(
MENAFN- Akhbar Al Khaleej)
عندما تحدث الرئيس الأمريكي ترامب في خطاب تنصيبه عن المنطقة وقال انه سوف ينهي الحروب وسيكون «صانع سلام»، اعتبر كثيرون هذا أمرا إيجابيا مبشرا.
لم يكن لهذا التقدير الايجابي لحديث ترامب أي أساس. القضية ليست ان ترامب يريد ان يكون «صانع سلام»، وانما أي سلام بالضبط يقصده ويريد ان يصنعه في المنطقة العربية؟
بالنسبة لنا في الوطن العربي أي سلام في المنطقة وأي أمن أو استقرار لا يمكن ان يتحقق الا عبر الحل العادل للقضية الفلسطينية ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة. وهذا هو على أي حال الموقف الرسمي لكل الدول العربية.
أين ترامب من هذا المفهوم العربي للسلام الذي هو أبسط ما يحتمه القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة ؟
لن نتحدث عن مواقف ترامب المعلنة في السنوات الماضية وما فعله أثناء ولايته الأولى، لكن سنتوقف عند المواقف النظرية والعملية التي أفصح عنها مؤخرا.
قبل انتخاب ترامب كان قد أفصح بالفعل عن أحد أكبر جوانب رؤيته للمنطقة عندما قال ان إسرائيل مساحتها صغيرة ويجب أن تتوسع. بالطبع كانت هذه إشارة واضحة جدا الى أنه يعتزم تأييد أي عدوان إسرائيلي على أي أرض عربية وأي عمليات توسع إسرائيلي.
وبمجرد تنصيبه سارع ترامب باتخاذ عدد من القرارات والإجراءات، وعبر عن مواقف تكشف تماما عن نوع السلام الذي يريد.
أول قرار اتخذه كان رفع العقوبات التي سبق أن فرضتها إدارة بايدن على المستوطنين الاسرائيليين الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية مروعة ضد الفلسطينيين. كما قال المعلقون، حتى الإسرائيليون أنفسهم كان هذا القرار ليس فقط تأييدا لإرهاب المستوطنين بل بمثابة ضوء أخضر كي يمضوا قدما في ارتكاب أي جرائم إرهابية بحق الفلسطينيين وهم مطمئنون الى مباركة ترامب.
هذا الموقف من المستوطنين وإرهابهم وراءه موقف آخر أكثر خطورة يتبناه ترامب، هو الموافقة على ان تقوم اسرائيل بضمّ الضفة الغربية.
سبق لترامب ان عبر عن هذا الموقف. ومنذ أيام قال أحد مستشاريه -ويدعى مايك ايفانس- انه في الفترة القادمة في عهد ترامب «سيكون هناك ضم في الضفة الغربية».
بالطبع الموافقة على ضم الضفة الغربية تعني أنه بالنسبة لترامب ليس هناك أي مكان لإقامة دولة فلسطينية بأي صيغة، وأنه ليس هناك مكان أصلا للفلسطينيين في فلسطين.
وقبل أيام أصدر ترامب تعليمات للجيش برفع الحظر الذي فرضه الرئيس السابق بايدن على توريد قنابل تزن ألفي طن الى إسرائيل بكل ما يعنيه هذا القرار من تأييد لجرائم الإبادة الشاملة التي ترتكبها إسرائيل.
وتابعنا بعد ذلك الكارثة الكبرى في موقف ترامب.. نعني دعوته الصريحة إلى تهجير كل الفلسطينيين في غزة من بلادهم الى الأردن ومصر.
لسنا بحاجة الى الحديث عما يعنيه هذا من تصفية نهائية للقضية الفلسطينية، وهذا هو الذي تحذر منه كل الدول العربية في مواقفها واجتماعاتها.
بالإضافة إلى كل هذا، يريد ترامب أن يفرض على كل الدول العربية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
الجوانب التي ذكرناها تلخص إذن معنى «السلام» الذي يريده ترامب في المنطقة العربية.
«سلام» ترامب يعني أمورا ثلاثة محددة:
1 - التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، أي قتل القضية.
2 - تمكين إسرائيل من فرض الاحتلال الأبدي على كل أرض فلسطين. ليس هذا فحسب بل إطلاق يدها في المنطقة كلها لتنفيذ أي عدوان او توسع في المنطقة.
3 - ويعني هذا بالطبع ان ترامب يريد أن يحكم على الدول العربية بعدم الاستقرار الدائم.
هذا هو «السلام» الذي يريده ترامب.
المسألة المهمة هنا أن هذا الذي يريده ترامب ليست مواقف عابرة، بل هي خطة متكاملة لفرض المشروع الصهيوني بكامله، وضعت إسرائيل أبعادها وأقرها هو.
بعد ان اتضحت كارثة ما يريد ترامب فرضه على العرب على هذا النحو، نحن في انتظار ماذا ستقرر وماذا ستفعل الدول العربية في مواجهة هذا الخطر الوجودي التاريخي.
MENAFN28012025000055011008ID1109140795