Tuesday, 03 September 2024 07:24 GMT



انخفاض التضخم وتراجع احتمالات الركود.. ما السبب وراء هذا التحسن؟

(MENAFN- Al-Borsa News) قبل فترة وجيزة، كانت البنوك المركزية حول العالم ترفع أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة، لكن الوضع تغير الآن.

ففي يونيو الماضي، خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة لأول مرة منذ جائحة كوفيد-19، ثم صوت صُناع السياسات في بنك إنجلترا في يوليو على خفض الفائدة.

موضوعات متعلقة أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تبدأ إنتاج البنزين الصين تدعم رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين العام المقبل 3.5 مليار دولار صفقات متوقعة خلال قمة“إندونيسيا-أفريقيا” فى بالى

كما انضمت بنوك مركزية أخرى، من كندا وتشيلي و الدنمارك، إلى هذا الاتجاه.

ومن المتوقع أن تتبع الولايات المتحدة نهجًا مماثلاً قريبًا، إذ أشار جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في 23 أغسطس إلى أن“الوقت قد حان لتعديل السياسات”.

ومع بدء البنوك المركزية في تخفيف سياساتها النقدية، تتزايد الآمال في تحقيق“هبوط سلس” للاقتصاد.

يتمثل هذا الهبوط السلس في تحقيق هدفين رئيسيين، وهما خفض معدل التضخم إلى 2% وتجنب الركود، حسب ما أوردته مجلة“ذا إيكونوميست” البريطانية.

وكان العديد من الاقتصاديين يعتقدون في السابق أن الجمع بين هذين الهدفين يعد مهمة مستحيلة، إذ أظهرت التجارب السابقة أن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة غالبًا ما يؤدي إلى مشكلات اقتصادية، حيث يواجه الأفراد صعوبة في سداد ديونهم وتجد الشركات صعوبة في الاقتراض لتمويل استثماراتها.

وقد أدى أكبر تشديد نقدي عالمي منسق، والذي بدأ في أواخر السبعينيات، إلى ركود كبير في أوائل الثمانينيات.

ومنذ أواخر عام 2021 وحتى أوائل عام 2024، ارتفع متوسط سعر الفائدة في الدول الغنية بنحو خمس نقاط مئوية، وهو ما يعتبر واحدًا من أسرع الزيادات المسجلة في التاريخ.

ساعدت تكاليف الاقتراض المرتفعة في كبح التضخم، ففي منتصف عام 2022، بلغ معدل نمو الأسعار للمستهلكين 9.5% سنويًا في الدولة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ومع حلول الربع الثاني من هذا العام، انخفض التضخم إلى 2.7% واستمر في التراجع منذ ذلك الحين.

وفي العديد من الدول الغنية، أصبحت معدلات التضخم قريبة من المعدل المستهدف أو حتى أقل منه.

فعلى سبيل المثال، بلغ التضخم في إيطاليا 1.6% فقط في يوليو، بينما سجل 2.5% في كندا خلال نفس الشهر.

ولا توجد مؤشرات على عودة ارتفاع الأسعار مرة أخرى، مما أعطى البنوك المركزية ثقة في مواصلة تخفيف السياسات النقدية.

وفي مجموعة الدول العشر الكبرى، تنمو الأجور الاسمية بنسبة 4% سنويًا، وهو مستوى أعلى قليلاً مما كان عليه قبل الجائحة.

ورغم أن هذا النمو لا يزال مرتفعًا بالنسبة للتضخم المستهدف، إلا أن معدل نمو الأجور في تراجع ومن المحتمل أن يستمر في الانخفاض.

ومع انخفاض التضخم، ظل معدل النمو الاقتصادي مستقرًا بشكل مفاجئ، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السنوي المجمع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 1.8% في الربع الثاني من هذا العام، وهو أسرع معدل منذ انتهاء عمليات الإغلاق.

وفي الواقع، شهدت نصف الدول الأعضاء في المنظمة، بما في ذلك بريطانيا ونيوزيلندا والسويد، تراجعًا في ناتجها المحلي الإجمالي لربعين متتاليين خلال العامين الماضيين، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة في أوائل 2022.

ورغم أن الانخفاضات المتتالية في الدخل القومي يعد ركودًا تقنيًا، فإن الركود الحقيقي، كما يصفه الاقتصاديون، يشبه المواد غير اللائقة التي يمكن التعرف عليها فورًا، حيث يفقد ملايين المواطنين وظائفهم، وتنهار أرباح الشركات وتغلق الشركات أبوابها، لكن لم يحدث أي من هذه الأمور حتى الآن.

لا يزال معدل البطالة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يقدر بحوالي 5%، وقد ارتفع بشكل طفيف مقارنة ببداية العام، لكن هذا لا يشكل سببًا للقلق.

إضافة إلى ذلك، يظل نمو الوظائف في العالم الغني قويًا إلى حد معقول، حيث يعد عدد الوظائف الشاغرة في العديد من الدول، بما فيها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أعلى من مستواه المعتاد قبل الجائحة، مما يدل على استمرار ارتفاع الطلب على العمالة، وهذا الوضع أدى إلى استقطاب أفراد كانوا في السابق على الهامش الاقتصادي إلى سوق العمل بحثًا عن فرص عمل جديدة.

ونتيجة لذلك، بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة في سن العمل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أعلى مستوى له على الإطلاق.

وعلى المدى القصير، قد يؤدي تدفق الباحثين عن العمل إلى ارتفاع معدل البطالة.

هامش إضافي

من ناحية أخرى، تبدو الشركات في وضع جيد، ففي حالة الركود الطبيعي، تنخفض أرباح الشركات بشكل حاد مع تراجع أعداد العملاء واضطرار الشركات إلى تقديم تخفيضات كبيرة.

لكن في الربع الثاني من عام 2024، ارتفعت أرباح الشركات العالمية بأكثر من 10% سنويًا، وفقًا لبنك“دويتشه بنك”، وهو أعلى زيادة في غضون عامين.

وعلى الرغم من أن الثقة في قطاع الأعمال في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تزال منخفضة، إلا أنها أفضل مما كانت عليه في العام الماضي.

كما أبدى البعض قلقهم إزاء ارتفاع معدل إفلاس الشركات منذ 2020-2021، لكن هذا الاتجاه يعكس العودة إلى الوضع الطبيعي بعد فترة من الانخفاض غير المعتاد في معدلات الإفلاس خلال الجائحة، عندما جعلت البرامج الحكومية المتعددة من الصعب على الشركات إعلان إفلاسها.

ومع ذلك، تبقى حالات إفلاس الشركات منخفضة نسبيًا مقارنة بالمعايير التاريخية.

كيف حقق العالم الغني هذا الإنجاز؟

هناك احتمال يتلخص في أن الاقتصادات الحديثة أصبحت أقل حساسية لتغيرات أسعار الفائدة، نتيجة لانخفاض الصناعات كثيفة رأس المال مثل بناء المنازل والتصنيع، والتي تتطلب من الشركات اقتراض مبالغ كبيرة للاستثمار.

كما أن سلوك المقترضين قد تغير، فقد لجأ حاملو الرهون العقارية في العالم الغني إلى المنتجات ذات الفائدة الثابتة خلال الأعوام التي اتسمت بانخفاض أسعار الفائدة، وهذا حماهم من الزيادات الحالية في الفائدة المرتفعة حاليًا.

ومع ذلك، فإن هذا الأمر تركهم في وضع غريب حيث أصبحت أسعار الفائدة المرتفعة مفيدة لهم، لأنهم يستفيدون من العوائد الأفضل على مدخراتهم دون أن يدفعوا المزيد لخدمة ديونهم.

وتشير التقديرات إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة في الاتحاد الأوروبي عززت دخل الأسر من حسابات الإدخار بنسبة 40% أكثر من زيادة مدفوعاتهم الديونية، ووجدت نتائج مماثلة في البلدان الغنية الأخرى.

في الوقت نفسه، تلعب السياسة المالية دورًا مهمًا أيضًا، فقد قدمت حكومات الدول الغنية مبالغ ضخمة من التحفيز خلال عامي 2020-2021.

وهذه المدخرات الضخمة التي جمعتها الشركات والأسر خلال هذه الأعوام ساعدت في التخفيف من حدة آثار ارتفاع أسعار الفائدة.

كما استمر الساسة في السخاء المالي، وبالتالي ستسجل حكومات الدول الغنية عجزًا قدره 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

أما الولايات المتحدة، فتسجل عجزًا بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل إدارة اقتصادية غريبة في وقت يتسم بانخفاض معدلات البطالة للغاية.

لكن هذا النهج ساعد في توجيه الأموال نحو الاقتصاد الحقيقي، حتى مع تشديد البنوك المركزية للأوضاع المالية.

ربما يكون الاقتصاد على وشك التحول الآن، فقد أشار باول إلى أن مخاوفه بشأن ضعف الاقتصاد دفعته إلى الإشارة إلى خفض الفائدة، مؤكدًا هو وزملاؤه في بنك الاحتياطي الفيدرالي أنهم“لا يسعون أو يرحبون بمزيد من التباطؤ في ظروف سوق العمل”.

ومع ذلك، ليس هناك مؤشرات كثيرة على أن الاقتصاد على وشك الدخول في مرحلة اضطراب، فما زال الإنفاق باستخدام بطاقات الائتمان قويًا.

كما أن مقياس النشاط الاقتصادي عالي التردد عبر الدول الغنية، والذي أصدرته مؤسسة“جولدمان ساكس”، يظهر استقرارًا ملحوظًا.

ويشير مقياس رئيسي آخر يصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ينمو بمعدل سنوي قدره 2%.

وحتى إذا كانت تقديراتهم لحالة الاقتصاد غير صحيحة، فقد يكون من الصواب أن يرغب صُناع السياسات النقدية في خفض أسعار الفائدة، فقد تكون تكاليف الاقتراض عند مستوياتها الحالية مرتفعة بشكل غير ضروري، مما يضغط بشكل كبير على النشاط الاقتصادي والتضخم.

وربما يضطر صُناع السياسات إلى زيادة وتيرة الخفض إذا ظهرت أدلة تشير إلى تباطؤ اقتصادي حقيقي.

ولا يزال من المبكر الاحتفال بالهبوط السلس، خاصة مع استمرار السياسة المالية التي تتسم بالسخاء، لكن مدرج الهبوط أصبح الآن في مرمى البصر.

MENAFN02092024000202011048ID1108627752


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار