Wednesday, 28 August 2024 04:36 GMT



تضخم البيروقراطية يهدد بضياع مزيد من الفرص الاقتصادية

(MENAFN- Alghad Newspaper) عبدالرحمن الخوالدة عمان- في ظل تغلغل مظاهر البيروقراطية في مفاصل القطاعين العام والخاص في الأردن، يؤكد خبراء أن هذه الظاهرة باتت تهدر كثيرا من الفرص المتاحة أمام الاقتصاد الوطني، لا سيما في القطاعات الإنتاجية (الصناعة، الزراعة) وقطاعي الاستثمار والتجارة.
وثمة أسباب أشار إليها الخبراء أسهمت إلى حد كبير في تضخم حجم البيروقراطية محليا، من بينها تركز المسؤوليات في المستويات الإدارية العليا في القطاع العام على حساب تهميش دور صغار الإداريين إضافة إلى التأخر في معالجة الكثير من القوانين والتشريعات السائدة في المؤسسات الحكومية، وترهل القطاع العام وتقادم أدوات إدارته.
ويعتقد الخبراء أن البيروقراطية هي واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد الأردني فيما يشير هذا المصطلح إلى حالة الترهل الإداري وضعف أداء القطاع العام، والتمسك الحرفي باللوائح والنصوص والتردد في اتخاذ القرارات، علما بأن مفهومها الحقيقي كان يشير سابقا إلى الأنظمة والأساليب المتبعة من قبل المؤسسات الكبيرة والحكومات لتنفيذ أعمالها لكنه تحول مع إساءة استخدامه.
وأجمع خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"الغد" على أن منسوب البيروقراطية في الأردن تنامى خلال السنوات الأخيرة بصورة كبيرة ومقلقة للغاية، وأنها باتت متجذرة بشكل يصعب إمكانية التغلب عليها سريعا، لافتين إلى أن انتشارها لا يقتصر على القطاع العام إنما بات منتشرا أيضا في القطاع الخاص أيضا.
وطالب الخبراء، بأهمية الإسراع في إنجاز مشروع الحكومة الرقمية والتحول إلى رقمنة الخدمات والاجراءات الحكومية، إضافة إلى ضرورة تغيير النموذج الإداري المطبق محليا نحو نماذج إدارية عصرية تشاركية.
ويضاف إلى ذلك أهمية تسريع خطوات العمل في خطة تحديث القطاع العام، إلى جانب رفع سوية العاملين في القطاع الحكومي من خلال إشراكهم في دورات تدريبية تواكب تطور بيئات العمل عالميا، علاوة على أهمية تطبيق أعلى معايير الكفاءة في اقتناء الموظفين في القطاع الحكومي.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة أطلقت خلال عام 2022 رؤية لتحديث القطاع العام وهي تهدف، بحسب الحكومة، إلى بناء قطاع عام ممكن ويعيد الألق والتميز للإدارة العامة، إضافة إلى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الإدارة العامة.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري: "إن منسوب البيروقراطية في الأردن تزايد بصورة كبيرة ومقلقة خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت اليوم أحد الظواهر السلبية المعيقة للاقتصاد الوطني"مؤكدا أن تجذرها محليا يصعب من إمكانية محوها والتغلب عليها بسهولة.
وأضاف الحموري "تفشي البيروقراطية محليا يعود بشكل أساسي إلى ترهل القطاع العام، وتقادم أدوات إدارته وتركيز المسؤوليات في المستويات الإدارية العليا، مما يجعل هاجس المسؤولية والخوف منها موجود لدى الموظفين في مستويات الإدارة الوسطى والدنيا والتردد في اتخاذ القرارات، وانتظار الحصول على موافقة الإدارات العليا".
وأكد الحموري أن قطاعات الاستثمار والصناعة والتجارة هي الأكثر تأثرا بالبيروقراطية من غيرها من القطاعات الاقتصادية، إذ يصطدم المستثمرون دائما بالمدة الطويلة للإتمام الإجراءات اللازمة لبدء استثمارتهم، مما يدفع البعض منهم في كثير من الأحيان إلى العدول عن قراره الاستثماري في الأردن، إضافة إلى مواجهة القطاعين الصناعي والتجاري للبيروقراطية في إنجاز معاملاتهم الخدمية (شهادات منشأ، رخص ممارسة للأنشطة) التي تقدمها الدوائر الحكومية والبلدية، فضلا عن مواجهة هذين القطاعين من تعدد الجهات الرقابية والإشرافية واختلاف المعايير والشروط فيما بينهم (المواصفات والمقاييس، الغذاء والدواء، الصحة البلدية ..الخ).
وبهدف التغلب على البيروقراطية والحد من انتشارها محليا وحماية القطاعات الاقتصادية من التأثر بها، دعا الحموري إلى ضرورة الإسراع في إنجاز الحكومة الرقمية، إضافة إلى التوسع في برامج اتمتة ورقمنة الخدمات، إضافة إلى الارتقاء بمستوى مهارات الموظفين، فضلا عن تفعيل آليات رقابية وتقييمية داخل المؤسسات والدوائر المختلفة.
ويذكر أن إجمالي الخدمات التي رقمنتها الحكومة حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي بلغ نحو 1273 خدمة، وهو ما يشكل ما نسبته 53 % من إجمالي الخدمات الحكومية، إذ تنفذ الحكومة برنامجا لتحول رقمي يهدف إلى تحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية بالكامل مع نهاية عام 2025.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي مفلح عقل أن البيروقراطية تسببت خلال السنوات الماضية في إهدار الكثير من الفرص المتاحة للاقتصاد الأردني، لا سيما في قطاع الاستثمارات الذي بات الأكثر معاناة بسبب هذه الظاهرة.
وأوضح أن القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة) هي الأخرى ضعفت كفائتها بسبب إهدار فرص متاحة عديدة نتيجة اصطدامها في جدار البيروقراطية.
وتابع عقل "تهميش دور صغار الإداريين في القطاع العام والتأخر في معالجة الكثير من القوانين والتشريعات السائدة في المؤسسات الحكومية، ساهم بشكل لا لبس فيه في تعميق ظاهرة البيروقراطية".
ولفت عقل إلى أن انتشار البيروقراطية محليا، لم يعد يقتصر على القطاع العام، إنما بات يشمل القطاع الخاص بنسق واضح، ما يؤكد أن الخلل امتد إلى منظومة الإدارة على المستوى الوطني.
ومن أجل معالجة ظاهرة البيرقراطية في المملكة، شدد عقل على أهمية رفع سوية العاملين في القطاع الحكومي من خلال إشراكهم في دورات تدريبية تواكب تطور بيئة العمل عالميا، إضافة إلى ضرورة تغيير النموذج الإداري المطبق محليا نحو نماذج إدارية عصرية تشاركية، علاوة على أهمية التحول الكلي إلى رقمنة الخدمات واستغلال توفر الأردن على بنية تحتية جيدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إلى ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن حجم سيطرة البيروقراطية على أداء القطاع العام تعد أحد أبرز الميعقات التي تواجه الاقتصاد الوطني وتقدمه.
وأكد أن انتشارها أثر سلبا على نمو الاقتصاد الوطني وتحسن مؤشراته، فيما شدد على أنه لا يمكن تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي ما لم يتم إصلاح الإدارة العامة، والقضاء التام على أشكال البيروقراطية كافة التي تعد مظهرا من مظاهر الترهل الإداري.
وقال زوانة "مستوى الإدارة العامة في الأردن كان مضرب مثل في المنطقة ولعب دورا مهما في نهضة الاقتصاد الوطني خلال العقود السابقة، إلا أنه في السنوات الاخير تعرض إلى حالة من التهميش والتراجع، الأمر الذي نجم عنه تنام واضح للبيروقراطية (العدو الحقيقي لاقتصاد أي دولة)".
ولفت إلى أن البيروقراطية تؤثر أيضا على قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة في ممارسة أنشطتها الاقتصادية عدا عن قابلية المستثمرين في الاستثمار في هذا البلد من عدمه.
ودعا زوانة إلى أهمية تطبيق مجموعة من الحلول الممكنة لمجابهة ظاهرة البيروقراطية، وهي تسريع خطوات العمل في خطة تحديث القطاع العام، إضافة إلى أهمية تطبيق أعلى معايير الكفاءة في اختيار الموظفين في القطاع الحكومي، إلى جانب التحول الكامل إلى رقمنة الخدمات والإجراءات الحكومية".

MENAFN27082024000072011014ID1108608676


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية