(
MENAFN- Swissinfo)
شغلت سويسرا، منصب عضو
منتخب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأول مرة، خلال عامي 2023 و2024. وتولت رئاسة المجلس للمرة الثانية، في شهر أكتوبر 2024. ما الذي يمكن لدولة مثل سويسرا أن تحققه من هذا المنبر، في ظل السياق الدولي كثير التجاذبات؟ تحليل.
تم نشر هذا المحتوى على
15 نوفمبر 2024 - 08:18
12دقائق
سارة هيلمولر ولوسيل ميرتنز
English
en
What Switzerland achieved at the UN Security Council
الأصلي
طالع المزيدWhat Switzerland achieved at the UN Security Counci
Deutsch
de
Was die Schweiz im UNO-Sicherheitsrat erreicht hat
طالع المزيدWas die Schweiz im UNO-Sicherheitsrat erreicht ha
Italiano
it
La Svizzera nel Consiglio di sicurezza ONU. Con quali risultati?
طالع المزيدLa Svizzera nel Consiglio di sicurezza ONU. Con quali risultati
التحقت سويسرا بعضوية مجلس الأمن، في وقت عصيب للغاية، اتسم بالمنافسة الجيوسياسية الشديدة، ما أعاق فاعليته في معالجة المعاناة الإنسانية الهائلة، في الصراعات الدائرة في أماكن كثيرة مثل غزة، وأوكرانيا، والسودان، وميانمار. وتستخدم الدول الخمس دائمة العضوية (روسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية)، حق النقضرابط خارجي بشكل متزايدرابط خارجي إذ استُخدم ضد خمسة قرارات خاصة بغزة وحدها، قبل الدعوة إلى وقف إطلاق الناررابط خارجي في القرار عدد 2728، في مارس 2024.
وأدت إجراءات الدول الأعضاء أحادية الجانب، مثل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، والتأخر في سداد المساهمات المالية المستحقة، إلى الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة، ما تسبّب في
أزمة سيولة خطيرة لدى المنظمة، وتقويض العمل متعدد الأطراف. وقد شهد شهر أكتوبر 2024 خاصة، الذي تولت سويسرا خلاله، رئاسة المجلس، تحديات كثيرة. فقد هوجمت الأمم المتحدة بشدة، سواء في
مستوى الخطاب، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن أمينها العام [الأمم المتحدة]“شخص غير مرغوب فيه“، أو الأفعال، عندما هاجم الجيش الإسرائيلي قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل في جنوب لبنان، أو عندما حظر البرلمان الإسرائيلي أنشطة وكالة الأمم المتحدة للإغاثة والتشغيل المتعلّقة بلجوء الشعب الفلسطيني في الشرق الأدنى (الأونروا).
تشارك المحققتان سارة هيلمولر (باحثة أولى في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ)، ولوسيل ميرتنز (أستاذة مشاركة في معهد جنيف للدراسات العليا)، في مشروع يوثق أكاديميًا عضوية سويسرا الأولى في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويُعدّ المشروع
في إطار التعاون بين معهد جنيف للدراسات العليا، و المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ،
وجامعة لوزان، بتمويل من
مؤسسة جامعة لوزان.
وقد تعيق هذه الأجواء المشحونة فاعلية الهيئة المنتخبة عن أداء دورها، فتؤدي في نهاية المطاف إلى التشكيك في تأثيرها. وقد أثار هذا التفويض في سويسرا خاصة، جدلا على المستوى المحلي ، ورشحها البرلمان، بينما أظهرت الولاية السويسرية قدرة هؤلاء على الاضطلاع بأدوار مهمة؛ فقد ساهمت سويسرا في تعزيز المسائل الموضوعية والجغرافية، وابتكرت أساليب عمل، لتجاوز العقبات.
النهوض بالمسائل الموضوعية والجغرافية
فرضت سويسرا نفسها في مستوى القضايا المطروحة، كمدافع شرس عن القانون الدولي. فقد ذكّرت به (وبطابعه الإنساني) في كل تدخلاتها حول المواضيع التي تعرقلها السياسة، وركّزت على جوانب محددة، مثل حماية السكان. وقد حقق اعتماد قرار سويسري، لحماية القوة العاملة في المجال الإنساني، والأمم المتحدة في مناطق النزاعاترابط خارجي ، نجاحاً دبلوماسياً خاصاً.
كما عززت سويسرا الصكوك القانونية، من خلال العمل كـ“نقطة اتصال” في قضايا المحكمة الجنائية الدوليةرابط خارجي ، بالاشتراك مع اليابان، أو من خلال التذكير بأهمية اتفاقيات جنيف، خلال زيارة المجلس غير الرسمية، لجنيفرابط خارجي في أغسطس 2024.
وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس، يقف على اليمين، والضيوف، خلف الكراسي، للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقيات جنيف، في ساحة الأمم المتحدة، أمام مقرها الأوروبي هناك.
Keystone / Salvatore Di Nolfi
وساهمت سويسرا في إبقاء قضية الأمن المناخي، مطروحة على جدول الأعمال، رغم
اعتراض بعض الدول الأعضاءرابط خارجي . وأدرجت صياغة تتعلق به في القرارات المتعلقة بتجديد ولاية بعثات السلام، على غرار مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتيرابط خارجي . كما شاركت سيراليون صياغة بيان رئاسيرابط خارجي ، اُعتمد في 24 مايو 2024 حول منطقة الساحل وغرب إفريقيا، أقر تأثير تغير المناخ المتفاقم في أمن المنطقة. كما تشارك موزمبيق رئاسة فريق الخبراء غير الرسمي، المعني بتغير المناخ، والسلام، والأمن.
وعزّزت سويسرا أخيرا، وخاصة خلال فترة رئاستها، خطة المرأة والسلام والأمن، إذ ترأست الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد، المناقشة السنويةرابط خارجي المفتوحة حول هذا الموضوع، وذكّرت بأهميّة زيادة مشاركة المرأة في عمليات السلام. كما دعت سويسرا عددا كبيرا من المتدخلات إلى المجلس، مما جعل عددهن مساوياً لعدد الرجال (28 امرأة و28 رجلا)،رابط خارجي ونظمت لقاء صحفيا حول دور المرأة الحيوي
رابط خارجي في إقامة السلام، قبل إحاطة المجلس بشأن كولومبيا.
وأما جغرافيا، فقد ساهمت سويسرا في تجديد ولايات بعثات السلام التابعة للأمم المتحدةرابط خارجي . ورغم ردود الفعل، على انسحاب عمليات حفظ السلام البارزة، مثل الموجودة في مالي،رابط خارجي أو جمهورية الكونغو الديمقراطيةرابط خارجي ، أو تلك التي في طور الانسحاب، فقد شهدت بعثات أخرى تجديد ولاياتها، شأن بعثتي كولومبيارابط خارجي أو جنوب السودانرابط خارجي . وقد نجحت خاصة، في قيادة المفاوضات حول تجديد ولاية عملية الاتحاد الأوروبي العسكرية في البوسنةرابط خارجي ، في نوفمبر2023.
وقد تميز شهر الرئاسة السويسرية لمجلس الأمن، بالتحديات المتعلقة بتصاعد التوترات في الشرق الأوسط خاصة. واستخدم بلد جبال الألب بصفته رئيسا، ما أوتي من وسائل
للتعامل مع الوضع. فقد نظمت سويسرا مثلا لقاءً إعلاميًارابط خارجي لدعم الأمين العام أنطونيو غوتيريش، ونشرت بالنيابة عن المجلس، بيانات صحفية تدين الهجماترابط خارجي على قوات حفظ السلام مثل اليونيفيل، وأكدت العمل الذي لا غنى عنهرابط خارجي لوكالة الأونروا. كما نظمت اجتماعات طارئة لتدارس العنف المتصاعد بين إيران وإسرائيلرابط خارجي .
المزيد
نقاش
يدير/ تدير الحوار:
جانيس مافريس
ما هو مستقبل نموذج الحياد السويسري؟
هل يمكن التمسك بالحياد في زمن التكتلات والتوترات الجيوسياسية؟
شارك في الحو
18 سبتمبر 2024
322
إعجاب
204
تعليق
عرض المناق
اعتماد أساليب عمل مبتكرة
استخدمت سويسرا أيضًا نُهجًا مبتكرة في أساليب عمل المجلس. فوظفت أوّلا التحالفات، والمعرفة الدبلوماسية، والخبرة المعترف بها، لصياغة القرارات واعتمادها، شأن القرار 2728 الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزةرابط خارجي ، أول قرار على الإطلاق، يطرحه جميع الأعضاء العشرة غير الدائمين.
وحاولت ثانيا تجديد مقاربة المجلس تجاه الوقائع، من خلال الدعوة إلى ما أسمته بالدبلوماسية العلميةرابط خارجي .
ونظمت حوله اجتماعاً غير رسمي، خلال رئاستها الأولى، في مايو 2023، وتابعت وضع هذا البند على جدول الأعمال، في رئاستها الثانية في أكتوبر 2024، من خلال إحاطة رفيعة المستوى برئاسة وزير الخارجية إينياتسيو كاسيس. فصدر بيان رئاسيرابط خارجي توافقي، يعترف بدور التطور العلمي، في إحلال السلام والأمن. واستغلت سويسرا أهمية دور رئيس المجلس السياسي، فدعت إلى مناقشات أقلّ احتقانا، وصياغة قرارات، تستند إلى أدلة ووقائع.
باسكال باريسفيل، رئيسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في إحاطة بالوضع في الشرق الأوسط .
Keystone / Alessandro Della Valle
وعادت سويسرا ثالثا، لإطلاق الزيارات الميدانية مع أعضاء المجلس. فقد نظمت زيارة إلى جنوب السودانرابط خارجي لفريق الخبراء غير الرسمي التابع للمجلس، المعني بالمرأة والسلام والأمن، ثم شاركت في قيادة بعثة إلى كولومبيارابط خارجي في فبراير 2024. وساهمت من خلال عمل المجلس خارج نيويورك، في الرد على الانتقادات الموجهة إليه في انفصال مناوراته وعقباته السياسية، عن السياقات الواقعية المختلفة لقراراته اليومية.
وعززت سويسرا أخيرا، شراكات المجلس مع المنظمات الإقليمية، وخاصة منها الاتحاد الأفريقي. وتدخلت فيولا أمهيردرابط خارجي خلال الرئاسة السويسرية الأولى، لدعم تمويل عمليات السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي، المصادق عليها في قرار اعتمد في ديسمبر 2023رابط خارجي . كما يسرت سويسرا الأنشطة المشتركةرابط خارجي بين الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ما عزز صورتها كبلد مؤيد للتعددية.
ورغم أهمية هذه المساهمات، لا تزال ثمة توترات هائلة بين القوى العظمى، ولا تجد القرارات عموما طريقها إلى التنفيذ، ولا يزال تأثير ابتكار أساليب العمل على المدى الطويل، في حاجة إلى تقييم.
ما الخطوة القادمة؟
تميّزت ولاية سويسرا الأولى في مجلس الأمن، بتعدد جوانبها. ولكن لا يتّضح بعد مدى قدرتها على الاستفادة من رفعة مكانتها الدولية، للحفاظ على دورها كمدافعة عن التعددية، من خلال التزاماتها تجاه مجلسي أوروبارابط خارجي وحقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدةرابط خارجي مثلا، وعلاقاتها الوثيقة مع الأعضاء الخمسة دائمي العضوية خاصة.
وقد تؤثر ولايتها في مجلس الأمن، على المدى المتوسط، في جنيف الدولية أيضا؛ فقد عززت سويسرا الجهات الفاعلة، والخبرات الموجودة فيها، وأكدت أهمية الحوار بين جنيف ونيويورك. وسيكشف المستقبل،
إن كانت هذه الجهود ستيسّر التعاون الوثيق الدائم، بين مركزي الأمم المتحدة، خاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأما على المدى الطويل، فإن تقييم نجاحات (وإخفاقات) هذا التفويض الأول سيؤثر حتماً على قرار وضعمنح سويسرا تفويضا ثانية في المستقبل المنظور.
وعموما، أظهرت التجربة السويسرية في المجلس، مدى صعوبة دور الهيئة المنتخبة، سواء من حيث مستوى الخبرة المطلوبة، أو المخاطر السياسية التي ينطوي عليها،
إذ يخضع لدقة كبيرة. ولكنها أظهرت
كذلك دورها الحاسم، وخاصة في مواجهة مجلس كثير التجاذبات، إذا توفّرت الشجاعة السياسية، والاستعداد للابتكار، للوصول في النهاية إلى إصلاح النظام الحالي.
تحرير: بنيامين فون فيل
ترجمة: مصطفى قنفودي
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي /أم
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
MENAFN15112024000210011054ID1108889570