Wednesday, 18 September 2024 11:06 GMT



مثلث المنكرات

(MENAFN- Al Watan) المعروف والمنكر هل لهما علاقة بالمباح والمحرم؟ نطرح السؤال لأسباب نراها فيمن يعيد أسطوانة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بطريقة تكاد تتقاطع مع (المعروف والمنكر) الذي يقرره المتعصبون من الطائفيين في أفغانستان والعراق واليمن (القاعدة، داعش، طالبان، الحوثيون)، ولهذا يجب أن نفهم المعروف والمنكر كمصطلح تطور بتطور الحضارة الإنسانية، فأسواق النخاسة التي يباع فيها البشر (عبيد وجوارٍ) من المعروف، وليست من المنكر قبل ظهور مفهوم الدولة الحديثة، فحتى تاريخ نشأة أمريكا يدل على أن (العبودية) من المعروف بين البشر، لتجد العبيد يقرأون في الإنجيل ما يشير إلى التفاوت بين البشر وفق مفهوم (القدر اللازب) الذي لا يجوز لهم الخروج عليه وإلا أصبحوا آبقين تلحقهم لعنة الرب في نظر أسيادهم ونظر رجال الكنيسة، ويحق عليهم الجلد بالسياط كي لا يهربوا من أسيادهم مرة أخرى.
المعروف والمنكر في الدولة الحديثة معياره محاربة (مثلث المنكرات الأعظم) وهو (الفقر، الجهل، المرض) وما عدا هذا المثلث مزايدة خارج التاريخ، وعليكم تخيل المنكر العظيم الذي كان في السعودية وحاربته الدولة بالعلم الحديث (كان عدد وفيات الأطفال عام 1960 في السعودية يبلغ 242 طفلا في كل ألف طفل يعني تقريباً ربع المواليد على مستوى السعودية يموتون، وبحرص الدولة على قطع هذا المنكر العظيم وخلال 33 سنة فقط انخفض عدد وفيات الأطفال لكل ألف طفل من 242 طفلا إلى 35 فقط)، ومثلها مسيرة الدولة الناجحة بامتياز في (مكافحة وباء كورونا) ومقارنتها بدول فشلت في إدارة ذلك وما استتبعه من انهيار اقتصادي وفقر، هذا هو المعروف والمنكر كما يفهمه العقلاء في الدولة الحديثة، أما المنكر والمعروف كما يفهمه الطائفيون المتعصبون فهو (تعبئة السجلات الجنائية بالسوابق لأبنائنا الشباب بسبب قضايا لا تقدم ولا تؤخر في ميزان النظام العام).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدولة الحديثة يكون بتحقيق (تعليم أفضل، سكن أفضل، مواصلات أفضل، صحة أفضل... الخ من علامات دولة الرفاه) وكل ما يؤدي إلى (الجهل والفقر والمرض) فهو أساس المنكرات، ولا يؤدي للجهل والخرافة سوى فساد التعليم، ولا يؤدي للفقر سوى (الفساد) بمعناه الاقتصادي الدولي وليس بمعناه الشعبي، الذي لا يتجاوز عقلية أولئك الذين ينسبون الأمطار الطيبة إلى صلاتهم ونسكهم، والسيول المدمرة إلى ذنوب غيرهم، عاجزين عن فهم تجنب منكرات السيول المدمرة باقتراح المعروف من بناء السدود واستصلاح الأراضي وحمايتها من التجريف.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بالعودة للوراء ولا بالبكاء على (التسلط الاجتماعي) الذي فقده المتعصبون والطائفيون، أما موظفو الدولة الطبيعيون فيتطورون مع تطور الدولة واحتياجاتها دون ضجيج أو جعجعة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نراه كل يوم في أخبار هيئة مكافحة الفساد مما له أثر حقيقي على حمايتنا من مثلث المنكر العظيم (الفقر، المرض، الجهل) ومن داخل هذه المنكرات الثلاث تخرج كل الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وما عدا ذلك فوهم عاشته أوروبا في رجال دين كان يربكهم سماع تغريد الطيور كنوع من الموسيقى تصرفهم عن قراءة كتبهم المقدسة، فيرون في كل عصفور يغرد وقت صلاتهم تحت شجرة احتمال أنه شيطان يصرفهم عن العبادة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس وفق مقاييس داعش أو القاعدة أو طالبان، لنراهم يستسيغون البيدوفيليا (اشتهاء الأطفال) بتزويج القاصرات كنوع من المعروف (اللذيذ)، واستساغة (استرقاق البشر) وبيعهم كالدواب، كنوع من المعروف (العزيز على قلوبهم)، وتربكهم رقصة شاب أو شابة في موسم من مواسم الفرح والبهجة والسرور.
عندما ترى (البؤس) في ثياب رثة لطفل لا يجد لقمته فاعلم أنه يعيش وسط (منكرات لا تنتهي) فالفقر ليس منكراً فقط بل هو (الكفر بعينه)، فلا تنشغل ببكاء الحمقى على حسرتهم أنهم لم يقيموا لداعش راية داخل السعودية ولو بالتقاطع معها في بعض معروفها ومنكرها، فكل المواطنين والمقيمين ليسوا بحاجة لأوصياء على أخلاقهم ودينهم، وما عدا ذلك فنظام عام وحق خاص، يجتمعان حيناً ويفترقان أحياناً كثيرة، وتبقى مسائل التقوى بين الإنسان وربه، فإن حاولنا السيطرة على التقوى واعتبارها شأناً عاماً بين الدولة ومواطنيها فستظهر فئة أخطر على الدين من الفسقة، وهم السفلة يظهرون للناس بالتقوى الكاذبة التي تركض بالبلحة والتمرة تصرخ بها في سوق التمر تسأل الناس لمن؟! كي توهم الناس بقوة انصرافها عن الدنيا، وبعد بضع سنوات تظهر وهي في ثراء فاحش، ومن أكبر الفساد والمنكرات أن تصنع الدول ظروفاً مناسبة لتحويل الدين إلى (تجارة) يروج فيها حتى (بول البعير) في قناني للشاربين، ويستنكرون ضرورات اجتماعية لوجود مشروبات تخص غير المسلمين بينهم.

MENAFN31072021000089011017ID1102549319


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار