Sunday, 20 October 2024 11:23 GMT



تسارع الأزمات الاقتصادية في آخر 3 سنوات يهدد بتفاقم الفقر في الأردن

(MENAFN- Alghad Newspaper) عبد الرحمن الخوالدة

عمان - بينما تؤكد أحدث الدراسات المحلية أن حالة الفقر التي تعيشها شريحة واسعة من الأردنيين ما تزال تمثل تحديا شائكا في بلد لا تتجاوز فيه معدلات النمو الاقتصادي 2.5 % منذ سنوات، يشدد خبراء ومختصون على أن هذا الواقع أصبح إحدى المعضلات الكبرى التي تواجه الأردن على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
ويعتقد خبراء أن الحلول المتاحة في التعامل مع تراجع مستويات المعيشة لم تعد تجدي نفعا بدليل اعتراف الحكومة في إحدى تصريحاتها بأن معدلات الفقر ارتفعت في المملكة إلى 24 % في العام 2021 مقارنة مع 16 % في العام 2018.
لكن ثمة معلومات تؤكد أن أكثر من ثلث السكان في الأردن (35 %) يعيشون تحت خط الفقر، إذ أشار المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" من خلال تقرير موسع بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر نهاية الأسبوع الماضي إلى أن أحدث التقديرات تؤكد أن ما يقرب من 35 % من السكان، أي ما يعادل 3.98 مليون شخص، يعيشون تحت خط الفقر، وذلك حسب تقرير "أطلس أهداف التنمية المستدامة 2023" للبنك الدولي، ما يعكس ارتفاعا غير مسبوق يستدعي مراجعة جادة للإستراتيجيات الحكومية الحالية.





ويدعم صحة هذه الأرقام "الصادمة" حول ارتفاع معدلات الفقر في آخر ثلاث سنوات، استمرار تعرض الأردن لسلسلة أزمات دون مواجهتها بإجراءات ترتقي إلى مستواها، كان أولها "جائحة كورونا" ثم موجات التضخم بسبب الصراع الروسي الأوكراني تلاها تبعات الحرب التي يشنها العدو الصهيوني بدعم أميركي غربي على دول في المنطقة.
ويعتبر مختصون في تصريحات خاصة لـ"الغد" أن مشكلة الفقر محليا هي انعكاس لأزمة الاقتصاد الأردني الكبرى، والمتمثلة في استعصاء معدلات النمو الاقتصادي وتموضعها منذ نحو عقد وأكثر عند مستويات نمو لم تتجاوز 2.5 %، عدا عن ضعف السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات السابقة.
ورغم تنامي مشكلة الفقر خلال السنوات الماضية تمتنع الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من 7 سنوات من تحديث نسب الفقر وكشف معدلاتها محليا، إذ يرى المختصون أن تلكؤ الحكومات المتعاقبة في تحديث مؤشرات الفقر كان له أثر سلبي في مفاقمة هذه الظاهرة، وأضعف من قدرة الباحثين في الوقوف على مشكلة الفقر واجتراح الحلول المناسبة لها.
وبقصد معالجة مشكلة الفقر محليا والحد من تفاقم معدلاتها طالب هؤلاء المختصون، بضرورة إصلاح السياسات الاقتصادية والتركيز على تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال دعم القطاعات الإنتاجية داخله وخفض الكلف التشغيلية المختلفة عليه، إضافة إلى أهمية التخلي عن السياسات الضريبية غير المباشرة السائدة محليا والتحول عن ذلك نحو الضريبة التصاعدية على الدخل.
ويضاف إلى ذلك توسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الأضعف، مثل العمالة غير الرسمية والنساء والشباب، إلى جانب أهمية النهوض بظروف العمل اللائق، حيث أن الفقر في الأردن مرتبط بشكل كبير بظروف العمل غير الآمنة، وتدني الأجور، علاوة على أهمية الاستثمار في التعليم والتدريب المهني والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل وتنمية القدرات، إذ تعد كلها خطوات محورية يمكن أن تساهم في كسر دائرة الفقر.
وقال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة لـ"الغد" إن "الفقر أصبح إحدى المعضلات الكبرى للاقتصاد الوطني، التي تتنامى بصورة ملحوظة من عام لآخر، وسط غياب أي حلول حقيقية يمكن التعويل عليها في الخروج من مأزق هذه المعضلة قريبا".
وأكد أبو نجمة أن ضعف السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات السابقة، هي المسبب الرئيسي لمشكلة الفقر وغيرها من التحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد الوطني منذ سنوات طويلة، مشيرا أيضا إلى إخفاق كل من الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر وكذلك للحماية الاجتماعية في تحقيق غاياتها والمتعلقة في الحد من مستوى الفقر محليا.
وأوضح أبو نجمة الذي سبق أن شغل منصب أمين عام وزارة العمل أن الاقتصاد الأردني يعاني من عدة تحديات كان لها أثر مباشر على تفاقم معدلات الفقر محليا، وتتمثل هذه التحديات في ضعف معدلات النمو الاقتصادي التي شهدت تباطؤا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة نتيجة لأزمات اقتصادية عالمية وإقليمية مثل جائحة كورونا وتداعيات الحرب في المنطقة، إذ حد هذا التباطؤ من فرص خلق الوظائف، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والخريجين الجدد، وترك الكثير من الأسر عالقة في دائرة الفقر، مواجهة صعوبة في تلبية احتياجاتها اليومية في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتزايد نسب التضخم في السنوات الماضية.
ويضاف إلى ذلك ضعف السياسات التنموية التي أوجدت فجوة واضحة في المستوى المعيشي بين المواطنين في المدن ومناطق الأطراف، إذ تعاني المناطق الريفية والمجتمعات الطرفية من مستويات فقر أعلى مقارنة بالمناطق الحضرية، إلى جانب ضعف تمكين المرأة اقتصاديا ومستوى مشاركتها في سوق العمل، مما فاقم من مشكلة الفقر في الأسر التي تنخفض نسبة عمل النساء بها.
كما اعتبر أبو نجمة أن النسبة المرتفعة من الاعتماد على الاستيراد تجعل الاقتصاد الأردني عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، ما يجعل ارتفاع الأسعار العالمية يؤثر بشكل كبير على أسعار السلع الأساسية محليا، مما يزيد من معاناة الأسر الفقيرة ويجعل من الصعب عليها تلبية احتياجاتها اليومية، حيث يجد المواطنون أنفسهم يكافحون ضد ارتفاع تكلفة المعيشة، خاصة في ظل محدودية دخلهم، مبينا أننا نعتمد أردنيا على استيراد حوالي 80 % من احتياجاتنا الغذائية من الخارج بتكلفة سنوية تتجاوز 4 مليارات دولار.
وبغية إيجاد الحلول الممكنة لمعالجة مشكلة الفقر والحد من تفاقمها محليا، دعا أبو نجمة إلى ضرورة إعادة النظر بشكل شامل بالسياسات الاقتصادية القائمة، إضافة إلى تحفيز الاستثمار في القطاعات التي تخلق فرص عمل جديدة وتدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو أمر يعد أمرا أساسيا لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام. كما دعا إلى توسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الأضعف، مثل العمالة غير الرسمية والنساء والشباب، مما سيساعد في تقليل الفقر.
كما دعا أبو نجمة إلى أهمية النهوض بظروف العمل اللائق، إذ إن الفقر في الأردن مرتبط بشكل كبير بظروف العمل غير الآمنة، وتدني الأجور، وغياب الحماية الاجتماعية، وعدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل، إذ يمكن تحقيق تحسن ملحوظ في مستوى معيشة الأفراد وتخفيف حدة الفقر من خلال اتخاذ خطوات ملموسة في مجالات رفع الحد الأدنى للأجور، والرقابة على تطبيق تشريعات العمل، وتعزيز المساواة بين الجنسين، إلى جانب الاستثمار في التعليم والتدريب المهني والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل وتنمية القدرات، إذ تعد كلها خطوات محورية يمكن أن تساهم في كسر دائرة الفقر.
من جانبه، أكد المختص في الاقتصاد الاجتماعي فهمي الكتوت أن ظاهرة الفقر محليا هي انعكاس لأزمة الاقتصاد الأردني الكبرى، والمتمثلة في استعصاء معدلات النمو الاقتصادي وتموضعها منذ نحو عقد وأكثر، وتوقفها عند نطاق نمو لم يتجاوز منذ سنوات 2-2.5 %.
ويضاف إلى ذلك الفجوة بين النمو السكاني والاقتصادي، حيث إن مستويات النمو السكاني محليا تسير بشكل متسارع منذ عقد مقابل معدلات نمو اقتصادي متواضعة، إذ إن ذلك يفاقم بشكل واضح من ارتفاع نسب الفقر والبطالة محليا.
وأوضح الكتوت لـ"الغد" أن مستويات الفقر في الأردن تصاعدت بصورة كبيرة خلال العقدين الأخيرين وباتت اليوم "ظاهرة حقيقية لا يمكن إنكارها"، ما تستدعي التدخل السريع من الحكومة لما تنطوي عليه من مخاطر جمّة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
وشدد الكتوت على أن معالجة معضلة الفقر المحلية، تبدأ من إصلاح السياسات الاقتصادية والتركيز على تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال دعم القطاعات الإنتاجية داخله وخفض الكلف التشغيلية المختلفة عليه، إضافة إلى وجوب التركيز على استقطاب الاستثمارات خاصة الأجنبية والتي لها قدرة على انعكاس سريع على مؤشرات الاقتصاد الوطني، فضلا عن ضرورة تصميم الموازنات العامة بشكل يخدم عملية التنمية الاقتصادية والخدمية التي تعود بالنفع على المواطنين.
كما دعا الكتوت إلى أهمية التخلي عن السياسات الضريبية غير المباشرة السائدة محليا والتي تعتبر انكماشية ولها أثر واضح في إضعاف القدرة الشرائية وتراجع الطلب الكلي، والتحول عن ذلك نحو الضريبة التصاعدية على الدخل بما يتماهى مع المادة 111 من الدستور الأردني، لكي يصبح الجزء الأعظم من الضرائب ناجما عن الدخل بما يحقق التوازن والعدالة الاجتماعية ويخفف من الأعباء على الفئات الاجتماعية الهشة والمعوزة.
إلى ذلك، اعتبر الباحث في قضايا الفقر محمد الجرابيع، أن تقديرات "بيت العمال" لمستويات الفقر محليا تبدو دقيقة ومقاربة للواقع إلى حد ما، قياسا بالتقديرات الحكومية التي قدرت مستوى الفقر في عام 2021 بشكل مرحلي بنحو 24 %، حيث منذ ذلك الحين تفاقمت الظروف الاقتصادية الصعبة محليا، ومن الطبيعي أن يكون قد طرأ ارتفاعات على مستوى الفقر.
وبين الجرابيع أن توالي الظروف على العالم وبما فيه الأردن خلال السنوات الأخيرة بدءا من جائحة كورونا مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية وصولا إلى العدوان الإسرائيلي الأخير، وما خلفته من انعكاسات وأثمان اقتصادية كتراجع مستوى النمو الاقتصادي، والنشاط السياحي، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، فاقَمَ بصورة أو بأخرى من معدلات الفقر محليا خلال تلك السنوات.
وأكد الجرابيع أن تلكؤ الحكومات المتعاقبة في تحديث مؤشرات الفقر المحلية كان له أثر سلبي على تفاقم ظاهرة الفقر، حيث أن ذلك أضعف من قدرة الباحثين في الوقوف على مشكلة الفقر واجتراح الحلول المناسبة لها ، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة الإسراع في تحديث مؤشرات الفقر المحلية والتعامل معها كأرقام اقتصادية، لإتاحة الفرصة للحكومة ذاتها وللباحثين بتشخيص مشكلة الفقر بصورة دقيقة، وبالتالي إمكانية التوصل إلى حلول للحد من تنامي معدلاتها.
كما دعا الجرابيع إلى أهمية تصميم أدوات وإستراتيجيات جديدة للفقر تنبع من الواقع الاقتصادي المحلي خلال السنوات الأخيرة وتوقعاته خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى ضرورة رفع مستويات الأجور التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات طويلة مما انعكس سلبا على الواقع المعيشي لكثير من الأسر.

MENAFN20102024000072011014ID1108798773


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية