Saturday, 10 August 2024 06:29 GMT



محمد جميل أبو الطيب في ذمة الله

(MENAFN- Alghad Newspaper) عبد الله توفيق كنعان

‎يصعب على المرء أحياناً أن يستعين بما لديه ‎من مخزون الكلمات والعبارات، ليُعبر فيها عن كل مشاعره وذكرياته، تجاه من يعرفهم ويخبرهم في حياته، و يزداد الموقف صعوبة عندما يكون الرثاء غايته من الكتابة عنهم، هم إخوة وأحبة وأصدقاء ومعارف أحزننا فراقهم، وجدنا من العرفان والوفاء أن ندون ما نعرفه عنهم بكل صدق وموضوعية، ولقد قدرنا أن تكون مسيرتهم جزءاً من تاريخ وطنهم ومجتمعاتهم، ارتبط الكثير منها بانشاء مؤسسات ومبادرات ونشاطات تمثل محطات مهمة، نكتبها للتاريخ والأجيال حتى لا تبقى ذكراهم في النفوس ونستمد منهم العزيمة وارادة العطاء.


‎اليوم السبت 10/8 / 2024 ، يصادف مرور بضعة ايام على اربعين يوماً لرحيلك لتترك في النفوس مكانة خاصة لدى كل من عرفك او كان له علاقة معك، سواء على الصعيد الشخصي او الرسمي / اليوم حفل تأبينك "ايها الطيب" يا من لك من اسمك نصيب، فما أطيب ذكراك أيها العزيز في قلوبنا..


‎هذا الاسم الذي عُرف به، سمعت عنه وأنا طالب في مدرسة رغدان التي امضيت فيها المرحلة الابتدائية والثانوية والتي تأسست عام 1954م في جبل الحسين في العاصمة عمّان وهي اليوم مدرسة ثانوية))، عندما قيل لنا نحن الذين نلعب كرة القدم في أرض مجاورة للمدرسة كنا جهزناها لتكون ملعباً ترابياً بسيطاً نمارس عليه هواية طفولتنا الكروية المحببة، ان معلماً للرياضة متميزاً يعمل في دار المعلمين المجاورة لمدرستنا رغدان وقد اسستها وزارة التربية والتعليم (المعارف انذاك) عام 1952/1953م، هذا المعلم اسمه " أبو الطيب"، فكنا نحاول مشاهدته من بعيد وهو يمارس دروس الرياضة في دار المعلمين وتمضي الأيام وأبو الطيب يتقدم صفوف الرياضيين في الاردن وخارجه ليحرز جوائز وميداليات دولية كثيرة، حيث مثّل الاردن في اكثر من مناسبة رياضية، فكان أول اردني يفوز بميدالية ذهبية للاردن في الدورات العربية، وترأس عدداً من الاتحادات الرياضية المحلية وله الفضل في ادخال العديد من الالعاب الرياضية للاردن، ليدون اسمه الذهبي بسجل الاوائل على الصعيد الرياضي، ولو أردنا سرد تاريخه الرياضي والتربوي والثقافي بما فيها من مشاركات وأنشطة وانجازات، فإننا بالتأكيد نحتاج إلى صفحات كثيرة، ومع مرور الأيام والسنوات في مسيرة العطاء المتميزة للمرحوم أبو الطيب، يشاء القدر بحكم تشرفي بالعمل في مكتب صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله ولي العهد أنذاك، وما يتخلله من المهام التي كنت اتولاها، كان لا بد من التعرف على الفقيد شخصياً،وهكذا نشأت بيننا علاقة الصداقة والاخوة، فقد كان لأبي الطيب حضوره الفاعل في كل الجلساتالتي كانت تجمعنا، نستشعر فيها ثقافته ومعرفته الواسعة، وبالطبع نلمس متعة ورونقخاص لمجالسته والاجتماع به، بما في ذلكتعليقاته ومداخلاته التي تضفي الفائدة وأحياناًالمرح وأحياناً أخرى تنتابك الاثارة لما كان يطرحه من أفكار ابداعية.

لقد كان الفقيد أبو الطيب رحمه الله شهماً صاحب نخوة وعزيمة، يجمعنا به اللقاء في مناسبات عديدة منها الرسمية ومنها العائلية،خاصة بالتزامن مع قدوم الاصدقاء والاحبة من خارج الاردن للزيارة، حيث كنا نلتقي على الغداء أو العشاء بكل ود ومحبة، وتمضي بنا الأيام ونحن على هذا الحال من العلاقة الأخوية الطيبة، والتي يتخللها محطات مميزة من عطاء هذا الراحل النبيل، ومنها الإجماع على أن يكون ابو الطيب رئيساً لهيئة رواد الرياضة والشباب، ومنذ انشائها حتى اللحظة التي غادرنا بها دون وداع .

‎ولا شك أن سيرته الرياضية والشبابية العطرة والعريقة، تؤهله بكل جدارة ليحمل وسام المحبة والوفاء والاعتزاز به من كل اصدقائه، وأتذكر قبل حوالي اربعين يوماً تقريباً ، أنه ألمت بأبي الطيب رحمه الله وعكة صحية، وقد كنت واستاذي العزيز سميح اسكندر نترقب يوماً نستطيع فيه زيارته وعيادته في المنزل، إذا حانت الفرصة بعد أن أصبح وضعه الصحي أفضل ومستقراً، وكنا قبل ذلك ولراحته نكتفي بالتحدث معه هاتفياً بغية الاطمئنان عن صحته والدعاء له بالسلامة والعافية، واحياناً ولظروفه الصحية وما يعتريه من تعب، كانت تُجيبنا الأخت الفاضلة زوجته الكريمةأم الطيب، موضحة أنه مستريح أو لا يقوى على الكلام.
‎وكم شعرت بالراحة عندما علمت أنه يقوم في بعض الأحيان بزيارة مركز هيئة الرواد، ليلتقى مع بعض الاخوة من الرواد إلى أن علمت لاحقاً بأنه جاء يومها زائراً المركز، وقد أعلمنا الأخ حكم جرار أمين سر هيئة الرواد أن آخر لقاء جمعهم بالفقيد ، حيث كان في مقر الهيئة مع بعض الإخوة الكرام عندما شعر بإنه بحاجة الى المغادرة وهكذا كانت تلك آخر زيارة ولقاء مع أبو الطيب الذي غادرنا في فجر ذلك اليوم إلى جوار ربه تعالى راضياً مرضياً، ولاشك أن مطالعة وفود المعزين له من رواد الرياضة والشباب وكل من عرفه يعكس مكانة أبو الطيب الراسخة في القلوب والباقية مع ذكراه وانجازاته المشرفة في سجل الوطن .
‎ وقد نعت الفقيد رحمه الله صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين رئيسة رابطة اللاعبين الدوليين والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الرابطة واستذكرت ما حققه خلال مسيرته الرياضية من انجازات وتضحيات، حيث انتدبت سموها فادي زريقات نائب سمو رئيسة الرابطة لتقديم واجب العزاء، وهذا الحرص الهاشمي الأصيل على مشاركة الاسرة الاردنية أحزانها برحيل رجالاتها في كافة المجالات هوموقف هاشمي معهود من شأنه تخفيف آلم المصاب، كما كان من اوائل المعزين برحيله ومن الذين كنا بإستقبالهم في بيت العزاء، هو الشريف فواز شرف اول وزير للثقافة والشباب في الأردن عام 1976م، والذي كان متأثراً وحزيناً ونعاه في صحيفة الرأي واصفاً الفقيد بالمؤمن الباني الرائد، خصال ثلاث هي عنوان مسيرة عطاء وبذل للراحل. وكان سيادته على تواصل دائم مع هيئة الرواد يرعى كل نشاطاتها المختلفة ، جزاه الله خيراً .
‎ رحمك الله أيها الصديق والاخ الطيب، هذه هي الحياة استقبال ووداع وفراق والفراق صعب، ولكنه قضاء الله ولا راد لقضائه ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، نسال الله العلي القدير أن يجعل مثواك الجنة، فنحن اعضاء هيئة الرواد نشارك الأخت الكريمة أم الطيب والأبناء الاعزاء والدعاء لله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان.


‎أبو الطيب الطيب لقد كنت الرجل الكبير والنبيل،وما تزال ذكراك وسيرتك العطرة تؤكد أننا فقدنا اخاً وصديقاً كريماً شهماً، يستحق وسام المحبة والوفاء والاخلاص من هيئة الرواد والكشافة والمرشدات واللاعبين الدوليين وكل من عرفه.


‎ابو الطيب لقد أوجعنا رحيلك فأن القلب عليك ليحزن وان العين لتدمع وان على فراقك لمحزونون، فالى جنات الخلد بأذن الله.

MENAFN09082024000072011014ID1108538314


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.