Wednesday, 22 January 2025 04:13 GMT



زيادة الاستثمارات المناخية لتعزيز الأمن المائي

(MENAFN- Alghad Newspaper)
إيمان الفارس


عمان- تطفو تحديات تمويل البنية التحتية للمياه على السطح مجددا، عقب تقديرات تشير لتلقي هذا القطاع عالميا ما يقل عن 1 % من جميع استثمارات التكنولوجيا المناخية، ما ينبه لضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الاستباقية في الأردن، للحؤول دون مواجهة تبعات أشد حدة.
وهو الأمر الذي اعتبره خبراء بقطاع المياه الأردني، في تصريحات لـ"الغد"، "أحد أبرز العوائق التي تحدّ من تحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة في العديد من الدول، لا سيما في المناطق التي تعاني من شح الموارد".
وفيما حذر التقرير الصادر أخيرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي حصلت "الغد" على نسخة منه، من تحديات مواجهة الفجوات الهائلة المتعلقة بالتمويل للبنية التحتية للمياه والابتكارات وسط تلقي قطاع المياه أقل من 1 % من جميع استثمارات التكنولوجيا المناخية، نبّه المختصون من مخاطر انعكاسات تلك الفجوات التمويلية، بخاصة بضوء تحديات الظروف المائية التي تعاني منها الأردن، ما قد يحولها لحالة أشد عجزا وحرجا مائيا.
وقال التقرير الذي حمل عنوانه لماذا يعد الاستثمار في المياه أمرا بالغ الأهمية لمعالجة أزمة المناخ؟، "إن المستثمرين بالمناخ يواجهون تحديات في التنقل في بقطاع المياه جراء دورات الشراء الطويلة والمؤسسات التي تتجنب المخاطر واللوائح المعقدة".
وأضاف التقرير ذاته أنه مع تأثير تغير المناخ بشكل كبير على توفر المياه وجودتها بالمدن والمناطق بجميع أنحاء العالم، تظهر لوائح وتدابير جديدة لحماية هذا المورد الثمين؛ من الاستهلاك وإعادة التدوير إلى الاستخدام الصناعي.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الدولي في قطاع المياه د. دريد محاسنة ضرورة مضي إدارة قطاع المياه بإجراءات عاجلة لمواجهة تحديات التمويل المرتبط بالبنية التحتية للمياه، لاسيما في ضوء الظروف التي يعانيها باعتبار الأردن أفقر دولة مائيا على مستوى العالم، ما يحول ظروفه لوضع أكثر حرجا وشدّة، نتيجة عوامل التغير المناخي.
وقال محاسنة إن التغير المناخي الذي تشهده المملكة، يزيد من فقرها المائي ويفاقم عجزه، إذ بات هذا التحدي "مصيري"، لافتا الى أن المضي وفق الإجراءات العاجلة من شأنه تعزيز العوائد الاقتصادية وتوفير المياه بشكل أكبر لغايات الشرب.
ودعا الخبير المائي للحاجة لتعزيز اقتصاد أخضر مبني على تقليل الانبعاثات والتلوث، مشيرا لأهمية أن تكون الإدارة المائية ناجعة إزاء الحد من استنزاف المياه ووفق دراسة وقوننة نحو الأفضل، بالإضافة لتقنين مياه الزراعة وتقليل الفاقد المائي.
وأوصى بضرورة البحث عن موارد جديدة للمياه دون أن يكون ذلك مقتصرا على القطاع العام فقط، إنما عبر فتح المجال للقطاع الخاص أيضا، مبينا أن الشراكة مع القطاع الخاص قد تكون إما عبر المساهمة بدعم البحث عن المياه الجوفية، أو عبر السماح للشركات بالمساهمة بتحلية المياه.
كما أشار لإمكانية إحياء مشروع قناة البحرين بمضمونه "الأردني" من البحر الأحمر إلى البحر الميت، وعلى الجانب الأردني، موضحا أن فوائده تعود على تحلية مياه البحر الاحمر، وإحياء منطقة وادي عربة، وتزويد الصناعات البوتاسية، بالإضافة لرفع مستوى البحر الميت.
من جانبه، شدد الخبير الدولي في مجال المياه محمد ارشيد، على ضرورة تأمين التمويل اللازم المرتبط بالبنية التحتية للمياه، نظرا لأهميته بتعزيز قدرتها على مواجهة آثار التغير المناخي، كندرة المياه والتقلبات المناخية الشديدة، التي تهدد استدامة الموارد المائية.
وقال ارشيد إنه "وبالتالي، فإن الحاجة الملحة للاستثمار بالتقنيات الحديثة التي تضمن تحسين إدارة المياه، وتوفير حلول مبتكرة لمعالجة المياه، وتحقيق الكفاءة باستخدام الموارد الطبيعية، تتطلب اهتماما عاجلا من الحكومات والقطاع الخاص على حد سواء".
ورأى الخبير المائي أن معالجة هذه الفجوات التمويلية، تتوجب "على صناع القرار تسريع وتيرة الابتكار بنماذج التمويل، بدءا من تعزيز لشراكات بين القطاعين العام والخاص، وصولا لتوفير حوافز مشجعة للاستثمار في البنية التحتية المائية".
وأضاف أن ذلك "عبر تبني استراتيجيات تمويل مرنة ومستدامة، توازيا والتكنولوجيا المتقدمة بإدارة المياه، كتقنيات التحلية، وإعادة استخدام المياه، والتقنيات الذكية لرصد الموارد، والتي تمثل بدورها خطوة أساسية نحو تحقيق إدارة فعالة ومستدامة للموارد المائية".
ولفت إلى أن معظم الفجوات المتعلقة بتمويل البنى التحتية للمياه، "يتم معالجتها حاليا بتمويل من الدول المانحة وبمساهمات وطنية أو عبر مشاريع بتمويل دولي ومحلي".
ونبّه ارشيد في الوقت ذاته، من المخاوف التي تكمن بالأضرار التي ستلحق في البنى التحتية للمياه نتيجة التغير المناخي واستنزاف الموارد المائية، موضحا أن الخطة الرئيسية للمياه، أظهرت أن الطلب على المياه سيزداد بنسبة 31 %، والمتاح حاليا سيلبي 35 % فقط من الاحتياجات، فيما سينخفض الهطول المطري بنسبة 13.6 % وسترتفع درجة الحرارة 1.6 درجة بحلول العام 2040، "وذلك يعني انخفاضا في الشحن الجوفي على المدى الطويل بنسبة 15 % وسينخفض الجريان السطحي بنسبة 15 %.
وحذر من انعكاسات ما سيترتب على ما سبق؛ وذلك من حيث تملح الابار الشرقية والتي ستحتاج للتحلية وسط توقعات بتركيز المعادن الثقيلة، وقد تجف وتتضرر معظم حقول الآبار في كافة مناطق المملكة، وامتلاء السدود بالرواسب، والحاجة لطاقة أكثر بنسبة 40 %.
وتابع أن "هذا سيؤدي للإضرار الكبير بالبنى التحتية من آبار وخزانات مياه وخطوط ناقلة"، مشيرا لتبعات ذلك من حيث البحث عن مصادر جديدة بتكاليف باهظة لم يتم لغاية الآن تقييمها، ما يتطلب تحديد معايير عدة.
وتلك المعايير تتمثل بتساؤلات ترتبط بـ"تحديد البنية التحتية التي ستصبح غير صالحة، وهل تم الأخذ بالاعتبار أن انخفاض مستوى المياه في الابار سيتطلب طاقة أكثر بحوالي 40 %، وهل تم الاستعداد لتدهور جودة المياه الجوفية بسبب حركة المياه من الجزء الشرقي باتجاه المناطق الغربية، وما هو مستقبل الزراعة في المناطق المرتفعة التي تعتمد على المياه الجوفية، وكيف سيكون تأثير العجز المائي على الأمن الغذائي".
ورأى ارشيد أن هذه التساؤلات والمخاطر تتطلب إجراءات استباقية للحد منها، بالإضافة لتضمين الاستراتيجية الوطنية للمياه لخطط عمل مشتركة بين القطاعات، وتشمل الأنشطة والاستثمارات والإطار الزمني والأهداف والجهات المسؤولة وتحديد التكاليف، وتضمينها في الخطة الرأسمالية في وزارة المياه والري.
وبين أن ذلك عبر الارتكاز إلى ما تضمنته سياسة قطاع المياه لبناء المنعة لمواجهة أثر التغير المناخي على قطاع المياه، حيث أوضحت هذه السياسات التدابير والاجراءات اللازمة لتحقيق أهدافنا الوطنية للأمن المائي على المدى الطويل والموجهة بالنتائج المبنية على الاستراتيجيات والسياسة الوطنية للتغير المناخي للأعوام 2022- 2025، والتي تتماشى مع أهداف اتفاقية الامم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.
وذلك إلى جانب الاعتماد على سياسات واستراتيجيات ومبادرات المؤسسات الاخرى ذات الصلة، وهي السياسة الوطنية للتغير المناخي، وتقرير البلاغات الوطنية الرابع لاتفاقية التغير المناخي، والمساهمة المقررة على الصعيد الوطني (INDC) مع السياسة الوطنية لتغيير المناخ وتقرير البلاغات الوطنيه الثالث لإتفاقية تغير المناخ، وخطة النمو الاخضر، وأهداف التنمية المستدامة.
وقال: في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها قطاع المياه عالميا، تبرز مشكلة تمويل البنية التحتية للمياه باعتبارها أحد أبرز العوائق التي تحدّ من تحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة في العديد من الدول، لا سيما في المناطق التي تعاني من شح الموارد المائية.
ورغم الأهمية القصوى لهذا القطاع الحيوي، تشير التقارير إلى أن أقل من 1 % من جميع استثمارات التكنولوجيا المناخية تُوجه نحو هذا المجال الحيوي، ما يفاقم الفجوات التمويلية ويعرقل فرص التطوير والتحسين، وفق ارشيد.
وفي توصياته نحو إمكانية مواجهة فجوات تمويل البنية التحتية للمياه، أكد المستشار الإقليمي في قطاع المياه مفلح العلاوين، أهمية تعزيز الشراكات العامة والخاصة.
وقال العلاوين إن تعزيز تلك الشراكات عبر تشجيع التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لتمويل مشاريع البنية التحتية للمياه، عبر استخدام نماذج مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ودعا المستشار الإقليمي في "المياه" لأهمية الاستفادة من التمويل الإسلامي، عبر استخدام أدواته مثل الصكوك (السندات الإسلامية)، التي تعتمد على المشاركة في الأرباح والخسائر بدلاً من الفائدة لتوفير التمويل اللازم.
كما اقترح تحفيز الاستثمار الأخضر؛ وهو إصدار السندات الخضراء لجذب الاستثمارات المخصصة للمشاريع البيئية والمستدامة، بما في ذلك البنية التحتية للمياه، مشيرا لضرورة تعزيز الوعي والتوعية بأهمية البنية التحتية للمياه وأثرها على التنمية المستدامة لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأشار أيضا لأهمية الابتكار والتكنولوجيا، عبر تشجيع استخدام التقنيات الحديثة كتقنيات التحلية ومعالجة المياه العادمة لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية وزيادة جاذبية المشاريع للمستثمرين.
وأوصى العلاوين في الإطار ذاته، لأهمية تحسين السياسات والإطار القانوني، عبر وضع سياسات وتشريعات داعمة لاستثمارات البنية التحتية للمياه، وتقديم حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في هذا المجال.
وذلك إلى جانب تعزيز التعاون الإقليمي، عبر تشجيع الدول على التعاون الإقليمي في مشاريع المياه المشتركة، مما يتيح تبادل الخبرات وتحسين كفاءة استخدام الموارد وتوفير حوافز تمويلية لهكذا مشاريع تساهم في التعاون الإقليمي خصوصا في إدارة المياه المشتركة بين الدول المتشاطئة.
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة، أكد في تصريحات سابقة لـ"الغد"، الدور الكبير الذي يساهم فيه تعزيز التمويل لقطاع المياه في الأردن في مواجهة تحديات القطاع المائي.
وقال سلامة إن تعزيز التمويل اللازم لقطاع المياه يساهم أيضا بدعم الجهود المبذولة في مواجهة آثار التغير المناخي، وتعزيز جهود زيادة الاعتماد على تمويل الطاقة المتجددة كالرياح أو الطاقة الشمسية، بالإضافة لتمكين المواطنين في جميع المناطق من التكيف مع آثار تغير المناخ.
وأشار لأهمية دوره أيضا بتعزيز الأمن الغذائي، وزيادة الإنتاج، وإدخال البذور المقاومة للمناخ، وتمكين المزارعين، من مواجهة آثار الجفاف وزيادة إنتاج الغذاء وتحسين مستوياتهم الاجتماعية.
وارتفعت مخصصات وزارة المياه والري للعام الحالي بنسبة 63 % لتبلغ 28.120 مليون دينار، مقارنة بـ17.186 مليون دينار المعاد تقديره في موازنة العام الماضي، بحسب قانون الموازنة العامة للعام 2025.
وبحسب القانون، ارتفعت النفقات الرأسمالية بنسبة 71 % لتبلغ 25.385 مليون دينار للعام 2025، مقارنة مع المعاد تقديره للعام 2024 والبالغ 14.790 مليون دينار.
أما النفقات الجارية، فقد ارتفعت في قانون الموازنة بنسبة 14 %، لتقدر بـ2.735 مليون دينار، مقارنة مع 2.396 مليون دينار المعاد تقديره للعام 2024.
وحول النفقات الرأسمالية، ارتفعت مخصصات مشاريع اللامركزية بقيمة 7 ملايين دينار. كما زادت مخصصات المشاريع قيد التنفيذ والمشاريع المستمرة بقيمة 1.381 مليون دينار، تركزت في مشروع الناقل الوطني ومشروع إعادة تأهيل الآبار وتحسين التزويد المائي، بحسب قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025.
وارتفعت مخصصات رؤية التحديث الاقتصادي لتبلغ 2.2 مليون دينار، ومن أبرز مقاصد إنفاقها، مشروع تخفيض الفاقد من المياه بقيمة 1.6 مليون دينار، وهي من أهداف مشاريع رؤية التحديث التي تسعى لتحسين الاقتصاد الوطني.
وحدّد قانون الموازنة العامة لوزارة المياه والري أهم القضايا والتحديات التي تواجه "المياه"، مبينا أنه يكمن في التغيرات المناخية ممثلة بالجفاف وانخفاض معدل هطل الأمطار، ونقص ومحدودية الموارد المائية، واستنزاف الموارد المائية المتاحة في مختلف مناطق المملكة، إلى جانب نقص التمويل (الداخلي والخارجي)

MENAFN21012025000072011014ID1109110792


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار