(
MENAFN- Akhbar Al Khaleej)
عندما كنت أكتب مقالات في صحيفة الوطن السعودية تحت مسمى «زاوية منفرجة»، تناولت ذات مرة أمر طالب سعودي أحرز نسبة 98% في امتحان الشهادة الثانوية العامة، كان راغبا في دراسة الطب، ولكن لم تقبل به أي جامعة طالبا في ذلك المجال، ثم أبلغني أستاذ جامعي بأن القبول في كليات الطب يتطلب امتثال الطالب امام لجنة معاينة، وان المرجح ان المعاينة فضحت بؤس تحصيل الطالب العلمي، ما جعل اللجنة تستنتج ان نسبة نجاحه العالية جاءت نتيجة «الغش».
شابة عربية، ظلت متفوقة في دراستها وتحرز مراكز متقدمة رغم أنها «متزوجة»، بمعنى أنها كانت تهتم بشؤون بيتها وزوجها والتزاماتها الاجتماعية، وشؤون دراستها في آنٍ واحد، وشاءت إرادة الله ألا تتمكن من الجلوس لامتحان الشهادة الثانوية في المواعيد المحددة بسبب «الولادة»، وكانت رغم ظروف الحمل الصعبة طوال العام الدراسي مواظبة على استذكار دروسها، ولكن ظروف الإنجاب حرمتها من الجلوس للامتحان في نهاية العام، فلم تيأس، وواصلت المذاكرة وجلست لامتحانات الدور الثاني ونجحت بنسبة 97%.
الطبيعي ان يهلل التربويون لفتاة كهذه كانت حبلى ثم أنجبت وليدا وظلت ترضعه وترعاه وتذاكر دروسها في نفس الوقت حتى نجحت بتفوق مثير للإعجاب، جعلها ضمن العشرين الأوائل في امتحان الشهادة الثانوية على مستوى بلادها، وما يثير الإعجاب أيضا أن زوجها كان ومازال متحمسا لمواصلتها دراستها، وكان هو من حمل أوراقها الى كلية البنات، حيث وجد موظفات قسم التسجيل قد حولن المكتب الى مطعم به شتى صنوف الفطائر والحلويات (وهذه ظاهرة في دواوين الحكومة في كل الدول العربية تقريبا، حيث يأتي الموظفون بالطعام ويفرشون الصحف فوق طاولة أو على الأرض ويأكلون أمام أعين أفراد الجمهور.. فول وبصل وحمص.. وبعضهم كرماء.. تدخل عليهم فيصيحون فيك: تفضل.. وبعضهم لئام: روح مو فاضين الحين.. وفي تقديري فإن الأكل الجماعي في المكاتب يجب ان يمنع ما عدا في مناسبات مثل الاحتفال بترقية او زواج او نجاح أو وداع زميل او زميلة، ما لم يقتصر الأمر على سندويتش).. ما علينا.. قالت موظفات قسم التسجيل في كلية البنات ان مجموع 97% لا يؤهلها للالتحاق بقسم اللغة الانجليزية الذي ترغب في الالتحاق به. (كم المجموع المطلوب لدراسة الطب والصيدلة والهندسة؟).. توجه الزوج الى الوزارة فقالوا له إن الحائزات على شهادة في الدور الثاني للامتحانات لا ينظر في أمر قبولهن في الجامعات (طيب ولماذا هناك دور ثان؟).. كان هذا الكلام يناقض كلام مسؤولة التسجيل في الجامعة التي أبلغت الزوج أن باب التسجيل مازال مفتوحا ولكن المشكلة هي ان الزوجة لم تحصل على المجموع المطلوب!!.. كل ذلك أمره هين.. وعادي.. ويحصل في أرقى العائلات والجامعات، (طبعا ليس هذا بالأمر الهين فلو أن نسبة 97% لا تؤهل طالبا للالتحاق بجامعة فمعنى هذا أن هناك سخاء في تخصيص الدرجات في الامتحانات، وأن فرص التعليم العالي مكفولة فقط لمن يحرزون 115% في الامتحانات)، ولكن ما هو غير عادي وغير معقول او مقبول إطلاقا فهو ما قاله أحد موظفي الوزارة لزوج الطالبة المتفوقة عندما أبلغه أن زوجته لم تجلس للامتحان في موعده الأصلي بسبب إنجابها لطفل. هل تصدق أنه قال للزوج: يا أخي ليش تخليها تحمل علشان تولد في فترة الامتحانات؟ أنقل هذا الكلام على ذمة الصحيفة التي استقي منها الخبر، وإذا كان هناك موظف طرح مثل ذلك السؤال الوقح فإن الطبيعي ان يتم إجراء تحقيق معه وبعد ثبوت «التهمة» عليه، طرده من الخدمة. متى تحمل زوجتي ومتى تنجب أمر لا يخصك يا قليل الأدب، ولا تستطيع لوائح وزارات حكومات الكون ولا الأمم المتحدة ان تقرر لكائن من كان -حتى لو كان أرنبا أو قطة- متى يحبل ومتى يجهض ومتى ينجب! أم ان ذلك الموظف يعلم بوجود نص في اللوائح يقضي بضرورة هجر الطالبات المتزوجات في المضاجع قبل تسعة أشهر من موعد الامتحانات؟
MENAFN10112024000055011008ID1108870412
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.