(
MENAFN) على مدار العقود الماضية، سعت إيران بشكل مستمر لتحقيق هيمنتها في المنطقة، لا سيما في الهلال الخصيب الممتد من العراق إلى سوريا ولبنان وغزة, من خلال حلفائها مثل حزب الله وحماس، حاولت إيران إحاطة إسرائيل بتهديدات العنف كجزء من خطتها الأوسع لتدميرها, ولقد شكل سقوط نظام الأسد في سوريا ضربة قوية لمخططات إيران، مما دفعها إلى التراجع, لكن هذا الفراغ ملأته تركيا بسرعة بقيادة الرئيس أردوغان, دعم أردوغان أبو محمد الجولاني، الحاكم الجديد لسوريا، مقدماً الدعم المالي والعسكري لقواته وداعماً جهوده لإسقاط نظام الأسد في دمشق.
كما كان تدخل أردوغان في سوريا مدفوعاً بعدة دوافع: إضعاف الاستقلالية الكردية في شمال سوريا، والتي تهدد وحدة تركيا مع أقلية الأكراد الكبيرة في البلاد، ومعالجة أزمة اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا, بالإضافة إلى ذلك، يهدف أردوغان إلى تقليص نفوذ إيران في المنطقة، حيث تعد تركيا وإيران دولتين متنافستين سياسياً ودينياً, ولكن طموحات أردوغان في سوريا تواجه تحديات عديدة, في حين قبل الجولاني دعم تركيا، إلا أنه لا يزال غير واضح ما إذا كان سيلتزم تماماً بمصالح تركيا أو يعمل كـ"وكيل" لها, علاوة على ذلك، تفتقر تركيا إلى الموارد الاقتصادية والعسكرية اللازمة للسيطرة الكاملة على سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع.
كذلك تشمل طموحات تركيا الأوسع، مثل إيران، السعي لاستعادة مجد الماضي، وبشكل خاص هيمنة الإمبراطورية العثمانية على الشرق الأوسط, يستخدم أردوغان، مثل آيات الله الإيرانيين، الإسلام السياسي والمشاعر المعادية لإسرائيل لتوحيد المنطقة تحت تأثيره, وتاريخياً، كانت إسرائيل حليفاً لكل من تركيا وإيران، حيث كانت الدولتان معتدلتين وموالاتين للغرب, ومع ذلك، بعد ثورة إيران عام 1979، أصبحت دولة إسلامية تحت حكم آيات الله، وتعرضت لفشل داخلي وإقليمي متزايد، مما أثار استياءً واسعاً داخل إيران, وهذا الاستياء الداخلي المتزايد يشير إلى أن حكم آيات الله قد يقترب من النهاية، على الرغم من أن ذلك قد يستغرق سنوات.
وفي الوقت نفسه، تتحرك تركيا في الاتجاه المعاكس، حيث أصبحت أكثر تطرفاً تحت قيادة أردوغان, قد يكون الفكرة التي طرحها المستشرق برنارد لويس قبل سنوات في طريقها للتحقق، وهي "أن تصبح إيران مثل تركيا وتصبح تركيا مثل إيران"، بمعنى أن تصبح تركيا دولة إسلامية متطرفة بينما تتحول إيران إلى دولة معتدلة, ولا يزال مستقبل طموحات تركيا في سوريا والشرق الأوسط غير مؤكد، كما أن قدرة الجولاني على إقامة دولة إسلامية ناجحة في سوريا تحت حماية تركية لا تزال محل شك, هذه التغيرات في ميزان القوى تثير قلق العديد من الدول العربية، خاصة مصر ودول الخليج، التي تبحث عن طرق لمواجهة التحديات الجديدة على حدودها, ومع ذلك، لا يزال التهديد الذي تشكله إيران قضية محورية في المنطقة ويظل هو العامل الذي يهيمن على الديناميكيات الإقليمية الحالية.
MENAFN23122024000045015687ID1109023018
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.