Tuesday, 04 February 2025 11:42 GMT



قتل الأشجار ومافيات التحطيب

(MENAFN- Khaberni)


هل سيأتي حين من الدهر ينبغي فيه على زائر جرش وعجلون، أن يحمل مظلة تظلّه من الشمس بعد أن تغيب أشجارنا؟ قبل سنوات، كنتُ أقول إن ذلك الحين لربما سيتأخر، ولكن المشاهد الحالية تؤكّد أنه أقرب مما نتصور، وأنه لن يبقى من غاباتنا سوى بقايا جذوع ترتفع بقدر شبر فوق يابس الأرض تقول: هنا كان شجر وارف الظلال أخضر.
فاليوم سيكون عليك أن تحمل قلباً من حجر؛ لتتمكن من عبور غاباتنا دون أن تتفجّر حزنا وقهرا، على ما ستراه من جرائم تطهير عرقي منظمة ضد أشجار السنديان والملول والبطم والقيقب. وسيكون عليك أن تتساءل بحرقة: كيف ولماذا وصلنا إلى هذا الحد؟ لماذا لم نوقف هذه المجازر؟ ولماذا تركنا المجرمين يسيدون ويميدون؟.
هذه جرائم مستمرة، بل وتزداد شراسة وتوسعاً يوماً إثر يوم، وقد بدأت تأخذ طابع العمل التنظيمي العصاباتي المافياوي، الذي وجد سبيلا للربح السهل الفاحش بالاعتداء على الغابات في ظل رخاوة القوانين، وغياب الإرادة الحقيقية لوقفهم والضرب على أياديهم.
مع بالغ الأسف، فالبعض منا يقعُ في مغالطة كبيرة حين يعتقد أن من يجزّون الأشجار فقراء معوزون من أجل التدفئة، ولكنك حين تتحرّى في الأمر؛ ستعرف أن من يرتكب هذه الأفعال هم عصابات لديهم من يساندهم.
قبل يومين قُبض على شاحنة مغلقة تحمل عشرة أطنان من الحطب تخرج من عجلون باتجاه عمان. هذه الشاحنة وما تحمله لا تمثل إلا غيضا من فيض. فكم من شاحنة مرت وعبرت دون أن يكتشف أمرها. وإلا أين تصرف تلك الأشجار التي تقطع كل يوم في غاباتنا في عنجرة وعجلون وكفرنجة وساكب. يكفيك أن تأخذ جولة في غابات الشهيد فراس العجلون في عنجرة لتعرف حجم الكارثة ومدى فداحتها.

وهنا جوهر القضية وبيضة قبانها، إذ لا يوجد رادع حقيقي يكسر شوكة هؤلاء المجرمين، ولا قوانين قادرة بحق على إيقافهم.
نحن بلد أقل من الواحد بالمائة من مساحته غابات. ولا نزرع بالشكل المطلوب مع الأسف. فالشجرة التي عمرها ألف سنة تُقطع بدقائق بمناشيرهم المجنزرة، لتستقر بسعر غال كحطب مواقد في قصور الأثرياء منا. وهنا أيضاً يجب أن نقف ونتأمل، أن في الطلب على أحطاب السنديان والملول وفرنا بيئة خصبة ومناسبة لتجارة أولئك المجرمين.
مع تقديري لجهود وزارة الزراعة ونواياها الطيبة، إلا أنني أجدّد اليوم إطلاق صرختي بوجوب أن تناط مهمة حماية الغابات، على الأقل في هذا الوقت العصيب، بقواتنا المسلحة، فهي القادرة على إيقاف هذه الجرائم. وأطالب باستخدام الطائرات المسيرة لمراقبة الغابات، وأجدد طلبي بوقفة وطنية شعبية حقيقية وصارمة، مع ضرورة مراجعة القوانين الناظمة لحماية ما تبقى من غاباتنا.
صحيفة الدستور

MENAFN04022025000151011027ID1109164203


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.