Thursday, 30 January 2025 05:47 GMT



مع عودة ترامب وتقدم قوات بوتين.. ماذا ينتظر أوكرانيا؟

(MENAFN- Alghad Newspaper)
توم واتلينغ – (الإندبندنت) 2025/1/2


ذلك أن الانتصار الكاسح الذي حققه دونالد ترامب في السباق الرئاسي الأميركي، على خلفية وعود بإنهاء الحرب في أوروبا الشرقية في غضون 24 ساعة –حتى لو عنى ذلك كما يبدو إجبار كييف على التنازل عن أراض لمصلحة روسيا– يمثل كما يبدو نهاية لسياسة الغرب المستمرة في مساعدة أوكرانيا بهدف إلحاق هزيمة كاملة ببوتين. ويعود التفاوض مع روسيا إلى بساط البحث بعد سنوات من الصمت حياله.
هذه الاحتمالات تثير توترا كبيرا في البرلمان الأوكراني. وتقول كيرا روديك، وهي إحدى القيادات المعارضة الأوكرانية: "يحتاج العالم إلى أن يفهم مدى أهمية عدم إنهاء الحرب بناء على أي فكرة تستند إلى التفاوض مع روسيا".
ويأمل آخرون في كييف بحذر أن يدرك ترامب بسرعة أن إقناع بوتين بوقف غزوه مستحيل، وأن يستجيب الرئيس الأميركي العائد بزيادة الدعم المقدم إلى أوكرانيا بشكل كبير بما يتجاوز ما كانت الإدارة السابقة، بقيادة جو بايدن، مستعدة لإقراره.
تحدث مسؤولون أميركيون وبريطانيون سابقون إلى صحيفة "الإندبندنت" عن احتمالات سير المفاوضات العتيدة. ولكن، في غضون ذلك يظل حل ترامب البارز المتمثل في "وقف القتال" لغزا في نظر الجميع –وربما حتى بالنسبة للرئيس المنتخب نفسه. وبينما ينتظر العالم ليرى ما سيرشح عن هذه المسألة في المرحلة المقبلة، تواجه أوكرانيا بالفعل مجموعة من المشكلات.
الجيش والجبهة
يقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن جيش بلاده يفتقر حاليا إلى القوة الضرورية لاستعادة ما يقرب من 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا في الجنوب والشرق. ويمكن إلقاء بعض اللوم في هذا الصدد على النهج المشوب بالتردد الذي تتبعه الولايات المتحدة وأوروبا في دعم أوكرانيا –النهج الذي يشهد خطابات كثيرة تخفف من حدتها رغبة في تجنب دفع روسيا إلى تصعيد الحرب. ويشكل استخدام أوكرانيا صواريخ قدمها لها الغرب لقصف العمق الروسي قرارا بارزا اتخذ في الأشهر الأخيرة، لكن زيلينسكي يطالب بمزيد من الأسلحة والذخيرة وأنظمة الدفاع الجوي، وبوصولها سريعاً.
كما يواجه الجيش الأوكراني أيضا مشكلات خاصة به، تتمحور حول صعوبات تحيط بالتجنيد والحفاظ على المجندين وتناوبهم، بالإضافة إلى صعوبات التواصل بين جنرالاته والجنود المقاتلين.
ببساطة: تحتاج أوكرانيا إلى مزيد من الجنود، وإلى تدريب أفضل للقوات الجديدة، وإلى تقدير كبار المسؤولين العسكريين في كييف بشكل أكثر واقعية قدرات الجنود.
تشير مصادر إلى أن كييف في حاجة إلى تجنيد 160 ألف جندي لملء الشواغر بطريقة تحافظ على مستوى الألوية الحالي عند معدل تعبئة يساوي 85 في المئة، وفق إميل كاستهلمي، الذي يرصد تطورات الحرب في أوكرانيا لمصلحة "مجموعة بلاك بيرد" Black Bird Group، وهي مؤسسة متخصصة في مراقبة الحروب.
وبحسب التقارير، تحاول الولايات المتحدة إقناع زيلينسكي بخفض سن التجنيد الإجباري من 25 إلى 18 عاما لمعالجة هذه المشكلة، وهي خطوة يقاومها الرئيس الأوكراني على أمل حماية الأجيال المقبلة للبلاد.
لكن كاستهلمي يقول إن الوضع أكثر تعقيداً من ذلك. تتسم الظروف السائدة على الجبهة بالصعوبة، حيث يقاتل العديد من الجنود لسنوات من دون تناوب وبأسلحة محدودة، في مواجهة تقدم بطيء، لكنه مطرد للقوات الروسية– ولا سيما في شرق أوكرانيا. وهذا لا يشجع كثيرا على الالتحاق بالخدمة العسكرية.
ويضيف كاستهلمي أن الفرار من الجبهة ومراكز التدريب يسبب مشكلة كبيرة، وكذلك حقيقة أن ما يقرب من 20 في المائة من اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا البالغ عددهم 4.3 مليون شخص هم من الذكور.
لا تحظى عمليات التجنيد بشعبية كبيرة. وأظهرت مقاطع فيديو في تشرين الأول (أكتوبر) رجالاً يصرخون بينما ياهم ضباط مطاعم وحانات بحثا عمن لم يلتحقوا بالخدمة العسكرية. ويقول كاستهلمي أن هناك العديد من السبل التي سيحاول من خلالها الناس تجنب الالتحاق بالجبهة، ويضيف: "إذا كان النظام غير فاعل، لا يعود خفض سن التجنيد الإجباري مهما حقا".
كان آخر قائد للجيش الأوكراني، فاليري زالوجني، قد أثار هذه المشكلة علناً للمرة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، ونُحي لاحقا عن منصبه في ظروف غامضة. ومع ذلك، ما تزال مشكلة التجنيد قائمة.
كان التقدم الروسي الزاحف في منطقة دونيتسك هو إحدى نتائج مشكلة النقص البشري هذه. وقد لا يتعدى التقدم المسجل مئات الكيلومترات المربعة في بلد بمساحة كبيرة، لكنه مع ذلك مثير للقلق.
منذ الاستيلاء على مدينة أفدييفكا الاستراتيجية في منطقة دونيتسك في شباط (فبراير)، بعد أشهر من القتال العنيف، سيطرت القوات الروسية على أكثر من 400 ميل مربع (1.036 كيلومتراً مربعاً) وتقدمت 30 ميلاً (48 كيلومترا) نحو مدينة بوكروفسك التالية، التي تُعتبَر موقعاً دفاعياً رئيساً يحمي بقية المنطقة. وباتت القوات الروسية الآن على بعد كيلومترات قليلة من ضواحي بوكروفسك.
وإلى الغرب، تقدمت القوات الروسية أيضاً عبر مدينتي كوراخوف وفيليكا نوفوسيلكا اللتين تتمتعان بأهمية استراتيجية باتجاه الحدود الإقليمية عند مدينة زابوريجيا. وفي منطقة كورسك الحدودية الروسية التي استولت عليها أوكرانيا جزئياً بعد هجوم جريء عبر الحدود في آب (أغسطس)، تجبر قوات موسكو أيضاً قوات كييف على تقليص وجودها تدريجاً بمساعدة حوالي 10 آلاف جندي كوري شمالي.
يقول كاستهلمي أن السبب الثاني وراء هذه التطورات يتعلق بمشكلات التواصل بين القادة ومقاتليهم الذين على الأرض. وبذلك، فإن المعلومات عن الحقائق على الأرض إما تُبلَغ بشكل غير صحيح إلى متخذي القرار، أو أنه لا يجري التصرف بناء عليها.
أخيراً، وصف الضابط العسكري الأوكراني الشهير، سيرجي فيليمونوف، قائد كتيبة "ذئاب دافنشي" التابعة للواء 59 المجوقل، الدفاع عن بوكروفسك بأنه "كارثة" لأن "القيادة العليا... تحدد مهام غير واقعية للوحدات".
ويبدو أن اختيار زيلينسكي الأخير لقائد القوات البرية يعالج هذه المخاوف بعد تعيينه في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر). وكتب زيلينسكي في بيان مطول على تطبيق "تيليغرام": "الأفراد والتكنولوجيا والإدارة الشفافة هي محور الاهتمام الذي سيتم إيلاؤه"، قبل أن يضيف: "في التغييرات مقبلة".
المساعدات الإنسانية
تقول إليزابيث هاسلوند، كبيرة مسؤولي الاتصال في "وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أوكرانيا" أن الحاجات الإنسانية في البلد ما تزال "كبيرة جداً". وتشير إلى التقدم الذي أحرزته روسيا على الأرض، بالإضافة إلى "الهجمات الجوية الضخمة والمنسقة والمعقدة للغاية التي تضرب بالفعل في أنحاء أوكرانيا كلها"، بوصفها أسبابا جدية للقلق.
هناك أكثر من 3.5 مليون أوكراني هم نازحون داخليا، وتعيش الفئات الأكثر هشاشة في البلاد في 350 موقعاً للإيواء الجماعي في أنحاء أوكرانيا كلها. وكلما طال أمد الحرب، أصبحت الصعوبات التي يفرضها هذا الوضع أكثر ترسخاً. وتقول هاسلوند: "كلما طالت مدة نزوح المرء داخلياً، يمكنها أن تجعل الحاجات ونقاط الضعف أكثر خطورة".
يفيد تقرير "العمل الإنساني" بأن ما يزيد قليلا عن ثلث سكان البلد يحتاجون إلى مساعدة. ويعيش 4.3 مليون آخرون كلاجئين في الخارج.
ومع ذلك، يشهد تمويل الحاجات الإنسانية للبلاد انخفاضا مطردا منذ السنة الأولى من الغزو.
في العام 2022، في الأشهر الأولى من الغزو، أمكن جمع ما يقرب من 90 في المئة من إجمالي الأموال اللازمة للجهود الإنسانية التي تنفذها الأمم المتحدة. وفي العام التالي، انخفضت هذه النسبة إلى 75 في المائة. وفي العام الماضي، سجلت 61 في المائة فقط.
تقول هاسلوند: "ما يزال التمويل مثار قلق. هناك العديد من الأزمات وحالات الطوارئ الأخرى في أنحاء العالم كله، لكن من المهم ألا تُنسَى أوكرانيا لأن الوضع السائد فيها مستمر، وستكون الحاجات الإنسانية قائمة في العام 2025 أيضاً".
ويقول العاملون في الأمم المتحدة إنهم يتطلعون إلى إعطاء الأولوية لتمويل "المساعدات الطارئة الحيوية التي تمس الحاجة إليها بعد الهجمات مباشرة، فضلاً عن مساعدة المجتمعات المحلية القريبة من الجبهات والأشخاص الذين تم إجلاؤهم حديثاً".
وتضيف هاسلوند: "نركز أيضاً على دعم أولئك الذين يواجهون نزوحاً طويل الأجل –النازحون داخلياً الذين يواجهون صعوبات منذ ما يقرب من ثلاث سنوات".
كما يعاني أطفال أوكرانيا أيضاً. ويفتقر ما يقرب من نصف الأطفال المسجلين في المدارس في أوكرانيا إلى التعليم الوجاهي، حيث لا يستطيع ما يقرب من مليون طفل في أنحاء البلاد الوصول إلى أي تعليم وجاهي على الإطلاق، بحسب "اليونيسف".
وتسارع البلاد إلى إنشاء مدارس تحت الأرض للسماح للأطفال بمواصلة الدروس رغم الهجمات الجوية الروسية. لكن نحو 365 مركزاً تعليمياً أوكرانياً دُمرت بالكامل، وتعرض أكثر من 3.700 مركز إلى أضرار منذ الغزو الروسي.
كذلك لم تتمكن نحو 40 في المائة من المدارس، اعتباراً من أيار (مايو) من هذا العام، من تلبية المتطلبات الوطنية بشأن توافر ملاجئ يمكن الوصول إليها، رغم تفويض في هذا الصدد أصدرته وزارة التعليم والعلوم الأوكرانية.
وما يزال الآلاف أيضاً رهن الاحتجاز في روسيا بعدما اختطفتهم سلطات تابعة للكرملين، وفق تقديرات كييف. وتتهم "المحكمة الجنائية الدولية" بوتين ومفوضة شؤون الأطفال في إدارته، ماريا لفوفا-بيلوفا، بارتكاب جريمة إبادة جماعية لدورهما في الإشراف على عمليات الاختطاف القسري هذه.
في وقت سابق من هذا العام، تحدثت "الإندبندنت" مع خمسة أطفال فروا من أراضٍ أوكرانية تحتلها روسيا بعد اختطافهم. ووصفوا مواجهتهم جهوداً متضافرة لتلقينهم الثقافة الروسية وسوء المعاملة. ولا يذكر ترامب ضمانات لإعادة الأطفال المختطفين في سياق خططه لإنهاء الحرب.
بالنسبة لهاسلوند، تتعلق المسألة الرئيسة بإعادة بناء بلد أثناء تعرضه للقصف، كل ذلك بأموال محدودة، بل ومتضائلة. وتقول: "يريد الناس إحياء مجتمعاتهم المحلية. لا يسعنا الانتظار لدعم هذه الجهود. لا يسعنا الانتظار حتى يبدأ السلام لنبدأ في إعادة البناء والتعافي".
*توم واتلينغ: صحفي ومحلل سياسي، يركز في مقالاته على قضايا السياسة الدولية، مع اهتمام خاص بالتطورات في أوكرانيا والعلاقات الروسية الغربية.

MENAFN28012025000072011014ID1109140061


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.