Thursday, 18 July 2024 09:34 GMT



عندما يصبح درب المعرفة ملغما بالإشاعات.. كيف النجاة؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) محمد الكيالي عمان – فيما أصبحت سرعة انتشار المعلومات في عالمنا المعاصر أسهل من أي وقت مضى، بما فيها المعلومات الدقيقة والموثوقة، غير أنه وبالسرعة نفسها تنتشر، أيضا، الإشاعات الخاطئة والمضللة، على غرار فيديو الشاحنات الأردنية المتجهة إلى الأراضي المحتلة، والتي أشاع البعض أنها تذهب للكيان الصهيوني، بينما برهنت الوقائع أنها تحتوي على مساعدات للشعب الفلسطيني.
ووفق علوم النفس، فإن لدى الإشاعة القدرة على تشكيل الرأي العام والتأثير على معتقدات الأفراد وأفعالهم، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تضليل متلقيها والمهتمين بها، ما يطرح سؤالا مهما حول كيفية مواجهة هذه الإشاعات ودحضها، سيما تلك الإشاعات التي تتمتع بقدرة على استغلال فضول الإنسان ورغبته في المعرفة، أو تستثمر أجواء معينة تشكل تربة خصبة لاستقبالها.
وفي هذا الصدد، توجهت "الغد" إلى بعض الخبراء والمختصين للوقوف على الأسباب التي تؤدي بالبعض إلى تصديق الإشاعات والانجرار خلفها، مقدّمين حلولا لطالما تم التحدّث بها في مواقف مختلفة.
أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي يرى أن الأسباب الرئيسة للانجرار السهل لبعض الأفراد نحو تصديق الإشاعات وقيامهم بتداولها، هو سرعة انتشارها في الفضاء الإلكتروني الذي تغيب عن الكثير من منصاته ضوابط قانونية خصوصا إن كانت تتناول حدثا ما يسيطر على تفكير واهتمام المجتمع.
وأضاف الخزاعي، أن ما يفاقم الإشاعة هو التأخر في إصدار الردّ عليها ودحضها وإثبات عدم مصداقيتها، خصوصا إذا كانت هذه الإشاعات مجهولة المصدر.
وأوضح أن القضية المهمة الأخرى هي محاولة زعزعة أمن واستقرار ووحدة أبناء المجتمع، والتحريض على المواقف الرسمية الناجحة التي تقوم بها الدولة والحكومة في دعم القضية الفلسطينية وإبرازها في الساحة الدولية.
وأشار إلى أن انتشار مقاطع فيديو أو صور مدعّمة بأحداث على الأرض مثل فيديو الشاحنات الأخير، "ممكن أن ينال تصديقا لدى الناس وخصوصا الجهلة من غير المتعلمين أو الأميين".
واعتبر أن الجانب النفسي لدى المتلقّي له دور كبير في تصديق الإشاعة أو رفضها، مشددا على أنه لمواجهة مثل هذه الإشاعات يجب العمل على سرعة الردّ وإقناع المواطن بزيف هذه المقاطع أو المعلومات، وإقناعه عبر إجراء مقابلات مع السائقين على سبيل المثال، وإلى أين يتجهون وما هي مصادرهم ولمن سيقومون بتسليم هذه البضائع.
وأكد الخزاعي أن مقاطع الفيديو التي تناولت الأحداث المهمة مثل أحداث حرب غزة، تنتشر على المستوى العالمي، و"للأسف يتم ترويجها من قبل أشخاص قد يكون هدفهم الأساسي التأثير على المجتمع أو إشغال المواطنين عن بعض القضايا المهمة بالنسبة لهم".
أما نقيب الصحفيين السابق الزميل طارق المومني فيقول إنه "بدون أدنى شك، فإن الإشاعة ظاهرة اجتماعية قديمة وآفة مرضية تهدد كيان المجتمع".
وأوضح المومني أن الإشاعة موجودة في كل مكان وزمان وستبقى ما بقيت الحياة، حيث تلعب دورا خطيرا في مختلف البيئات والمجتمعات وتؤثر على الأمن والاستقرار المجتمعي سيّما في الأزمات.
وأضاف: "كلّما زاد الغموض وحجب المعلومات الصحيحة، زاد حجم الإشاعات وعظُم انتشارها خصوصا في ظلّ الانتشار لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي تشكل أهم وسائل الترويج لها، مثلما أنها أهم وسائل الكفّ من خطرها وذلك بالردّ السريع والحاسم عليها".
وقال المومني: "لعلّ أن أزمة الثقة بين الحكومات والناس تشكل بيئة خصبة لانتشار الإشاعات التي تظهر في ظل انعدام تدفّق المعلومات الصحيحة والتي تستند إلى بعض القضايا التي كانت تصدر فيها نفيا ثم لا تلبث أن تثبت صحتها".
وتابع: "بالتالي كان النفي غير صحيح، ما يعزز أزمة الثقة التي تشكل لدى الناس موقفا بصحة ما يتم تداوله حتى لو كان إشاعة غير صحيحة".
وشدد المومني على أنه "لا بد من الاستمرار بالتواصل مع وسائل الإعلام والانفتاح عليها وتقديم المعلومات الصحيحة وعدم التعتيم الاعلامي منذ اللحظة الأولى، وألا يترك الناس للإشاعات، بالإضافة إلى توعية المجتمع باستمرار بخطورة الإشاعات والحد منها، فضلا عن اعتماد الحوار والتواصل في القضايا العامة".
ولفت إلى أن المطلوب هو تعزيز الثقة مع الناس بأن الحكومات تعمل لصالحهم، وعليها شرح مواقفها بوضوح وشفافية وتقديم المعلومات الصحيحة أولاً بأول حتى تستطيع وأد الإشاعات والأخبار الزائفة.
وكما أن الإشاعات لديها القدرة على الإضرار بالسمعة، فإنها تعتبر وسيلة أيضا لتشويه العلاقات وزعزعة استقرار المجتمعات.
ولذلك، يرى رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، أن "السوشال ميديا" تعتبر نمطا جديدا من الإعلام وله وهجه، خصوصا من قبل فئة الشباب وحتى منتصف العمر.
وأضاف شنيكات أن هذ النوع من الإعلام الرقمي، يوفّر مقاطع الفيديو والتعليقات لمن لديهم حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، وهذه التعليقات تترك للمتابعين حرية التعليق وإبداء الرأي أو النقد للمحتوى على عكس الإعلام التقليدي الذي يصوغ الخبر ويضعه في قالبه بدون أن يكون للمتابعين دور في نقد هذا الخبر بل يكتفون بتلقي الخبر بلا تعليق.
ولفت إلى أن الإعلام التقليدي يواجه الأفول أمام النمط الجديد، لأن الأخير بات يلغي دور صياغة الخبر والتعليق عليه.
وأوضح شنيكات أن السوشال ميديا باتت تملأ الفراغ في المعلومات وهو ما يعزّز سطوتها، حيث تتم تعبئة المحتوى بمقاطع فيديو أو أخبار أو تعليقات من أشخاص عاديين قد يساهمون لاحقا في تشكيل النمط السائد للرأي العام، وتشكيل الصورة وحتى تشكيل مواقف الناس.
وشدد على ضرورة أن تقدّم الحكومة ما هو مطلوب منها للناس، عبر تقديم المعلومات الواضحة والشفافة لمواجهة ثورة تدفّق الأخبار خصوصا الزائفة منها وتلك المبنية على الإشاعات، وبما تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي من إمكانيات للجميع بدون استثناء.
وأكد ضرورة دراسة ثورة الإعلام الجديدة بعناية والتحكم بها بناء على هذه الدراسات، والمطلوب أيضا هو تبيان الحقائق وتفسير المواقف وليس تبريرها، وأن تكون لغة الخطاب خصوصا في المؤسسات الرسمية ذات بعد عقلاني معزز بالأدلة، ومقنع تحديدا للمتابعين والمراقبين الذين يصطادون الأخبار ويشكّلون مواقف الأفراد حتى قبل صدور ردّ رسمي.

MENAFN17072024000072011014ID1108452895


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية