حريق المنقف.. والدروس المستفادة

(MENAFN- Al-Anbaa) كارثة حلّت ونزلت على من كان يعتقد أن قدومه لأرض الكويت سيحدث نقلة نوعية في حياتهم، فالفقر كان سيودع، والرخاء سيعم، والفرح سيسود حياتهم، ولكن الأقدار جارية، وحكمة الله بالغة، والمكتوب سيحل على المكتوب عليه.
بالتماس كهربائي، كما أعلنت قوة الإطفاء العام، راح ضحيته العشرات حرقا واختناقا، بفاجعة سمع بها القريب والغريب، والقاصي والداني، تناقلت وسائل الإعلام ما حصل، ورأى الناس ما حدث، فأصوات المتألمين كانت مسموعة، وآهات المتوجعين كانت منقولة.
أغلب من مات من الجنسية الهندية، نقلوا بتوابيت لبلادهم، وتم استقبالهم بالدموع، وتلقت الكويت الاتصالات من دول العالم لتعزيتها بهذا المصاب الجلل.
في وقت حدوث الكوارث لا صوت يعلو فوق صوت الفاجعة، فلا المصاب سيسمع ولا الغير سينصت، تعمدت تأخير كتابة المقال حتى تهدأ النفوس، وتستوعب العقول ما أريد قوله، فما سيكتب هو حديث الشارع، وما سأبوح به هنا هو ما يقال بالمجالس العامة والمغلقة.
تجنب الأقدار أمر محال، لكن تجنب وقوع الكارثة أمر ممكن، التركيبة السكانية بالكويت فريدة من نوعها، والانسجام بين فصائل المجتمع لا مثيل له، ويشهد به جميع من يعيش على هذه الأرض.
حديثي ليس عن الجوانب المشرقة بالكويت فهي كثيرة «قد» تعد ولكن ولا تحصى، ولكن أردت أن أعرج على نقاط بشكل سريع لعل وعسى أن يحصل بها النفع، وتعم بها الفائدة.
النقطة الأولى: هي التكدس الكبير للعمالة في مناطق محددة، ولهذا الأمر عدة أسباب أهمها ضعف الرقابة الحقيقية على هذه المواقع، وعدم المتابعة الجادة مع أصحاب الشركات بخصوص توفير حياة كريمة للعمالة التي لديهم.
النقطة الثانية: الرواتب القليلة التي تعطى لفئة كبيرة من العمالة مما يضطرها لأن تتشارك بالسكن، فقد تجد غرفة يسكن فيها العشرات بنظام المناوبات وقد يصل بهم الحال لثلاث مناوبات لنفس الغرفة فيحدد لكل شخص ثماني ساعات يستطيع بها الانتفاع بهذا المكان.
النقطة الثالثة: عدم وجود مدن سكانية للعمال وتكون مخصصة للعمالة العازبة، فالعازب قد يتشارك مع غيره بالسكن من أجل تقليل التكاليف وتوفير ما يمكن توفيره لإرساله لبلده، فحينما توفر له ما يحتاج مع توافر شروط الأمن والسلامة، تكون تجنبت الضرر الذي قد يقع قبل أن يقع.
النقطة الرابعة: الاستماع والإنصات لمشاكل هذه الفئة من المجتمع ومحاولة حل المشاكل التي تعترض سبل العيش الكريم لهم.
النقطة الخامسة: مخالفو الاقامة وهم كثر، فهؤلاء لا سجلات لديهم حتى تتم متابعتهم، ولا رواتب ثابتة عندهم يعيشون منها، ولا تأمين صحيا يتعالجون به عند الضرورة، فهؤلاء قنابل موقوتة موجودة بالقرب منا.
أخيرا: الكارثة قد وقعت وانتقلت بسببها أرواح بريئة كانت تملك أحلاما وآمالا وطموحات، فانتهى الحلم، واندرس الأمل، ووئدت تلك الطموحات بمهدها.
هذه المرة سيتم تدارك الأمر ومعالجته ومحاسبة المقصرين، ونتمنى ألا تقع كارثة أخرى والتي لو وقعت لا يدري أحد كيف سيكون حجمها، فمثل هذه الفواجع لا يعلم حجمها إلا بعد وقوعها.

[email protected]

MENAFN29062024000130011022ID1108389298