Wednesday, 05 February 2025 07:00 GMT



في مستشفى في دمشق عائلات تبحث عن أبنائها بين الجثث بعد سقوط الأسد

(MENAFN- Akhbar Al Khaleej) الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

دمشق‭ -(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬في‭ ‬رواق‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬امتزجت‭ ‬الثلاثاء‭ ‬أصوات‭ ‬البكاء‭ ‬مع‭ ‬صرخات‭ ‬أمهات‭ ‬‮«‬أين‭ ‬أولادنا؟‮»‬،‭ ‬بعدما‭ ‬توافد‭ ‬عشرات‭ ‬السوريين‭ ‬للتعرّف‭ ‬إلى‭ ‬جثث‭ ‬معتقلين‭ ‬نُقلت‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬وتحمل‭ ‬آثار‭ ‬تعذيب‭ ‬وكدمات‭. ‬تسند‭ ‬نساء‭ ‬أنفسهن‭ ‬على‭ ‬الجدران،‭ ‬ويخرج‭ ‬رجال‭ ‬ومعالم‭ ‬الصدمة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬وجوههم‭ ‬بعد‭ ‬معاينتهم‭ ‬صور‭ ‬نحو‭ ‬35‭ ‬جثة‭ ‬كانت‭ ‬فصائل‭ ‬معارضة‭ ‬عثرت‭ ‬عليها‭ ‬ليل‭ ‬الإثنين‭ ‬داخل‭ ‬مستشفى‭ ‬حرستا‭ ‬قرب‭ ‬دمشق‭. ‬في‭ ‬الباحة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمستشفى،‭ ‬تقف‭ ‬طبيبة‭ ‬تحمل‭ ‬دفترا‭ ‬وقلما،‭ ‬وتتوجّه‭ ‬إلى‭ ‬الموجودين‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬‮«‬من‭ ‬تعرّف‭ ‬على‭ ‬الجثة‭ ‬رقم‭ ‬تسعة؟‮»‬‭. ‬

بالقرب‭ ‬منها،‭ ‬افترشت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬الأرض،‭ ‬يعاينون‭ ‬صور‭ ‬الجثث‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬هواتفهم‭. ‬من‭ ‬يتعرّف‭ ‬على‭ ‬جثة‭ ‬في‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬أرقاما،‭ ‬يبلّغ‭ ‬طاقم‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬يخرج‭ ‬الجثة‭ ‬من‭ ‬البرّاد،‭ ‬ويسمح‭ ‬للشخص‭ ‬بالدخول‭ ‬لمعاينتها‭ ‬والتأكد‭ ‬مما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬عائدة‭ ‬لقريبه‭ ‬أو‭ ‬لا‭. ‬تخرج‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬المشرحة‭ ‬ويدها‭ ‬ملطّخة‭ ‬بالدماء‭. ‬وتصيح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرّة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬دمهم‭ ‬جاريا‮»‬‭.

لا‭ ‬تتمالك‭ ‬أخرى‭ ‬نفسها‭ ‬وتنفجّر‭ ‬باكية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعرّفت‭ ‬على‭ ‬ابنها‭. ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬اعتقاله‭ ‬أو‭ ‬عمره‭. ‬قربها‭ ‬تقف‭ ‬أمهات‭ ‬يائسات‭ ‬لم‭ ‬يجدن‭ ‬أبناءهن‭. ‬على‭ ‬باب‭ ‬براد‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد،‭ ‬وقفت‭ ‬ياسمين‭ ‬شبيب‭ (‬37‭ ‬عاما‭) ‬دامعة‭ ‬العينين،‭ ‬بعدما‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬شقيقها‭ ‬ووالدها‭ ‬اللذين‭ ‬اعتقلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬الجثث‭. ‬وتصيح‭ ‬السيدة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬إدلب‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬البلاد‭: ‬‮«‬افتحوا‭ ‬لنا‭ ‬أقبية‭ ‬السجون‭ ‬ونحن‭ ‬نبحث‭ ‬عنهم‭... ‬نبحث‭ ‬عنهم‭ ‬بين‭ ‬الجثث‮»‬‭. ‬

وتضيف‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬وهي‭ ‬تبكي‭: ‬‮«‬وضعوا‭ ‬الناس‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬صيدنايا‭ ‬فحسب،‭ ‬سوريا‭ ‬كلها‭ ‬يوجد‭ ‬تحتها‭ ‬صيدنايا‮»‬،‭ ‬السجن‭ ‬السيء‭ ‬الصيت‭ ‬الذي‭ ‬شهد،‭ ‬وفق‭ ‬معتقلين‭ ‬سابقين‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوقية،‭ ‬أسوأ‭ ‬أنواع‭ ‬التعذيب‭ ‬والانتهاكات‭ ‬للكرامة‭ ‬الإنسانية‭.
‬ملأ‭ ‬العشرات‭ ‬باحة‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد‭ ‬الخارجية‭ ‬وأروقته،‭ ‬يسألون‭ ‬كلّ‭ ‬موظف‭ ‬أو‭ ‬طبيب‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬الجثث،‭ ‬بقلق‭ ‬وخوف،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬رغبة‭ ‬بالتخلّص‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬أحباء‭ ‬اعتقلوا‭ ‬وانقطعت‭ ‬أخبارهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭.

فور‭ ‬سماعه‭ ‬بإعلان‭ ‬الفصائل‭ ‬المعارضة‭ ‬إسقاط‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬وفراره‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬انتقل‭ ‬نبيل‭ ‬حريري‭ (‬39‭ ‬عاما‭) ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬من‭ ‬درعا‭ (‬جنوب‭) ‬إلى‭ ‬دمشق،‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬شقيقه‭ ‬المعتقل‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬ويقول‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭: ‬‮«‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬صيدنايا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬لم‭ ‬أجده‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬أخاه‭ ‬الذي‭ ‬اعتقل‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬13‭ ‬عاما،‭ ‬بين‭ ‬الجثث‭ ‬في‭ ‬المجتهد‭. ‬ويشرح‭ ‬بتأثر‭ ‬بالغ‭: ‬‮«‬كان‭ ‬أخي‭ ‬طفلا،‭ ‬وأكثر‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭ ‬لأشخاص‭ ‬أكبر‭ ‬سنّا‮»‬‭.

MENAFN11122024000055011008ID1108983742


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية