Saturday, 21 December 2024 02:27 GMT



نتنياهو يختار خطة اللعنة

(MENAFN- Alghad Newspaper) هآرتس

بقلم: تمير بردو ونمرود نوفيك


خطاب بنيامين نتنياهو في الجمعية العمومية في الأسبوع الماضي هو خطاب يرتبط بالواقع الأمني بشكل أكبر مما يظهر، وهو لا يبشر بالخير. على خلفية الإنجازات المدهشة للجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات في الساحة الدولية وعلى خلفية المعاني الكبيرة لهذه الإنجازات، يبرز غياب رؤية إستراتيجية يمكن ترجمتها إلى تغيير ايجابي صارخ في المحيط القريب والبعيد. الأخطر من ذلك هو أنه في الوقت الذي فيه رئيس الحكومة في الخطاب كان دقيقا في عرض الفرص، فإنه في سياسته يضمن تفويتها.
كالعادة، استعان نتنياهو بوسائل مساعدة بصرية، خريطتان تمت الإشارة فيهما إلى الخيارات التي توجد امام إسرائيل والمنطقة. الخريطة الأولى باللون الفاتح عرضت ما أطلق عليه "خطة النعمة"، التي أساسها التعاون بين الدول التي تعمل على التقدم والاستقرار، ومن بينها بالطبع إسرائيل. الخريطة الثانية باللون القاتم عرضت إيران ووكلاؤها جميع الذين يسعون إلى الشر من حولنا. هم يشكلون "خطة اللعنة". عرض الواقع صحيح، لكن الاستنتاج غير صحيح. خريطة الشرق الأوسط وبحق تعكس جاهزية معسكرين متعاديين، لكن في سياسته اختار نتنياهو، بشكل متعمد، الابتعاد عن الاندماج في معسكر "النعمة"، والحكم علينا بمواجهة مستمرة مع الذين "يلعنون".
المعسكر الأول برئاسة إيران يعمل بطرق عنيفة لتقويض الاستقرار واستغلال عدم الاستقرار لتوسيع دائرة نفوذ نظام آيات الله الظلامي. المعسكر الآخر الذي يشمل الدول التي وقعت على اتفاقات سلام مع إسرائيل، مصر والدول التي وقعت على اتفاقات إبراهيم، والسعودية ودول أخرى في الخليج، هو معسكر موحد، سواء من الخوف من تهديد إيران، أو التزامه بالاستقرار الإقليمي الذي يعتبر أمرا حيويا لحلم النمو الاقتصادي بروحية برنامج "رؤيا 2030" لولي العهد السعودي وبعض جيرانه.
منذ سنوات ومعسكر "النعمة" يطلب من إسرائيل الانضمام إلى صفوفه، سواء في إطار تحالف إقليمي يهدف إلى صد إيران ووكلائها، أو من أجل دمج القدرات الاقتصادية، التكنولوجية وغيرها، من أجل رفاه الجميع. هذا الاندماج يشمل أيضا تطبيع العلاقات مع السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى تنتظر قرارها.
على الأقل خمس دول من دول التحالف الإقليمي، تعادي حماس وحركة الإخوان المسلمين التي هي الأم. هذه الدول استجابت لدعوة واشنطن، الانضمام إلى ما يسمى "مبادرة بايدن"، التي في إطارها يتم تنسيق النشاطات أمام إيران، كما تجسد في ليلة هجوم إيران في نيسان الماضي، لكنها أيضا ستتحمل المسؤولية عن إدارة قطاع غزة، بما في ذلك وضع قوات برية.
من أجل تحقق هذه النوايا فإن دول "خطة النعمة" تحتاج إلى إجراء ثلاثة تغييرات على الصعيد الفلسطيني. التغيير الأول هو وقف القتال في الجنوب الذي سيمكن هذه الدول من نشر قواتها بالتنسيق مع القوات الإسرائيلية التي ستنسحب. التغيير الثاني، كي لا تظهر كقوة احتلال فإنه يمكنها التدخل فقط كرد على دعوة الجهة المعترف بها في العالم كممثلة للشعب الفلسطيني، أي السلطة الفلسطينية. عندها يمكن الدخول إلى القطاع بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية وكرد مؤقت، حتى لو كان لفترة طويلة، على عدم قدرتها على القيام بمهمة ادارة القطاع بقوتها الذاتية. التغيير الثالث المطلوب، من أجل تقليص خطر احتراق الاستثمارات بالمليارات في القطاع بواسطة جولة عنف اخرى، هو التزام إسرائيل بإعطاء أفق سياسي حقيقي للفلسطينيين، حتى لو كان تطبيقه يحتاج إلى سنوات كثيرة. حسب ادعاءاتها فإن هذه الأفق ستكون بديلا تحمل الأمل لأيديولوجيا اليأس والدمار والخراب لحماس، وكابحا أمام تجند الجيل الفلسطيني الشاب في صفوف التنظيمات.
إذا كانت هناك حاجة لإثبات آخر للمكانة الرئيسية للقضية الفلسطينية في نظر هذه الدول فقد حصلنا عليه في موازاة خطاب نتنياهو، عندما أعلن وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، في الأمم المتحدة عن إقامة "تحالف دولي للدفع قدما بحل الدولتين". وحسب قوله فإن "تطبيق حل الدولتين هو الطريقة الأفضل لتحطيم دائرة الصراع والمعاناة، وخلق واقع جديد فيه كل المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، تحظى بالأمن والتعايش.
إذا عملت حكومة إسرائيل على إقناع الدول العربية المعتدلة (والجمهور في إسرائيل) بأنه لا توجد أي صلة بين إقامة علاقات مع هذه الدول وبين القضية الفلسطينية، فإن الذين قاموا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل توصلوا إلى الاستنتاج المعاكس. الدليل على ذلك هو تجميد مشاريع مشتركة مع دولة الإمارات وتقليص الاتصالات بين الحكومتين، والمبادرة السعودية الجديدة. يتبين أن صدمة 7 تشرين الأول والحرب المستمرة منذ ذلك الحين أثبتت وأظهرت لدول كثيرة في المنطقة وخارجها الضرر الذي يتسبب به النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين وعدم الاستقرار الذي يتسبب به لمصالحها الحيوية. هكذا، رغم أن الحديث يدور عن صراع أصيل لدينا، وأن إقامة حدود بيننا وبين الفلسطينيين هو أمر حيوي لمستقبلنا كدولة يهودية وديمقراطية، حتى الآن عندنا لم يتم اتخاذ القرار، في حين أنه عندها انتقل الالتزام بحل الدولتين من مجرد أقوال إلى موجه للسياسة. أو كما وصف ذلك بوضوح ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان: "لن تتم إقامة علاقات مع إسرائيل قبل التقدم في إقامة الدولة الفلسطينية".


MENAFN01102024000072011014ID1108737618


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية