(
MENAFN- Akhbar Al Khaleej)
{
في الوقت الذي اختار «ترامب» أغلب مرشحيه لتوليّ المناصب العالية كوزارة الدفاع والخارجية وغيرهما ممن يتسمون بصفة الموالاة الكاملة لسياسته، حتى لو كان بعضهم لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة لتوليّ تلك المناصب، خاصة وزارة الدفاع! فإن عين ترامب وحاشية إدارته الجديدة، هي على تحقيق «أمريكا أولاً»، ولكن هذا التحقيق للقوة الأمريكية وسطوتها في الداخل والخارج، هو ذاته ما يتعارض مع حلّ الأزمات الكبرى في العالم، وخاصة أزمة الشرق الأوسط المتمثلة في حل القضية الفلسطينية لإحلال السلام والاستقرار في ظل التطلع المريض لقادة الكيان الصهيوني، ليس فقط بالقضاء على القضية الفلسطينية، وإنما بإعادة احتلال غزة والضفة الغربية!
رغم الادعاءات الخطابية حول كيفية إدارة غزة في اليوم التالي لحرب الإبادة عليها! وما دام هناك لا حلّ عادل للقضية الفلسطينية، فلن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة!
{ الكيان الصهيوني لا يعمل فقط على تهويد كامل فلسطين، اتكاءً على ما يعوّل عليه من الدعم الأمريكي في فترة رئاسة «ترامب» القادمة بعد شهرين، وإنما هو يريد الهيمنة على المنطقة العربية بلغة السلام المتهافت والتطبيع المجاني، ولكأن ليس في المنطقة دول وشعوب ذات سيادة وإرادة!
وبالتالي فإن ما يحمله «ترامب» في حقيبته القادمة التي تدمج لغة الصفقات التجارية بأعقد القضايا السياسية في المنطقة من مدخل القضية الفلسطينية، لن يحمل معه في ذات الوقت المفتاح الصحيح لفتح أقفال هذه القضية! طالما أن رؤيته لا تقوم على الحلّ العادل لها! وخاصة أن الحديث بكثرة حول المخطط القادم، الذي هو رهن الإعداد مع مترشحي إدارة «ترامب» الذين يُعدون من أكثر الوجوه انحيازاً للكيان الصهيوني والقضاء على القضية الفلسطينية!
{ كل المتحدثين عن التطبيع في أمريكا والغرب يهمهم بالتحديد في «صفقة القرن» التطبيع مع السعودية، في الوقت الذي يؤكد فيه سمو الأمير «محمد بن سلمان» ولي العهد السعودي، وأيضًا وزير الخارجية السعودي، وكل الدوائر التي تمثل الديبلوماسية السعودية أنه (لا يمكن التطبيع إلا بالاتفاق على حلّ الدولتين والاتفاق الرسمي على قيام الدولة الفلسطينية)! ولأن الكيان الصهيوني وحسب كل تصريحاته، بل وتحرّكه لضم الضفة الغربية، لا يريد تحقيق هذا الشرط للتطبيع، فإن مفتاح «ترامب» لن يفتح القفل الذي لا يمكن فتحه إلا بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولجم التطلع الصهيوني للهيمنة على المنطقة عن طريق الصفقات المريبة! فهل يفعل ذلك؟!
{ الشعوب العربية تحمل في داخلها كثيرا من الغضب على ممارسات الكيان سواء التاريخية في المنطقة، أو حرب الإبادة على غزة، وتحمل الرفض الكامل لكل أسس التفكير الصهيوني في الكيان والدول الغربية الداعمة له في الهيمنة على دول المنطقة، بل واحتلال بعضها!
هذا الكيان الصهيوني الدموي، ليس له مكان أبيض أو نظيف في الذاكرة العربية، ولو قيد أنملة!
ولذلك فإن «ترامب» مهما بلغ من «حصافة تجارية» لن يستطيع لوي عنق الحقيقة في المنطقة العربية، وبما يتعلق بالقضية الفلسطينية!
{ العدالة وحدها هي مفتاح حلّ الأزمة في المنطقة، بل وفي العالم كله! وبناء القوة الأمريكية مجدّدًا لن يكون إلاّ حين توضع الحلول الصحيحة للأزمات في العالم، بالحدّ من منظور الصهيونية العالمية القائم على استمرار (التحكم الأمريكي المنفرد) بالعالم وقضاياه بناءَ على ترسيخ المزيد من القوة العسكرية الباطشة والقوة الاقتصادية المهيمنةّ! التي لا تعترف بالعدالة في توزيع الثروات في العالم، مثلما لا تعترف بالتكاملية بين اقتصادات دول أخرى مركزية، ولا يحق الشعوب في القارات الأخرى في ثرواتها من دون نهب استعماري لها!، ومن دون تحكمّ الشركات الكبرى العابرة للقارات، وتحكم المؤسسات الاستعمارية مثل «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي» في مصائر الشعوب التي يتم إفقارها عبر «القاتل الاقتصادي» الذي صنعه المستعمِر، لكي تبقى الدول المثقلة بالديون في قبضة سياساتها!
{ «ترامب» الذي يدّعي محاربة الدولة العميقة أو القوة الاستعمارية في بلده وفي العالم، للغرابة يتسلح في إدارته بوجوه من تلك النخبة، وبدعم الأثرياء الصهاينة، وبمهادنة الشركات الكبرى! هؤلاء معًا ينظرون إلى الكيان الصهيوني كقاعدة متقدمة لأجنداتهم ومصالحهم الاستعمارية! وبالتالي هم منحازون تمامًا بالدفاع عن بقائه وتوسعه! مثلما ينظرون إلى العالم والقوى الأخرى المنافسة كعدّو كبير خاصة الصين، بما يستدعي الحرب الشاملة ضده لاحقًا، لكي تبقى «أمريكا أولاً» ولكي يستمر استفرادها بالعالم رغم تغيرّ موازين القوى في هذا العالم! ولذلك سواء بلغة الحروب التي يقول إنه سيوقفها أو بلغة الصفقات، سيواصل «ترامب» البناء على ذات الأرضية الاستعمارية الكبرى! وسيواصل صناعة العالم حسب الرؤية الأمريكية، أي عالم بلا عدالة! وأزمات عالمية بلا حلول عادلة! ونخبة ظلامية شيطانية، لا ترفع يدها عن هذا العالم إلا بحرب شاملة قد تقضي عليه بعد أن تأكل الأخضر واليابس! أربع سنوات قادمة قد يشهد العالم فيها عجائب أمريكية جديدة!
MENAFN14112024000055011008ID1108888397
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.