Sunday, 19 January 2025 12:37 GMT



إبراهيم مصطفى يكتب: معدلات تضخم وفائدة لا تدعم مناخ الاستثمار

(MENAFN- Al-Borsa News) ألقى عدد من رجال الأعمال خلال لقائهم برئيس مجلس الوزراء الضوء على بعض تحديات بيئة الاستثمار، ومنها أهمية استقرار السياسات الكلية، والقضاء على البيروقراطية، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع معدلات الفائدة..

لا شك أن استقرار السياسات الاقتصادية الكلية، لا سيما السياسة المالية والنقدية والاستثمارية أمر بالغ الأهمية لما له من آثار على قدرة أصحاب العمل على التنبؤ والنمو فيما يتعلق باستثماراتهم.

موضوعات متعلقة بيير أوليفييه غورينشا يكتب: هل يتجاوز الاقتصاد العالمي الفجوات الهيكلية والمخاطر الاقتصادية؟ كاريشما فاسواني تكتب: تحقيق الطبقات الوسطى للحلم الآسيوي لايزال بعيد المنال بارى آيكنجرين يكتب: خطط“ترامب” لخفض الدولار.. الفرص والتداعيات

وبالتبحر فى السياسة النقدية، وتحديداً معدلات الفائدة، وسعر الصرف، ومعدل التضخم سنجد أنها تحديات لها أثر كبير حال ارتفاع نسبها.

فقد أثار تخفيض قيمة الجنيه ـ وإن كان إجراءً صحياً ـ تحديات عديدة لما له من آثار مضاعفة على ارتفاع معدلات التضخم، وبالتالى رفع أسعار الفائدة لمواجهة هذه المعدلات المرتفعة من التضخم.

إبراهيم مصطفى يكتب: لقاء رئيس الوزراء برجال الأعمال.. حوار لتحسين بيئة الاستثمار

وبالحديث عن أثر كل منها، نبدأ بارتفاع معدلات الفائدة التى ترفع من تكلفة التمويل بشكل كبير، فعندما أثار رجال الأعمال أن فوائد التمويل الحالية تصل إلى 32%، هذه نسبة لا يستهان بها؛ لأن معدلات الربحية للشركات لا سيما الصناعية لا تصل إلى هذا النسبة.. فمعدلات الربحية أو بشكل أدق العائد على الأموال المستثمرة (رؤوس أموال مباشرة Equity- أو تسهيلات ائتمانية Credit) فى القطاع الصناعى بشكل عام يتراوح بين 15 و25%، فمن الأدعى لصاحب المال حينها عدم ضخ أموال جديدة فى استثماراته سواء جديدة أو توسعات، ووضعها فى البنك دون تحمل أعباء الاستثمار ومخاطره، بل وقد يدفع أصحاب الأعمال لتقليص استثماراتهم وطاقاتهم الإنتاجية؛ لأنه سيفكر ألف مرة قبل الحصول على قرض بـ32% بتكلفة تمويل مرتفعة، متسببة فى تآكل رأس المال والأرباح معاً.

وكذلك قد يدفعه إلى البحث عن أسواق بديلة أكثر يسراً فى البيئة الاستثمارية والتمويلية، كما حدث بخروج أكثر من 2000 شركة لعدد من الأسواق العربية، كما صرح رئيس أحد البنوك ممن حضروا اللقاء.

وهنا الدولة تجد نفسها بين حجرى الرحى؛ بين تحدى أسعار الفائدة المرتفعة من جانب على أنشطة التمويل المختلفة، وبين تحدى محارية التضخم وامتصاص السيولة فى أوعية ادخارية، وهو ما يستفيد منه القطاع العائلى والأفراد ممن يعولون على تحقيق عائد مرتفع على الأوعية الادخارية والاستثمارية ذات العائد المرتفع للحفاظ على أموالهم ومدخراتهم أو التقليل من حدة تآكل قيمة تلك المدخرات والأموال بالبحث عن مصادر أخرى مثل الإقبال على شراء الذهب والعقارات ممن لديهم سيولة فى ظل ارتفاع أسعار مثل تلك المنتجات من باب البحث عن المكسب السريع بإعادة البيع عند ارتفاع أسعارها مرة أخرى، والدخول فى دائرة ملية بالتحديات تجاه تسييلها، ما يخلق تشوهات سعرية فى السوق، وكذلك عدم اتزان السوق وتشتته أيضاً، وارتفاع مخاطره.

ولا شك أنه لا يمكن إغفال تعدد الأزمات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، ومن قبلها آثار أحداث يناير 2011 وتوابعها، خلال عقدين من الزمان كانت مليئة بالتحديات القوية والمتنوعة، وما فرضته على مصر من تحديات عميقة للاقتصاد المصرى أثرت على مواردها بالسلب، وسببت ضغوطات كبيرة على الموازنة.

ولكن الوضع الحالى نتيجة تلك التحديات، أزم من عمق ما يواجهه القطاع الخاص من تحديات تهدد استمراره ونموه فى ظل وجود مثل هذه التحديات، لذا بادرت الدولة فى عقد لقاءات مع مجتمع الأعمال وعمل مبادرات من شأنها التخفيف من آثار تلك التحديات.

إبراهيم مصطفى يكتب: إعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية.. الإنطلاق من جهات بيئة الاستثمار

وبالعودة مرة أخرى للتحديات النقدية بعد معدلات الفائدة المرتفعة، كان لعدم استقرار سعر الصرف خلال الفترة من 2014 ـ 2015 نتيجة الآثار التى ترتبت على أحداث 11 يناير 2011 ودخول مصر فى فترة من عدم الاستقرار السياسى والأمنى حتى عاد مرة أخرى فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتماسك المؤسسة العسكرية والأمنية وإعادة بنائها.

وكان مطلباً حيوياً عودة هذا الاستقرار السياسى والأمنى وإعادة إعمار الدولة مرة أخرى، وما ترتب على كل تلك التحديات من أول تعويم للجنيه المصرى فى نوفمبر 2016 وما تبعه من موجات تعويمية اخرى حتى وقتنا هذا لتأكيد مصر أمام العالم على تبنيها سعر صرف مرناً لعدم الدخول فى نفس اخطاء الماضي؛ وما شهده من تقلبات كثيرة خلال تللك الفترة وتحديدا خلال عامى 2023 و2024، سبب آثارا تضخمية أخرى مرتفعة متضاعفة؛ أثرت بشكل كبير على جميع الأطراف الدولة، ومجتمع الاعمال والافراد؛ حيث تحرك سعر صرف الجنيه من 7.8 منذ 2016 وشهد تقلبات كثير وصولاً 50 ـ 51 جنيهاً للدولار فى السوق الرسمى حاليا، الأمر الذى رفع تكاليف الإنتاج والأسعار وتحمل مجتمع الأعمال الى ما سمى بفروق العملة أثرت على توازنه المالي؛ لمن كان تعامالاتهم بالدولار مع البنوك فى استيراد الخامات والمعدات والسلع، فمن كان يدبر الدولار بسعر 7.8 جنيه اصبح يدبره بـ 50 ـ 51 جنيها حاليا، وفى فترة ما قبل القضاء على السوق الموازية وفى فترة شح الدولار وعدم وفرته فى البنوك وصل فى السوق الموازية حينها الى 70 جنيها اثر بشكل كبير على مناخ الأعمال وعطل حركة الاستثمار والتجارة فى ظل وجود سعرين آنذاك، قبل ان يعود الاستقرار لسوق الصرف مرة اخرى فى ضوء ما اتخذته الدولة من اجراءات لضبط السوق وتوفير السيولة الدولارية من مصادر متعددة ومنها الاقتراض واللجوء الى المؤسسات الدولية وتبنى برامج إصلاح مالى ونقدى عنيفة، وبيع اصول (حصص فى الشركات المملوكة لها او حصيلة بيع الأراضي).

والحقيقة لم يعد هناك رفاهية لاستمرار الوضع الاقتصادى بهذا الشكل، وهو ما تحاول الدولة حاليا من خلال طرق مختلفة ومنها آلية الحوار مع كل الأطراف المعنية بإبراز التحديات واقتراح الحلول العملية وإعادة ترتيب الأولويات للخروج من الازمات الاقتصادية المتتالية، ويحسب للدولة قدرتها على الاستدامة والاستمرارية للحد من آثار تلك الأزمات، والبحث عن حلول مستقبلية بعيداً عن الاقراض وخفض الدين العام والخارجى خلال الفترة القادمة.

وهذا الهدف مطلب مهم يتطلب معه تشجع الصناعة وترشيد الاستيراد وتشجيع القطاع الخاص والتخارج من العديد من الأنشطة الاقتصادية وإفساح المجال أمامه للنمو لضخ مزيد من الاستثمارات والعودة لنسبة 30 حكومة و70% قطاع خاص فى نصيب كل منهما من الاستثمارات المنفذة، وهو ما يتطلب استقراراً فى السياسات والمؤسسات مع كفاءات قادرة فى ظل رؤية مستقبلية واضحة للجميع.

بقلم:

MENAFN19012025000202011048ID1109105479


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.