Sunday, 02 February 2025 11:01 GMT



إرث بايدن مكتوب بالدم

(MENAFN- Alghad Newspaper)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة


‏داناكا كاتوفيتش*‏ - (كومون دريمز) 22/1/2025
‏عندما أفكر في جو بايدن، سأفكر في كل طفل رأيته مقطع الأوصال، وكل منزل رأيته مدمرًا أثناء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الخمسة عشر شهرًا الماضية.‏
***‏
‏في الأسبوع الماضي، غمرت الصور الجوية من لوس أنجيلوس للأحياء السكنية والمنازل التي تحولت إلى رماد مشاركات وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع الناس إلى إجراء مقارنات مفهومة مع ‏‏غزة‏‏. ولا شك في أن تدمير أحياء بأكملها هو أمر مفجع دائمًا. المنزل، حيث يقضي معظمنا قدرًا كبيرًا من وقتنا، هو الذي يحدد من نكون. والذكريات والحب التي يمكن أن يحملها المنزل هي أكبر بكثير من أي مساحة تُحسب بالقدم المربع. ووراء كل هذا الدمار، ثمة كل الأشخاص في السلطة الذين يجعلون كل هذه المأساة والحزن ممكنين في المقام الأول.‏
انتهت فترة ولاية جو بايدن كرئيس يوم الاثنين في الأسبوع الماضي، ولا يتعين على العالم تخمين ما الذي سيكون عليه إرثه. فقد كُتبت الجرائم التي يتحمل المسؤولية عنها في التاريخ بدماء مئات الآلاف من الفلسطينيين، كل واحد منهم مِن حي سكني ساعدت إدارته في تحويله إلى رماد. وتشترك صور الطائرات من دون طيار من غزة ولوس أنجلوس في نفس درجات اللون الرمادي ووجع القلب، وتنبع من نفس نكهات الجشع والازدراء للكرامة الإنسانية. والآن، فجأة، لدينا وقف لإطلاق النار، من دون أي فضل لبايدن. وعندما أفكر في جو بايدن، سأفكر في كل طفل رأيته مقطع الأوصال، وكل منزل رأيته مدمرًا أثناء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الخمسة عشر شهرًا الماضية. وسأتذكر أنه لم يكن من الضروري أن يحدث أي منها؛ لقد أعطى الضوء الأخضر ووفر الأموال للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. وسمح هو، والأشخاص الأقوياء مثله، لشركات التأمين بالامتناع عن تأمين المنازل المحترقة وغذوا أزمة المناخ لعقود قادمة.‏
ظهر دليل واضح آخر على تقاعسه الأسبوع الماضي، عندما رفع فجأة كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو مطلب ما فتئنا نقدمه لإدارته منذ أربع سنوات. وقد تسبب التصنيف، إلى جانب الحظر الأميركي، في مستويات من الحرمان لم تشهدها البلاد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وكان الناس في كوبا يتضورون جوعًا بسبب قرار جو بايدن إبقاءهم على قائمة الأفراد والكيانات المحظورين، ولم يقم بإزالة البلد من القائمة إلا عندما أصبح في طريقه إلى الخروج من الباب.‏
سوف يكون جزء صغير من مساءلة بايدن وشركائه في الإبادة الجماعية -مثل وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، ونائبة الرئيس السابقة ‏‏كامالا هاريس‏‏، ووزير الدفاع السابق لويد أوستن، والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية مات ميلر، وآخرين- هو تذكر الأشخاص الذين قُتلوا في غزة بشحنات أسلحتهم أو بسبب أكاذيبهم. مثل جورج دبليو بوش، الرجل المسؤول عن مقتل مليون عراقي وتدمير ذلك البلد، والذي أخذ يمارس الرسم في شيخوخته لجعل الناس ينسون ما فعله باسمهم- لدى بايدن الوقت لتغيير ما قد يظنه الناس بشأنه. ونحن مدينون للشعب الفلسطيني بألا نصاب بفقدان الذاكرة بينما ما تزال القنابل تمطر على رؤوسهم. كان بإمكان بايدن إنهاء الإبادة الجماعية في أي لحظة، واختار عدم إنهائها. وبسبب ذلك، مات عشرات الآلاف من الأطفال، وكان ذنبهم الوحيد هو أنهم ولدوا في أكبر سجن في الهواء الطلق في العالم.‏
من الصعب الحديث عن الإرث عندما لا يكون غبار القنابل التي ألقيت على العراق قد هدأ بعد. ما يزال الأطفال يولدون في الفلوجة وهم يعانون من تشوهات وأمراض تهدد حياتهم. ولأكثر من عام، استمرت ‏‏إسرائيل‏‏ في إلقاء قنابل أميركية الصنع- وفي العديد من المناسبات أسلحة كيميائية- على سكان غزة. ومن التأثير البيئي للقصف المتواصل إلى العواقب على الصحة العامة التي يجلبها العيش من دون مأوى مناسب لفترة طويلة، لن يتم فهم مدى جرائم بايدن في غزة بشكل كامل لعقود.‏
‏كما أن من الصعب أيضًا التحدث عن الإرث مع تولي الرئيس الجديد الذي وعد بالاستمرار في مسار الإبادة الجماعية منصبه. في الواقع، سوف تكون الإبادة الجماعية للفلسطينيين إرثًا للعديد من الرؤساء الأميركيين -حتى قبل بايدن.‏
لا ينبغي تقييم إرث بايدن على المسرحين المحلي والدولي بشكل منفصل. في الواقع، سوف تكون النضالات التي يواجهها الناس العاديون في جميع أنحاء العالم وفي جميع أنحاء البلاد أكثر منطقية بكثير عندما ندرك أن قضايانا لا تنفصل. بينما يصل التشرد إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في الولايات المتحدة، أرسل بايدن والكونغرس مليارات الدولارات من "المساعدات" إلى إسرائيل وأوكرانيا. وبينما اجتاحت النيران مخيمات المشردين في لوس أنجلوس مع احتراق المدينة، أبلغ بايدن الكونغرس بالمصادقة على أسلحة أخرى بقيمة 8 مليارات دولار لجيش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. هذا بينما يعيش الناس مع القلق كل يوم بشأن ما إذا كانوا سيتمكنون من دفع إيجار بيوتهم أو شراء أغراض البقالة أو أدوية أطفالهم أم لا. وبينما يعاني الناس، يبدو أن هناك شيئًا واحدًا يهتم به الأشخاص في السلطة (بغض النظر عمن يكونون) -الحفاظ على الهيمنة العالمية بغض النظر عن التكلفة البشرية. وفي كل عام من رئاسته، تمامًا مثل أي رئيس آخر، وقَّع بايدن على ميزانية البنتاغون التي خصصت أموالاً للحرب أكثر من أي وقت مضى وفشلت في تحسين حياة الناس. كان إرث بايدن ككل هو ازدراء الحياة الفلسطينية، وبدرجة أقل، الحياة الأميركية.‏
إنني ‏أصرف الكثير من وقتي في التفكير في ما يجب أن يفعله أشخاص مثلي، ممن يعيشون في بطن الوحش، لتحمل المسؤولية عن كل المعاناة التي تسببت بها حكومتنا، بغض النظر عن الرئيس. أفكر في تشي جيفارا، الذي قال ذات مرة، "أنا أحسدكم. أنتم الأميركيون الشماليون محظوظون جدًا. أنتم تخوضون أهم معركة على الإطلاق- أنتم تعيشون في بطن الوحش". ومع عودة الرئيس ‏‏دونالد ترامب‏‏ إلى منصبه لبناء إرثه الخاص، وبينما يترك بايدن وراءه أربع سنوات وعقودًا من العواقب، أحاول جاهدة أن أتذكر أن التواجد في قلب هذا النضال هو امتياز لي. إذا كنت أكره المعاناة المفروضة على الفلسطينيين في غزة، فإنني أدرك أنني أعيش في المكان المثالي لفعل شيء حيال ذلك. وسوف يشكل ترامب وأجندته الجديدة عقبات، لكننا واجهنا الكثير من العقبات في ظل هذا النظام الذي يحشد كل موارده ضد الحركة من أجل السلام. ‏
عندما نفوز أخيرًا، آمل أن يتذكر الناس حركتنا على أنها واحدة تحملت المسؤولية عن مكاننا ووجدت القوة عندما اعتقدنا أننا لا نستطيع العثور عليها. آمل أن يحدد تأثيرنا في النهاية إرث دعاة الحرب مثل بايدن وترامب، حتى لا ينسى العالم من هم أو ماذا فعلوا. وتذكر: إنهم الناس هم الذين يمكنهم حقًا تحديد إرث الرئيس. دع هذا يدفعك إلى العمل والتنظيم. دع هذا يمنحك بصيصًا من الأمل.‏
*‏داناكا كاتوفيتش Danaka Katovich: هي المدير المشارك الوطني لحركة "كود-بينك" CODEPINK. تخرجت في جامعة ديبول بدرجة البكالوريوس في العلوم السياسية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Biden's Legacy Is Written in Blood

MENAFN27012025000072011014ID1109134502


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.