Wednesday, 09 October 2024 03:26 GMT



مؤسسة قطر تناقش تأثير النزاعات المسلحة على أنظمة الرعاية الصحية

(MENAFN- qf) الدوحة، قطر، 7 أكتوبر 2024: تحمل الحروب في طياتها العديد من التداعيات الخطيرة التي تؤدي إلى تدمير البنية التحتية وتدهور أنظمة التعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على الأسر. في هذا الإطار، يعقد مؤتمر القمة العالمي للإبتكار في الرعاية الصحية "ويش 2024"، عضو مؤسسة قطر، نسخته المقبلة يومي 13 إلى 14 نوفمبر في الدوحة، تحت عنوان "الصحة من منظور إنساني: المساواة والمرونة في مواجهة الصراعات".

ويعمل "ويش" بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية على إعداد تقرير يتناول حماية الأنظمة الصحية في النزاعات المسلحة، وأحدث الاتجاهات المتعلقة بالهجمات على المرافق الصحية والعاملين بها، مفنداً طبيعة هذه الهجمات وحجمها ونطاق توزيعها. كما يقترح التقرير آليات لحماية نُظم الرعاية الصحية خلال النزاعات المسلحة، والأطر التي تحميها في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان، بالإضافة إلى طُرق الملاحقة الجنائية ضدّ مرتكبي هذه الجرائم وآليات المساءلة التابعة للأمم المتحدة. كذلك يقدم التقرير توصياته لمنع وقوع هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها من منظور محلي وإقليمي ودولي.

تقول مها العاكوم، مديرة السياسات والمحتوى في "ويش": "إن الارتفاع المثير للقلق في عدد الهجمات على المرافق الصحية في مناطق النزاع يؤكد الحاجة الملحة إلى ضرورة التحوّل في طبيعة الاستجابة لهذا التحدي لحماية أنظمة الرعاية الصحية، حيث يتأثر العاملون الذين يشكلون نواة النظم الصحية بشكل متباين بالعنف المحيط بهم. وغالباً ما يضطرون للعمل في ظلّ المخاطر التي تأتي بأعباء هائلة وسط شحّ في الموارد، وهذا ما يجعلهم في حالة قلق دائم على سلامتهم وسلامة أسرهم".

وأضافت:"إن العدد غير المسبوق من عمليات الاختطاف والاحتجاز والاعتقال للعاملين الصحيين والمرضى يُعطل الوصول إلى الرعاية الصحية بشكل كبير، خصوصًا في ظلّ نزوح العاملين الصحيين إلى خارج المنطقة عندما يتعرضون للتهديد بأي هجوم وشيك. للعنف تأثير عميق على الصحية النفسية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وهذا ينعكس سلباً على قدراتهم في توفير الرعاية للآخرين".

تابعت العاكوم:" تتحمل الأسر وطأة هذه الهجمات على المستويات الصحية والنفسية والاجتماعية، وهذا يتطلب حشد الجهود من قبل الحكومات، ووكالات الأمم المتحدة، والمجتمع المدني ليس فقط لحماية الخدمات الطبية، ولكن أيضاً لحماية الأُسرة لأنها نسيج الحياة. من خلال تسليط الضوء على هذه المعاناة، يُمكننا بناء مستقبل نؤكد فيه على الصحة كحق إنساني أساسي ولو في أصعب الظروف".

في هذا السياق، لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ استهداف الأسرة العربية لا يُعد من الأضرار الجانبية للحروب فحسب، بل هو جزء من استراتيجية متعمدة تسعى من خلالها بعض الأطراف المتصارعة إلى محو عائلات كاملة من سجلات الحياة، وتهجير آلاف الأسر، وذلك لأن الأسرة تمتلك "قوة هائلة" في تغيير مسار النزاعات وفي الحفاظ على تماسك المجتمع. وبالتالي فإن هزيمة أي مجتمع تبدأ بتدمير الأسرة، سواء عن طريق محو حقها في الحياة أو عن طريق تدمير القيم والأعراف الإجتماعية وإضعاف دورها.

ورغم المأساة، لا تزال الأسرة العربية تقدم خلال الحروب نموذجًا يُحتذى به في تعزيز القيم الإنسانية مثل التراحم، والتعاضد، ونكران الذات. وهذا ما أكده تقرير صادر منذ أعوام عن معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، تناول: "الحروب، النزاعات، وتداعياتها على الأسرة العربية". وأشار التقرير إلى أن الأسرة في العالم العربي تعد من أقوى وحدات المجتمع، وأن هناك ثمة شيئًا فريدًا في نسيج الأسرة العربية يجعلها مرنة للغاية في مواجهة الصراعات الكبرى عبر التاريخ. كما أوضح التقرير أن الأسرة هي بمثابة المخزن الذي يختزن كل نقاط القوة والضعف في العالم العربي المعاصر.

تقول الدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة: "لكل فرد في الأسرة دوره ومسؤولياته التي يتوجب عليه القيام بها، ضمن منظومة القيم الأسرية الأساسية السائدة في أوقات السلم، مثل التعاون، والتراحم، والتواصل، والحوار. ويبرز دور الأب والأم في حماية أبنائهم، ورعايتهم، وتعليمهم، والاهتمام بصحتهم ومعافاتهم، إضافة إلى رعاية كبار السن وتلبية احتياجاتهم. وغالبًا ما تكون هذه الأدوار واضحة ومحددة في السياسات الأسرية، ويتم ضبطها من قبل الدولة خلال أوقات السلم، حيث تضمن القوانين المرعية المحاسبة في حال حدوث أي خلل."

أضافت الدكتورة العمادي: "في أوقات الحروب، ومع استهداف المرافق التعليمية والصحية والأسرة بشكل مباشر، تصبح مسؤولية الأب والأم في توفير الحماية والرعاية لأبنائهم ولكبار السنّ مهمة جسيمة وصعبة للغاية. مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأطفال المحرومين من التعليم والمرضى الذين لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية. كما يتسبب ذلك في تفكك الأسرة الممتدة وتفرق أفرادها في أماكن مختلفة بحثًا عن الحماية. ومع ذلك، لاحظ الباحثون أن الأسرة تصبح أكثر تماسكًا وقوة خلال الأزمات والحروب، حيث تنخفض معدلات الطلاق وتقل المشاكل الأسرية. فيكون الهاجس المشترك في هذه الأوقات ينصب على حماية أفراد الأسرة بعضهم البعض، والسعي للبقاء بالقرب من الأسرة الممتدة."

تابعت الدكتورة العمادي حديثها: "يُشير الباحثون إلى أنه خلال الحرب على غزّة، ومع إبادة أُسر بأكملها واستشهاد كل أفرادها، يجد العديد من الأطفال أنفسهم وحيدين، بلا عائل. في تلك الأوقات برزت ظاهرة احتضان هؤلاء الأطفال من قبل أُسر لا تمت لهم بصلة قرابة، حيث تشكّلت أُسر جديدة من أفراد لم تربطهم صلة قرابة في السابق، وذلك بدافع الفطرة الانسانية التي تدفع الإنسان إلى الاحتماء بحصن الأسرة في الأوقات الصعبة. وهذا يؤكد الدور المحوري للأسرة في تجاوز المعاناة وتوفير الشعور بالحماية والأمان للفرد من خلال وجوده داخل كيان أسري.

وقد سلّط تقرير المعهد الضوء على مظاهر الصمود التي أظهرتها الأسر في العالم العربي، ولا سيما بين النازحين. يُشير التقرير إلى "الإبداع والابتكار الذي تبديه الأسر النازحة في إنشاء المشاريع الصغيرة داخل المخيمات"، بالإضافة إلى "مشاعر الخوف على بعضهم البعض والتفاؤل بقدرتهم على تخطي المحن، والتعاضد في تجاوز الصدمات."

وتختم الدكتورة العمادي بقولها: "عندما يجد الإنسان نفسه في وسط أزمة، حتى وإن كانت فردية، يعود بشكل تلقائي إلى القيم الدينية. ويظهر هذا الأمر بشكل خاص في حالات الحروب والنزاعات. فعندما تتفاقم المعاناة نتيجة فقدان الأمان، وفقدان الأقارب، والخوف الشديد، تبرز القيم الإنسانية الجماعية المستمدة من الأديان، مثل التراحم والتعاضد والحفاظ على الأسرة ويصبح الاهتمام بالخطر الذي يهدد الأسرة كجماعة أكثر أهمية، ما يجعل الأسرة أكثر تماسكًا وتراحمًا. في هذه الأوقات، يصبح أفراد الأسرة بحاجة إلى بعضهم البعض بشكل أكبر، لا سيما في الدول العربية، حيث شعور الانتماء إلى الأسرة الممتدة قوي. فيزداد الإحساس بالمسؤولية الجماعية داخل الأسرة، وهذا ما نلحظه في الأسرة العربية بشكل خاص، مما يجعلها مصدر قوة في أوقات الحروب والفترات التي تليها، حيث تلعب الأسرة دورًا محوريًا في إعادة البناء والنهوض بالمجتمعات التي عانت من ويلات الحروب.

MENAFN09102024007577015000ID1108760601


qf

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية