Wednesday, 14 August 2024 12:24 GMT



الرد الإيراني كيف ومتى؟

(MENAFN- Alghad Newspaper)
خلافا لكل عمليات التحشيد التي تتواصل، ومحاولات التضخيم للرد الإيراني المنتظر على عملية اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، تشير بعض القراءات الواقعية إلى أن الرد لن يكون بعيدا عن السياق التاريخي للتعاطي الإيراني مع عمليات مماثلة آخرها ردها على قصف قنصليتها في دمشق، وقتل عدد من الدبلوماسيين العاملين فيها، وقبل ذلك اغتيال قاسم سليماني قرب العاصمة العراقية بغداد، والكثير من الغارات الجوية على مواقع إيرانية على الأرض السورية.
فالردود الإيرانية على اعتداءات إسرائيل غالبا ما تكون مدروسة، ومنضبطة، وتهدف إلى حفظ ماء الوجه أكثر من كونها ردودا انتقامية، بحكم أن طهران تعلم يقينا أن العمليات الانتقامية من شأنها أن تفتح بابا للمواجهة الشاملة ليس مع إسرائيل فقط، وإنما مع الولايات المتحدة التي تحتفظ معها بخيوط اتصال على مستويات عميقة وضمن أطر مصلحية غير منظورة على مستوى العامة.
من هنا فإن عمليات التحشيد والتضخيم التي تحدث والتي تديرها تل أبيب وتتجاوب معها الولايات المتحدة من خلال حشد عشرات حاملات الطائرات والقطع البحرية العملاقة وإقامة جسور جوية وبحرية لإمداد تل أبيب بالأسلحة والذخائر ما هي إلا نتاج مخططات إسرائيلية ودعم مطلق من قبل اللوبي الصهيوني يتمثل بادعاء أن دولة الاحتلال في خطر، وأنها معرضة لعدوان على أكثر من جبهة)) حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله التابعة للتيار الحوثي في اليمن وإيران)) إضافة إلى المقاومة الفلسطينية التي تتولى المواجهة الفعلية مع الجيش الإسرائيلي.
يساعد في ذلك مشروع التيار اليميني المتطرف بزعامة نتنياهو المتمثل بتعزيز فرص اندلاع الحرب الشاملة، ودخول الولايات المتحدة كطرف في تلك الحرب مباشرة، ومشروعها الآخر المتمثل بمواجهة المشروع الإيراني بحجة سعي طهران لامتلاك برنامجها النووي.
وهما مشروعان يمثلان الخطر الرئيسي على المنطقة ككل. فكلاهما مشروعان توسعيان يصطدمان مع بعضهما البعض في الكثير من المحطات.
القراءات التي لا ترى في عمليات التحشيد الإسرائيلي والغربي مؤشرا على قوة الرد لا تهدف إلى التقليل من شان التهديدات الإيرانية بأن يكون ردها قاسيا، لكنها ترى أن الجانب الإيراني لن يغامر في منح نتنياهو الفرصة التي يسعى لها منذ سنوات طويلة، والتي تتمثل بدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة نفوذها في كل من العراق وسورية، وكذلك استخدام ترسانتها المتطورة لتدمير برامجها التسليحية وغيرها. فمهما نجحت إيران في تطوير برامجها الصاروخية وغيرها لن تكون قد وصلت إلى مستوى السلاح الأميركي مع علمها بأن واشنطن لن تتوانى في استخدامه فيما إذا شعرت بأنها باتت تشكل خطرا فعليا على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مسار آخر، يبدو العامل الجغرافي مهما في هذا السياق، ذلك أن الصواريخ والمسيّرات تحتاج إلى ساعات طويلة قبل الوصول إلى أهدافها ورفض دول السماح لتلك الصواريخ باختراق مجالها الجوي.
من ذلك، رفض الأردن السماح لأي دولة باستخدام الأجواء الأردنية، وأنها ستتعامل مع أي اختراق بما يستحق. وأبلغت الحكومة الأردنية كلا من إيران وإسرائيل بهذا القرار، وأكدت أن الأردن مصمم على حماية أجوائه وأن قواته المسلحة جاهزة للتعامل مع أي خروقات من قبل أي طرف.
القراءات تستثني ـ نسبيا ـ الردود المتوقعة من قبل الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان. التي تمتلك هامشا أكثر من المناورة والتي أثبتت التجارب السابقة أن ردودها أكثر تأثيرا. حيث نجحت حركة أنصار الله التابعة للتيار الحوثي في تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وإلى حد ما البحر الأبيض المتوسط.
كما أن بعض عمليات حزب الله كانت مؤثرة إلى حد كبير، وأنها قادرة على توظيف العامل الجغرافي في استخدام الأسلحة والمعدات المتطورة التي حصلت عليها من إيران والتي نجحت في تطويرها بجهودها الذاتية في تغيير قواعد اللعبة والدخول ضمن مواجهات أكثر عمقا ودقة.
وبالتالي لا تغفل القراءات بمصادرها المتعددة التفاوت بين الردود التي تأخرت بعض الوقت، والتي قد تنطلق بتنسيق مشترك خلال أيام قليلة. أو أن يتم تأجيلها على وقع تطورات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق يضع حدا للعدوان على غزة.
فمع أن رئيس حكومة الاحتلال لم يغير من موقفه المعطل لأي اتفاق لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى إلا أن تصاعد الخلافات الداخلية بينه وبين وزير دفاعه والعديد من المسؤولين العسكرين وتبادل الاتهامات بينهم والضغوطات الأميركية المتصاعدة من أجل إبرام اتفاق مع المقاومة قد تكون مؤشرا على تغيير بعض المسارات باتجاه التراجع عن الرد. يساعد في ذلك محاولات التوسط الأميركية من خلال بعض الدول لإقناع طهران بإلغاء الرد أو التخفيف من حدته، خاصة وأن اذرع إيران اشترطت سابقا وقف العدوان على غزة من أجل وقف عمليات)) المشاغلة)) ضد إسرائيل.
وتبقى الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات، باستثناء أن يكون الرد الإيراني شديدا. أو مختلفا عن الردود السابقة.

MENAFN14082024000072011014ID1108552103


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.