(
MENAFN- Swissinfo)
تتضاعف الجهود الشعبية العالمية، من بنغلاديش إلى سويسرا، لمساعدة النساء والفتيات في أفغانستان على الدراسة عبر الإنترنت، والتصدِّي للحظر المفروض على تعليمهنّ. بينما تتزايد الضغوط على حركة طالبان لإلغاء الحظر على حقهن في التعليم.
تم نشر هذا المحتوى على
05 سبتمبر 2024 - 07:22
13دقائق
وصلت جيرالدين - الشديدة التشبّث بالتفاصيل - إلى swissinfo لأول مرة في عام 2014 لدراسة الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي كجزءٍ من مشروع بحث تعاوني لتحديد صحة الادعاءات المقدمة على شبكة الانترنت يُعرَف باسم Pheme . تقوم الآن بتنسيق ملف "تدقيق الحقائق" الذي أنشأتهswissinfo ، والذي يتناول البيانات الخاطئة حول سويسرا، وتواصل تَتَبُّع مسار المعلومات الخاطئة على الإنترنت.
مقالات أخرى للكاتب (
القسم الإنجلي
English
en
How distance learning keeps Afghan girls' education hopes alive
الأصلي
طالع المزيدHow distance learning keeps Afghan girls' education hopes aliv
Deutsch
de
Wie Fernunterricht die Hoffnung afghanischer Mädchen auf Bildung am Leben erhält
طالع المزيدWie Fernunterricht die Hoffnung afghanischer Mädchen auf Bildung am Leben erhäl
تقضي محبوبة إبراهيمي ذات التسعة عشر ربيعا، أغلب وقتها في الدراسة. وقد بلغت محطّتها الأخيرة من رحلتها الدراسيّة الثانويّة في زيورخ، مستقرّها في سويسرا منذ عامين. ولو لم تغادر أفغانستان، موطنها الأصلي، لظلَّت حبيسة منزل العائلة، وممنوعة من مزاولة تعليمها بعد المرحلة الابتدائيّة، شأن فتيات أفغانستان ونساءها جميعهنّ.
وقد أنشأت محبوبة منصّة للتعلّم الإلكترونيّ عام 2023، خصّصتها للمرأة الأفغانيّة، سعيا منها لرتق ما تركه الوضع في موطنها من ندوب في نفسها. وتطوّع للتدريس على المنصة غير الربحيّة“الزهرة البرية” (Wild Flowerرابط خارجي )، 70 فردا في أوروبا، وتستفيد منها في أفغانستان 120 طالبة حريصة على تعلُّم مواد مثل الرياضيات، وعلوم الكمبيوتر، واللغة الإنجليزية.
وتعبّر محبوبة عن سعادتها بما تحقّقه المنصّة من تأثير، رغم أنّ هدفها بلوغ 500 فتاة. فتقول وقد نشأت في إيران بعد مغادرتها أفغانستان طفلةً رفقة عائلتها:“لا يقتصر الأمر على المساعدة، بل يتجاوز الأثرُ التعلّمَ بالنسبة إلى العديد من الفتيات، فيشعرن أن لديهن صداقات في جزء آخر من العالم، وأنّ أمرهنّ معلوم خارج أفغانستان”.
تخشى إبراهيمي، التي تظهر في الصورة (واقفة) مع متطوعي فايلد فلاور، أن يكون المجتمع الدولي قد تخلى عن فتيات أفغانستان، نظراً لعدم إحراز تقدم في حمل طالبان على إعادة الحقوق الأساسية للسكان.
Wild Flower
وانتهكت حركة طالبان منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس 2021، حقوق المرأة، وأقصتها عن التعلّم بعد المرحلة الابتدائية، وعن العمل في معظم القطاعات، وفرضت عليها التنقُّل بمحرم ذكر. وأورد صندوق ملالا، المنظمة المدافعة عن حق المرأة في تعليم مجاني وجيّد في جميع أنحاء العالم، أنّ عدد المنقطعات عن الدراسة في أفغانستان فاق المليونين.
وتُعدُّ منصة“الزهرة البرية” إحدى مبادرات لا تُحصى في التعليم الإلكتروني، أنشأتها عقول أفغانية مهاجرة، بإدارة منظمات غير ربحية من داخل أفغانستان وخارجها، لتُتيح للمرأة مساحة آمنة لمواصلة تعليمها. وبالإضافة إلى جهود المنظمات الشعبيّة لترميم فجوة التعليم، لا يزال المجتمع الدوليّ منذ ثلاث سنوات حريصا على ممارسة ضغط على طالبان من أجل إعادة إرساء الحقوق الأساسية في البلاد.
عقبة“حقوق المرأة”
سعت القيادات العالمية إلى فرض عقوبات على جماعة طالبان، إثر استيلائها على الحكم في أفغانستان عام 2021، وتحفظَّت على إقامة علاقات دبلوماسية معها، ومازالت إلى اليوم غير معترف بها رسميا. وصدر في أبريل 2023،
قرار عن مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، يُهيب بالحركة العدول عن تقييد الحريات على أساس الجنس.
وتُظهر المؤشرات اليوم، تراجع زخم محاولات إقناع طالبان بتغيير نهجها، وقد اشترطت لحضور المحادثات مع الأمم المتّحدة، وحوالي 25 منظّمة وبلدا منها سويسرا في يونيو الماضي، عدم حضور النساء، كما اُستثنيت مواضيع حقوق الإنسان من جدول أعمال هذه المحادثات، الجارية في قطر بقيادة الأمم المتحدة لتباحث إمكانية التعامل مع نظام طالبان.
ورغم تشديد روزماري ديكارلو، المسؤولة الأممية التي ترأست محادثات الدوحة، في مؤتمر صحفي،رابط خارج على منع أفغانستان من“العودة إلى المجتمع الدولي”، ما دامت تحرم نصف سكَّانها من الحقوق الأساسية، لم يتأثّر موقف طالبان المُتعنِّت. واعتبر ذبيح الله المجاهد زعيم وفد طالبان، موقف الجماعة المتعلّق بحقوق المرأة مجرد“اختلافات سياسية” مع الدول الأخرى، وشأنا داخليا لا دخل لها فيه.
وتعبّر سحر حليمزاي، قائدة مبادرة أفغانستان في صندوق ملالارابط خارجي ، عن رأيها حول حقوق المرأة، في محادثات الدوحة مع طالبان قائلة:“تبدو حقوق المرأة الآن عقبة أكثر منها هدفًا، ونقلق أكثر كلّما تساءلنا: متى تغيّر طالبان سياساتها تجاه المرأة”.
يدعم صندوق ملالا المنظمات داخل أفغانستان التي تقدم مسارات تعليمية مختلفة للفتيات والنساء، مثل مزيج من الفصول الدراسية السرية والتعلم عن بعد، والبث الإذاعي والتلفزيوني للمناهج الأفغانية.
Malala Fund
ويرى بشير مبشر، زميل ما بعد الدكتوراه في علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في واشنطن، وأطلق دروسًا عبر الإنترنت للأفغانيات، أن المجتمع الدولي قد أعاد ترتيب أولوياته الآن بعد مرور ثلاث سنوات، فتركّز الدول الآن على الأمن وخاصّة مكافحة الإرهاب، لوجود فروع لتنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي الأفغانية، كما تسعى دول عديدة إلى تحقيق بعض السلام في ظل حكم طالبان بعد 40 عامًا من النزاع في البلاد
“تمييز على أساس الجنس”
لا زالت جهات عديدة مدافعة عن حقوق الإنسان متمسّكة بمحاسبة طالبان على ما تقترفه من انتهاكات، والاعتراف بأنّ ما يحدث في أفغانستان ليس سوى ميز عنصريّ على أساس الجنس، يُمكن تعريفه على أنّه“نمط من السيطرة المؤسّساتيّة، والقمع بطريقة منهجيّة على أساس الجنس”. ورغم تجريم منظمة العفو الدولية الاضطهاد القائم على أساس الجنس، فإنها لا تعتبره ميزا عنصريّا، وتقولرابط خارجي عن تعريفه الحالي:“لا يتطابق مع الميز العنصري تماما في مجال السيطرة، وامتدادها الممنهجين” .
وتقول سحر حليمزاي:“يمكن لسنَّ قانون [دولي] مناهض للميز العنصري على أساس الجنس، أن يفصل تعليم المرأة عن القضايا السياسية في التعامل مع طالبان، ويحدّد بوضوح الالتزام المبدئيّ في التعامل معها. فلا شكّ أنّه خطّ أحمر، لا جدال فيه، لكنّنا لسنا نراه الآن.”
تحث ملالا يوسفزاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي أنشأت صندوق ملالا مع والدها في عام 2013 لتعزيز تعليم الفتيات، قادة العالم على الاعتراف بالتمييز ضد النساء والفتيات في أفغانستان.
The Associated Press.
وتؤكّد حليمزاي تأييد عدد من الدول، منها النمسا، والمكسيك، ومالطا، والفلبين، إدراج الميز العنصري على أساس الجنس في مسودة اتفاقية مناهضة للجرائم ضد الإنسانية. وتقول:“سيكون إنجازًا عظيمًا لهذه الحملة لو انضمت سويسرا، البلد الرائد في مناصرة القانون الدولي وحقوق الإنسان، إلى الكثير من الجهات الشريكة والمنظمات الداعية إلى تقنينه”.
وجاء في رد وزارة الخارجية السويسرية في ردّها على هذا الموقف:“يشير مصطلح الميز العنصري إلى تطبيق نظامين منفصلين لشريحتين مختلفتين من السكان. لكن تكاد المرأة في أفغانستان، تُستبعد تماما من المشاركة في الحياة العامة، والسياسية، والاقتصادية، ما يرتقي بما يحدث في أفغانستان إلى مستوى الاتّهام بجرائم ضدّ الإنسانيّة”.
أمل للنساء في أفغانستان
يركّز المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان الذين والواتي تحدثت إليهم/هن سويس إنفو (SWI swissinfo) الجهود على مساعدة المرأة الأفغانيّة في كسر ما فرضته عليها طالبان من قيود، وتعنّتها في حرمانها من التعليم. فمنحت مؤسسة ملالا منظمات تقدم حلولًا بديلة، مثل التعليم عن بعد، داخل أفغانستان وخارجها، 6 ملايين دولار، ما يوافق 5،1 مليون فرنك سويسريّ إلى حدّ الآن.
وشهدت الولايات المتحدة 1500 تسجيل من أفغانستان في برنامجرابط خارجي التعلم الرقمي، الذي أطلقه مبشر بالشراكة مع الجمعية الأفغانية للقانون والعلوم السياسة في المنفى (ALPA in Exile)، التي يقودها مبشر وتضم نخبا أكاديمية أفغانية. ويقدِّم هذا البرنامج دورات جامعية مجانية في مواضيع مثل اللغات، والقانون، إضافة إلى أدوات عملية.
ويصف مبشر البرنامج، فيقول:“نقدِّم دورات لإعداد هيئة تدريس قادرة على إنشاء مدارس من داخل المنازل”. ويسعى الفريق أيضًا إلى تقديم دورات تدريب مهني في مجالات مثل تصفيف الشعر، والخياطة، لتمكين النساء من ممارسة أعمال اقتصاديّة من داخل المنازل، وتحقيق الدخل المادي الضروري.
وتطوِّع محبوبة إبراهيمي في سويسرا، برنامجها لاحتياجات طالباتها. وتواظب على البحث عن اختصاصات ذات علاقة بعلم النفس لدعم المُسجِّلات في برنامج“الزهرة البرية” اللاتي يعانين من مشاكل نفسية بسبب العزلة داخل منازلهن.
وتفيد التقارير أنّ نسبة القادرات على الوصول إلى الإنترنت لا تتجاوز 6 %،رابط خارجي رغم الجهود المبذولة. فلا يمكن أن تستفيد من التعليم الإلكتروني سوى نسبة ضئيلة من الفتيات والنساء في أفغانستان. كما لا يمكنه تعويض التعليم الرسمي. فتُقدِّم“الزهرة البرية” دروسها مرة واحدة في الأسبوع، على دفعات صغيرة، على تطبيق واتساب (WhatsApp)، ويتحمَّل البرنامج تكاليف الإنترنت، ولا يتّبع المناهج الرسمية في أفغانستان.
وتحرص بعض طالباتها على تعلُّم اللغة الإنجليزية، لمغادرة أفغانستان والدراسة في الخارج. ولكن ليس ذلك بالأمر الهيِّن، فتكاليف السفر باهظة، ولا يمكن للمرأة الأفغانية مغادرة البلاد دون محرم ذكر، إضافة إلى قلّة المؤسسات التي تقدِّم منحًا دراسية كاملةرابط خارجي للمرأة الأفغانيةّ، منها الجامعة الآسيوية للمرأة (AUW) في شيتاغونغ ببنغلاديش، التي صرّح سومان تشاترجي، رئيس قسم القبول فيها أنّها
تستقبل من أفغانستان سنويا 3،000 فرد وتدرس في حرمها حوالي 500 أفغانية، كما تدير برنامجًا للتعلم عن بُعد للأفغانياترابط خارجي .
ويعتبر سومان تشاترجي رؤية الجامعة الآسيوية لتعليم المرأة طويلة الأمد، فيقول:“نُعدِّ قائدات سيتولَّين المسؤولية عندما يتغير النظام في أفغانستان، الذي آمل أن ينتهي قريبًا، ستكون [الخريجات] جاهزات للعودة إلى بلدهن وبناء أفغانستان جديدة”.
وإلى أن يتحقّق هذا الأمل، يظلُّ التعلُّم عبر الإنترنت طوق نجاة فتيات يمكنهن التشبث به. وتقول محبوبة إبراهيمي:“يعدّ الأمل حاجة الإنسان الأساسيّة بعد الغذاء، وعلينا أن نفتح نافذته على مصراعيها، ليتسنّى للمرأة الأفغانيّة الإقبال على الحياة”.
MENAFN21102024000210011054ID1108802300