Sunday, 13 October 2024 03:24 GMT



تفكيك جوجل..كيف يمكن أن يعيد تشكيل صناعة التكنولوجيا؟

(MENAFN- Al-Borsa News) عادة ما تشبه أعمال أكبر شركات التكنولوجيا، الحصون المنيعة المحاطة بأسوار عالية وخنادق، إذ تعتمد منصاتها على دعم مليارات المستخدمين.

وفي الوقت نفسه، تجعل شبكات الشركات الشريكة والحلفاء التقنيين التي تدور في فلك هذه الشركات من الصعب إزاحتها.

موضوعات متعلقة بيكر هيوز: ارتفاع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة “فيتش” و”موديز” تخفضان التوقعات لفرنسا وبلجيكا بسبب المخاوف السياسية والمالية الصين تؤكد استمرار الخلافات مع الاتحاد الأوروبي حول رسوم السيارات الكهربائية

ومنذ جائحة كورونا، رفعت أرباح ونمو شركات التكنولوجيا الكبرى سوق الأسهم الأمريكية بأكملها.

كل هذا يجعل محاولة وزارة العدل الأمريكية لكسر احتكار أعمال البحث الأساسية لـ”جوجل” لحظة حاسمة في صناعة التكنولوجيا، فقد تابعت الوزارة هذا الأسبوع إنجازًا قانونيًا بارزًا في قضية مكافحة الاحتكار ضد“جوجل” في أغسطس الماضي من خلال تقديم اقتراح شامل لتغيير هيكلة أعمال الشركة.

حتى الآن، لا يزال هذا الاقتراح في مرحلة رسم الملامح العامة للعقوبات التي قد تطلب الحكومة الأمريكية من المحكمة فرضها للتعامل مع ممارسات“جوجل” المناهضة للمنافسة، وستقدم الوزارة اقتراحًا رسميًا في 20 نوفمبر، حسب ما أوضحته صحيفة“فاينانشيال تايمز” البريطانية.

لكن مع بدء المعركة حول الشركة المسؤولة عن المحرك البحثي والتي حققت إيرادات بقيمة 175 مليار دولار العام الماضي، تشير هذه الخطوة إلى اضطراب تاريخي محتمل في عالم التكنولوجيا، مع وجود فائزين وخاسرين من جميع الأطراف.

وقد تؤدي النتائج النهائية، على سبيل المثال، إلى إعادة توجيه المليارات التي تدفعها“جوجل” للشركات التقنية الأخرى لوضع خدمة بحثها أمام مئات الملايين من المستخدمين. كما يمكن أن تؤدي إلى خفض الأسعار لملايين المعلنين، الذين قال قاضٍ أمريكي إنهم يدفعون مبالغ زائدة بسبب ممارسات جوجل.

وقد ينتهي الأمر بالتوقف عن توفير بعض التقنيات الهامة التي تقدمها“جوجل” مجانًا، مثل أنظمة تشغيل أندرويد للهواتف المحمولة ومتصفح كروم، التي يعتمد عليها العديد من المطورين وصانعي الأجهزة.

الأهم من ذلك، أن هذه التغييرات قد تفتح الباب أمام منافسة حقيقية في مجال البحث على الإنترنت لأول مرة منذ صعود“جوجل”.

كما قد تمهد الطريق لجيل جديد من الشركات الناشئة التي تأمل في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقليل هيمنة“جوجل”، مثل محركات البحث“بيربلكستي” و”يو دوت كوم” وشركات الذكاء الاصطناعي الخالصة مثل“أوبن إيه آي”.

تراجعت أسهم شركة“ألفابت”، الشركة الأم لـ”جوجل”، بنسبة 3% فقط على خلفية هذه الأخبار الأسبوع الماضي .

وبالنسبة لغالبية المستثمرين، لا تزال آثار القضية غير واضحة وبعيدة لتؤثر على التقييمات الحالية، لكن مع اقتراب تداعيات خسارة القضية، بدأ بعض المستثمرين في إيلاء مزيد من الاهتمام.

رغم التأثير المحتمل، لا تزال وزارة العدل تواجه تحديات كبيرة.

فبالإضافة إلى إقناع المحكمة بدعم الاقتراح الذي ستقدمه في النهاية، عليها أن تنجح في الدفاع عن قضيتها في مرحلة الاستئناف وربما أمام المحكمة العليا.

وحتى في حال نجاحها، فإن معظم المراقبين القانونيين ومنافسي“جوجل” يقولون إنه لا توجد طرق سهلة لضمان زيادة المنافسة.

يقول ديفيد بالتو، محامي مكافحة الاحتكار والمسؤول السابق في لجنة التجارة الفيدرالية:“من الصعب الفوز بقضايا الاحتكار، لكن من الأصعب إيجاد حلول فعالة”.

ويضيف أن هذا ينطبق بشكل خاص على الأسواق التي تعتمد على تأثيرات الشبكة، حيث“هناك أسباب طبيعية لظهور شركات مهيمنة”، وهو أمر شائع في العديد من أسواق التكنولوجيا.

لكي تنجح وزارة العدل، سيتعين عليها إقناع المحاكم ليس فقط بحظر الممارسات المحددة لـ”جوجل” التي تم الحكم بأنها غير قانونية، لكن أيضًا بتبني مجموعة من التغييرات الواسعة التي تتجاوز تلك الممارسات.

يأتي هذا الإجراء بعد حكم أصدره قاضٍ فيدرالي، أميت مهتا، في أغسطس الماضي، حيث أيد دعوى الحكومة الأمريكية وعدة ولايات بأن“جوجل” استخدمت لأعوام صفقات حصرية لضمان ظهور محرك بحثها بشكل بارز أمام المستهلكين، مما أدى إلى تهميش المنافسين بشكل غير قانوني.
وقد أعلنت شركة البحث العملاقة أنها ستستأنف الحكم، لكنها تقول أيضًا إنه إذا تم تأييد قرار مهتا، فإن الحل سيكون بسيطًا ومحدودًا، وهو حظر العقود الحصرية التي كانت في قلب القضية.

يمكن أن يكون لذلك عواقب مالية كبيرة، فقد ينتهي الاتفاق الذي تدفع بموجبه“جوجل” 20 مليار دولار سنويًا لشركة“أبل” للحصول على وصول تفضيلي لمستخدمي الآيفون، وهو جزء من مبلغ إجمالي قدره 26 مليار دولار تدفعه“جوجل” لضمان توزيع محرك البحث الخاص بها.

ومن المفارقات أن“جوجل” قد تكون المستفيدة إذا تم حظر هذه المدفوعات، لأنها تدعي أن معظم مستخدمي الأجهزة مثل الآيفون سيستمرون في اختيار استخدام محرك البحث الخاص بها.

ورغم أن وزارة العدل الأمريكية استهدفت هذه الصفقات الحصرية، فإنها تخطط أيضًا لدفع نطاق أوسع من الإجراءات.

وهاجمت“جوجل” هذه الخطة الأوسع ووصفتها بأنها“متطرفة” وجزء من“أجندة شاملة” تتجاوز بنود قضية مكافحة الاحتكار، لكن منافسي الشركة يقولون إنه إذا أرادت المحاكم فعلاً تعزيز المنافسة، فعليها دعم نوع الإجراءات التي تقترحها وزارة العدل.

وفي حكمه ضد“جوجل”، أشار القاضي إلى المزايا الذاتية التي اكتسبتها الشركة نتيجة لسلوكها غير القانوني، والتي تشمل التفوق الهائل في البيانات التي تحصل عليها“جوجل” باعتبارها الشركة الرائدة في السوق، مما يمكنها من تحسين نتائج البحث بشكل أدق من منافسيها.

كما تمكنت“جوجل” من تحقيق أسعار أعلى من إعلانات البحث الخاصة بها، مما أعاق منافسيها الذين لا يمكنهم تحقيق إيرادات من حركة البحث بنفس المعدل.

ولفتح الباب أمام منافسة حقيقية في مجال البحث، تقول وزارة العدل إن المحاكم بحاجة إلى التخلص من هذه المزايا وغيرها التي عززت هيمنة“جوجل” في السوق.

يعد تفكيك الشركة المحتمل أكثر جوانب اقتراحات وزارة العدل لفتًا للانتباه وإثارة للجدل، وقد أشارت السلطات إلى نظام التشغيل أندرويد، ومتصفح كروم، ومتجر تطبيقات جوجل بلاي، مما يوحي بأن التفكيك قد يقتصر على تجريد“جوجل” من القنوات الهامة التي تضمن التوزيع الواسع لمحرك البحث الخاص بها.

ولكن، بمفرده، قد يكون لتفكيك كهذا تأثير محدود على المنافسة، فأندرويد وكروم لديهما تأثيرات شبكية قوية تجعلهما أكثر جاذبية كلما زاد عدد المستخدمين.

كما أن هذه الشركات المستقلة ستظل لديها حوافز قوية للاستمرار في التعاقد مع“جوجل” لتقديم محرك البحث الخاص بها.

من جانبه، يقول مايكل كوسومانو، أستاذ إدارة الأعمال بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا:“إذا قامت المحكمة بتفكيك جوجل، فلن يتغير وضع الاحتكار”.

ويضيف أن التفكيك سيكون عقوبة قاسية جدًا لشركة حققت الكثير من نجاحاتها من خلال ابتكاراتها في محرك البحث.

إذا مضت وزارة العدل قدماً في هذه الفكرة ونجحت، فإن إجبار“جوجل” على الانفصال عن أندرويد وكروم قد يؤدي إلى اضطرابات في عالم التكنولوجيا الأوسع.

فقد تمكن العديد من صانعي الأجهزة، من الهواتف الذكية إلى التلفزيونات، من استخدام أندرويد وكروم مجانًا، وهو أمر قد يتغير تحت إدارة مالك جديد.

ووفقًا لجوجل، فإن هذه الفوضى التي قد تسببها في عالم التكنولوجيا يجب أن تجعل أي محكمة ترفض الفكرة تمامًا.

إلا أن منتقدي الشركة يقولون إن مثل هذه التأثيرات الجانبية تكون أحيانًا جزءًا ضروريًا من تصحيح التشوهات السوقية.

وفقًا لميجان جراي، التي كانت محامية في لجنة التجارة الفيدرالية وشغلت منصب المستشار العام السابق لمحرك البحث“داك داك جو”، فإن حجم المخالفات التي ارتكبتها“جوجل” وفترة سلوكها المناهض للمنافسة الطويلة يجعلان“نطاق التأثير” المحتمل للإجراءات التصحيحية عبر صناعة التكنولوجيا كبيرًا بشكل خاص.

لكنها تضيف أن أي آثار سلبية يجب أن تتوازن بمرور الوقت بفوائد للمستهلكين ناتجة عن“بحث أفضل، وظهور شركات ناشئة أكثر، وزيادة فرص العمل، وابتكار أكثر”.

قدمت وزارة العدل اقتراح ثاني، يتمثل في إجبار“جوجل” على منح منافسيها حق الوصول إلى البيانات الأساسية التي يعتمد عليها عمل البحث الخاص بها، وهذا الاقتراح حظي باهتمام أقل من العامة، لكنه يمكن أن يكون له تأثير عميق.

تشمل هذه البيانات جميع استعلامات البحث التي تم إدخالها في“جوجل” والنتائج التي تعيدها الشركة، بالإضافة إلى العوامل المختلفة التي تأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار بشأن كيفية الاستجابة لاستعلام معين.

وهذا من شأنه أن يفتح“الصندوق الأسود” لمحرك البحث الخاص بجوجل، مما يمكن الآخرين من إعادة إنتاج نتائجه أو إجراء تعديلاتهم الخاصة لتحسين الخدمة.

وتشير“جوجل” إلى أن مشاركة استعلامات البحث ستعرض خصوصية مستخدميها للخطر، مما يجعل الفكرة غير قابلة للتنفيذ.

ومع ذلك، يشير منافسوها إلى أنه لن يتم تضمين أي بيانات شخصية مباشرة، ويدعون أن هناك طرقًا لتصفية استعلامات البحث التي قد تحدد هوية المستخدم عن طريق الخطأ.

تشكو“جوجل” أيضًا من أن اقتراح مشاركة البيانات سيكشف بعضًا من أهم أسرارها التجارية وغيرها من الملكية الفكرية، مما يقوض إحدى أهم مزاياها التنافسية.

ولكن منافسيها يقولون إن المحاكم لم تتردد في الماضي في إجبار الشركات المخالفة على فتح أسرارها التجارية.

فعلى سبيل المثال، بعد أن خسرت“مايكروسوفت”قضية مكافحة احتكار تاريخية قبل نحو 25 عامًا، اضطرت إلى الإفصاح عن معلومات تقنية خاصة لمنافسيها حتى يتمكنوا من التفاعل بسهولة أكبر مع برامجها.

إلى جانب مشاركة البيانات، اقترحت وزارة العدل أيضًا أن تتيح“جوجل” لمنافسيها الوصول إلى شبكة الإعلانات الخاصة بها، مما قد يمكنهم من تحقيق أرباح من حركة البحث الخاصة بهم بقدر ما تفعله“جوجل”.

ومن المحتمل أن يكون تأثير اقتراحات وزارة العدل محسوسًا في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد تصبح هذه القضية أول معركة تنظيمية حول ملامح سوق الذكاء الاصطناعي الناشئ، مما يساعد الشركات الناشئة على اقتحام أسواق“جوجل” بشكل أكبر.

MENAFN12102024000202011048ID1108772724


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.