Monday, 01 July 2024 09:27 GMT



رغم تهديدها إسرائيل.. إيران في موقف انتظار

(MENAFN- Alghad Newspaper) هآرتس
تسفي برئيل 30/6/2024

التهديد الذي نشرته البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على حسابها في شبكة "إكس" يوم الجمعة الماضي، تمت صياغته بعناية كبيرة. "ايران ترى في دعاية النظام الصهيوني عن نيته مهاجمة لبنان حرب نفسية، لكن إذا شن هجوم عسكري شامل، فإن النتيجة ستكون حربا مدمرة. جميع الخيارات، بما في ذلك تدخل جميع جبهات المقاومة، ستكون موضوعة على الطاولة".
صائغو التهديد كانوا حذرين من الإعلان بأن إيران نفسها ستشارك في مثل هذه الحرب، لكنهم أشاروا الى أن التطور المهدد أكثر هو تدخل كل وكلاء إيران في المعركة. معنى الرسالة الذي يتضح من التهديد هو زيادة هجمات المليشيات الشيعية على إسرائيل وأهداف أميركية إذا كانت الولايات المتحدة متورطة في الحرب، وتوسيع حجم الهجمات من قبل الحوثيين، وبالطبع هجوم شامل من قبل حزب الله على إسرائيل.
يطرح سؤال هل إيران نفسها في الحقيقة ستشارك في الهجمات بشكل مباشر؟ في الحقيقة "كل الخيارات مطروحة"، لكن بيان إيران يخلو من إعلان صريح كهذا. حتى الآن إيران ما تزال تتعامل مع تهديدات إسرائيل ومع التهديدات الأميركية على أنها "حرب نفسية"، بما في ذلك التي تم نقلها إليها وإلى لبنان في قنوات دبلوماسية أميركية وأوروبية. من ناحية إيران، فإن الحديث ما يزال يدور عن ضغط سياسي هدفه أن يفرض على حزب الله وقف إطلاق النار حتى لو لم يتحقق الشرط الأساسي للمنظمة، وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
التشدد في تصريح إيران يكمن في الأساس بأنها تتحمل المسؤولية العلنية عن قدرتها على تشغيل جميع جبهات المقاومة. حتى الآن إيران تبنت "موقف المراقب عن كثب"، الذي طرحت فيه نفسها كمن لا تبادر أبدا أو تشغل أو تنسق نشاطات الحوثيين في اليمين والمليشيات الشيعية في العراق أو حزب الله نفسه، في إطار "وحدة الساحات". إيران ردت بشكل مباشر فقط عندما تمت مهاجمتها كما حدث في شهر نيسان (أبريل)، بعد تصفية إسرائيل لرضا محمد زاهدي. اغتيال قائد قوة القدس للبنان وسورية بواسطة تفجير مبنى قرب القنصلية الإيرانية في دمشق تم تنفيذه في المكان الذي تعتبره إيران منطقة توجد تحت سيادتها. إيران أكدت دائما أن "كل جبهة مقاومة" إقليمية تعمل بشكل مستقل وفقا للظروف والمصالح لكل دولة من الدول التي تعمل فيها.
الأكثر أهمية هو أنه أمام تهديد إسرائيل بشن حرب ضد لبنان، وليس فقط ضد حزب الله، فإن إيران تلعب دور الدولة العظمى الإقليمية، وتهدد ليس فقط إسرائيل، بل أيضا الدولة العظمى العدوة، الولايات المتحدة، إذا انضمت للحرب بأي شكل من الأشكال. من خلال اتخاذ الموقف، فإن إيران تحدد بشكل جديد دورها. فهي ليست فقط تحارب من أجل الفلسطينيين أو من أجل وقف إطلاق النار في غزة، بل هي تهدد أيضا بتفعيل "وحدة الساحات"، من أجل لبنان اذا اندلعت الحرب. هذا الموقف يستهدف أيضا إيقاظ الدول العربية من اللامبالاة الواضحة إزاء مهاجمة دولة شقيقة.
لكن الى حين الحدوث، هذا إذا حدث تطور جديد على الأرض، فإن مفهوم "الحرب النفسية" ما يزال ساري المفعول – ليس فقط حسب تفسير إيران. هذا المفهوم استخدمه أيضا رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، عندما زار أول من أمس، قيادة قطاع جنوب الليطاني التابع للجيش اللبناني في مدينة صور. "التهديد الذي نشاهده الآن هو نوع من الحرب النفسية"، قال أثناء زيارته. وقال شيئا آخر مهم بدرجة لا تقل عن ذلك: "نحن جئنا إلى هنا (إلى جنوب لبنان)، من أجل معرفة كيف تسير الامتحانات النهائية الرسمية. الحقيقة المفهومة ضمنيا هي أنه لو أن الجيش لم يكن منتشرا في جنوب لبنان لما كان يمكن إجراء الامتحانات. نحن نؤكد مرة أخرى في كل مكان بأن الجيش هو الركيزة والسور الواقي للشعب، بكل معنى الكلمة". ميقاتي قال: "إن الجيش وليس حزب الله، هو السور الواقي للدولة. هذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها انتقاد علني لسلوك حزب الله بهدف سحب الشرعية منه التي ينسبها حسن نصر الله للمواجهة مع إسرائيل، وكأن الأمر يتعلق بحرب دفاعية عن لبنان".
على أي حال "الحرب النفسية" هي في هذه الأثناء افتراض، ليس فقط لإيران، بل أيضا للبنان. ربما هي تستند إلى إحاطات حصل عليها ميقاتي مؤخرا من جهات أميركية وفرنسية، التي ما تزال تعتقد أنه رغم تصعيد خطاب التهديد إلا أن جميع الأطراف، إسرائيل وحزب الله وإيران، ما يزالون غير موجودين في مرحلة فيها هم مستعدون أو يريدون اندلاع حرب شاملة.
المصادر السياسية التي تحدثت مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، نشرت هي أيضا أنه "في المنطقة نفسها حتى الآن لا تظهر علامات على أن الطرفين قد وصلا إلى مرحلة الاستعداد العليا، وهذه حقيقة غابت عن الأنظار بسبب التهديدات اللفظية العالية فيما بينهم". هذه التهديدات، حسب تقدير هذه المصادر، استهدفت تمهيد الأرض قبيل المفاوضات السياسية بين إسرائيل ولبنان، التي يتوقع أن تبدأ فورا بعد دخول وقف إطلاق النار في غزة إلى حيز التنفيذ، "بهدف تحسين شروط المفاوضات لكل طرف من الأطراف عندما سيبدأ الوسيط الأميركي نشاطاته في اليوم التالي". حسب هذه المصادر، فإن حزب الله سبق وأبلغ قوة الأمم المتحدة "اليونفيل" في لبنان، بأنه في شهر آب (أغسطس)، يتوقع اتخاذ قرار حول تمديد الانتداب لنشاطاتها في لبنان، وأنه لا ينوي توسيع المعركة. حسب رؤيته، فإنه في هذه الحرب حزب الله حقق معظم أهدافه، العلنية وغير العلنية. فقد أظهر شراكته الكاملة في "وحدة الساحات" من أجل نضال الفلسطينيين، حسب تفسير حسن نصر الله. أيضا أشغل الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية وبذلك قيد قدرته على العمل في غزة بشكل كامل، وتسبب في إخلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من بيوتهم. كل ذلك، حسب معادلة حزب الله، حول الدمار وضحايا حزب الله ولبنان إلى أمور جديرة بالمقارنة مع الإنجازات. لم يكن أي شيء ذهب عبثا.
رغم الانتقاد الشديد لحزب الله من قبل الخصوم السياسيين في لبنان، إلا أنه يستغل المواجهة مع إسرائيل كأداة لزيادة قوته السياسية التي تمكنه من التمسك بـ"الموقف الصلب" في قضية تعيين الرئيس في لبنان. إضافة إلى ذلك، أيضا الخصوم التقليديون مثل وليد جنبلاط، رئيس التيار الدرزي الرئيسي ومن ترأس الحزب التقدمي الاشتراكي، على استعداد للتفاوض مع حسن نصر الله حول تعيين الرئيس. أيضا من الواضح أنه عندما سيحين الوقت لإجراء المفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود البرية، فإن حزب الله هو الذي سيحدد الشروط.
للوهلة الأولى، يبدو أنه سواء حزب الله أو إيران قد استنفدا الحرب، وأن أي دخول إلى حرب أوسع يمكن أن يقضم الإنجازات التي ينسبها حزب الله لنفسه، ولا نريد القول: "إنه سيحطمها من الأساس. ولكن حزب الله وإيران وإسرائيل أيضا مقيدين بالقيد الفولاذي نفسه، الذي قام بصنعه حسن نصر الله، الذي يعطي حماس وإسرائيل الحق في رفض صفقة التبادل، وفي الأصل وقف إطلاق النار في غزة. الآن أيضا يتبين أنه رغم الرؤية التي بحسبها حماس هي منظمة تخضع لإيران وتنسق مع حزب الله، إلا أن الأخير لا يملك أدوات ضغط كهذه، يمكن أن تجعل السنوار يوافق على صفقة تبادل تنقذ لبنان من تهديد الحرب الشاملة، وتنقذ إيران من المخاطرة بفقدان ثرواتها ومن مواجهة مباشرة وخطيرة مع الولايات المتحدة، وتنقذ إسرائيل من حرب لبنان ثالثة.

MENAFN30062024000072011014ID1108391599


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية