Friday, 06 September 2024 01:29 GMT



هل حان موعد معالجة الاتحاد الأوروبى لأزماته الكبيرة؟

(MENAFN- Al-Borsa News) يواجه الاتحاد الأوروبى ثلاث أزمات كبيرة، الأولى هى أزمة تنافسية كانت واضحة بالفعل فى أواخر عقد 2010، لكنها تفاقمت ونتج عنها أداء متواضع فى الإنتاجية والنمو، ومؤخراً، أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى خلق أزمة أمنية تتفاقم بفعل تدهور العلاقة بين الاتحاد الأوروبى والصين، كما تسببت الحرب أيضًا فى أزمة طاقة تضع“أوروبا” فى وضع غير مؤاتٍ مقارنة بمنافسيها الرئيسيين، مثل الولايات المتحدة والصين.

لحسن الحظ، هناك إجماع فكرى لافت حول كيفية معالجة هذه الأزمات الثلاث، حيث توصلت ثلاثة تقارير رئيسية، نُشرت مؤخراً أو ستصدر قريبًا، إلى استنتاجات متشابهة حول التحديات الرئيسية التى تواجه أوروبا، بل وتقدم توصيات متقاربة لمعالجتها.

موضوعات متعلقة فولفو تتراجع عن تعهدها ببيع السيارات الكهربائية فقط بحلول عام 2030 الأردن والإمارات يوقّعان وثائق لإنشاء مشروع استثماري للسّكك الحديد بـ2.3 مليار دولار رب ضارة نافعة.. حظر“X” في البرازيل يفتح الباب أمام“بلو سكاي”

يركز التقرير الذى أعده رئيس الوزراء الإيطالى السابق إنريكو ليتا، بعنوان“أكثر بكثير من مجرد سوق” بناءً على طلب المجلس الأوروبى، على الحاجة إلى مزيد من تكامل السوق الموحدة، وهو مشروع تم التفكير فيه لأول مرة فى الثمانينيات ومازال ذا صلة حتى اليوم.

فعلى سبيل المثال، تُظهر الأبحاث أن عبور الحدود الوطنية فى أوروبا يقلل التجارة بين المناطق بنسبة تصل إلى 6 أضعاف، حسب ما نقله موقع“بروجكت سنديكيت” الإخبارى، كما يعد التشرذم فى أوروبا واضح بشكل خاص فى قطاعات مثل الطاقة والتمويل والاتصالات الإلكترونية، حيث تتجاوز التجارة بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة فى الخدمات الرقمية حجم التجارة داخل الاتحاد الأوروبى نفسه.

وكما يشير ليتا، فإن هذه القطاعات تم استبعادها عمداً من عملية التكامل لأن الدول اعتبرتها ذات أهمية استراتيجية ولا يمكن التخلى عن السيطرة الوطنية عليها، لكن التقرير يستنتج بشكل صحيح أن هذا التباطؤ فى التكامل أصبح يشكل عقبة اقتصادية وأمنية.

كما طلبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، من رئيس الوزراء الإيطالى السابق ماريو دراجى، إعداد تقرير حول مستقبل تنافسية أوروبا، ويُتوقع صدور هذا التقرير فى الأسابيع المقبلة، لكن دراجى أوضح نهجه وتوصياته فى خطابات حديثة، ومن المتوقع أن تكون لهجة تقريره أكثر صراحة، وان يحمل مقترحات سياسية أكثر جذرية مقارنة بتقرير ليتا.

فى أبريل، انتقد دراجى، تنظيم الاتحاد الأوروبى وصنع القرار والتمويل باعتبارها مصممة لـ”عالم الأمس”، كما أن النهج الوطنى الضيق للاتحاد الأوروبى تجاه التنافسية منع إنشاء“أبطال أوروبيين” فى المجالات الصناعية، ونتج عن ذلك تنافس الدول الأعضاء فيما بينها، حتى فى قطاعات مثل الدفاع والطاقة التى تمتلك فيها“مصالح مشتركة عميقة”.

وفى يونيو، دعا دراجى إلى سياسة صناعية أوروبية تشمل فرض رسوم جمركية وتقديم إعانات، وهو نداء لاتخاذ إجراءات من المتوقع أن يتم تضمينه فى تقريره.

أما الباحثون فى مركز“بروجل”، فقد أعدوا التقرير الثالث، الذى من المتوقع نشره قريبًا، فهذه المذكرات إلى قيادة الاتحاد الأوروبى تصدر بعد كل انتخابات أوروبية لمساعدة المفوضين الجدد وأعضاء البرلمان الأوروبى فى تحديد أولويات الكتلة.
وكما يظهر من المعاينة التى صدرت فى أوائل يوليو، يركز التقرير المقبل أيضاً على الحاجة إلى تعزيز الابتكار والنمو، ويؤكد على الفوائد من بناء سوق موحدة للطاقة وإزالة الحواجز أمام الاتحاد المصرفى وسوق رأس المال.

لكن بدلاً من دعم التكامل الشامل، يدعو التقرير إلى تعميق السوق الموحدة فى المجالات ذات الأثر الأكبر على النمو حيث يفوق العائد الاقتصادى بوضوح التكاليف السياسية.

لا شك أن توافق هذه التقارير الثلاثة يعد أمر مذهل، فقد اختفت الخلافات الكبيرة حول السياسات الاقتصادية الكلية، والانفتاح التجارى، والسياسة الصناعية، وهى بعض من النزاعات التى كانت تظهر عادة.

ويبدو أن هذا يعكس التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الكبيرة التى يواجهها الاتحاد الأوروبى حاليا.

وتشكل الحرب فى أوكرانيا تهديداً وجودياً، كما أن ارتفاع أسعار الطاقة يمثل عائقاً رئيسياً أمام التنافسية، وفشل الاتحاد فى الابتكار يهدد بتحويل أوروبا إلى مجرد مشاهد على الساحة الدولية، وحتى لو تصرف الاتحاد، قد لا يكون ذلك كافياً لمنع تدهور وضعه الديموغرافى وتراجع ثقله الاقتصادى.

لكن إجماع الخبراء لا يعنى بالضرورة ترجمة ذلك إلى سياسات، حيث يتمثل العائق الأول فى الجمود الذى يسود بين الدول الأعضاء.

ورغم التحديات الجيوسياسية الحالية غير مسبوقة، فإن مشكلات النمو والتكامل والحوكمة التى يعانى منها الاتحاد الأوروبى معروفة منذ تقرير“سابير” لعام 2004، ومع ذلك، لم يتخذ الاتحاد الأوروبى إجراءً إلا فى حالات الإجهاد الشديد مثل أزمة ديون منطقة اليورو فى 2010-2012 وجائحة كوفيد-19.

وحتى فى هذه الحالات، كان النهوض قصير الأجل، فعلى سبيل المثال، لايزال الاتحاد المصرفى غير مكتمل، ولم يُتخذ قرار بشأن التمويل المستقبلى لبرنامج التعافى من الجائحة.

التحدى الثانى يظهر فى أن أى إصلاح كبير سيخلق رابحين وخاسرين، حيث يولد التشرذم مكاسب لبعض الدول على حساب أخرى، بالتالى، ستقاوم الدول التى ستخسر الكثير من التكامل.

وصحيح أن هذه الدول قد تخسر أكثر على المدى الطويل مما تكسبه على المدى القصير، لكن التغلب على قصر النظر يتطلب شجاعة.

وأخيراً، يعد الحماس الأوروبى فى أدنى مستوياته، خاصة مع تصاعد القومية الاقتصادية، كما أن الحكومات لا ترغب فى إثارة غضب الناخبين، فعلى سبيل المثال يواجه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتس شعبية متدنية، وبالتالى ليسا فى وضع يمكنهما من اتخاذ إجراءات قيادية لازمة لكسر الجمود الحالى، وكل ما يمكننا فعله هو أن نأمل فى أن ترتقى فون دير لاين لمستوى التحدى.

MENAFN04092024000202011048ID1108637033


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار