Monday, 20 January 2025 05:48 GMT



جامعة سويسرية مرموقة تتحرّى الخلفيات الأمنية للطلبات القادمة من الصين!

(MENAFN- Swissinfo) كشف المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، أبرز المؤسسات العلمية في سويسرا، عن إجراءات التحري الأمني التي يجريها بشكل روتيني، على طلبات الدراسة المُقدَّمة من الطلبة الأجانب من دول محددة، مما أثار الخوف والاستياء في الأوساط الأكاديمية في الصين على وجه التحديد. فهل ستغيّر هذه التحريات مشهد الدراسة في الخارج بالنسبة إلى طُلّاب العلم من البلدان التي هي على قائمة العقوبات الغربية؟

تم نشر هذا المحتوى على 20 يناير 2025 - 07:46 27دقائق

مع خلفيتها الأكاديمية في الصحافة (حاصلة على درجة الماجستير في الصحافة والإعلام من جامعة ووهان، ودرجة البكالوريوس في الاتصالات وبحوث الإعلام من جامعة زيورخ)، بدأت يينغ حياتها المهنية كمراسلة استقصائية ومستقلة في بكين قبل انضمامها إلى swissinfo في عام 2015، وأولت اهتماما خاصاً لمواضيع العمل والحياة المهنية، ونظام الرعاية الصحية، والسياحة والاتجاهات في أماكن العمل الحديثة.

  • مقالات أخرى للكاتب (
  • القسم الصي
Kai Reusser (graphics)
  • English en How a top Swiss university is screening Chinese students الأصلي طالع المزيدHow a top Swiss university is screening Chinese student
  • Deutsch de Die ETH überprüft Studierende aus China – was sagen diese dazu? طالع المزيدDie ETH überprüft Studierende aus China – was sagen diese dazu
  • Français fr Comment une grande université suisse contrôle les élèves chinois طالع المزيدComment une grande université suisse contrôle les élèves chinoi
  • Italiano it Come un'importante università svizzera passa al setaccio gli studenti cinesi طالع المزيدCome un'importante università svizzera passa al setaccio gli studenti cines
  • Português pt Universidade suíça endurece regras e dificulta entrada de estudantes de países sob sanção طالع المزيدUniversidade suíça endurece regras e dificulta entrada de estudantes de países sob sançã
  • 日本語 ja スイス名門大が中国人留学希望生をスクリーニング 学生から強い批判 طالع المزيدスイス名門大が中国人留学希望生をスクリーニング 学生から強い批
  • 中文 zh 瑞士顶级大学加紧对中国学生审查:中国学生留学之路何去何从? طالع المزيد瑞士顶级大学加紧对中国学生审查:中国学生留学之路何去何从

((قال هوانغ شياويو* القادم من الصين:“لماذا يتخذ المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ (ETH )، مثل هذه القرارات القاسية والإجراءات الصارمة بحق الطلبة الأجانب من دول محددة؟ لا أفهم على الإطلاق”، وقد اتّضح القلق في صوته عبر سمّاعة الهاتف، عند حديثه إلى سويس إنفو (SWI swissinfo). وقد قضى هوانغ، الذي يدرس حاليًا في مجال التكنولوجيا الحيوية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في مدينة تشنغدو، أكثر من عام في الاستعداد لتقديم طلب للدراسة في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، مع بداية الفصل الدراسي، خريف عام 2025.

فبدأ يتعلَّم اللغة الألمانية، وقدَّم إلى المعهد خطة دراسية مفصّلة، تتوافق مع متطلبات برامج الماجستير في مجال البيولوجيا الحاسوبية والمعلوماتية الحيوية التي يطمح إلى دراستها. وقد وافق عليها المعهد، ما يؤكد استيفاءه المعايير الأكاديمية المطلوبة.

ولكن قد يتبدّد حلمه بالدراسة في سويسرا. فيبدو استبعاده واردا وفقًا لمعايير نظام التحري الأمني، التي أعلنها المعهد في 24 أكتوبررابط خارجي بسبب البلد القادم منه، والمؤسسة التعليمية التي تخرَّج منها، والتخصص الذي يطمح لدراسته.

معايير مثيرة للجدل

تنص التوجيهات الأمنية على أن المعهد مُلزم، بموجب القانون الفدرالي السويسري بشأن الرقابة على السلع مزدوجة الاستخدام، وبعض السلع العسكرية، والاستراتيجية،رابط خارجي والقانون الفدرالي لتنفيذ العقوبات الدولية،رابط خارجي بالحدِّ من مخاطر تسريب التكنولوجيات والمعارف التي يمكن توظيفها في الاستخدامات العسكرية إلى الدول الخاضعة لعقوبات دولية، وتشمل روسيا، وإيران، وسوريا، والصينرابط خارجي .

وبموجب هذه التوجيهات، تخضع الطلبات المقدمة إلى المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، لتحريّات دقيقة، سواء كانت من الراغبين والراغبات في الدراسة، أو أعضاء وعضوات هيئة التدريس، أو زيارات المحاضرين والمحاضرات من دول معينة، وتحديدًا في المجالات التي تتيح الوصول إلى سلع مزدوجة الاستخدام أو تقنيات رئيسية. ويزداد احتمال رفض هذه الطلبات في مجالات البحث التي تشمل تقنيات حساسة، مثل أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS)، أو الطائرات المسيرة (الدرونز).

ويستند نظام التحري الأمني في المعهد على أربعة معايير:

  • هل يُعتبر البلد الأصل للطرف المتقدم (بما يشمل الجنسية، ومكان الإقامة، والخلفية الشخصية)“بلدًا يشكل خطرًا”؟
  • هل درس سابقًا في مؤسسة تعليمية تُشكّل خطرًا أمنيًا؟
  • هل حصل على منحة دراسية تمولها دولة خاضعة للعقوبات، أو مصادر غير ملائمة، أو مشبوهة؟
  • هل يخضع مجال الدراسة لإشراف رسمي متزايد، أو يقع ضمن لوائح الرقابة على تصدير السلع مزدوجة الاستخدام؟

ويُعتبر المعيار الأوّل أكثرها إثارة للجدل. فقد علّقت طالبة فضّلت عدم الكشف عن هويّتها، في حديث مع سويس إنفو، قائلة:“لا نعلم كيف يُعرِّف المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ مفهوم 'الخلفية الشخصية'. فهل عليّ أن أقدّم له تقريرًا عن تفاصيل الحياة التعليمية، والخبرات العملية الخاصة بأفراد عائلتي، أو حتى بشريكي السابق؟ هل سيرفض المعهد الجيل الثاني ممن هاجر من الصين، المولود في سويسرا والمقيم فيها، لمجرد خبرات الآباء والأمّهات العملية السابقة في 'مجال حساس' في الصين؟ هذا غامض، وغير منطقي، وغير مقبول”.

المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ هو جامعة عامة تشتهر بأبحاثها المتميّزة في مجال العلوم والتكنولوجيا. وتضم ست عشرة كلية توفر التدريس الأكاديمي وتجري البحوث العلمية في مجموعة من التخصصات، بما في ذلك الهندسة والعمارة والكيمياء والفيزياء.

وفقاً لأحدث التصنيفات التي نشرتها مجلة تايمز للتعليم العالي المتخصصة، تظل جامعة زيورخ التقنية السويسرية أفضل جامعة في أوروبا القارية.

كما أنها تحتل المرتبة السابعة في تصنيف QS 2024 العالمي للجامعات، حيث تحتل ثلاث مواد دراسية المرتبة الأولى في العالم وأربع عشرة مادة أخرى ضمن أفضل 10 مواد دراسية.

ونجد من بين خريجيها 22 فائزاً وفائزة بجائزة نوبل، وحائزان على ميدالية فيلدز، وثلاثة فائزين بجائزة بريتزكر، وفائز بجائزة تورينج. ومن بينهم ألبرت أينشتاين، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921، وجون فون نيومان، الذي وضع الأسس الرياضية لفيزياء الكم.

ما سبب شهرة المعهد التقني بزيورخ في هذا المجال؟

رغم أن الأمن البحثي بات يحظى باهتمام متزايد في جامعات العالم، يبدو أن إجراءات المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ للتحرّي عن الطلبة الأجانب، هي الأشد صرامة. إذ يفحص المعهد بدقّة جميع طلبات برامج الدكتوراه والماجستير، وفرص العمل، والزيارات الموفدة من الدول الخاضعة لعقوبات الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدول التي تصنفها سويسرا“دولا تشكل خطرًا” في مجالي انتشار الأسلحة أو الأسلحة النووية.

وعلاوة على ذلك، يخضع جميع من يتقدّم من المؤسسات التعليمية المُدرجة على قائمة“المؤسسات الخطرة أمنيًا” التي وضعها المعهد، والتي تضم 17 مؤسسة في الصين، و16 في روسيا، وسبع في إيران،رابط خارجي لعملية تحرٍّ أمني مشددة.

وأوضح المعهد أن“معظم التقنيات يمكن استخدامها لأغراض عسكرية أو اعتبارها تقنيات استراتيجية”، ما يُخضع معظم التخصصات الدراسية في المعهد إلى إجراءات التحري. ورغم تأخّر نشر هذه المعايير، فقد دأب المعهد على تطبيقها فعليًا منذ عدة سنوات.

وأكَّد وانغ لي*، طالب الدكتوراه الصيني الذي يدرس حاليًا في المعهد، من وحي تجربته الشخصية، تأخّر قرار قبول طلبه بسبب إجراءات التحري الأمني. وبعد انتظار، التحق أخيرًا بالمعهد في خريف 2023. وبعدها، علم من أستاذه صدفةً أن مشروعه الذي يركز على الذكاء الاصطناعي كان السبب في تأخير عملية التحري.

ويقول وانغ نقلًا عن أستاذه:“لم تكن تفاصيل آلية التحرّي مُعلنة آنذاك، لكن كانت مجموعة من الإجراءات معتمدة داخليا”. ولحسن الحظ، دافع الأستاذ عنه، وقدَّم وثائق عن محتوى المشروع البحثي الذي كان من المقرر أن يشارك فيه.

ورغم فوز طلب وانغ بالقبول، يُخشى أن يكون حالة استثنائية قد لا تتكرر. وقد أعرب باحث صيني حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ عام 2021، ويعيش حاليًا في سويسرا، عن قلقه قائلاً:“أشعر بالقلق، فبينما تظلُّ الفرصة متاحة لطلبة العلم من الصين نظريا، تبدو عمليا ضئيلة جدًا، لأن العديد من الكوادر التعليمية تنأى بنفسها عن الخوض في هذه التعقيدات.”

التأثير في طلبات الدراسة من الصين

لقد أثارت الخطوط العريضة لآليات التحرّي (screening mechanisms) هذه، قلق المجتمع الأكاديمي الصيني خاصّة. فقد أصبح المعهد التقني الفدرالي العالي وجهة علمية رئيسية لهؤلاء، مقارنة بالأقران من الدول الأخرى المصنفة على أنها“دول خطرة”. فبين 2010 و2023، قفز عدد الأشخاص القادمين من الصين للدراسة في هذا المعهد بزيورخ، من 271 إلى 1،362، وارتفع في نظيره في لوزان من 139 إلى 598 شخصا.

محتويات خارجية

ويأتي هذا التحول اللافت بعد عقود ظلَّت فيها الولايات المتحدة الوجهة الدراسية الأكثر جذبًا للطلبة من الصينرابط خارجي . فقد تضاعف عدد المسجلين والمسجّلات في الجامعات الأمريكية ثلاث مرات بين عامي 2009 و2019رابط خارجي .

وبحلول عام 2020، أصدر دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، (والعائد من جديد إلى البيت الأبيض)إعلانًا رئاسيًارابط خارجي يفرض قيودًا على دخول طلبة العلم وفرق البحث من الصين إلى البلاد، إذا ثبت ارتباط هؤلاء بمؤسسات صينية تنفذ استراتيجية“الاندماج العسكري المدني”، التي تهدف إلى تطوير الجيش الصيني ليبلغ مستوىً ينافس الجيوش الرائدة عالميًا، بحلول عام 2049، بدمج الابتكارات العلمية الداعمة للتنمية الاقتصادية والتقدّم العسكري معًا. ثمَّ واصلت إدارة الرئيس جو بايدن تطبيقه.

وفي الوقت نفسه، أثرت جائحة كوفيد-19 على السفر من الصين إلى الولايات المتحدة. فقد أغلقت الصين حدودها بين مارس 2020 ويناير 2023، مما أجبر العديد من الطلبة على إلغاء خططٍ لمواصلة الدراسة في الولايات المتحدة. كما دفع الركود الاقتصادي الذي ساد في الصين منذ اندلاع الجائحة الطلبة، إلى البحث عن وجهات دراسية أخرى معقولة التكلفة.

فبينما تعتمد الجامعات الأمريكية على الرسوم المرتفعة الموظّفة على الطلبة الأجانب لتغطية تكاليفها، والتي تتراوح بين 10،000 دولار (8،795 فرنكًا سويسريًا) و55،000 دولار سنويًّا،رابط خارجي تحصل الجامعات السويسرية الحكومية على دعم مالي من الحكومة، مما يخفّف على الدارس العبء المالي، ليتراوح بين 435 و3،100 فرنك سويسري (490 إلى 3،495 دولار) للفصل الدراسيرابط خارجي .

وقد تسبّب منشأ الفيروس في الصين في التمييز ضد الصينيين والصينيات خلال الجائحةرابط خارجي . وتراوحت أشكال هذا التمييز في الولايات المتّحدة بين العدائية، والإقصاء، وحتى الهجمات العنيفة، مما زاد من تراجع الحماس للدراسة في البلاد.

انخفض عدد طلبة العلم من الصين في الولايات المتحدة بأكثر من 20% خلال السنوات الخمس الأخيرة، من 370،000 في عام 2019 إلى 290،000 في عام 2024، بحسب أرقام وزارة الخارجية الأمريكية. بينما شهدت المؤسسات السويسرية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الطلبات المقدمة.

تراجع معدلات القبول

وبدأت بوادر التجربة الأمريكية تظهر في أوروبا أيضا، فقد تترك سياسات التحرّي الأمني أثرًا سلبيًّا على المدى البعيد في الطلبة من الصين. وفي مقال رأيرابط خارجي نُشر في صحيفة“ساوث تشاينا مورنينغ بوست” (South China Morning Post)، كتب لي تشووين، الباحث المقيم في واشنطن والمتخصص في الاقتصاد السياسي الصيني والتنمية الدولية، أنّ الأجيال الطلابية من الصين، خصوصًا في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات،“ترى أحلامها الأكاديمية تتحطم تمامًا، فتتجنب متابعة الدراسة في الولايات المتحدة بسبب التحرّي الأمني، وتتجه إلى أوروبا لتجد نفسها تتعرض لنفس الضغوط مرة أخرى”.

ويظهر ذلك واضحًا في سويسرا، فقد شهد العقد الماضي تراجعًا كبيرًا في معدلات قبول الطلبات المقدمة من الصين للالتحاق ببرامج الماجستير في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان ( EPFL )، من 44% في عام 2014 إلى 12% في عام 2024، مما يجعلها أقل بكثير من معدل القبول الدولي البالغ 21%. ولم يقدّم المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، بيانات حول معدلات قبول الطلبات من دول تخضع لإجراءات التحرّي الأمني.

محتويات خارجية معهد زيورخ يرد على الشائعات

ظهرت في سبتمبر الماضي، شائعات حول وجود“قائمة سوداء” تضم مؤسسات صينية تنتشر في الأوساط الأكاديمية السويسرية، على إثر سماع مراسل من موقع“أخبار هايدي” Heidi،رابط خارجي باحثًا يذكر وجود قائمة جامعات لم يعد يُرحَّب بطلبتها في“مؤسسة تعليمية كبرى على ضفاف بحيرة زيورخ”، حيث يقع كل من المعهد التقني الفدرالي العالي، وجامعة زيورخ.

ومنذ أن أعلن المعهد عن إصدار معايير التحرّي الأمني الخاصة به بدافع“الشفافية”، وفقًا للمتحدّث الرسمي ماركوس غروس، نفى الاتهامات المتعلقة بـ”القوائم السوداءرابط خارجي“، أو“النهج الموحد تجاه الجميعرابط خارجي“، أو“التمييز العنصريرابط خارجي” ضد المطالب الصينيّة. وصرّح لشبكة سويس إنفو قائلا:“لا توجد معايير استبعاد صارمة أو آليات تلقائية. بل تقيّم كل حالة على حدة. وإذا حمل الشخص جنسية دولة خاضعة للعقوبات، ويقيم في دولة أخرى، فيؤخذ ذلك بعين الاعتبار”.

ولتخفيف حدة الانتقادات وشرح تفاصيل العملية، خطط المعهد لعقد فعالية موجَّهة إلى الطلبة من الدول الخاضعة لإجراءات التحرّي الأمني، في نهاية أكتوبر. واضطرّ بسبب الإقبال الكبير على التسجيل، إلى تأجيلها وتحويلها إلى ندوة عبر الإنترنت لتسمح بمشاركة أكثر من 1،000 شخص.

وصرّحت خلالها سيلفيا نست، رئيسة مكتب ضبط الصادرات فيه:“إنَّ القوائم المنشورة ليست قوائم سوداء أو قوائم حظر”، بل تهدف إلى مساعدة الجامعة على تحديد الطلبات التي تتطلب تقييمًا إضافيًّا، وليست هذه القائمة معيارًا لرفض الطلب. ولا يُستبعد أي شخص بناءً على الجنسية”.

وفي مقابلة مع صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ أم زونتاغرابط خارجي (NZZ am Sonntag)، سُئلت سيلفيا عن سبب التزام جامعة في دولة محايدة بالعقوبات التي تفرضها جهات مثل الولايات المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي، أو المملكة المتحدة. فأرجعت ذلك إلى التزام المعهد بمسؤوليته تجاه موظفيه. وقالت:“إن غالبية أعضاء الكوادر التعليمية لدينا من الخارج [...] ويجب علينا أن نضمن أنها لا تنتهك قوانين بلدانها الأصلية”. وأكدت في مذكرة داخليةرابط خارجي :“أن أي انتهاك [للوائح ضبط التصدير]، حتى لو كان عن غير قصد، قد يترتب عنه غرامات باهظة على الأفراد، وقد تصل العقوبات إلى السجن في الحالات الخطيرة”.

ويعتبر جان-مارك ريكيلي، مدير المخاطر العالمية والناشئة في مركز جنيف للسياسات الأمنية، القول إن الجامعات في دولة محايدة لا يجب أن تشارك في العقوبات، تفسيرا خاطئا للحياد السويسري، لأن“القانون المتعلق بالحياد لا يشمل العقوبات”. ووفقًا لسياسة الحياد الصادرة عن وزارة الخارجية السويسرية، لا يمكن تطبيق قانون الحياد إلا عند وجود حرب فعلية بين الدول. وأمَّا في ما يخص العقوبات، فيصرّح ريكيلي قائلا:“لكل دولة محايدة حرية اختيار العقوبات التي ترغب في تطبيقها”.

بين الكفاءة والملاذ السياسي

ويرى هوانغ، الذي يستعد لتقديم طلبه لعام 2025 من الصين، الدراسةَ في الخارج طريقَه نحو حرية أكاديمية أكبر، وملاذًا للفرار من حالة عدم اليقين الاقتصادي في بلده. ويقول موضحًا:“ظلّت معدلات البطالة مرتفعة بين الشباب الصيني في السنوات الأخيرة، وظلّ المناخ السياسي متوترًا، وتقلصت مساحة التطور الشخصي، وآمل أن أستفيد من الدراسة في الخارج لمغادرة الصين، والاستقرار هناك، واستكشاف آفاق أوسع للتطوّر”.

وفي لقاءات أجرتها سويس إنفو، أعرب العديد من الطلبة عن مشاعر مشابهة؛ فلطالما كانت الدراسة في دول غربية وسيلة للهروب من دول تحكمها أنظمة استبدادية، كالصين وروسيا.

وفي مارس الماضي، أوصت رابطة الجامعات السويسرية (Swissuniversities)، المجموعة الممثلة لمؤسسات التعليم العالي السويسري، بإعادة النظر في التعاون العلمي مع الجامعات الروسية وتعليقه إذا كان يُهدد بدعم سياسات الكرملين العدوانية. وقد تبنَّت جميع الجامعات السويسرية تقريبًا هذه التوصية، بما في ذلك المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ. ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، شدَّد المعهد متطلبات قبول الطلبات من روسيا، الخاضعة للتحرّي الأمني بسبب لوائح ضبط الصادرات والعقوبات التي فرضها عليها الاتحاد الأوروبي وتبنتها الحكومة السويسرية. وقال أحد الطلبة الروس لمجلة بيوباختررابط خارجي (Beobachter):“نُحاسب بسبب جرائم اقترفها نظام لا نوافق على سياساته”.

أمَّا المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، فقد نفى على لسان متحدثه الرسمي ماركوس غروس، جميع الاتهامات بخصوص“العقاب الجماعي” للطلبة من روسيا أو الصين. وفي السياق ذاته، صرّح إيمانويل بارو، المتحدث باسم المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان قائلا:“تُقيَّم الطلبات المقدمة من الأجانب بناءً على معايير متعددة، من بينها الكفاءة التي تُعدّ العنصر الأهم. ونتجنب بذلك أن يصبح المعهد 'ملاذًا سياسيًا' لمن تنقصه المؤهلات اللازمة للالتحاق ببرامجنا الدراسية”.

جامعات غربية أخرى

لا يفرض الاتحاد الأوروبي سياسة موحدة تلزم الجامعات بمعايير التحرّي الأمني للطلبات القادمة من الدول الخاضعة للعقوبات الدولية. وتتمتع المؤسسات التعليمية بحرية تامة في تنظيم عمليات القبول وفق سياساتها الخاصة. وليس المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ المؤسسة التعليمية الأوروبية الوحيدة التي تبنّت إجراءات التحرّي الأمني.

ففي عام 2022، بدأت جامعة آرهوس في الدنمارك مشروعًا تجريبيًا للتحرّي عن خلفيات جميع الطلبات القادمة من الصين، وإيران، وروسيا، للالتحاق ببرامج الدكتوراه وما بعد الدكتوراه في مجالات العلوم التقنية والطبيعية، قبل قبولها في كلية العلوم التقنية بالجامعة. ووُسّعت التحرّيات في هذا العام، لتشمل جميع المؤسسات الجامعية.

ومنذ عام 2023، أصبحت الطلبات الممولة من المجلس الصيني للمنح الدراسية (جهة حكومية صينية)، تُعتبر“بطاقة حمراء” تحول دون قبولها في عدد متزايد من الجامعات الأوروبية، منها جامعة آرهوس، ومعهد كارولينسكا في السويد، وجامعة فريدريش ألكسندر في إرلانغن نورمبرغ بألمانيا، وجامعتي آيندهوفن للتكنولوجيا وماستريخت في هولندا.

أمَّا في المملكة المتحدة، فيُطبَّق برنامج“الموافقات الأكاديمية في مجال التكنولوجيارابط خارجي” منذ عام 2007. وتخضع بموجبه الطلبات من الخارج (باستثناء القادمة من المنطقة الاقتصادية الأوروبية وسويسرا) لتحرٍّ أمني، عند التقدم لبرامج الدراسات العليا في المواضيع التي قد تُستخدم معارفها في برامج الأسلحة. ووسَّعته الحكومة البريطانية في عام 2020، ليشمل مجالات دراسية تغطي تقنيات عسكرية تقليدية متقدمة، مثل العديد من فروع الفيزياء، والهندسة، وعلوم الكمبيوتر. ووُسّع مرة أخرى في العام التالي، ليشمل الطلبات للدراسات العليا من جنسيات محددة وفي مجالات بحثية مختارة، لمنع سرقة الملكية الفكرية.

وتكشف إحصائيات نشرتها صحيفة الغارديانرابط خارجي (The Guardian)، رفض طلبات 265 باحثًا وباحثة و839 طالب دراسات عليا وطالبة، بعد تحرّي وزارة الخارجية البريطانية الأمني عن مقدميها ومقدماتها في عام 2022، ليكون العدد الإجمالي 1،104 من أصل 50،000 طلب تلقته الوزارة. بينما لم يتعدّ عدد الطلبات المرفوضة 128 طلبًا في عام 2020، و13 فقط في عام 2016. ورغم رفض وزارة الخارجية تقديم تفاصيل عن الجنسيات، تشير بيانات جامعات كبرى مثل أكسفورد، وكامبريدج، وإمبريال كوليدج لندن، إلى أنّ الغالبية العظمى من الطلبات التي رفضتها هذه المؤسسات من الصين.

وصرّحت أليشيا كيرنز، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، عبر منشور على منصة إكس (تويتر سابقًا) قائلة:“لطالما تصرفت الأوساط الأكاديمية وكأنها بمنأى عن دورها في الأمن الوطني، وقادرة على العمل بمعزل عن الحقائق الجيوسياسية”. وأضافت أن هذا التفكير جعل المملكة المتحدة“عرضة لدول معادية”، مشيرة إلى وجود“أدلة قوية على محاولات منهجية من [الحزب الشيوعي الصيني] لاختراق الأوساط الأكاديمية البريطانية وسرقة الأبحاث، والقدرات، والتقنيات الحساسة”.

محتويات خارجية

ووفق جان-مارك ريكيلي، مدير مركز جنيف للسياسات الأمنية، وفي ظل السياق الجيوسياسي الحالي وتوسّع الانقسامات الدولية،“من المرجح أن تُقبل المزيد من الجامعات الأوروبية على تبني آليات التحرّي الأمني، حيث باتت العلوم والتكنولوجيا مؤشرات أساسية للقوة العالمية، وعوامل أساسية لتحقيقها”.

ومع ذلك، لا تزال فعالية هذه الآليات وتأثيراتها المحتملة غير واضحة حتى الآن. ولكن يبدو أنّ على المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، وغيره من الجامعات الأوروبية، تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على الأمن الوطني، وضمان الحرية الأكاديمية التي تشتهر بها هذه المؤسسات.

وتشير طالبة دكتوراه من الصين، تدرس في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، إلى هذا التحدي قائلة:“على المدى البعيد، ستتضرر سمعة المعهد، خصوصًا في الصين. كما ستُطرح تساؤلات حول قيم المساواة، والتنوع، والشمولية، التي يروج لها. وقد يدفع ذلك المزيد من الطلبة وفرق البحث من دول أخرى غير المشمولة بالعقوبات، إلى التردد في الالتحاق بالمعهد”.

* تم تغيير الأسماء لحماية هويات الطلبة.
تحرير: ليندسي جونستون

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

MENAFN20012025000210011054ID1109107708


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية