Sunday, 22 December 2024 05:59 GMT



أثر الأحزاب على الاقتصاد

(MENAFN- Alghad Newspaper) محمد عزم حمد تطرقت العديد من الكتب لأثر الأحزاب على الاقتصاد وفي الدول كافة، ومنها الدول المتقدمة، ومن ضمنها كتاب The Price of Inequality تأليف جوزيف ستيغلتس، وتاليا بعض الملاحظات التي وردت في هذا الكتاب بخصوص تأثير الدور المتوقع للأحزاب في الاقتصاد من خلال الانتخابات.
إذا تحدثنا عن الأحزاب وبرامجها، فإنه لا شك أن الجهود الجماعية تسهم في إيجاد قواسم مشتركة بين آراء متنوعة مختلفة تقبل ببعض التنازلات، ضمن إطار واضح من العدالة والمساواة والثقة والتعاون لتصبح برنامج عمل واضحا ينفذ بوقت زمني أقصر وبنتائج أفضل، وذلك مقابل وجود آراء عدة من دون إطار يجمعهم. هذا الأمر قد يكون أوضح ضمن حكومة حزبية لها برنامج واضح متفق عليه يعالج المشاكل الاقتصادية المستعصية والمعقدة في ظل العولمة وتعقيداتها التي لم تعد الجهود الفردية العادية تقوى على حلها.
أما عند الحديث عن الانتخابات، فإن الأسباب التي تدعو الشخص إلى الانتخاب قد تتركز في فعالية وقوة المواطنة وCivic virtue والرغبة بإيصال فكر (برنامج عمل) معين بمقابل فكر آخر لا يتفق معه، هذه الفعالية قد تتأثر في حال عدم الشعور بالمساواة، فقدان الأمل وانخفاض مستوى الثقة بين المكونات المختلفة للعملية السياسية، ومن ضمنها الثقة بين المواطن والحكومة، وهو ما قد ترحب به جهات مستفيدة من تقاعس المواطن عن الانتخاب، وبالتالي يشارك بالانتخاب من له مصلحة بذلك ويرى في هذا النظام ما يخدمه ويعود عليه بأكثر مما صرفه. إن الأساس في الانتخابات أن تصل إلى رأي وسط بين آراء المنتخبين، إلا أن هذا الأمر ليس دقيقا حين لا يقوم الجميع بالانتخاب لأسباب عدة، بما فيها أسباب تنظيمية.
وإذا تحدثنا عن الاقتصاد، فإن الاقتصاد الذي يتصف بأنه يحوي ويتميز برأس المال الاجتماعي social capital هو اقتصاد أكثر إنتاجية، وهو اقتصاد أساسه الثقة وبما يحويه من حوكمة جيدة، وبالتالي يسهم بتحقيق نجاح اقتصادي طويل الأمد. يربط social capital بين الاقتصاد والسياسة، وإذا انخفض مستوى الثقة فإن هذا النظام لن يعمل بفعالية وسيصبح المجتمع ذا إنتاجية أقل. وهنا يأتي دور الأحزاب السياسية، حيث إنها في حال أضعفت الثقة لدى المواطنين فإن إنتاجيتهم ستتراجع وبالتالي الاقتصاد بشكل عام.
في حال سيطرت القوى ذات المصالح على الأحزاب وكذلك الإعلام (السيطرة على انسياب المعلومات) وبالتالي عملية الانتخاب، ستعمل على خدمة مصالحها من خلال إقرار القوانين الخادمة لمصالحها، ويمكن أن تؤثر بداية على القضاء الضامن لعدالة الانتخاب والذي يحكم لمصلحتها، وبما يؤدي لرفع قيمة العائد على ما استثمرته في تمويل الأحزاب والانتخابات. كل ذلك بالمحصلة سيؤثر على انخفاض مستوى الثقة والأمل بين المواطنين، وبالتالي تراجع مستويات ومعدلات التصويت وتراجع المشاركة السياسية لصالح أصحاب المصالح، وما يتبع ذلك من تراجع الاقتصاد بشكل عام كونه، كما ذكرنا، اقتصادا أساسه الثقة وبما يحويه من حوكمة جيدة.
بالتالي، لا بد من التأكيد على وجود ضوابط يتم مراقبة فعالية تطبيقها تحكم عمليات تمويل الأحزاب وتمويل الانتخابات والتصويت بالانتخابات والتي تؤدي إلى توسيع قاعدة الانتخاب، وبحيث لا يكون الانتخاب محكوما بيد أصحاب مصالح معينة وليس كما يجب بيد عموم المواطنين. وألا يؤدي كل ذلك إلى تراجع المشاركة السياسية وانخفاض مستويات الثقة والشعور بعدم المساواة وبما يؤدي بالمحصلة إلى تراجع الإنتاجية والاقتصاد على المدى الطويل.
على الرغم من إيماني الكامل بأهمية الأحزاب وبرامج العمل المبنية بجهود وآراء جماعية، إلا أنه، برأيي، لا بد من وجود ضوابط لعملها يتم الاتفاق عليها وتنظمها قوانين وتعليمات شفافة، والأهم توفر أدوات يتم من خلالها التأكد من فاعليتها وعدالة تطبيقها.

MENAFN02102024000072011014ID1108740599


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.