(
MENAFN- Alghad Newspaper)
زايد الدخيل
عمان - في وقت أكدت فيه، اجتماعات الرياض بشأن سورية، بحث خطوات دعم الشعب السوري وتقديم العون والإسناد له في هذه المرحلة المهمة من تاريخه، ومساعدته بإعادة بناء سورية؛ دولة عربية موحدة، مستقلة آمنة لكل مواطنيها، لا مكان فيها للإرهاب، ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على وحدة أراضيها من أي جهة كانت، قال مراقبون إن أهمية هذه الاجتماعات، تكمن في سرعة انعقادها واستكمالها لما جاء في اجتماعات العقبة الشهر الماضي، وحضور
وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني، وطبيعة الدعم العربي غير المشروط لسورية.
وقال المراقبون، في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إن هذه الاجتماعات، مثلت خطوة عربية مهمة، لإعادة إدماج سورية عربيا.
الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد، أكد أن الاجتماعات بشأن سورية، تستكمل الاجتماعات الوزارية التي استضافتها الأردن في مدينة العقبة، وشارك فيها وزراء الخارجية العرب، إذ أفرد بيانها الختامي، تصورا لتعزيز مخرجات مؤتمر العقبة، بخصوص دعم استقرار سورية ووحدة أراضيها، ومنع حدوث فراغ أمني وسياسي فيها، فجاء بيان الرياض مكملا ومؤكدا لبيان اجتماع العقبة.
وأضاف أبوزيد، إن أبرز النقاط في بيان الرياض، تتبلور في أن لا مكان للإرهاب في سورية، مفسرا بذلك حالة القلق العربي من الحالة الأيدولوجية والفصائلية في سورية، إذ تحتفظ الدول المجاورة لسورية بمساحات من هذه الحالة، والقلق من عودة الفوضى وأسباب التوتر الأمني والعسكرية هناك، لذلك جاءت مخرجات مؤتمر الرياض، للبحث عن فرص لتسوية سياسية شاملة، تعيد سورية الجديدة إلى عمقها العربي، بعيدا عن تأثير أي دول إقليمية في قرار دمشق.
لكن النقطة الجوهرية، وفق أبو زيد، في بيان الرياض، فتمثلت بتأكيد رفض التوغل الإسرائيلي جنوب غرب سورية، وأضاف البيان جملة، يبدو أنها لم تتردد في الإعلام وهي "أن يتم حل الخلاف بالحوار"، وهذا تلميح لإرساء مرحلة جديدة في سورية جديدة، قد تؤسس لحوار مع الجانب الإسرائيلي للتفاوض على المنطقة التي سيطرت عليها قوات الاحتلال جنوب غرب سورية.
وأضاف، إنه ولضمان مرور تصور لجنة اتصال سورية من دون معوقات إقليمية، وبرضا أميركي، فإن اجتماعات العقبة والرياض، حرصت على تأمين لقاءات ومباحثات ثنائية منفصلة مع وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والمبعوث الأممي حول سورية، وهنا يتضح أن الموقف العربي، يمضي إلى وضع خريطة طريق للتعامل مع سورية الجديدة ضمن المصالح المشتركة التي تربط الجميع مرحلياً.
وشدد البيان، على معالجة أي تحديات أو مصادر قلق لمختلف الأطراف بالحوار، وتقديم الدعم والنصح والمشورة، بما يحترم استقلال سورية وسيادتها، آخذاً بالاعتبار أن مستقبل سورية هو شأن السوريين، مؤكدين وقوفهم إلى جانب خيارات السوريين، واحترام إرادتهم.
وبين أن المجتمعين، عبروا عن قلقهم بشأن توغل الاحتلال في المنطقة العازلة مع سورية، ومواقع مجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة، مؤكدين أهمية احترام وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها.
من جهته، قال عميد كلية القانون السابق بجامعة الزيتونة د. محمد فهمي الغزو، أن أكثر ما يثير الانتباه في بيان الرياض، الإشارة التي تعرف به على أن اجتماعات الرياض، تأتي استكمالا لاجتماع العقبة الذي جرت وقائعه بعيد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ما يعني أن الإدارة السورية الجديدة، أصبحت جزءا من هذه العملية التي تمثلها اجتماعات العقبة.
وأضاف الغزو، إن بيان الرياض أكد ما ورد في بيان العقبة، إذ أكد المجتمعون دعمهم لعملية انتقالية سياسية سورية، تتمثل فيها القوى السياسية والاجتماعية، وتحفظ حقوق السوريين وتشارك فيها مكونات الشعب السوري، مؤكدا أن المعنى من هذا التأكيد، إما أن تمضي الإدارة السورية الجديدة في تشكيل هيئة حكم انتقالية، بما يتفق ومضمون القرار الأممي 2254 بإشراف دولي وغطاء الأمم المتحدة، أو العزلة والتحول لإمارة على غرار أفغانستان.
واستكمل، إن اجتماعات الرياض تمثل تحولا في المقاربة العربية والدولية تجاه سورية، مع تباين بين الدعم العربي غير المشروط والموقف الغربي الذي يشترط بأن إقرار تخفيف العقوبات عن سورية، مقابله إصلاحات سياسية، لذا خرج الاجتماع الوزاري بتوافق عربي ودولي لدعم سورية، والسعي لرفع العقوبات الاقتصادية عنها.
وقال الغزو، إن أهمية اجتماعات الرياض، تكمن بسرعة انعقادها واستكمالها لما جاء في اجتماعات العقبة الشهر الماضي، وحضور وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني، وطبيعة الدعم العربي غير المشروط لسورية، كلها مثلت خطوة عربية مهمة لإعادة إدماج سورية في إطارها العربي.
بدوره، اكد المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، على أهمية مطالبة الأطراف الدولية برفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة على سورية، والبدء عاجلا بتقديم أوجه الدعم الإنساني والاقتصادي، وفي مجال بناء قدرات الدولة السورية، ما يهيئ البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين.
وقال الحجاحجة، إن استمرار العقوبات المفروضة على النظام السوري السابق، سيعرقل طموحات السوريين بتحقيق التنمية وإعادة البناء والاستقرار، موضحا أن هذه الاجتماعات وقبلها اجتماعات العقبة، أكدت ثوابت تجتمع حولها الدول العربية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها على كامل ترابها الوطني، وأن تكون المرحلة المقبلة جامعة لكل الأطراف والقوى السياسية السورية، لأنها بمنزلة ضمانة وحيدة لاستقرار الأوضاع وعودة الدولة السورية لمكانتها التي تستحقها.
وأضاف، "إن الدول العربية ليس لها أي أطماع بسورية، لذلك فهي تتحرك من أرضية ثابتة هي الحفاظ على الدولة السورية، في وقت تعج فيه سورية بوجود أجنبي، وتدخل أجندات خارجية متعددة فيها لتحقيق مصالحها الخاصة، على حساب مصلحة السوريين"، مبينا أن الوضع السوري بعد سقوط النظام، يتسم بالضبابية، وعدم وضوح الرؤية، في ظل وجود مليشيات وقوى تحمل السلاح بعيدا عن الدولة، بالإضافة لنشاط جماعات إرهابية، إذ من المهم أن تتفهم الإدارة السورية الحالية تلك الأمور وتحلها لضمان استقرار الأوضاع الداخلية وطمأنة دول الجوار.
واستكمل الحجاحجة، إن انعقاد الاجتماعات بهذه السرعة، وبحضور دول عربية عديدة خاصة دول الجوار السوري والخليج ومصر، ودول أوروبية والولايات المتحدة، يعكس استجابة سريعة للمبادرات التي قدمتها الإدارة السورية الجديدة.
وبالنسبة، لعدم ذكر قرار مجلس الأمن رقم 2254 في البيان الختامي، اعتبر الحجاحجة، أن ذلك يمثل تطورا إيجابيا، يعكس تفهما للواقع السوري الجديد، موضحا أن القرار لم يعد ذا صلة بعد سقوط النظام السابق، فالمرحلة الحالية تتطلب التركيز على إعادة البناء وتلبية احتياجات السوريين.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد الشنيكات، قال إن بيان الرياض يؤكد لما ورد في بيان العقبة بخصوص موقف في الدول العربية والإقليمية والغربية بشأن سورية، وهو إعادة للتأكيد على التفاصيل التي وردت في اجتماع العقبة، بخاصة فيما يتعلق بتأييد إجراء عملية انتقالية سياسية تضمن مشاركة الجميع، وتحفظ حقوق السوريين ووحدتهم واستقلالهم، ولجم التدخلات الإسرائيلية في الجولان والمنطقة العازلة، واحتلالها لجبل الشيخ، وأن هناك دعما عربيا ودوليا لسورية بإعادة الإعمار، وتقديم التسهيلات وتوفير بيئة تسهم بعودة اللاجئين السوريين.
وتابع، ورفض البيان كون سورية قاعدة أو ملجأ للإرهاب، إذ يبدو أن الدول العربية تريد عودة سورية لحاضنتها العربية، وأن تكون جزءا من المنظومة العربية الراهنة، وأن تحقق التزاماتها الدولية. مشيرا إلى أن البيان أعاد التأكيد على تقديم الدعم اللوجستي والاقتصادي لسورية، وتوفير مظلة دولية تشمل بالإضافة للدعم الاقتصادي دعما سياسيا، وضمان بناء مؤسسات النظام الجديد، والمساعدة برفع العقوبات الأميركية التي كانت تستهدف النظام السابق.
وبين أن الزيارات المتتابعة لوفود دول عربية ووزراء خارجية عرب وغير عرب، أن القرار المتخذ هو التعاون إيجابيا مع الحكام السوريين الجدد، شرط الوفاء بالالتزامات التي حددها بيان العقبة، وأعاد تأكيدها بيان الرياض، بالإضافة لتصريحات وزراء خارجية أميركا وألمانيا وفرنسا، والتي تطالب بضمان أمن الدول المجاورة لسورية، وبشكل خاص إسرائيل، وكذلك محاربة الإرهاب، والمقصود هنا تنظيم "داعش" الإرهابي، وإدارة عملية سياسية، تضمن انتقالا سياسيا منظما يسمح بإقامة حكم مستقر.
MENAFN13012025000072011014ID1109085757