Thursday, 18 July 2024 11:38 GMT



هل تنسجم الإجراءات الحكومية مع دراسات اللاجئين؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) سماح بيبرس عمان – تتعدد الدراسات والأبحاث والمسوحات المتعلقة باللاجئين وانعكاس لجوئهم على الدول التي استضافتهم ومنها الأردن، وبالرغم من هذا التعدد والتنوّع إلّا أنّ معظم نتائج هذه الدراسات لا تنعكس على أرض الواقع، حيث إنها- بحسب خبراء ومتابعين – باتت حبراً على ورق.
ويوضح هؤلاء أنّ هذه الدراسات -وبغض النظر عن الجهات التي تقوم بتنفيذها سواء حكومية أو مؤسسات مجتمع مدني أو ممولين ومؤسسات دوليّة-، تحدد المشكلات المتعلقة باللاجئين وانعكاس استضافتهم على الدول المضيفة وتقوم بتشخيصها ووضع توصيات لعلاجها، إلّا أنّ السياسات والإجراءات التي تتخذ من الحكومات المختلفة لا تنسجم مع نتائج هذه الدراسات وتوصياتها.
وإضافة إلى ما سبق، -يرى الخبراء أنّ هذه الدراسات لم تؤد إلى تأمين التمويل اللازم للاجئين والدول المستضيفة، لا بل على العكس فقد تزامن تنفيذ هذه الدرسات مع تراجع التمويل الموجه للجوء.
ويمثّل اللاجئون في الأردن أكثر من ثلث السكان البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة، وتعترف المفوضية السامية للأمم المتحدة بالمسجلين لديها حيث تقدر عددهم بـ 712,878 لاجئا، من بينهم 638,760 لاجئاً سورياً و74,118 لاجئاً من جنسيات أخرى، ويعيش أكثر من 82.1 % من هؤلاء اللاجئين في المناطق الحضرية وشبه الحضرية.
وكانت تقارير عدة لمؤسسات دولية قد أكدت على العبء الكبير الذي يشكله اللجوء على الاقتصاد الأردني، من بينها تقرير المراجعة لعملياته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية للعام الماضي لبرنامج الأغذية العالمي الذي أكد على أنّ "الأردن يكافح من أجل تحسين أدائه الاقتصادي الضعيف، المتأثر بالأزمة السورية، والتي باتت تفرض ضغوطا إضافية على سوق العمل المحدود والرعاية الاجتماعية والموارد الطبيعية".
وذكر أنّ "النقص الحاد غير المسبوق في التمويل، بات يجبر البرنامج على تقليص مساعداته الغذائية الشهرية بشكل كبير لـ465 ألف لاجئ، غالبيتهم من السوريين".
وبحسب وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر المدادحة أنّ مثل هذه الدراسات تتنوع وتتعدد بحسب الأهميّة والغاية التي نفذت لأجلها وبحسب الجهات الممولة لها، فهناك اعتبارات عدّة لعمل هذه الدراسات التي يحاول معظمها الإجابة عن تساؤلات تتعلق بمشكلات اللاجئين أو تبعات هذا اللجوء على الأردن.
وتابع: إلّا أنّ هذه الدراسات ليست بذات أهميّة اليوم ما دامت لم تؤد إلى حل المشكلات التي نفذت لدراستها، وهذا الحل لا يكون إلّا عبر توفير التمويل اللازم الموجه للاجئين أو للمملكة التي تستضيفهم وتتحمل تبعات اقتصادية واجتماعية وأمنية جراء تلك الاستضافة.
وأكد المدادحة على أنّ هذه الدراسات إذا لم تساعد بتأمين التمويل اللازم لتلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المستضيفة التي تعاني أصلا من مشكلات اقتصادية فإنّها لن تكون مهمة ومجرد حبر على ورق.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك د. قاسم الحموري قال، إنه بالرغم من الدراسات العديدة التي أجريت وتجري حول اللاجئين في الأردن وانعكاسات استضافتهم، إلّا أنّ هناك "انفصالا" ما بين نتائج هذه الدراسات وتوصياتها وبين القرارات والسياسات المتخذة للتعامل مع اللاجئين، فكثير من نتائج هذه الدراسات لم تنعكس على أرض الواقع.
وأضاف أنّ هناك دراسات تناولت تأثير اللجوء على سوق العمل، وتغلغل اللاجئين في المجتمعات المحلية خارج المخيمات، وقد خرجت هذه الدراسات بتوصيات عديدة لحل مشكلات متعلقة باللاجئين أنفسهم وبالمجتمعات المستضيفة، إلّا أن السياسات والقرارات التي اتخذت لم تكن منسجمة مع هذه النتائج.
كما أن هذه الدراسات وفقاً للحموري لم تنعكس على حجم التمويل الموجه للاجئين أو للأردن، فبالرغم من أنّ معظم هذه الدراسات تؤكد على ضرورة توفير التمويل اللازم إلّا أنّ التمويل الموجه ما يزال ضعيفا لا بل وفي تراجع مستمر.
ويشار هنا إلى أنّ "إستراتيجية الاستجابة للاجئين والقدرة على الصمود 2025/2024" الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين كانت قد أكدت على أنّ الاردن أظهر ضيافة استثنائية باستضافة اللاجئين السوريين منذ عام 2016، وأنّه وعلى الرغم من الضغط الحاصل على موارده الخاصة، إلّا أنّه أعطى أولوية لإدماج اللاجئين، وتوفير الخدمات المختلفة لهم.
وقالت إنّ الأردن هو ثاني أعلى بلد مضيفا للاجئين من حيث نصيب الفرد، على الرغم من عدم توقيعه على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، إلا أن الأردن لديه تاريخ طويل في استضافة اللاجئين وحمايتهم، مؤكدة على أنّ "هذه الجهود تجسد التزام الأردن بدعم حقوق الإنسان الأساسية للاجئين".
وأضافت أنّه بعد مرور 13 عاماً على الأزمة السورية، تجاوز الأردن حالة الطوارئ الإنسانية الأولية، إلّا أنّه ومع ذلك، ما تزال هناك احتياجات كبيرة للاجئين السوريين، بما في ذلك الوصول إلى المأوى والنظم الغذائية المتوازنة والسلامة.
وأشارت إلى أن النمو السكاني، الذي يتفاقم بسبب الظروف الاقتصادية البطيئة، وعدم الاستقرار الإقليمي، والاضطرابات التجارية، باتت تحديات باستيعاب اللاجئين ضمن أنظمة الرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل، ولمواجهة هذه التحديات المستمرة، يعمل الأردن بالتعاون الوثيق مع شركاء الخطة الإقليمية 3RP لتنفيذ نهج موجه نحو الحلول يتماشى مع أهداف التنمية الأوسع.
وأكد التقرير أنّ اللاجئين السوريين يواجهون نقاط ضعف متزايدة، جراء محدودية فرص كسب العيش وعدم كفاية فرص الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والسكن.
وتؤدي محدودية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية إلى تفاقم التحديات التي تواجهها هذه الفئات الضعيفة، مع الإشارة إلى أنّ "الوضع مأساوي بشكل خاص بالنسبة للفئات الضعيفة، بما في ذلك الأطفال والنساء اللاجئين".
ويواجه الأطفال والنساء اللاجئون نقاط ضعف متزايدة، حيث تشير الأرقام المثيرة للقلق إلى زيادة معدلات عمالة الأطفال والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وما يزال الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية محدودا.
وأشار التقرير إلى أنّ نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية صارخة، حيث يؤدي انخفاض المساعدات إلى ارتفاع مستويات الديون وتصاعد معدلات الفقر.
أما وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فقد أكدت مؤخراً أنّ هناك حاجة ماسة إلى تمويل فوري ومستدام لمواصلة تقديم الخدمات الأساسية في الأردن، وصيانة المباني المدرسية.
وأكدت في تقرير حديث عن عملياتها في الأردن والمنطقة على أنّه وبالرغم من الاستقرار السياسي العام في الأردن، إلّا أنّ اللاجئين الفلسطينيين يواجهون تدهورا في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا وأن أكثر من ثلث الأردنيين حاليًا يعيشون تحت خط الفقر، أي بزيادة قدرها 11 % عن عام 2022، مشيرا إلى أن اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية يعتبرون أحد المجتمعات الأكثر ضعفا في الأردن.
كما كان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن قبل أيام عن "اضطراره" لتعليق المساعدات الغذائية لـ 100 ألف لاجئ سوري (16,650 أسرة) يقيمون في المجتمعات المحلية ابتداء من تموز "يوليو" الحالي جراء "النقص الحاد في التمويل".
وكشف البرنامج في تقرير صدر مؤخراً أنّه يواجه نقصًا في التمويل في إطار محفظة التغذية المدرسية الخاصة به، الأمر الذي سيحد من قدرته على الوصول إلى الطلاب الضعفاء في المجتمعات المحلية في المملكة.
وأكد البرنامج أنه يحتاج لــ 1.3 مليون دولار للفصل الدراسي الأول (أيلول "سبتمبر" 2024 - كانون الثاني "يناير" 2025) لمواصلة تقديم وجبات صحية وألواح التمر للطلاب الضعفاء في المخيمات والمجتمعات.
يأتي هذا في الوقت الذي أشار فيه البرنامج إلى أنّ رصد نتائج الأمن الغذائي للربع الثاني من العام الحالي، توصل إلى أنّه وبعد مرور عام على تخفيض مساعدات البرنامج التي كانت قد بدأت تموز"يوليو" من العام الماضي، ارتفع انعدام الأمن الغذائي بشكل عام من 70 % إلى 92 % بين المستفيدين من المجتمعات المضيفة.
وفي المخيمات، يعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 14 % من انعدام الأمن الغذائي الشديد، مقارنة
بـ 0 % في نفس الوقت من العام الماضي.
ويلجأ اللاجئون في المجتمعات والمخيمات إلى إستراتيجيات التكيف الضارة ذات الآثار الطويلة الأجل حيث تضاعف انسحاب الأطفال من المدارس، وزاد الزواج المبكر بمقدار ستة أضعاف.
وقال التقرير إنّه وخلال حزيران "يونيو" الماضي، واصل برنامج الأغذية العالمي تقديم المساعدات الغذائية الشهرية لحوالي 410 آلاف لاجئ من الفئات الضعيفة في المخيمات والمجتمعات المضيفة بقيمة تحويل مخفضة قدرها 15 دينارًا (21 دولارًا) للشخص الواحد شهريًا.
وكان البرنامج قد بدأ بتخفيض هذه المساعدات ابتداء من تموز "يوليو" من العام الماضي، حيث خفضها من 23 دينارا شهرياً (32 دولارًا) إلى 15 دينارا.
وأكد أنّه واعتبارًا من الشهر الجاري، "وجراء النقص الحاد في التمويل، سيضطر البرنامج لتعليق مساعداته الغذائية لـ 100 ألف لاجئ سوري (16,650 أسرة) يقيمون في المجتمعات المحلية".

MENAFN17072024000072011014ID1108452898


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.