(
MENAFN- Amman Net) استعرض الدكتور مروان المعشّر، نائب رئيس مؤسسة كارنجي في كلمة ألقاها أمام أندية الروتاري في عمّان في فندق الفورسيزونز، الأربعاء، التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن في عام 2025. وسلط خطابه الضوء على القضايا السياسية والاجتماعية الرئيسية التي لا تؤثر على الأردن فحسب، بل لها آثار على منطقة الشرق الأوسط ككل.
تتركز مخاوف المعشر، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء الأردني، في المقام الأول حول الضم المحتمل للضفة الغربية، والذي يقول إنه يشكل تهديدًا خطيرًا لكل من الأردن والفلسطينيين. وقال في كلمة ألقاها في فعالية برعاية نادي روتاري عمان الكوزموبوليتاني وتسعة أندية أخرى:” أعتقد أن أكبر ما يقلق الأردن اليوم هو ما إذا كانت الضفة الغربية ستُضم كلياً أو جزئياً نتيجة توجهات المتطرفين. إن القوى الموجودة في إسرائيل اليوم ستكون كارثية، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين بل للأردن أيضًا.“
وللتغلب على هذا المشهد المعقد، أكد المعشر على الحاجة إلى استراتيجية متعددة الجوانب.” وقال:” لا يمكن أن تكون لدينا استراتيجية مواجهة مع الولايات المتحدة في هذا الوقت.” نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة للتحدث مع الإدارة الجديدة بطريقة منطقية وشرح المخاطر التي ستتركها مثل هذه السياسة على المنطقة بأسرها.“
وأشار المعشر وهو وزير خارجية سابق إلى أن سياسات إسرائيل المتشددة الأخيرة يمكن أن تعرض العلاقات الدبلوماسية للخطر، خاصة فيما يتعلق بالاتفاقيات الإبراهيمية التي تهدف إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية. وأوضح قائلًا:” إذا تم ضم الضفة الغربية، لا أرى كيف يمكن للسعوديين أن يوقعوا اتفاقًا مع إسرائيل“، مشيرًا إلى أن السعوديين ترددوا سابقًا في توقيع اتفاق خلال إدارة بايدن بسبب عدم الالتزام بحل الدولتين.
كما تطرق الدبلوماسي البارز السابق إلى الوضع الإنساني في غزة. حيث أكد قائلاً:” نعم، لدينا وقف لإطلاق النار، وهو أمر رائع - وهو أمر مطلوب بشدة - ولكن يجب أن يتحول وقف إطلاق النار هذا إلى حل دائم“.” الهدنة ليست كافية؛ نحن بحاجة إلى انسحاب دائم للقوات الإسرائيلية من غزة.“
كما أعرب المعشر عن شكوكه بشأن إعادة إعمار غزة، معتبراً أنه من دون استثمار دولي أو أفق سياسي، فإن الجهود المبذولة لن تكون كافية.” بصراحة، لست متفائلاً جداً بشأن إعادة إعمار غزة. نعم، سنرى جهودًا إنسانية، ولكن إذا كنا نتحدث عن إعادة إعمار البنية التحتية حتى يتمكن الناس من البقاء في أرضهم، فلن يتوفر الكثير من المال“.
وبالانتقال إلى السياق الجيوسياسي الأوسع، سلط المعشر الضوء على العديد من القضايا المنهجية التي تؤثر على المنطقة. وأشار إلى أنه بينما كان هناك حديث مستمر عن حل الدولتين،” لا يوجد أي من الشروط الضرورية لتحقيقه". وتحدث عن العامل الديموغرافي، مشيراً إلى أن عدد الفلسطينيين في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل أكبر من عدد اليهود الإسرائيليين. وحذر من أنه” إذا لم تنجح إسرائيل في الترحيل الجماعي، فإننا نتعامل مع نظام فصل عنصري لن يقبله المجتمع الدولي إلى ما لا نهاية“.
وشدد المعشر وهو سفير سابق في واشنطن على أن الوضع الحالي يتطلب تفكيرًا جديدًا في كيفية مقاربة الأردن لعلاقاته، خاصة في ظل تغير مواقف الأجيال تجاه حقوق الفلسطينيين. وشدد المعشر على ضرورة الاستفادة من الأصدقاء في الولايات المتحدة، وقال:” لقد استثمر الأردن بحكمة في علاقة طويلة الأمد مع الحزبين، ومع وسائل الإعلام، ومع مراكز الأبحاث، ومع الكونغرس. وهي علاقة نحتاج إلى الاستفادة منها من أجل التعامل مع إدارة متشددة للغاية خلال السنوات الأربع المقبلة.“كما تحدث أيضًا عن ضرورة التفاعل الإيجابي مع الشباب وأشار إلى أنه” كلما كنت أصغر سنًا، كلما زاد احتمال دعمك للحقوق الفلسطينية“، مما يشير إلى تحول في ديناميكيات السلطة بين الأجيال.
على الرغم من التشاؤم الذي يحيط بمصير غزة والضفة الغربية، إلا أن المعشر نقل بصيصاً من الأمل المتجذر في الآليات القانونية. وقال:” ما نشهده اليوم هو مسار قانوني آخر، وهو محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية“. وشدد على أن المساءلة لن تقع على عاتق إسرائيل فحسب، بل على جميع الدول التي تتعامل معها.
ومع ذلك، لا تزال المخاطر كبيرة مع استمرار الأزمة السورية التي تشكل تحديًا للمنطقة. وقدم المعشر ثلاثة دروس مهمة من الصراع السوري، أبرزها أن”الربيع العربي لم ينتهي“وان "الوحشية لا تضمن الاستقرار“. وشدد على أن إزالة الأنظمة القمعية أمر ضروري ولكنه غير كافٍ لإحلال السلام والاستقرار.
وفي حديثه عن دور الأردن، حث المعشر على التفهم والدعم من الأصدقاء في المجتمع الدولي.” نحن بلد صغير، ولا يمكننا القيام بذلك بمفردنا. نحن بحاجة إلى تحالفات"، داعياً إلى التعاون بدلاً من العزلة في معالجة الأزمات المعقدة التي تواجه المنطقة. وبينما يقف الأردن على مفترق طرق، فإن رؤى المعشر هي بمثابة دعوة للعمل لكل من أصحاب المصلحة المحليين والدوليين على حد سواء لتجهيز أنفسهم لمواجهة التحديات المقبلة.
MENAFN23012025000209011053ID1109121226