Sunday, 06 October 2024 10:24 GMT



المياه.. الحكومة تباشر مهامها على وقع معضلة الأردن الأفقر عالميا

(MENAFN- Alghad Newspaper) إيمان الفارس عمان - ما تزال معضلة فقر المياه الحادة في المملكة وتصنيف الأردن أخيرا بالدولة الأفقر مائيا على مستوى العالم، تحديا عابرا للحكومات، بل وبات أشد حرجا وقلقا في الوقت الراهن، ما يستدعي تدخلات "جراحية" عاجلة، للتصدي لهذه الأزمة.
وعلى الدوام، فإن هذه القضية لم تغب عن تأكيدات ومرتكزات أولويات كتب التكليف السامية، والتي ركزت في مضمون الأخير منها، عقب تكليف رئيس الحكومة الجديد د. جعفر حسّان، على ضرورة المضي واستكمال المشروعات الإستراتيجية في مجالات المياه وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
واتساقا مع أهداف وأولويات طرق الوصول نحو الأمن المائي، دعا خبراء، في تصريحات لـ"الغد"، في إشارة لمضمون كتاب التكليف السامي، إلى أهمية العمل على محورين هما زيادة التزويد المائي من مشروع الناقل الوطني، وإدارة الطلب على المياه من خلال تخفيض فاقد المياه الذي بلغت نسبته 50 % من إجمالي التزويد المائي الكلّي للشرب البالغ 480 مليون متر مكعب سنويا، ووقف الاعتداءات.
وفي هذا السياق، أكد خبير المياه الدولي في قطاع المياه د. دريد محاسنة، أولوية حرص الحكومة الجديدة، ممثلة بوزارة المياه، على أمن الموارد، ويتسق في هذا الإطار تحديدا بالأمن المائي، لا سيما في ظل ظروف اعتماد الأردن بشكل كبير على المياه العابرة للحدود.
وأشار محاسنة إلى ضرورة إسراع الأردن بالمضيّ في مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه لإنتاج المياه أردنيا، داعيا إلى ضرورة مواجهة فاقد المياه، سواء الفاقد الفيزيائي أو الإداري، والتصدي لكامل أشكال الاعتداءات على المياه، وبشدّة، وصولا إلى وضع مائي مستدام، موصيا في الوقت ذاته، إلى أهمية التوازن في استخدام المياه "المستنزفة" لأغراض الرزاعة.
ولفت إلى أهمية "إطلاق اليد" للقطاع الخاص نحو التشارك في موضوع حفر الآبار العميقة، وبحث مزيد من مشاريع التحلية، مشددا على ضرورة إدارة المياه في الأغوار.
وبين أهمية أن يتم التعامل مع الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه بمبدأ اقتصادي مختلف عن غيرها من تلك الزراعات "ذات الاحتياج الأساسي" والتي لا تستهلك كما كبيرا من المياه.
من ناحيتها، رأت الخبيرة الدولية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي أن ما تواجهه الحكومة الجديدة إزاء الوصول إلى الأمن المائي، "مهمة صعبة جدا"، معتبرة أنها تتطلب استعدادا كاملا للوصول إلى بر الأمان وتحقيق الأمن المائي المستدام.
وقالت الزعبي "إنه لا يخفى على الجميع أن القطاع ضعيف ماليا ويعاني ديونا عالية، وذلك لأسباب متعددة منها؛ ارتفاع نسبة المياه غير الربحية وهي المياه المستخدمة بدون فواتير ما يقلل كثيرا من إيرادات القطاع، بالإضافة إلى عدم تغطية التعرفة للتكلفة، ولا يتم تحصيلها".
وذلك إلى جانب "أن فترة السماح لأغلب القروض انتهت وبدأت فترة السداد ما يزيد من الأعباء المالية على القطاع، كما أن عدم توفر الاموال اللازمة لتنفيذ مشاريع جديدة أو تغطية تكاليف تشغيل وصيانة المشاريع القائمة، اضطر الحكومة إلى اللجوء للمزيد من الاقتراض، وبعضه مكلف جدا كالاقتراض من البنك الدولي مثلا أو المشاركة مع القطاع الخاص واستثمار أمواله في تنفيذ المشاريع، وهي أموال باهظة الثمن، ومن أجل استردادها يتم توقيع عقود خاصة تلزم الحكومة بدفع مبالغ سنوية لهذه الشركات في المقابل، وهي مبالغ كبيرة عادة".
وعلى هذا الصعيد، أكدت الخبيرة في دبلوماسية المياه إلى أهمية استعداد الحكومة لذلك ماليا وإداريا وحوكمة، مضيفة "أن الوقت المتاح ليس طويلا، خاصة مع اقتراب توقيع العقد مع الفائز بمشروع الناقل الوطني، ما يزيد الأعباء المالية على الحكومة، وعليها أن تعمل بجدية على تحسين إدارتها المالية والفنية لتتمكن من الإيفاء بالتزاماتها، فهناك نحو 6 سنوات حتى البدء بتشغيل مشروع الناقل الوطني".
وقالت، "إن ذلك يعني البدء بالدفع للمشغل، لذا لا بد من استغلال هذه السنوات في تحسين إدارة قطاع المياه، وتحسين وضعه المالي حتى تتمكن الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها تجاه الشركة والالتزامات الأخرى براحة مالية، وتقليل نسبة الفاقد من هذه المياه التي ستصبح أغلبها عالية التكلفة؛ لأن مصادرها غير تقليدية من جهة أخرى". واعتبرت الزعبي أن الأمن المائي لا يتحقق من خلال مصادر التزويد فحسب، بل من خلال الاستفادة القصوى من كل قطرة ماء، وعبر الحد من الخسائر الناجمة عن التسرب والاستخدام غير القانوني، والمعروف باسم فاقد المياه، أو المياه غير المفوترة".
وأوضحت أن كلا منا بحاجة إلى تقدير قيمة المياه، مؤكدة أهمية عدم اعتبار المياه أمرا مفروغا منه، لاسيما وأن اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المنتجات التي نشتريها، وإهدار كميات أقل من المياه، ومنع التلوث، هي طرق بسيطة للمساهمة في العمل الإيجابي، من أجل مستقبل الغذاء والناس والكوكب.
ودعت إلى إجراءات ذات أولوية من شأنها تحقيق الأمن المائي المستدام، "والتي يجب تنفيذها الآن قبل انطلاق مشروع الناقل الوطني"، وهي "تنفيذ خطة متكاملة لترشيد استهلاك المياه، وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، باستخدام أحدث التقنيات المتطورة من العدادات والقطع الخاصة، بهدف مراقبة وضبط ومراقبة كافة كميات المياه التي يتم تنقيتها وإنتاجها من محطات مياه الشرب المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة، وكذلك مراقبة أي فواقد في الشبكات بدءاً من المصدر وحتى نقاط التغذية، للعمل على تقليل الفاقد الإجمالي لمياه الشرب". وأكدت ضرورة ضمان الإدارة الفعّالة لتوزيع المياه بشكل مستدام وعادل، وهو ما يتطلب نهجًا شاملاً ومتكاملًا يشمل جميع أصحاب المصلحة من صناع السياسات إلى المجتمعات الشعبية.
وقالت إن حوكمة المياه والحيازة والمحاسبة المائية ضرورية لتحفيز التغيير التحويلي، وضمان الوصول العادل إلى المياه، كما أن الاستثمارات والحوافز المستهدفة في ممارسات إدارة المياه المبتكرة والفعّالة ضرورية.
ويشمل ذلك تقنيات الري والتخزين الجديدة، وتطوير معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري والحلول القائمة على النظم الإيكولوجية لمعالجة ندرة المياه.
وتكمن قيمة هذا التطبيق للذكاء الاصطناعي في أنه يوفر الوقت والموارد المهدرة في نشر فرق الصيانة في الموقع لتقييم خسائر المياه غير المحسوبة من الصفر، توازيا وإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة عملية تقييم الأعطال الهيكلية في الأنابيب.
علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير إستراتيجيات استجابة محسنة في الوقت الفعلي للتكيف مع حالات الطوارئ مثل ندرة المياه وأحداث التلوث وانفجار الأنابيب.
وأشارت الزعبي إلى دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمكين الحكومات من شراء وتقديم خدمات البنية التحتية، والخدمات العامة، والاستفادة من موارد القطاع الخاص وخبراته من خلال ترتيبات تقاسم المخاطر.
وقالت: "إذا تم تصميم وتنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص بشكل صحيح، فيمكنها تقديم قيمة اجتماعية من خلال تقديم الخدمات في الوقت المناسب وبتكلفة فعّالة، فضلاً عن المكاسب الناجمة عن تحسين الكفاءة والابتكار في تصميم المشاريع، ودمج الخبرات العالمية، والوصول إلى مصادر جديدة لرأس المال".
وأضافت: "من ناحية أخرى، فإن الشراكات بين القطاعين العام والخاص المصممة والمنفذة بشكل سيئ لا تحقق النتائج المرجوة، ويتطلب توسيع نطاق مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص واستدامتها بناء مؤسسات أقوى لتنفيذ مشاريع أفضل للشراكات بين القطاعين العام والخاص، ولا يمكن أن تكون مشاريع الشراكة بين القطاعين بديلاً من الالتزام السياسي والإصلاحات الأوسع نطاقاً اللازمة لمعالجة قضايا الحوكمة الأساسية الخاصة بالبنية التحتية".
بدوره، رأى الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات أنه ولتعزيز الأمن المائي في المملكة، ورد في كتاب التكليف السامي أنه يجب العمل على محورين، الأول زيادة التزويد المائي من مشروع الناقل الوطني، والثاني إدارة الطلب على المياه من خلال تخفيض فاقد المياه الذي بلغت نسبته
50 % من إجمالي التزويد المائي الكلّي للشرب البالغ 480 مليون متر مكعب سنويا ووقف الاعتداءات.
وأضاف الدحيات أن ذلك يتم العمل عليهما بشكل متكامل، لأن العمل على محور دون الآخر، لن يحقق الغرض في سد العجز المائي من خلال زيادة الكميات وتقليل فواقدها في الوقت نفسه.
وبين أن ذلك يشمل استكمال المفاوضات مع الائتلاف المفضّل لمشروع الناقل الوطني للمياه، ووضع جدول زمني مستجعل لتنفيذ المشروع، بما في ذلك إمكانية تزويد بعض المحافظات بالمياه مبكراً قبل انتهاء مدة التنفيذ لكافة مكوناته، وإعادة توزيع المخاطر للطرف الأقدر على إدارتها بكفاءة تجنباً لأي تأخير على كل من البرنامج الزمني وجداول العمل.
وأكد أهمية إعداد وتنفيذ خطة لتطوير مصادر مياه جديدة تتضمن مؤشرات أداء وجدول زمني للمساهمة في المحافظة على كميات التزويد المائي الحالي لكافة المحافظات وزيادتها قبل وصول كميات مياه مشروع الناقل الوطني العام 2029.
وأوضح أن الخطة تحوي مشاريع ومبادرات على المدى الآني والقصير، وتفصّل كميات المياه الإضافية في الموازنة المائية لاستخدامات كافة القطاعات (المنزلية والصناعية والسياحية الزراعية)، وتحدّد مصادر التمويل لتنفيذها سواء من الموازنة العامة أو من تمويل واستثمار القطاع الخاص على مبدأ البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT). وأكد أهمية الاستمرار بتنفيذ المشاريع التنموية في قطاع المياه والممولة خارجيا وطرح عطاءاتها بشكل مستمر.
وعلى صعيد أولوية تخفيض فاقد المياه، قال الدحيات إن أهمية الإسراع بتنفيذ مشاريعه، تبرز من خلال تنفيذ مشاريع تخفيض الفاقد الفني، المتسرب والضائع من الشبكة، وتشكّل قيمة مشاريعه 1 مليار من إجمالي 1,3 مليار دينار في إستراتيجية فاقد المياه (2022-2040)، حيث تتضمن هذه المشاريع إعادة هيكلة وتأهيل شبكات المياه الرئيسية ووصلاتها المنزلية وإدارة الضغوط فيها، ومراقبة كميات التزويد المائي من خلال عزل شبكة المياه الرئيسة لمجموعة شبكات فرعية مفصولة وغير متداخلة بما يسهل مراقبة تدفق المياه فيها وكشف التسربات وتحويل الضخ المباشر إلى التزويد الانسيابي.
وذلك من خلال استخدام علوم الكفاءة السلوكية، التي تتيح لهم مراقبة استهلاكهم للمياه مع استهلاك المنازل المماثلة ذات الكفاءة العالية في منطقتهم، واتخاذ خطوات إيجابية لإدارتها وكشف التسربات داخل المنازل التي تقع ضمن مسؤولية المشتركين. كما يتم نشر نسب الفاقد التي يتم تخفيضها في كل محافظة والإيرادات المالية الإضافية المتأتية منه ومساهمة كل مشروع في ذلك، وكميات المياه الإضافية التي سيتم توفيرها للمواطنين، وانعكاسها على أدوار المياه والتوزيع ونوعية الخدمات وخصوصاً في فصل الصيف الذي يمثل ذروة الطلب على المياه، ومساهمة ذلك في تقليل قيمة العجز المالي السنوي لقطاع المياه الذي يبلغ 355 مليون دينار حسب تقديرات موازنة العام 2024 المالية.
واعتبر الدحيات أن من أهم الأولويات إطلاق خطة تطوير إداري ومالي لقطاع المياه، وتحقيق الرشاقة المؤسسية ورفع كفاءة الموظفين وبناء القدرات وتوجيه الإنفاق نحو الاستثمارات الرأسمالية، وتقليل الإنفاق التشغيلي وتوظيف التكنولوجيا وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وإدماج الشباب والنساء واصحاب المصلحة في التخطيط، واتخاذ القرارات بناء على الأرقام وأنظمة المعلومات.

MENAFN05102024000072011014ID1108749884


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار