(
MENAFN- Alghad Newspaper)
عزيزة علي
صدر بدعم من وزارة الثقافة عن "الآن ناشرون وموزعون" في عمان، كتاب بعنوان "الشهادة والاحتجاج في الرواية - أعمال حسن سامي يوسف أنموذجا"، للباحثة سونا بدير.
تقول سونا بدير: "إنها تناولت في هذه الدراسة روايات لحسن سامي يوسف، بدراسة موضوعية وفنية، وتوزعت الدراسة في ثلاثة فصول، ومقدمة، وخاتمة، وقد بدأ الفصل الأول وعنوانه (حسن سامي يوسف: النشأة، التكوين الثقافي والاجتماعي، مؤلفاته)، باستعراض النشأة والتكوين الثقافي والاجتماعي للروائي، وبيان أثر تجاربه الحياتية على إنتاجه الروائي، وإظهار الملامح العامة للروايات مع بيان أهم ما يميزها، مع توضيح مفهوم الرواية عامة وأقوال النقاد وموقفهم من هذه الروايات".
ويعرض الفصل الثاني وهو بعنوان (القضايا التي عالجتها الروايات) الموضوعات التي عالجتها الروايات، وتم تقسيم الموضوعات إلى موضوعات اجتماعية ووطنية وقومية وفلسفية، مع بيان الترابط بين هذه الموضوعات وتشابكها، فيما يتناول الفصل الثالث (البناء الفني لروايات حسن سامي يوسف) فقد تحدث عن عناصر البناء الفني في الروايات التي تمثلت بـ: بناء الأحداث، وبناء الشخصيات، وبناء الزمان والمكان، وبناء السرد، وبناء الحوار، وبناء اللغة، كما وقف الفصل عند ظواهر فنية خاصة مثل: الرموز، وتداخل الأجناس.
وتوضح بدر، أنها توصلت لجملة من النتائج من خلال هذه الدراسة، من أبرزها: "تأثرت روايات يوسف بنشأته في المخيم، وظهر في أعماله الروائية ملامح اليتم الذي عايشه طفلا، فكانت رواياته نتاج تجربته الحياتية وتكوينه الثقافي الناتج من تعليمه وعمله، وقدم لنا حسن سامي يوسف ست روايات وهي: الفلسطيني (1988)، الزورق (1990)، رسالة إلى فاطمة (1996)، فتاة القمر (1999)، هموم الدراما (2001)، عتبة الألم (2016)، وسيناريو أدبي روائي هو بوابة الجنة (2007)، فتنوع نتاجه الأدبي من حيث الموضوعات والأساليب.
وتؤكد المؤلفة، أن يوسف في هذه الروايات التي صورت مجموعة من القضايا الوطنية والاجتماعية والقومية، عالج الراوي فيها موضوعات حياتية متنوعة مثل اليتم والحب والفقر والوحدة والخيانة والعقم وصورة المرأة والأسرة وغيرها من الهموم الذاتية، كما تناولت الروايات القضايا الوطنية المنبثقة عن الهم الوطني الفلسطيني كقضية اللجوء، والمقاومة، وازدواجية الهوية الفلسطينية، وعكست الروايات صورة العلاقة بين الفلسطيني وأخيه العربي، طارحة مجموعة من القضايا القومية المؤثرة في بناء الشخصية الفلسطينية والعربية، كما عبرت الروايات عن الهم الإنساني الوجودي، فخلقت الروايات عالما فنيا مشاكلا ومشاكسا للواقع.
وترى بدير، أن روايات يوسف تناولت قضايا الذات المتأزمة ضمن انعطافات تاريخية مختلفة، ولذلك نجد تباينا بين أشكال البناء الفني لرواياته؛ تبعا لاختلاف قضاياه وزمن الشخصيات التي يطرحها، فنجدها تتوزع غالبا ما بين البناء الحديث للرواية العربية، والبناء الجديد للرواية العربية بمختلف صوره، وبنية السرد الغنائي تحديدا، حيث استخدم الأسلوب المباشر، وأسلوب تيار الوعي في سرد الأحداث، وإن غلب تيار الوعي على رواياته؛ مما ساعده على توجيه الأحداث وفق أهدافه الموضوعية والفنية؛ وتمكن من تضخيم أزمات الشخصيات الداخلية ومضاعفة توترها وشحنها دراميا.
وتشير الباحثة، إلى أن يوسف استخدم أساليب سردية مختلفة باختلاف طبيعة الرواية ورسالتها، وبما يخدم القضايا المطروحة، ونوع في منظور السرد، فظهر السرد بمنظور ذاتي وموضوعي، والسرد اللولبي والسرد المتعدد، مما أثرى موضوعات الروايات وبناها الفنية، وتناوب السرد والوصف والمشهد وغيرها في عرض الحدث، وتقديم الشخصيات، ولكل أسلوب وظائفه في تشكيل الرواية وتقديمها، وكشفت الروايات التجارب الحياتية والروحية والنفسية للشخصيات.
وتنوه بدير، إلى أن الحوار لعب الدور الأبرز في الكشف عن معالم الشخصيات بمختلف مستوياتها، من خلال الحوار الداخلي والخارجي، فكشف كل نوع من أنواع الحوار زاوية من الشخصية، وتنقل الكاتب بين مستويات اللغة؛ ليقدم لنا رواياته النابضة بالحياة والممثلة لها، فشكلت اللغة هوية الشخصيات، وعبرت عن قضاياهم وهواجسهم، وعكست أفكارهم، مظهرة أثر الثقافة والمجتمع والمستوى الاجتماعي والنفسي في تشكل روح الشخصية ووعاء فكرها اللغوي.
وتشير المؤلفة، إلى أن يوسف استخدم الرمز؛ بما يخدم رؤيته الفنية ويعمقها، فقدم المرأة بصورة تتجاوز صورتها الحقيقية والنمطية؛ فجعلها رمزا للأمان والوطن، وحمل البحر رمزية الموت، وذلك انسجاما مع طبيعة شخصياته الرئيسية، وانبثاقا من رؤاه الوطنية والشخصية التي انطلقت منها الروايات، حيث يلاحظ تداخل الأجناس في روايات حسن سامي يوسف، فتلاقت رواياته مع سيرته الذاتية، فشخصياته مأخوذة من واقعه، وذلك انطلاقا من مفهوم الرواية عنده.
وتحدثت بدير عن البناء الفني قائلة: "نجد البناء الفني والبناء الموضوعي قد امتزجا في روايات يوسف، مشكلين فضاء روائيا رحبا زاخرا بالقضايا الوطنية والقومية والاجتماعية والفلسفية، فجاءت الروايات كاشفة وشاهدة". لافتة إلى أن هذه الدراسة قد أعطت الموضوع حقه من الدراسة والبحث، وما يزال المجال مفتوحا لتناول هذا الموضوع ثانية من زاوية أخرى.
وفي مقدمتها للكتاب تقول بدير: "إنها هدفت من هذه الدراسة إلى التعريف بتجربة الروائي حسن سامي يوسف الروائية، وإبراز مميزات صوته الإبداعي الخاص، مع بيان موقعه في الحركة العربية الأدبية، فتجربته واحدة من التجارب الفلسطينية التي سعت إلى التعبير عن واقع اللاجئ الفلسطيني وما يتعرض له من أزمات اجتماعية ووطنية وفلسفية وثقافية، فهدف الدراسة هو الكشف عن طبيعة القضايا التي احتوتها الروايات وبيان موقف الكاتب منها، وستسعى الدراسة إلى تحليل البناء الفني في الروايات وإبراز التقنيات والأساليب الحديثة التي تميزت بها النصوص المدروسة مع تسليط الضوء على أثر الكتابة التلفزيونية في روايات الكاتب".
ويذكر أن سونا بدير كاتبة أردنية. حاصلة على شهادتي البكالوريوس والماجستير في اللغة العربية وآدابها، وهي عضو هيئة تحرير مجلة "أقلام جديدة"، ومعلمة في وكالة الغوث منذ العام 2011. حصلت على المركز الأول في مسابقة الإبداع الشبابي على مستوى المملكة من وزارة الثقافة في حقل القصة القصيرة في العام 2010.
MENAFN20112023000072011014ID1107461056