Monday, 16 December 2024 03:46 GMT



إسرائيل حكمت على مئات آلاف الفلسطينيين

(MENAFN- Alghad Newspaper)
هآرتس







بقلم: اساف ش. بوندي 15/12/2024

مؤخرا، جرت في إسرائيل مناقشات أكثر فأكثر حول الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر). النقاش العام حول الجرائم هو في الحقيقة المرحلة الأولى في الطريق إلى وقفها. ولكن في ظل ذلك يوجد تجاهل مطلق لجريمة موازية، التي إسرائيل متهمة فيها أمام هيئة قضائية أخرى، وهي حرمان مئات آلاف العمال الفلسطينيين من العمل والأجور، وعمليا، العيش بكرامة.
منظمات عمال دولية قدمت مؤخرا لمنظمة العمل الدولية (آي.ال.أو) التابعة للأمم المتحدة، شكوى ضد إسرائيل. هذه المنظمات تدعي أنه منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، تعمل حكومة إسرائيل على منع ملايين الفلسطينيين من العمل وكسب الرزق والعيش بكرامة.
في إطار النقاش الذي سيجري في هيئة قضائية خاصة تم تشكيلها لهذا الغرض، سيتم فحص خرق إسرائيل لمواثيق دولية وقعت عليها، على رأسها ميثاق ضمان الحق في الحصول على الأجر الأساسي (العمل). هذه المنظمات تدعي أن العمال الفلسطينيين الذين يوجدون منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 تحت الحصار، ما يزالون مشغلين بالفعل وهم يستحقون أجورهم، وأنه يحق لهم الذهاب إلى أماكن عملهم. ورغم أنه لا توجد أي صلاحية لمنظمة العمل الدولية لفرض عقوبات مادية، إلا أن الجلسة التي يتوقع عقدها تدل على حجم الكارثة، ويمكن أن تؤثر على مكانة إسرائيل في العالم المتقدم، وفي الوقت نفسه في إسرائيل هناك صمت مدو.
مسؤولية إسرائيل عن إعالة الفلسطينيين تنبع من السيطرة العسكرية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. خلال عشرات السنين رسخت سياسة الحكومة اعتماد الفلسطينيين على سوق العمل في إسرائيل، مع المنع المتعمد والمنهجي لتطور الاقتصاد الفلسطيني. الوسائل هي تقييد وحشي لحركة البضائع والأشخاص، ومنع تطوير إقليمي صناعي، الأمر الذي حول العمل في إسرائيل إلى البديل الأكثر فائدة والمفضل لدى الكثيرين. منع دخول الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في إسرائيل، التي تمت إقالتهم منها، والتي يعتمدون عليها في كسب الرزق، هو خرق للمواثيق الدولية، وعلى رأسها ميثاق توفير الحماية للأجور منذ العام 1949. هذا الخرق هو خطير بشكل خاص إزاء وقته الطويل.
الحقائق التي هي أساس الإجراء القضائي خطيرة. فمنذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، حكومة إسرائيل تمنع دخول أكثر من 150 ألف عامل فلسطيني، الذين كانوا يعملون فيها عشية الحرب. هكذا، هي تلقي مئات آلاف العمال العاطلين عن العمل وعائلاتهم إلى داخل الفقر والضائقة. هؤلاء كانوا العمال الأكثر أجرة في مناطق السلطة الفلسطينية، الذين أجورهم لم تعل عائلاتهم فقط، بل كانت محركا رئيسيا للاقتصاد الفلسطيني، وحتى أنهم في الحكومة يتفاخرون بهذه السياسة ويتعهدون علنا باستمرارها. إزاء صدمة الموت والجوع والفقر في غزة، فإن هذه الحقائق القاسية تصبح باهتة. ولكن الدمج بين "الصور" يكشف السياسة التي ليس فقط تخلق الجوع في غزة، بل عمليا هي تجوع أيضا الفلسطينيين في الضفة الغربية.
هذه السياسة لا يوجد لها أي منطق أمني أو اقتصادي. في جهاز الأمن قالوا في الفترة التي أعقبت 7 تشرين الأول (أكتوبر) إنه يجب السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول للعمل في إسرائيل لتخفيف الأزمة في المناطق ومنع الغليان الاجتماعي النابع منها. أيضا المشغلون هم بحاجة إلى العمال في فرع البناء والصناعة والتمريض والسياحة. ومحاولة الحكومة تجنيد مهاجري عمل كبديل فشلت. دعوات المشغلين لإعادة العمال الفلسطينيين يبدو أنها جبهة أخرى، فشلت فيها الحكومة، والنصر المطلق الوحيد الذي يلوح في الأفق هو النصر على الاقتصاد الإسرائيلي نفسه.
يصعب اتهام حكومة إسرائيل بعدم المنطق لفترة طويلة. ولكن ربما قادة هذه العملية في الحكومة يوجد لهم منطق آخر، ليس أمنيا او اقتصاديا، ربما أن المنطق الذي يوجههم هو الرغبة في توسيع الاستيطان اليهودي، مع القمع الاقتصادي والسياسي للفلسطينيين. لذلك، الحكومة تعمل ضد التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، في حين أنها تمنع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل إلا أنها تسمح بتشغيلهم في المستوطنات. هذه السياسة تكشف الوجه الحقيقي للحكومة. ليس أمنا أو اقتصادا، بل أيديولوجيا الطرد والتدمير.
الإجراء القانوني الذي يجري في منظمة العمل الدولية، يكشف ليس فقط الضرر الاقتصادي الكبير، بل بالأساس الجريمة الأخلاقية التي تناقض قيم الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، وتناقض مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها إسرائيل، المواثيق التي تغذي قوانين العمل الأساسية وقانون العمل في إسرائيل.
لقد حان الوقت لاستيقاظ المجتمع في إسرائيل والعمل على تغيير هذه السياسة المدمرة. فاستمرارها لا يضر فقط باقتصاد إسرائيل ويعمق الأزمة الاقتصادية في المناطق، بل هو يسيء لمكانة إسرائيل الأخلاقية في العالم، ويناقض القيم الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الإسرائيلي نفسه.

MENAFN15122024000072011014ID1108995116


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية