Saturday, 09 November 2024 02:12 GMT



البطالة.. ملف تائه كيف نعثر عليه؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) عبد الرحمن الخوالدة

عمان- حضر ملف البطالة، على مدار العقد الأخير، بقوة، على طاولة المسؤولين الحكومين والاقتصاديين والباحثين، وكذلك في قائمة هموم الأردنيين الذين عانوا من الارتفاع المستمر لمعدلات البطالة عاما تلو آخر، إلا أن هذا الملف بقي يرواح مكانه من دون حلول حقيقية للحد من تعاظم مشكلته.
ولم تفلح الحكومات المتعاقبة في مواجهة هذه المشكلة التي باتت مصدر قلق اقتصادي واجتماعي ينذر بمخاطر كبيرة، إذ اتسم تعامل هذه الحكومات مع أزمة البطالة باستخدام أدوات تقليدية كتنظيم أيام للتشغيل بالتعاون مع بعض المؤسسات أحيانا، أو ممارسة الضغط على القطاع الخاص لاستيعاب المزيد من العمالة في أحيان أخرى.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة الجديدة مطالبة بالتفكير خارج الصندوق وإيجاد حلول خلاقة لمشكلة البطالة، تبدأ بمعالجة "المرض الحقيقي للأقتصاد الأردني" الذي تعد البطالة أحد أعراضه البارزة، وهو ضعف معدلات النمو الاقتصادي التي ما تزال تتراوح منذ سنوات طويلة ما بين 1.9 - 2.5 % فقط، وهي معدلات متواضعة أمام توفير فرص العمل.





ويضاف إلى ذلك أهمية اتخاذ خطوات جريئة في إدارة الملف المالي والنقدي في الأردن بخفض الحمل الضريبي العالي، لا سيما ضريبة المبيعات التي كان لارتفاعها أثر سلبي في تراجع حجم النشاط الاستهلاكي الداخلي، علاوة على خفض كلف مدخلات الإنتاج المرتفعة للغاية، خاصة كلفة المشتقات النفطية، فضلا عن الاستفادة من التكنولوجيا والتحول الرقمي لخلق فرص عمل جديدة في القطاعات الناشئة.
وشدد الخبراء على ضرورة بناء الحكومة على رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت أهدافا طموحة لمعالجة مشكلة البطالة، ومنها استحداث 100 ألف فرصة عمل سنويا، والنهوض بمعدلات النمو الاقتصادي إلى حوالي 5 %، إذ تعد هذه الأهداف قابلة للتحقيق إذا توفرت الظروف الملائمة.
وسجلت معدلات البطالة خلال العقد الأخير 2023-2013 ارتفاعا بنحو 10.4 %، وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغ معدل البطالة خلال العام 2013 ما نسبته 11 %، وفي نهاية العام الماضي وصل إلى نحو 21.4 %.
وفي ما يتعلق بمعدلات البطالة للعام الحالي، أظهر التقرير الربعي لدائرة الإحصاءات العامة الخاص بالبطالة، ثبات معدل البطالة للربع الثاني تواليا العام الحالي ليستقر عند 21.4 %، وبمقارنة الربع الثاني من العام الحالي مع العام الماضي، أظهر التقرير انخفاض معدل البطالة بما مقداره 0.9 %.
وكان معدل البطالة في الربع الثاني من العام 2021 بلغ ما نسبته 24.8 %، وهو أعلى معدل للبطالة في تاريخ المملكة قبل أن ينخفض خلال العام الماضي إلى 21.4 %، مقارنة مع 22.9 % في نهاية العام الذي سبقه، وفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة.
ويرى أمين عام وزارة العمل السابقة حمادة أبو نجمة، أن الحكومة الجديدة بحاجة في تعاملها مع مشكلة البطالة إلى تبني استراتيجيات شاملة ومستدامة لخفض معدلات البطالة، ومن الضروري أن تركز على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لاستحداث وظائف جديدة، إضافة إلى تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي بما يقود إلى تحسين مستوى النمو الاقتصادي الذي يعد شرطا أساسيا لحل مشكلة البطالة.
ويضاف إلى ذلك تطوير سياسات التدريب والتأهيل المهني بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل، إلى جانب الاستفادة من التكنولوجيا والتحول الرقمي لخلق فرص عمل جديدة في القطاعات الناشئة.
وأكد أبو نجمة الذي يدير حاليا مركز حقوق العمال الأردني "بيت العمال"، في حديثه لـ"لغد"، أن الحكومة الجديدة مطالبة بالبناء على رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت أهدافا طموحة لمعالجة مشكلة البطالة، ومنها استحداث 100 ألف فرصة عمل سنويا، وهو هدف قابل للتحقيق إذا توفرت الظروف الملائمة. مشيرا إلى أن الحكومة السابقة لم تنجح في تحقيق تقدم كبير نحو تحقيق هذا الهدف بشكل مستدام.
وحذر أبو نجمة من أن مشكلة البطالة تشكل خطرا اجتماعيا واقتصاديا كبيرا، حيث إن استمرار البطالة بمعدلات مرتفعة قد يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر، وتأجيج مشاعر الاستياء الاجتماعي، وارتفاع معدلات الجريمة، هذا على الصعيد الاجتماعي، أما على المستوى الاقتصادي، فقد تسهم البطالة في إضعاف النمو الاقتصادي وتقليل الإنتاجية. كما يمكن أن تؤدي إلى هجرة الكفاءات، حيث يبحث الشباب عن فرص أفضل في الخارج، مما يؤثر على قدرات الاقتصاد الوطني.
من جانبه، أكد رئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، لـ"الغد"، أن معدلات البطالة محليا مرتفعة جدا منذ سنوات، وإن كانت قد استقرت على ارتفاع في العام الماضي والأشهر المنقضية من العام الحالي، معتبرا أن أستراتيجيات الحكومات المتعاقبة أخفقت في معالجة مشكلة البطالة.
وبين عوض أن حل مشكلة البطالة محليا والحد من تنامي مستوياتها يتطلب من الحكومة الجديدة التفكير خارج الصندوق والقطع مع السياسيات الاقتصادية التي طبقتها الحكومات الماضية، والتوجه نحو خيارات اقتصادية جديدة، ومنها التخلي عن السياسات التقشفية التي ضغطت بصورة واضحة على القطاع الخاص وحدت من قدرته على التوسع وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة.
ويضاف إلى ذلك ضرورة اتخاذ خطوات جريئة في إدارة الملف المالي والنقدي في الأردن، تبدأ بخفض الحمل الضريبي العالي الذي "كبل" الاقتصاد الوطني في السنوات الماضية، لا سيما ضريبة المبيعات التي كان لها أثر سلبي في تراجع النشاط الاستهلاكي المحلي، إضافة إلى وجوب خفض كلف مدخلات الإنتاج المرتفعة للغاية، خاصة كلفة المشتقات النفطية، التي لا تتلاءم مع احتياجات القطاع الخاص الإنتاجية التي تعتمد في إنتاجها على هذه المشتقات.
ويضاف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر بسياسات العمل من تحسين مستوى الأجور وتخفيض كلف رسوم الضمان الاجتماعي، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص، إلى جانب أهمية إزالة القيود والعراقيل أمام استخدام الطاقة البديلة، لا سيما لدى القطاعات الإنتاجية.
وأوضح عوض أن تحقيق كل ما سبق من شأنه أن يسهم في تحسين مستوى النمو الاقتصادي، والارتقاء بإمكانيات القطاع الخاص وتخفيض الكلف المختلفة لممارسة أعماله، مما سينعكس على توسع الاقتصاد المحلي وقطاعاته المختلفة، وبالتالي زيادة فرص العمل المستحدثة.
وأشار عوض إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي وضعت العديد من الأهداف الطموحة، ومنها خفض معدلات البطالة وتوفير مليون فرصة عمل على مدار عقد من الزمن، إلا أن تطبيق الحكومة الماضية للخطة الخاصة برؤية التحديث الاقتصادي لم يكن بالصورة المأمولة، معربا عن أمله أن تسرع الحكومة الجديدة خطط تنفيذ رؤية التحدث الاقتصادي على أرض الواقع.
إلى ذلك، اعتبر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني قاسم الحموري، أن مشكلة البطالة المتفاقمة في الأردن هي "عرض لمرض ضعف النمو الاقتصادي"، حيث إن تواضع مستويات النمو الاقتصادي محليا واستمرارها دون تحسن منذ سنوات طويلة أثر بصورة واضحة على قدرة الاقتصاد الأردني على خلق وتيرة جيدة من فرص العمل.
وأوضح الحموري لـ"الغد"، أن كسر حدة معدلات البطالة المرتفعة في المملكة يتطلب أن يحقق الاقتصاد الوطني لسنوات طويلة مقبلة معدل نمو يزيد على 5 %، لافتا إلى أن القائمين على رؤية التحديث الاقتصادي لديهم إدراك لذلك، حيث تم وضع نسبة النمو هذه هدفا رئيسيا في رؤية التحديث.
ويرى الحموري أن زيادة معدلات النمو الاقتصادي لا يمكن أن تتحسن ما لم يتم استقطاب المزيد من الاستثمارات، خاصة الأجنبية، إضافة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي والمحلي؛ حيث إن تحفيز الاستهلاك المحلي يتطلب تخفيض ضريبة المبيعات وغيرها من الرسوم والضرائب، خاصة المتعلقة بالمحروقات والتي شكلت "حجر عثرة "للاقتصاد الوطني في السنوات الماضية، مطالبا الحكومة الجديدة بضرورة إعادة النظر بالسياسات الضريبية السائدة محليا بما يخدم العملية الاقتصادية.
وأشار الحموري إلى أن الحكومة المتعاقبة لم تتعامل مع مشكلة البطالة بكفاءة وفعالية، حيث استخدمت حلولا تقليدية للحد منها كإطلاق أيام وظيفية أو الضغط على القطاع الخاص لزيادة نسب التشغيل لديها.
ونوه الحموري إلى أن مشكلة البطالة تنطوي على مخاطر اقتصادية واجتماعية جمة، وقد تقود في بعض الأحيان إلى تهديد الاستقرار والأمن المجتمعي، مما يستدعي من الحكومة التنبه لهذا الخطر.

MENAFN05102024000072011014ID1108749907


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.