(
MENAFN- Alghad Newspaper)
آلاء مظهر
عمان - في وقت يحتفل فيه الأردن والعالم بـ”اليوم العالمي للمعلمين” الذي يصادف 5 تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، أكد خبراء تربويون أن أي إصلاح وتطوير للعملية التربوية التعليمية لا يتم إلا من خلال المعلم، كونه القادر على جعل مهنة
التعليم مهنة جاذبة.
وبينوا في أحاديثهم المنفصلة لـ”الغد” أن رهان الأردن في السنوات المقبلة سيكون على“الاستثمار في التعليم”؛ لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق نحو المستقبل، ولا يمكن لأي إستراتيجية أو رؤية حول التعليم أن تحقق النجاح من دون وجود معلم متميز مدرك لأهمية دوره ويمتلك القدرات التي تمكنه من القيام بهذا الدور.
وتحت شعار“تقدير أصوات المعلمين: نحو إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم”، يشارك الأردن العالم الاحتفال بهذا اليوم، وفقا للعنوان الذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لهذا العام.
إلى ذلك، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة إن اختيار يوم المعلم العالمي في 5 تشرين الأول 1994، والاحتفال به سنويا، ما جاء إلا لتأكيد حقوق ومسؤوليات المعلمين، وتحديد معايير توظيفهم، وسياسات التعليم، وظروف التدريس والعمل، وإعدادهم وتدريبهم.
وأضاف أبو غزلة إن هذا الاحتفال يتزامن مع التوجيه الملكي في كتاب التكليف الملكي للحكومة بضرورة وضع التعليم بسائر عناصره على أولوية التطوير، انطلاقا من قناعة ملكية بأن التعليم هو المصدر الحقيقي لازدهار الدولة.
وبين أن التوجيه الملكي ركز على أهمية دور المعلمين في إحداث التغيير المطلوب؛ لأنهم الوحيدون القادرون على إحداثه في التعليم، وتمكين المتعلمين من المهارات الضرورية المطلوبة في تعليمهم اللاحق، لافتا إلى ضرورة تحسين أوضاع المعلمين المادية والمعيشية، وتوفير بيئة مناسبة للمعلم، حتى يستطيع أن يُعلم بكل سهولة وأريحية، فضلا عن تعزيز مكانته.
وأكد ضرورة أن يشكل هذا الاحتفال وهذا التوجيه المتزامن معه، رسائل مباشرة للقائمين على النظام التعليمي للتركيز على شكل المعلم الذي نريده، للنهوض بالتعليم والتنمية؛ لأن المعلم هو سر المستقبل وتحدياته، ولأنه يُعتمد عليه الآن لتوليد وإنتاج المعرفة، وهي القوة الحقيقية للمجتمع، وعليه فإن التركيز ينبغي أن ينصب على دور المعلم المدرب والمعد إعدادا جيدا لمواكبة هذا المستقبل؛ لأنه هو من سيقود عملية التطوير والتغيير في مجتمعه ومدرسته.
وأوضح أن التعليم كمهنة يتطلب المعارف والمعلومات والمهارات المهنية المتخصصة والسمات المطلوبة لدى الممارسين لها، وهذه أمور لا تصقل إلا من خلال الإعداد والتدريب والتمكين.
واعتبر أبو غزلة أن توفر السمات والمهارات المهنية يعد من أهم القضايا التي يجب أن يمتلكها المعلم لأنها هي التي تشكل القناعة لديه بأهمية رؤيته ورسالته المهنية في التعليم، مشددا على أهمية امتلاكه هذه المهارات ليتمكن من التعامل مع طلبته وفق سماتهم وميولهم ورغباتهم المختلفة، كما ستمكنه هذه السمات والمهارات من التعامل معهم عندما يمتلك مادته التعليمية وإستراتيجيات وأساليب تدريسها، وخاصة المهارات التدريسية التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية التي فرضتها الثورة الصناعية.
وأكد ضرورة أن يمتلك المعلم الذي نريد، هذه المهارات في عملية التدريس لتسهيل وصول المعرفة للطالب بغض النظر عن مكان وجوده، وفي تصميم الدروس الرقمية، وتنفيذ خططها لتؤدي أهدافها، ناهيك عن قدرته على إدارة المواقف التعليمية وفهمها وربطها بالمهارات الحياتية واليومية، ومن المهم للمعلم الذي نريد أن يوفر التعليم المحفز للتفكير عند الطلبة وإثارة البحث والتساؤل، وتمكينهم من القدرة على التعلم الذاتي، وأن يكون على وعي تام بثقافتهم وثقافة بيئة تعلمهم ومكوناتها والعوامل المؤثرة في تعلمهم، بالإضافة إلى قدرته على تنويع أدواته في تقييم وتعظيم أداء طلبته وتطورهم.
ولفت إلى أن المعلمين هم مفاتيح التحول والتغيير في كل المجتمعات، وعليه فعلى الرغم من السياسات والبرامج المهنية المعدة للمعلمين ومجالات الدعم والحوافز والفرص التي تقدم لهم إلا أن نظامنا التعليمي ما زال يعاني من مشاكل متعددة تؤثر في نوعية التعليم المقدم للطلبة، لذا من المهم أن يتم التركيز على المعلم الذي نريد من خلال إيجاد منظومة تأهيل وتدريب نوعي له، وخاصة في ظل ما فرضته الثورة الصناعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ودعا إلى اعتماد سياسات وطنية شاملة خاصة بالمعلم وبمهنة التعليم، وأن نبدأ فورا بتطبيق سياسات وخطط وبرامج تربوية وتكنولوجية وأدوات داخلية تعظم من المهنة وتبرز دور المعلمين وتحفزهم وتشجعهم على الاستمرار في مهنة التعليم، كما أن على القائمين على النظام التعليمي التركيز على أهمية بناء الثقة مع المعلمين كمنتجين للمعرفة، وبصفتهم الشركاء الأساسيين في عملية التعلم والتعليم، والاحتفال بإنجازاتهم من أجل جذبهم إلى مهنة التعليم وبالتالي تقديرهم، وإعادة المكانة لهم وتوفير الاحترام وبناء الثقة والتقدير والدعم الفعال لهذه المهنة.
وأكد أبو غزلة ضرورة إبقاء قضايا المعلم على رأس جدول أعمال الحكومات في دعمها للتعليم، وزيادة المخصصات المالية، وتمكينهم من الحصول على الأدوات التي يحتاجونها لتحمل المسؤولية في المستقبل.
وقال إن توفير تعليم جيد ومنصف لأبنائنا يمكن تحقيقه من خلال حصول الجميع على معلمين أكْفاء، انطلاقا من القناعة بأن المعلم هو عنصر حاسم في إصلاح ونجاح العملية التعليمية، وبأنه المحرك والموجه الأساس لتحقيق أهدافها، مشيرا إلى أن أي إصلاح وتطوير للعملية التربوية التعليمية لا تتم إلا من خلاله؛ لأنه القادر على جعل مهنة التعليم مهنة جاذبة.
وشدد على ضرورة استثمار هذه المناسبة التي أكدت دور المعلم في التعليم، وأن نبدأ بالفعل بالتحول الجذري في النظرة للمعلم الذي نريد، وتمكينه حتى يتكمن من أداء أدواره المختلفة بإثراء التعليم، والتركيز على نوعية المعلمين في عمليات التوظيف والتفكير في طرق حفزهم واستقطابهم وترقيتهم.
وشاركه الرأي الخبير التربوي فيصل أبو تايه الذي قال إن“عيد المعلم” يشكل مناسبة نستذكر فيها دور المعلِّم وعطاءه في مشهد تتجدد فيه الذكرى تكريما واحتراما له، وما يقدمه من جهد وعطاء، وتجسيدا لمكانته الرفيعة التي يحظى بها.
وأكد أبو تايه الحاجة إلى إيلاء المعلم أهمية كبيرة بصفته قائد العملية التعليمية والتربوية، فهو عمادها وركنها وموردها الأساس في التنمية المستدامة، حيث تكمن أهم الدعائم التي تركز عليها فلسفة التربية في تهيئة المعلمين وإعدادهم وتطويرهم بصورة مستمرة، مع الحرص باستمرار على تحسين فرص نموهم العلمي، وتعظيم إنجازاتهم، وتطوير مساراتهم المهنية والوظيفية الأفقية، مع التأكيد أن أي تطوير للعملية التربوية التعليمية يبدأ بتدريب المعلم وتسليحه بالمهارات التي تمكنه من التفاعل مع معطيات العملية التربوية، وبما يعود بالنفع على الطالب والتعليم برمته.
وشدد على أن المرحلة المقبلة تفرض متابعة سير العمل في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي الخاص بقطاع التربية والتعليم، والذي يعتبر مرتكزا أساسيا في مشروع التحديث الشامل للدولة الأردنية، مع تأكيد أهمية الوعي بالتحول المنشود في نظامنا التعليمي ليكون قادرا على إدارة إنتاج المعرفة، والمنافسة عالميا، سواء في التعليم العام أو المهني، خاصة ونحن نشهد اليوم تطوراً معرفياً وتكنولوجياً متسارعا.
وأشار إلى أننا نحتاج إلى السعي لبناء تجربة نموذجية في دعم مكانة مهنة التعليم بمؤهلاتها وخبراتها ونظمها التشغيلية، وصولاً إلى تمكين المعلم في منظومة المدرسة الأردنية، وتحفيزه وتعزيز قدراته التخصصية والمهنية، وتقدير جهوده الوطنية في إعداد جيل يواكب التحديات ومتطلبات مهارات المستقبل، وبما ينعكس إيجاباً على تعزيز المنظومة التعليمية وتحقيق المستهدفات، وتطوير السياسات والتشريعات لبناء أجيال رائدة في كل المجالات.
ورأى أبو تايه أن المحافظة على استمرارية وريادة الدولة في شتى الميادين، تتطلب توفير تعليم رفيع المستوى، قادر على تحقيق التنافسية باعتباره الكفة الراجحة في عالم ينطلق بتصوراته وأفكاره ونهضته وقناعاته من التعليم، فإذكاء روح المنافسة الإيجابية بين الطلبة للتعلم والتفوق الأكاديمي شرط ضروري لإدخال الريادة التي نطمح لها بمختلف أشكالها وصولا إلى خريجين يتمتعون بقدر عال من المعرفة والكفاءة.
وأشار إلى أننا نعوّل على المعلمين في مشروع التحديث الشامل الذي يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني بتوعية أبنائنا وبناتنا الطلبة خصوصا في مسار التحديث السياسي، الذي يشكل الشباب فيه ركيزة أساسية، باعتبارهم محور التغيير الإيجابي، ونراهن كثيرا عليهم في إنجاحه، وذلك هو التجسيد الحقيقي والترجمة لما يريده جلالته من الحكومات، حيث أكد عليها عدة مرات في مختلف كتب التكليف والخطابات واللقاءات والرسائل والتوجيهات الملكية.
واعتبر أن رهان الأردن في السنوات المقبلة ينبغي أن يكون على“الاستثمار في التعليم”، لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق نحو المستقبل، ولا يمكن لأي إستراتيجية أو رؤية حول التعليم أن تحقق النجاح من دون وجود معلم متميز، مدرك لأهمية دوره، ويمتلك القدرات التي تمكنه من القيام بهذا الدور.
ولفت إلى أن إطار إستراتيجية الأردن لبناء اقتصاد قائم على المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة، يولي أهمية كبرى لتعزيز قيم الإبداع في كل مواقع العمل الوطني ، وهذا بالتأكيد أول ما يبدأ عبر دور المعلمين، من خلال تحفيز مهارات التفكير والاستنتاج والتحليل لدى أبنائنا الطلبة.
بدوره، قال الخبير التربوي عايش النوايسة إن معظم الدول تسعى إلى تحسين مدارسها والاستجابة للتوقعات الاقتصادية والاجتماعية، ويُعد المعلم واحدًا من أبرز مصادر العملية التعليمية.
ويعتمد تحسين الكفاءة وتحقيق العدالة في التعليم، على إيجاد معلمين مؤهلين، وذوي كفاءة، وملتزمين، ولديهم أسلوب تدريسي يتسم بالجودة العالية، إضافة إلى ضمان وصول الجميع للتعليم، بحسب النوايسة.
وبين أن التطور العلمي والتكنولوجي والرقمي أثر في جوانب الحياة كافة، لافتا إلى أن دور المعلمين تطور فأصبحوا مساهمين مهمين فاعلين في بناء المجتمع، وذلك من خلال عملية التعليم؛ إذ يسهمون في تعزيز مهارات التفكير الشامل لدى الطلبة، ويلعبون الدور الرئيس في التنمية الشاملة، خصوصا اليوم في ظل التحول في شكل التعليم والتركيز على التعليم التقني والتطبيقي الذي يوائم بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
وكل هذه الأدوار تتطلب، بحسب النوايسة، برامج إعداد وتدريب نوعية للمعلمين في الجانب التقني والرقمي، والتركيز على التنمية المهنية ضمن إطار مؤسسي ومهني، وهذا ما قامت به وزارة التربية والتعليم التي تبنت اليوم سياسة التنمية المهنية للمعلمين الهادفة إلى تحسين جودة التعليم المقدم للطلبة، وذلك من خلال تبني إطار مهني ضمن التخصص يهدف لتنمية المعلمين مهنيًا وتحسين وضعهم المادي من خلال نظام الرتب، ودعم تقدمهم ضمن المسارات المهنية.
MENAFN03102024000072011014ID1108745751