(
MENAFN- Alghad Newspaper)
د. ابراهيم بدران
انعقد مؤتمر القمة العربية الإسلامية الاستثنائية قبل أسبوع وشاركت فيه 54 دولة، بينهم 22 دولة عربية، وبذلك أمتدت المشاركة من أطراف المحيط الهادئ في اندونيسيا إلى سواحل المحيط الأطلسي في موريتانيا. ومثلت هذه الدول والتي تحتل 32 مليون كم مربع من الكرة الأرضية وتمتلك من الثروات الطبيعية ما لا يمكن حصره ابتداء من النفط والغاز وإنتهاء بالثروات الطبيعية والبحرية، مثلت أكثر من 2 مليار نسمة من العرب والمسلمين منتشرين في 3 قارات آسيا وأفريقيا وشرق أوروبا. اجتمعت هذه الدول لتنظر في العدوان الهجمي الذي تشنه إسرائيل على غزة منذ 410 أيام وعلى الضفة الغربية، وعلى لبنان منذ 70 يوما. وخلال هذه الفترة قتل جيش الكيان الصهيوني أكثر من 55 ألف مدني وأصاب أكثر من 120 ألفا في غزة والضفة ولبنان، واغتال عشرات القياديين الفلسطينيين واللبنانيين والإيرانيين ودمر عشرات المدن والقرى والمخيمات بما فيها من بنية تحتية ومدارس ومستشفيات ودور عبادة وجامعات. وقبل انعقاد المؤتمر وخلاله وبعده لم يتوقف كيان الاحتلال لساعة واحدة عن حربه ضد غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية والعراق، كما لم يتوقف عن الإمعان في عملية تهويد القدس وانتهاك قطعان المستوطنين للأقصى والحرم الإبراهيمي وحرق المنازل والمزارع والسيارات في كل مكان يصلون اليه.
فماذا نتج عن المؤتمر ازاء كل ذلك؟ من يصدق أن كيانا استعماريا لا يزيد عدد سكانه على 7 ملايين مهاجر قدموا غزاة من أكثر من 60 بلدا، ولا تزيد المساحة التي اغتصبها من فلسطين على 20 ألف كم متر مربع استخف بالمجموعة العربية الإسلامية فلم يخفف من عدوانه ولم يشر إليها حتى في إعلامه المقيت، ولم يحسب لاجتماعها أي حساب؟ لماذا؟ لأن ما صدر عن القمة لم يتجاوز العبارات التقليدية التي ترددها المؤسسات العربية الرسمية منذ عقود وهي الاستنكار والقلق والرفض ودعوة المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته وغير ذلك الكثير. اما الجانب العملي كما طالب الملك عبدالله الثاني في المؤتمر، واما القرارات التي تسفر عن تغيير عملي، وليست المناشدات، فكانت غائبة تماما.
هل يعقل ان تستخف دولة بحجم إسرائيل بهذا الحشد الهائل من المؤتمرين لبحث العدوان؟
وقبل الوصول إلى مرحلة الصدام العسكري الذي يحاول أن يتجنبه الجميع هناك عشرات القرارات التي كان يفترض أن يتخذها مؤتمر الرياض:
أولا: تجميد العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية مع إسرائيل حتى توقف العدوان.
ثانيا: الالتزام بتوفير الغذاء والدواء ومستلزمات المعيشة اليومية للفلسطينيين في غزة وللبنانيين المهجرين في لبنان.
ثالثا: الالتزام مع الدول الصديقة بدعم الأونروا ماليا وسياسيا وقانونيا في الأمم المتحدة.
رابعا: اتخاذ قرار جماعي باستدعاء السفراء من تل أبيب.
خامسا: تشكيل وفد من الرؤساء لمقابلة الرئيس الأميركي ورؤساء الوزراء في بريطانيا والمانيا وفرنسا والضغط عليهم باتجاه وقف تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني وخلاف ذلك سيكون للأقطار المجتمعة موقف من العلاقات الاقتصادية مع تلك الدول. فقادة القمة يعلمون أن الدول لا تغير مواقفها وتوجهاتها إلا إذا شعرت أن مصالحها سوف تتضرر إذا استمرت في ذلك التوجه.
سادسا: رفع قضية على إسرائيل بخصوص إعلانها عن عزمها التوسع أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والتقدم إلى الأمم المتحدة لاتخاذ قرار يمنع هذا التوسع. ذلك أن إسرائيل تعلن ليل نهار عن برامجها التوسعية الاستعمارية وتنشر الخرائط على الملأ وتسعى لخلق شرق أوسط جديد كما يريده الكيان الصهيوني وهذه التوسعات ستكون على حساب فلسطين والأردن وسورية ولبنان والسعودية ومصر والعراق. ومع هذا لم يأخذ مؤتمر القمة قرارا لمواجهة ذلك.
سابعا: قرار عن الدول المشاركة بالقمة بالالتزام بالعمل على إعادة بناء البنية التحتية في كل من غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان مع إعادة إعمار غزة بعد وقف الحرب وجلاء إسرائيل.
ثامنا: الذهاب إلى المحاكم الدولية والمؤسسات الإنسانية لمطالبتها بوقف القوانين التعسفية التي تسنها إسرائيل بحق الفلسطينيين مثل حظر الأونروا وترحيل عائلات أفراد المقاومة الفلسطينية وتدمير منازلهم واعتقال الأطفال دون سن الرابعة عشرة وقانون ضم الضفة الغربية الذي يعمل نتنياهو وسموتريتش على إصداره قبل تولي ترامب مهام الرئاسة رسميا في مطلع العام المقبل. وحقيقة الأمر أن الكنيست يسابق الزمن لإصدار قوانين عنصرية مخزية مخالفة للقانون الدولي والإنساني دون الشعور بأي مسؤولية سياسية أوقانونية أو إنسانية. لقد آن الأوان لنقض هذه القوانين وإيقاف تنفيذها واعتبارها باطلة.
وأخيرا فإن على الأحزاب والبرلمانات والقوى السياسية والفكرية أن تضغط على دولها العربية أولا والإسلامية ثانيا ليكون لها دور فاعل وحقيقي بالتصدي للجنون الاستعماري الإسرائيلي المتوحش حتى تحافظ هذه البلدان على أوطانها ومصالحها ومقدساتها أولا وحتى لا يترسخ في ذهن المواطن العربي والإسلامي أن المؤتمرات كانت استعراضا سياسيا وسوقا للخطب والمناشدات ثانيا، ولم تكن ساحة للعمل والقرار الفاعل كما دعا الملك عبدالله الثاني وكما يقتضي الحال.
MENAFN16112024000072011014ID1108893153