Wednesday, 15 January 2025 02:55 GMT



انتخابات 2024.. الأحزاب تحت المجهر

(MENAFN- Alghad Newspaper) تأتي انتخابات 2024 في الأردن لتضع الأحزاب السياسية تحت المجهر، حيث تشكل هذه الانتخابات اختبارًا حاسمًا لمدى قدرتها على التأثير في المشهد السياسي وتقديم حلول فعالة للتحديات التي تواجه البلاد. بعد سلسلة من الإصلاحات السياسية التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة، تهدف الانتخابات المقبلة إلى تقييم دور الأحزاب في تطوير الحياة السياسية وتعزيز الديمقراطية الحزبية. برعاية وتوجيهات الملك عبدالله الثاني، تسعى الحكومة إلى تفعيل مشاركة الأحزاب في البرلمان وتمكينها من لعب دور رئيسي في تشكيل الحكومات، مما يجعل هذه الانتخابات محطة فاصلة في مسار التحول السياسي في الأردن.
على مدار العقود الماضية، كان النظام السياسي الأردني يعتمد بشكل كبير على الشخصيات المستقلة والعشائرية في تشكيل المجالس النيابية. غير أن هذا النمط بدأ يتغير تدريجيًا مع ظهور عدد من الأحزاب السياسية التي تسعى إلى تعزيز مكانتها في البرلمان. ورغم أن دور الأحزاب في العقود الماضية كان محدودًا إلى حد كبير، إلا أن الإصلاحات التي تم إدخالها مؤخرًا على قوانين الانتخابات والأحزاب تهدف إلى تمكين الأحزاب من لعب دور أكبر في العملية السياسية.
في إطار التوجه نحو تعزيز الحياة الحزبية في الأردن، أُجريت تعديلات على قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية، وهي تهدف إلى تفعيل دور الأحزاب السياسية في البرلمان ومنحها المزيد من الصلاحيات في تشكيل الحكومات والرقابة على السياسات العامة. هذا التطور يعكس توجهًا نحو بناء ديمقراطية حزبية قوية تقوم على التعددية السياسية والتنافس الحزبي المشروع، ما يساهم في تطوير الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تسعى الأحزاب السياسية إلى تقديم برامج انتخابية شاملة تلبي احتياجات المواطنين، وذلك استجابة للتحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع الأردني. من أبرز هذه التحديات البطالة، وتحسين الظروف الاقتصادية، وتعزيز دور المرأة والشباب في الحياة السياسية، إضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار. الأحزاب أصبحت تدرك أن عليها تقديم حلول عملية للمشكلات القائمة إذا ما أرادت كسب ثقة الناخبين والتمكن من تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات المقبلة.
ورغم هذه التوجهات الإيجابية، تواجه الأحزاب السياسية تحديات كبيرة، أبرزها ضعف التأييد الشعبي للأحزاب وقلة الانخراط الفعلي للأردنيين في الحياة الحزبية. فالتاريخ السياسي للأردن أظهر ميلًا لدى الناخبين إلى اختيار الشخصيات المستقلة أو العشائرية على حساب المترشحين الحزبيين. وهذا يعود جزئيًا إلى ضعف الثقافة الحزبية وعدم الثقة العامة في قدرة الأحزاب على تقديم تغيير فعلي. الأمر الذي يجعل من الانتخابات المقبلة فرصة حاسمة للأحزاب لتقديم نفسها كبديل حقيقي وجاد للقوى التقليدية في البرلمان.
إلى جانب ضعف التأييد الشعبي، تواجه الأحزاب تحديات مرتبطة بالتمويل والموارد اللازمة لتنظيم حملاتها الانتخابية بشكل فعال. بعض الأحزاب تفتقر إلى القدرات المالية والبشرية اللازمة للترويج لبرامجها الانتخابية والوصول إلى جميع مناطق المملكة. هذا يجعلها في وضع أقل تنافسية مقارنة بالمترشحين المستقلين أو القوى التقليدية التي تعتمد على دعم مالي وعشائري أكبر. ولذلك، فإن هناك حاجة ملحة لدعم الحكومات للأحزاب سياسياً ومادياً من خلال توفير بنية تحتية تسمح لها بتنظيم نفسها والتواصل مع الجمهور.
التحدي الآخر الذي يواجه الأحزاب هو النظام الانتخابي المعتمد، الذي يعتمد على التصويت الفردي في العديد من الدوائر الانتخابية. وهذا النظام يشجع الناخبين على التصويت لصالح القوائم الحزبية، الا انه على الرغم من ذلك يندفع المواطنون إلى التصويت على أساس شخصي أو عشائري. هذا يعني أن الأحزاب تواجه صعوبة كبيرة في إقناع الناخبين بأن التصويت لصالح القوائم الحزبية يمكن أن يكون أكثر فعالية في تحقيق مصالحهم على المدى الطويل.
ومع ذلك، تسعى الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي للوصول إلى جمهور أكبر من الناخبين. فقد أصبح الإعلام الرقمي وسيلة مهمة للترويج للبرامج الانتخابية والتواصل المباشر مع الناخبين، خاصة الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع الأردني. الأحزاب تدرك أن الوصول إلى هذه الفئة العمرية يمكن أن يكون مفتاح نجاحها في الانتخابات، ولذلك تسعى جاهدة إلى تقديم رؤى وبرامج تستهدف تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
من جهة أخرى، تبرز الانتخابات النيابية لعام 2024 كفرصة لاختبار قدرة الأحزاب السياسية على التأقلم مع المتغيرات السياسية والتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الأردن. فالأحزاب لم تعد معزولة عن المشهد الدولي والإقليمي، بل أصبحت تتفاعل مع القضايا الكبرى التي تشغل الرأي العام، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والأزمة السورية، والقضايا الاقتصادية العالمية. نجاح الأحزاب في التعامل مع هذه القضايا ضمن برامجها الانتخابية سيعزز من مكانتها لدى الناخبين وسيجعلها قوة فاعلة في البرلمان.
الانتخابات القادمة ليست مجرد منافسة على المقاعد البرلمانية، بل هي مرحلة مهمة في تطوير الديمقراطية الأردنية وتعزيز مفهوم التعددية السياسية. إذا نجحت الأحزاب في تقديم نفسها بشكل جاد وفعّال، فقد تكون هذه الانتخابات نقطة تحول نحو نظام سياسي أكثر استقرارًا وشمولية. ولكن إذا فشلت في تحقيق ذلك، فقد يبقى المشهد السياسي الأردني رهين الشخصيات المستقلة والعشائرية، ما يضعف من فرص تطور الحياة الحزبية في البلاد.
اخيرا: تأتي انتخابات 2024 لتضع الأحزاب السياسية في الأردن تحت المجهر، مما يجعلها لحظة حاسمة لاختبار قدرتها على تقديم حلول واقعية لتحديات البلاد وتلبية تطلعات المواطنين. نجاح الأحزاب في هذه الانتخابات سيكون بمثابة تعزيز لثقة الشعب في النظام الديمقراطي وتشجيعًا على الانخراط بشكل أوسع في الحياة السياسية. أما في حال إخفاقها، فسيظل التساؤل قائمًا حول دور الأحزاب وجدواها، مما قد يُبقي حالة الشك والتردد حول فعاليتها في قيادة التغيير والتطوير السياسي في الأردن.

MENAFN04092024000072011014ID1108638415


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية