Wednesday, 15 January 2025 09:38 GMT



القدس ليست أورشليم.. مساهمة في تصحيح تاريخ فلسطين للباحث الربيعي

(MENAFN- Alghad Newspaper) عزيزة علي صدر عن دار الريس للكتب والنشر، كتاب بعنوان "القدس ليست أورشليم مساهمة في تصحيح تاريخ فلسطين"، للباحث والمؤرخ فاضل الربيعي.
يقول في مقدمة كتابه: "هل القدس التي يزعم أن اسمها ورد في التوراة، هي ذاتها المدينة التي ذكرها كتاب اليهودية المقدس باسم (أورشليم)، وأن الاسمين معا، يدلان على مكان واحد بعينه كما تقول الرواية الإسرائيلية المعاصرة؟ وهل القدس هي ذاتها (قدس- قدس)، التي سجلتها التوراة بهذه الصيغة؟ ولكن، هل ذكرت التوراة حقا، بأي صيغة من الصيغ المفترضة، اسم (القدس)- بألف ولام التعريف العربية-؟ وهل يتطابق وصف التوراة لها مع وصف أورشليم، وهل يجوز لنا مطابقة المكانين وعدهما مكانا واحدا؟".
يوضح الربيعي إن ما أريد إثارته في هذه الأطروحة النظرية هو الآتي "القدس ليست أورشليم"، موضحا، "لم تأت على ذكر (القدس)، بأي صورة من الصور، وكل ما يُقال عن أن المكان الوارد ذكره في التوراة باسم (قدس-قدس)، قصد به المدينة العربية، أم يتنافى مع الحقيقة التاريخية والتوصيف الجغرافي ولا صلة له بالعلم لا من قريب ولا من بعيد. كما أن التوراة لا تقول البتة: "إن قدس التي وصلها بنو إسرائيل بعد رحلة التيه هي أورشليم؟ لقد حامت الشبهات- بالنسبة لي- حول هذه البديهية الشائعة في المؤلفات التاريخية والسياسية في العالم كله، منذ أن قامت، طوال سنوات من العمل الشاق، بإعادة تركيب الرواية التوراتية عن التاريخ الفلسطيني وبنائها استنادا إلى النص العبري، حيث تكشفت أمامي حقائق مذهلة غيبها المخيال الاستشراقي السقيم طوال القرنين الماضيين، وذلك عبر الترويج الزائف لأسطورة أرض الميعاد اليهودي، والمدهش، أن هذا الكشف- الذي أقدمه اليوم تطويرا للنظرية التي عرضتها في مؤلفي السابق (فلسطين المتخيلة: أرض التوراة في اليمن القديم)- قد لا يكون صادما لوجدان اليهود المتعصبين والتوراتيين والاستشراقيين وحسب؛ بل ربما يكون صادما، للوجدان الفلسطيني والعربي والاسلامي على حد سواء، ما دامت الفكرة الرائجة التي تقول: "إن اسم القدس ورد في التوراة، هي فكرة مغرية وجذابة في الثقافة الروحية، يصعب المس بها أو لتتوافق مع التاريخ المتحقق، وذلك نظرا لارتباطها بالجانب العاطفي لا التاريخي من مسألة قدسية المدينة القديمة وقدمها. ويمكن للمرء أن يخمن بسهولة، مقدار الصعوبة في مراجعة هذا النوع من الصور والأفكار الأثيرة. بيد أن الحقيقة التاريخية عن قدم القدس "قدسيتها"، المؤكدة بالنسبة للمسلمين والمسيحيين كافة، هي أنهما أمران مسلم بهما ولا يستوجان بأي شكل من الأشكال، الاستعانة بالتوراة، أو بما يزعم أنه نصوص توراتية ورد فيها ذكر القدس من أجل التأكيد على هذا الجانب؛ بل على العكس من ذلك، ربما تكون الاستعانة بالتوراة ضرورية فقط، من أجل البرهنة على أن الكتاب المقدس لليهودية يتحدث عن "قدس"، أخرى عرفها شعب بين إسرائيل، لا علاقة لها بالقدس العربية- بألف ولام".
ويقول: "إن أكثر ما يجب أن يثير اهتمامنا اليوم حول هذه المسألة، هو البحث داخل النص العبري عن الدليل الذي استخدمه التوراتيون للترويج لأسطورة تطابق القدس وأورشليم، وبالتالي دحض الأفكار والصور الاستشراقية التي سادت في علم الآثار عن هذا التطابق، ومن غير شك؛ فإن إثارة النقاش حول نوع وطبيعة التزوير الفاضح الذي تعرض له تاريخ القدس العربية على أيدي علماء الآثار من التيار التوراتي، سيكون ضروريا للغاية من أجل تقديم مساهمة جديدة لتصحيح تاريخ فلسطين القديم برمته؛ فهذا التاريخ كان عرضة للتزوير والتلاعب بصورة مروعة، يشعر معها المرء بالحيرة والعجز حيال إمكانية تطويق النتائج التي رسخت بسببه في ذاكرة الملايين من البشر".
ويشير إلى أن المساهمة في تصحيح تاريخ فلسطين القديمة، تتطلب من عموم القراء إمعان الفكر مليا بالأدلة المقدمة والانفتاح عليها والتعامل معها بروح العلم لا العاطفة والأحكام المسبقة. ويمكن للمرء إذا كان من المشتغلين في حقل التاريخ، أن يقدم بسهولة وفي مناسبة كبرى من نوع اعتبار القدس عاصمة للثقافة العربية؛ تقريرا تاريخيا احتفاليا بالمدينة المقدسة، يكرر فيه ما هو رائج في المؤلفات والكثير منها مبني على قصص التوراة. لكن الأهم من الاحتفاء الثقافي بتاريخية المدينة المقدسة، أن يجرؤ المرء نفسه-على قلب الحقيقة المزيفة رأسا على عقب، وأن يعيد النقاش العلمي برمته إلى نقطة البداية كيف، ولماذا جرت المطابقة التعسفية وما الغرض منها؟ وهذا ما أرغب في تقديمه كمساهمة في هذه المناسبة.
ويضيف أن فلسطين كانت وما تزال، ضحية تلاعب- بالتاريخ القديم- يرقى إلى مستوى العبث غير الأخلاقي بالحقائق الجغرافية والتاريخية. وفي مناسبة من هذا النوع جدير بنا، أن نقوم ومن دون تردد بفضح العبث الاستشراقي الذي جرى على أيدي علماء آثار ومحققين وكتاب تاريخ، طوال أكثر من مائة عام، لا بهذه الحقيقة وحدها، وإنما بنظام السرد التاريخي كذلك، للأحداث والمرويات والقصص التي روتها التوراة، وزعم أنها دارت فوق أرض فلسطين، وإذا كان لابد من قول يختصر فكرة الكتاب ويحددها ضمن إطار واضح؛ فإن المؤلف يرغب في التشديد على الآتي: "هذه "قدسنا"، القديمة؛ وهي ليست - ولم تكن تدعى- أورشليم".
ويتحدث الربيعي حول نقد أسطورة التماثل بين أسماء الأماكن في التوراة وجغرافية فلسطين، لافتا إلى أن الرواية الإسرائيلية المعاصرة، والقائلة "إن فلسطين هي "أرض الميعاد اليهودي"، وأن "مملكة إسرائيل القديمة التي أقام فيها شعب إسرائيل"، تقع في فلسطين التاريخية، إلا على أساس واه من المماثلة الشكلية والتعسفية، والباطلة كذلك، بين الأرض التي وصفتها التوراة في النص العبري، وأرض فلسطين التاريخية. لقد تأسست، طبقا لهذا الزعم غير التاريخي، فكرة زائفة أخرى موازية، تطابق بين القدس العربية- الإسلامية، وبين أورشليم الوارد ذكرها في التوراة، وبذلك تكون الرواية الإسرائيلية المعاصرة عن التماثل في أسماء الأماكن، قد تأسست في الأصل، على أرضية مطابقة ماكرة ومخادعة لا مثيل لها، بين "أورشليم"، "القدس"، حين اعتبرتهما المكان نفسه الذي وصفته التوراة".
إن نقد الرواية الإسرائيلية بالأدوات ذاتها التي استخدمها المخيال الغربي الاستشراقي، هو السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله، البرهنة على بطلان هذه الرواية من أساسها. مبينا أن فلسطين لم تعرف في أي وقت من تاريخها القديم قط، الأرض التي وصفتها التوراة، وأن القدس العربية لم تكن تدعى في أي وقت من الأوقات بـ"أورشليم". كما أن التوراة لم تأتي على ذكر الفلسطينيين أو فلسطين. ولذلك؛ فإن المطابقة التي روج لها المخيال الاستشراقي، استنادا إلى قراءة مغلوطة للنص التوراتي، هي التي أدت إلى شيوع هذه الأفكار والتصورات الخاطئة.
ويؤكد أن القدس الموصوفة في التوراة "وطبقا للنص العبري"، لا علاقة لها بالقدس العربية على الإطلاق. وبهذا المعنى وحده فالقدس ليست هي أورشليم كما يزعم في الدراسات الكتابية المعاصرة "من الكتاب المقدس"، لقد كان اسمها التاريخي الذي عرفه العرب في الجاهلية ثم مع الإسلام، يتداخل مع اسم "بيت المقدس"، فيدل أحدهما على الآخر. وفضلا عن هذا؛ فإن التوراة، كما سوف نبين بالأدلة القاطعة، لا تقول بأي صيغة من الصيغ المحتملة، أن القدس هي أورشليم. بل على العكس من هذا الزعم الضعيف والمتهافت الذي روج له المخيال الغربي الاسشتراقي؛ فإن النص الترواتي يميز بدقة متناهية بين مكانين منفصلين لا صلة بينهما، يدعى أحدهما قدش- قدس (بفتح الحرفين الأول والثاني من الاسم- والسين والشين في العبرية حرف واحد عند النطق)، فيما يدعى الآخر أورشليم، وهما مكانان لا رابط بينهما على مستوى الجغرافيا أو على مستوى الثقافة الدينية، فالأول وكما يتضح من وصف التوراة، جبل شامخ تم تقديسه (تطهيره)، أو تحريمه فسميى (قدش-قدس).
أما الاسم الاخر "أورشليم"، فاسم لمدينة من المدن، يتكرر حضورها في نصوص مختلفة من التوراة تطلق على مكان بعينه اسم "أورشليم"، ولا تقول عنه، أبدا، ولا بأي شكل من الأشكال، أن المقصود منها القدس "أو قدش"، وهذا يعني أن شعب بني إسرائيل القديم، وهو من الشعوب والقبائل العربية البائدة، وطبقا للرواية التوراتية، عرف مدينة باسم أورشليم، كما عرف مكانا آخر باسم قدش-قدس. وإلى هذا كله، فسوف يكون أمرا مدهشا، عندما تخبرنا التوراة عن وجود ثلاثة أماكن كل منها لا يشبه الآخر، عرفها شعب بني إسرائيل باسم "قدش-قدس"، وليس مكانا واحدا".

MENAFN05092024000072011014ID1108641932


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.