات، بخاصة فيما يتعلق بسورية.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية د. محمد مصالحة، أكد ان زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني أمس، الى تركيا، تحمل ابعادا سياسية وامنية وعسكرية، وهي بهذا الأفق، ذات أهمية كبيرة جدا، تتطلع الى ترسيخ علاقات البلدين اللذين يرتبطان بتاريخ من العلاقات الممتدة، لكن الوضع السابق في سورية، حال نسبيا دون تطويرها، بما ألحقه من تأثيرات مست الممر البري بين الأردن وتركيا عبورا بسورية، والذي كانت تعبر عليه الصادرات والواردات، ما ألقى بظلاله القاتمة على الاقتصاد المحلي.
واضاف مصالحة، إن "زيارة وفد أردني رفيع المستوى الى تركيا، تكتسب اهميتها الاستراتيجية مما بحثه الوفد بشأن العلاقات بين البلدين، والتأكيد على طبيعة التنسيق بيهما، بخاصة بشأن احتياجات سورية الحالية، بعد انتهاء النظام السابق في سورية، بالإضافة لبحث اكثر من ملف تتعلق بتعقيدات الوضع السوري السابق، وتتلخص بعدة قضايا، أبرزها: اللاجئون، وتجارة "الترانزيت"، والتهريب"، والارهاب، لذا فإن التنسيق بينهما، سيتناولها وسيجري التنسيق بينهما لتجاوزها وتجاوز تبعاتها، وتقديم مساعدة حقيقية لسورية التي تحتاج حاليا لإعادة بناء مؤسساتها السياسية والاقتصادية، وقدراتها الامنية، لمواجهة ما يعترضها من تحديات، والتخلص من آثار النظام السابق.
واضاف أن سورية دولة مجاورة للأردن وتركيا، وهناك قواسم مشتركة في علاقات البلدين معها، لذا اعتقد بانها بعد أن سبقت زيارة سيقوم بها وفد من الادارة السورية الجديدة لعمان قريبا، وعبرها ستجري معالجة عدة ملفات، وهذا أيضا سيتوقف على ما تتصوره تركيا حول الوضع السوري الحالي، ما سيفيد الموقف الأردني ويساعد في عملية التنسيق بينهما، خصوصا وان الوضع السوري ما يزال غير مستقر، وغير آمن تماما، لذا فإن واقع الحال في هذا الجانب، يتطلب استشارات امنية، تساعد في استقرار سورية وتقويض اي محاولات يمكن ان تؤثر على أمنها.
ولفت مصالحة، الى ان البلدين واجها قضية اللاجئين السوريين، وهي واحدة من عدة قضايا كبرى، ألقت بثقلها عليهما، فلدى تركيا نحو اربعة ملايين لاجئ سوري، وفي الأردن اكثر من مليون، لذا فإنهما يريدان تسهيل عملية عودتهم لسورية، ومن المهم أن يكون هناك تعاون في هذا الجانب، واعتقد بأن سورية الآن، بحاجة للمساعدة بإعادة لاجئيها، بعد ان شرد قسم كبير من السوريين لدول الجوار تركيا والأردن ولبنان، وكذلك لدول اوروبية وغيرها، وهذا يتطلب مد يد العون لإعادتهم، وتسهيل هذه المهمة، وتوفير بنية تحتية تساعد على استقرارهم في الاماكن التي هجروا منها، وقد لحق بمعظم مناطقهم الاتي هجروا منها التدمير والتخريب، فأصبحت العودة اليها صعبة، لذا فإن الامر يتطلب تنسيقا مشتركا بين الدول التي احتضنتهم، مع النظام السوري الجديد.
وواضح ان سورية حاليا تتلمس خطواتها لإعادة البناء والاستقرار، وتأسيس علاقات قوية ووثيقة مع الدول العربية، فوجهها العربي هو الاساس في انطلاقها لإعادة بناء علاقاتها مع دول العالم الاخرى، وبالتالي على العرب المحافظة عليها، وهو ما تفصح عنه زيارة الوفد الأردني لتركيا، ومن هنا تكمن أهمية هذه الزيارة بمساعدة النظام السياسي السوري الجديد في بناء مؤسساته واستقرار سورية.
من جهته، بين الخبير العسكري والاستراتيجي نضال ابو زيد، ان هذه الزيارة، تأتي في اطار مساحة القلق الأردني الذي يخشى من احلال مشروع جديد اقليمي مكان المشروع الايراني، الذي كان قبل سقوط النظام السوري مقلقا ومهددا للأردن، وشكل تحديا كبيرا له بأعمال التهريب التي كانت تجري على الحدود الأردنية - السورية.
وأشار ابو زيد، الى أن الأردن أدرك تماما بأن تركيا تمشي برتابة واضحة، فهناك خطوة تركية لإعادة تأطير الحالة السورية في شكل دولة جديد، وبالتالي فإن مطابخ القرار في الأردن، أدركت وجوب الجلوس مع الجانب التركي من زاوية امنية وسياسية، لذا كانت الخطوة الأردنية التي سبقت هذه الزيارة، بذهاب الصفدي إلى دمشق والتقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الحليف التقليدي لتركيا، لتمهد زيارة الصفدي تلك، الطريق لزيارة الوفد الأردني أمس لتركيا، وهي تحمل عنوانا امنيا اكثر مما هو سياسي، لوجود رئيس هيئة الاركان ومدير المخابرات في الوفد.
وأضاف أن الأردن لديه طروحات تتعلق بالحالة الامنية السورية، وأيضا اصبح مشتركا على نحو مباشر في الحالة السورية، ويدرك تماما ان بروز سورية جديدة في ظل فراغ امني، لا يخدم المصلحة الأردنية، لذلك فإن الأردن اشتبك مع الملف السوري مباشرة، وتجلى هذه الاشتراك في: اعادة تشكيل الجيش السوري الجديد، اذ إن هناك فصائل سورية مسلحة ذات ايديولوجيات راديكالية، قد تزعج الأردن لقربها اصلا من الحدود معه، كاللواء الثامن الذي يقودة احمد العودة، بالاضافة لجيوب تنظيم "داعش" الارهابي المنتشرة في البادية السورية قرب الزاوية الحدودية الأردنية السورية العراقية، وهذا ما جعل تشكيلة الوفد الأردني لتركيا، تحمل بعدا امنيا اكثر من البعد السياسي، في محاولة منه - على اقل تقدير- لتجسير الهوة او المخاوف بمشروع اقليمي، قد يحل محل المشروع الايراني، بالإضافة الى ان الأردن يريد جس النبض التركي بشأن المرحلة المقبلة في سورية، لأنه وفق ما أفضى في بياناته الرسمية، يريد سورية مستقرة ومتماسكة، وآمنة، بدون فراغ امني أو سياسي قد يزعجه، اذ ما خلقت دولة ذات خلل امني وسياسي على حدوده الشمالية.
وبين ابو زيد "ان شكل الوفد الامني ايضا، قدم حالة أردنية جديدة، بدأت تظهر مؤخرا، تتطلع لتدارك المخاطر التي قد تنتج عن الحالة السورية الجديدة، بوضعها طروحات بأبعادها الامنية والعسكرية والسياسية على الطاولة التركية، مؤكدا أن هذه الزيارة تجسيد لحالة أردنية جديدة مع تركيا، وأخرى مع سورية، بحيث يصبح الأردن مشتبكا على نحو رئيس في عملية اعادة بناء سورية الجديدة بابعادها الثلاثة السياسية والامنية والعسكرية.
وأكد عميد كلية القانون السابق بجامعة الزيتونة د. محمد فهمي الغزو، أهمية توافق الأردن وتركيا على استقرار سورية، وإعادة إعمارها والحفاظ على وحدتها واستقلالها، ووضع خريطة طريق لدعم السوريين، وبحث امكانية إعادة طرق التجارة للحياة في المنطقة.
ولفت الغزو، إلى أن صراعا سافرا أحيانا ومستترا أحيانا أخرى، قائم بين الاحتلال الصهيوني وتركيا على أرضية التنافس بينهما في الهيمنة على الإقليم، ويجد هذا الصراع تجلياته في العلاقة الإسرائيلية اليونانية، مقابل العلاقات التركية العربية، مبينا أن جزءا من هذا الصراع أساسا يدور حول البحر الابيض المتوسط والتنقيب فيه عن النفط والغاز، وأحيانا حول مشاريع مد خطوط غاز أو كهرباء فيه ايضا، وبالطبع توجد قضية قبرص، والموقف منها في قلب هذا الصراع.
وأشار الغزو، إلى ان ثمة أهمية للعودة مباشرة الى الدور التركي في مواجهته للاحتلال الصهيوني في سورية، فقد اقتصر على إدانة الاعتداءات والاحتلالات الصهيونية لمناطق ومواقع سورية، ومطالبة الأمم المتحدة بإخراج الاحتلال منها، وإلزامه باحترام السيادة السورية، كما طلب منه إشعاره بأي هجمات قد تخلق صداما مع قواته، اذ يشير هذا الطلب إلى أن تركيا تحل مكان روسيا كلاعب فائق الأهمية في الحلبة السورية، ورغبتها بنيل الاعتراف بذلك، كما أن ذلك كله يعكس اليوم ما سيجري من تغييرات على توازن القوى الإقليمي.

MENAFN06012025000072011014ID1109060372


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.