Tuesday, 12 November 2024 10:43 GMT



غاز الريشة وأزمة الثقة .. بين الوعود والإجراءات المفقودة

(MENAFN- Khaberni) خبرني - من المعروف أن أي حكومة جديدة، في بداية فترة عملها، تسعى لتحقيق ما يُعرف في علم الإدارة بـ“الانتصارات السريعة” (quick wins)، وهو أسلوب يهدف إلى خلق حالة من التفاؤل في المجتمع عبر تقديم حلول سريعة وجديدة للمشكلات، تُعرض كعربون لبداية جديدة. إلا أن هذا المسار يحمل سلاحًا ذا حدين: إما أن يُبنى عليه بشكل منهجي وعلمي لتحقيق نتائج ملموسة، أو يتحول إلى سلسلة من الوعود التي تفتقد إلى المصداقية، مما يزيد من حالة الإحباط العامة.

في كتابها Strategic Agility: The Art of Piloting Initiatives، تشير الكاتبة الألمانية بتينا بوشل إلى أن تحقيق“الانتصارات السريعة” في عالم سريع التغير يتطلب استراتيجيات أكثر رشاقة ومرونة مما اعتدنا عليه. وتؤكد أن تنفيذ الاستراتيجية في هذه البيئة المتقلبة وغير المستقرة يستلزم سرعة في التعلم واتخاذ القرارات المناسبة، إلى جانب تخصيص الموارد بشكل فعّال.

في هذا السياق، أصبح الحديث عن حقل غاز الريشة مجرد وعود تثير الأمل، دون أن تترجم إلى نتائج ملموسة. حكومات متعاقبة، بدءًا من حكومة الملقي، مرورًا بحكومات الرزاز والخصاونة، جميعها قدّمت وعودًا بهذا المشروع الطموح، ولكن لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع. واليوم، حكومة جعفر حسان تعرض أرقامًا وبيانات للمشروع تبعث على التفاؤل، ولكن وسط أجواء حساسة في البلاد بسبب ارتفاع نسب البطالة وزيادة فاتورة المعيشة بمختلف أشكالها، وصعوبة الأحوال الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.

إذا لم تُترجم هذه الوعود إلى تحسن ملموس في الوضع المعيشي للمواطنين، فإن التفاؤل الذي يُبنى عليها قد يتحول إلى أداة هدم بدلاً من أن يكون أداة بناء. عندها، سيصبح الحديث عن هذه المشاريع مجرد تكرار لوعود تزيد من الإحباط وتعمق الفجوة بين الحكومة والشعب.

في ظل ما نشهده من صراعات حولنا، أصبح من الضروري أن تعمل مؤسسات الدولة الأردنية على استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين. فاستمرار تقديم الوعود من الحكومات دون تنفيذها سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتوسيع الفجوة بين السلطة والشعب. نحن نعيش في بيئة اقتصادية وسياسية متغيرة وضاغطة، حيث تتطلب التحديات الراهنة تعزيز الثقة المتبادلة دون تردد. بالتالي، لا بد أن تكون الأفعال أكثر من الكلمات والتصريحات، ويجب بناء علاقة متينة ومستدامة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، تقوم على العمل المشترك، الشفافية، والمسؤولية، والتخطيط الاستراتيجي السليم.

إن تعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين ليس رفاهية، بل هو ضرورة حتمية إذا أردنا مواجهة التحديات الحالية وتحقيق التنمية المستدامة لبلادنا. وعلى صناع القرار أن يدركوا أن بناء هذه الثقة يحتاج إلى عمل وتخطيط استراتيجي مكثف، أساسه المشاريع الكبرى التي تُحدث فرقًا حقيقيًا وجوهريًا في حياة المواطنين.

MENAFN10112024000151011027ID1108870514


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار