Sunday, 01 September 2024 08:19 GMT



كيف يأمل بوتن في تحويل التجارة الروسية؟

(MENAFN- Al-Borsa News) موسكو تخطط لزيادة الشحنات على طريق البحر الشمالي إلى 200 مليون طن

ينفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أموالاً طائلة على حربه في أوكرانيا، حيث خصص أكثر من 200 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، للحرب، وفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية.

وفي الوقت نفسه، يخطط لاستثمار مبالغ ضخمة في البنية التحتية بهدف تمكين اقتصاد بلاده من الازدهار حتى وإن كانت روسيا معزولة عن الغرب.

موضوعات متعلقة “دولار جنرال” تحذر من نفاد أموال أصحاب الدخل المنخفض ركود مبيعات المنازل في الصين يستمر رغم حزم الإنقاذ الحكومية هل يواصل سعر الذهب صحوته في سبتمبر؟

وعلى مدار العقد المقبل، تخطط الدولة الروسية لاستثمار ما يصل إلى 70 مليار دولار على بناء طرق نقل جديدة لربط البلاد بشركاء تجاريين في آسيا والشرق الأوسط، علمًا بأن مناطق الشرق الأقصى الروسي وشمالها من المتوقع أن تحصل على النصيب الأكبر، بينما سيخصص جزء أقل لصالح مشروع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يهدف إلى ربط روسيا بالمحيط الهندي عبر إيران.

ويعد المسئولون بزيادة حركة المرور عبر كافة المسارات التجارية غير الغربية.

لقد تسببت الحرب في أوكرانيا بالفعل في إعادة توجيه مسار البضائع الروسية نحو الدول التي لم توقع على العقوبات، وعلى رأسها الصين والهند، لتعويض فقدان الأسواق الغربية.

وبما أن البنية التحتية المتفرقة في شرق روسيا تحد من الصادرات المتجهة إلى آسيا، فإن البضائع غالبًا ما تضطر إلى اتباع مسارات طويلة عبر موانئ البحر الأسود والبلطيق، ومن ثم عبر قناة السويس، حسب ما نقلته مجلة“ذا إيكونوميست” البريطانية.

هذا الأمر يثير قلق المسئولين الروس بشأن المخاطر المحتملة التي قد تتواجد على هذه المسارات، خاصة مع النفوذ الذي يتمتع به حلف الشمال الأطلسي“الناتو” على شرايين التجارة الرئيسية مثل مضيق البوسفور، ما قد يؤدي إلى فرض قيود تجارية إضافية.

روسيا تطور علاقاتها مع الدول الصديقة

وفي محاولة لتعزيز الصادرات وحماية العلاقات التجارية من التدخلات، تعمل روسيا الآن على تطوير روابط مع دول صديقة، حيث أكد بوتين على ضرورة“أن تصبح هذه الروابط الجديدة مثالاً للتعاون الدولي الأوسع نطاقًا”.

يعد هذا الأمر تغييرًا كبيرًا في استراتيجية روسيا، حيث كانت تتجنب في السابق بناء روابط بنية تحتية مع الصين وإيران، نظرًا لأن التجارة مع أوروبا كانت مربحة بما فيه الكفاية.

لكن الحرب غيرت حساباتها فقد ارتفعت التجارة بين روسيا والصين، مدعومة بالطلب الصيني على البترول الروسي، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 240 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها الثلثين مقارنة بعام 2021.

وفي عام 2022، افتُتح أول جسر سكة حديد عبر نهر آمور، الذي يشكل الحدود الطبيعية بين روسيا والصين، وجرت الموافقة على بناء جسر آخر العام الماضي.

كما تسعى روسيا لزيادة حجم الشحنات على طريق البحر الشمالي، وهو مسار ملاحي يمتد على طول ساحلها في القطب الشمالي وصولاً إلى شرق الصين، من 36 مليون إلى 200 مليون طن بحلول عام 2030.

وحتى قبل بضعة أعوام، كانت الشركات الروسية تتجنب أيضًا التعامل مع إيران خشية التعرض للعقوبات الغربية، لكن الدولتان المنبوذتان تسعيان الآن بكل حماس إلى تطوير ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

وفي العام الماضي، وافقت روسيا على تمويل خط سكة حديد“رشت-آستارا” في إيران، للذي يعد جزءًا مفقودًا يبلغ طوله 162 كيلومترًا من الفرع الغربي للممر، والذي توقف العمل فيه بالرغم من الموافقة عليه قبل ما يقرب من عقدين.

ويؤكد بوتين أن هذا الممر، بمجرد اكتماله، سيعمل على“تنويع تدفقات التجارة العالمية بشكل كبير” من خلال تحويل إيران إلى نقطة انطلاق للبضائع الروسية المتجهة إلى الشرق الأوسط وآسيا وغيرها من المناطق.

الهند جائزة كبرى

ويُنظر إلى الهند على أنها الجائزة الكبرى في هذه الخطة، حيث يُتوقع أن يستمر الطلب الهندي على الفحم والبترول حتى عام 2030 على الأقل.

ومع ذلك، تواجه خطط بوتين تحديات كبيرة، فعلى الرغم من أن التجارة على المسارات الجديدة تتزايد، إلا أنها لا تزال محدودة.

وسيظل الغطاء الجليدي يشكل عائقًا أمام استخدام طريق البحر الشمالي على مدار العام حتى منتصف القرن على الأقل، عندما يتوقع العلماء أول صيف خالٍ من الجليد.

وفي عام 2022، نُقل 8 ملايين طن فقط من البضائع عبر ممر النقل الدولي للنقل بواسطة السكك الحديدية، وهو أقل بكثير من سعته الإجمالية البالغة 14 مليون طن، علمًا بأن الممر يعتمد في العادة على الشاحنات، مما يحد من طاقته الاستيعابية.

تدنى أداء سكك الجديد

وعلى الرغم من زيادة التجارة مع الصين، فقد عانت السكك الحديدية الشرقية في روسيا من تدني الأداء، حيث تعاملت مع بضائع أقل بنسبة 13% من قدرتها المعلنة العام الماضي.

وأحد هذه الخطوط هو خط السكك الحديدية“بايكال-أمور”، وهو في الغالب مسار فردي ويعمل بشكل جزئي بالكهرباء.

وقد تراكمت على مدى عقود من الإهمال الحاجة إلى إصلاح الموانئ والسكك الحديدية في شرق روسيا.

ويبقى السؤال: هل سيكون هناك تمويل كافٍ لهذه المهمة؟

لا شك أن المزيد من التمويل من جهات أخرى قد يكون مفيدًا في سد الفجوة.

ففي مايو، وقعت الهند عقدًا بقيمة 370 مليون دولار لمدة عشرة أعوام لتوسيع سيطرتها على ميناء تشابهار في إيران.

كما تعمل أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان على تحديث بنيتها التحتية للسكك الحديدية والطرق المحلية للمساعدة في دعم ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

ومع ذلك، لا تزال روسيا وإيران الممولين الرئيسيين للممر، حيث شكلت استثماراتهما 68% من إجمالي الاستثمارات في الممر خلال عام 2022، كما وتعتمد إيران، التي تعاني من نقص السيولة، على القروض الروسية لتغطية حصتها.

ويخطط بوتين لإنفاق مبالغ ضخمة على البنية التحتية، لكن طموحاته قد تتعثر بسبب تردد القطاع الخاص في الاستثمار.

وتتوقع شركة التحليلات الروسية“شيربا جروب” أن الاستثمارات الخاصة في برنامج النقل الحكومي الروسي ستنخفض من 927 مليار روبل“أي ما يعادل 10 مليارات دولار” في عام 2022 إلى 180 مليار روبل في عام 2026.

البنية التحتية الروسية ضعيفة

وحتى في أفضل الظروف، يظل سجل روسيا في مجال البنية التحتية ضعيفًا.

وفي الشرق الأقصى النائي من روسيا، حيث تعقد المسافات الطويلة والطقس السيء التخطيط والتنفيذ، يكون الوضع أسوأ.

كما أن سوء الإدارة أمر شائع، خاصة أن صناعة النقل في روسيا تهيمن عليها حفنة قليلة من الشركات.

وفي عام 2019، سُجن إيجور بوشكاريوف، العمدة السابق لمدينة فلاديفوستوك التي تُعرف بكونها عاصمة الأعمال التجارية في شرق روسيا، بتهمة الفساد في مشروع طريق.

لكن في خضم الحرب، سيكون من الصعب على روسيا توفير العمالة والخبرات اللازمة لترقية خطوط السكك الحديدية.

علاوة على ذلك، فإن العديد من الدول المشاركة في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب على خلاف مع بعضها البعض، مما سيجعل التخطيط لأجزاء أخرى من المشروع أمرًا بالغ الصعوبة.

كذلك، تعمل العقوبات أيضًا على عرقلة التقدم في الطرق التي تلتف حول العقوبات، ففي السابق، كانت أوروبا تسعى للاتصال بالصين عبر القطب الشمالي الروسي، لكن هذا الخيار لم يعد ممكنًا.

وتعتمد زيادة السعة على مشاريع البترول والغاز في القطب الشمالي، لكن انسحاب الشركات الغربية يجعل ذلك صعبًا، فعلى سبيل المثال، اضطرت شركة“نوفاتيك”، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في روسيا، في أبريل إلى تعليق الإنتاج في مشروعها للغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي“أركتيك إل إن جي 2” بسبب نقص مكونات الناقلات.

كما ستواجه شركة السكك الحديدية الروسية المملوكة للدولة صعوبات في استبدال الموردين المفقودين.

وكانت الشركات الوحيدة التي تصنع محامل الكاسيت، التي تستخدمها بعض قطارات الشحن في العربات، عبارة عن مشاريع مشتركة مع شركات أجنبية، علمًا بأن السكك الحديدية الروسية أوقفت استخدام 50 ألف قطار خلال العام الماضي بسبب نقص قطع الغيار والعمالة.

وحتى إذا تمكن المسئولون الروس من زيادة الطاقة الاستيعابية الخاصة بالمسارات الجديدة، فإن الطلب على البضائع ليس مضمونًا، فقد تراكم ما يقرب من 150 ألف حاوية في الشرق الأقصى الروسي بسبب عدم التوازن في التجارة مع الصين.

ويمكن أن يزيد ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب من المنافسة بين روسيا وإيران، اللتين تصدران حاليًا منتجات متشابهة إلى أسواق مختلفة.

كما أن الدول التي لا تفرض عقوبات ستكون قادرة على فرض شروط قاسية، مستغلة محدودية الخيارات الروسية.

وجدير بالذكر أيضًا أن المفاوضات بشأن مشروع“قوة سيبيريا 2′′، وهو خط أنابيب مقترح بين سيبيريا وشمال شرق الصين، توقفت بسبب مطالب الصين للحصول على إعانات.

وفي النهاية، ستعتمد الصين والهند على نمو الاقتصاد الروسي فقط إذا كان السعر مناسبًا، وهذا الأمر يمثل تحديًا بالنسبة لبوتين.

MENAFN31082024000202011048ID1108622472


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية