Thursday, 10 October 2024 09:59 GMT



اقتصاد الظل.. ظاهرة متنامية وسط ضعف السياسات الاقتصادية

(MENAFN- Alghad Newspaper) عبدالرحمن الخوالدة عمان- بينما يستمر"الاقتصاد غير الرسمي" في الأردن بالاتساع، يؤكد خبراء أن تراكم التحديات الاقتصادية المحلية على مدار السنوات الماضية كضعف معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة واستمرار تداعيات جائحة كورونا أدت إلى تنامي هذا النوع من الاقتصاد وطنيا.
وأوضح الخبراء أن "اقتصاد الظل " الذي أمسى محليا حقيقة ثابتة ينطوي على آثار سلبية اقتصاديا في كثير من الأحيان، إلا أن "ليس كله شرا" فثمة جوانب إيجابية يحملها بين طياته.
وبحسب الخبراء، فإن أحد الجوانب السلبية التي يخلفها "الاقتصاد غير الرسمي" تتمثل في عدم حصول العاملين تحت مظلته على حماية اجتماعية كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والأمان الوظيفي وغيرها من حقوق العمل، لا سيما في أوقات الأزمات والكوارث، ما ينعكس على تراجع فعالية قوة العمل الأردنية، وقدرتها على المساهمة في العملية التنموية، إلى جانب خسارة خزينة الحكومة الأردنية إيرادات ضريبية كبيرة، نتيجة عدم دخول أنشطة هذا الاقتصاد في العملية الاقتصادية، فضلا عن ضعف معدلات الأجور داخل الاقتصاد الرسمي.
لكن في المقابل يؤكد الخبراء أن هنالك حزمة من الإيجابيات لهذا النوع من الاقتصاد وفق الخبراء، وعلى رأسها تخفيف الضغوط على الاقتصاد الرسمي الناجمة عن مشكلة البطالة، لاسيما وأن"الاقتصاد غير الرسمي" يمثل متنفسا للمتعطلين عن العمل بتوفيره بعض فرص العمل المؤقتة، إضافة إلى رفع مستوى مشاركة المرأة في سوق العمل من خلال ممارستها لبعض الأنشطة التجارية عن بعد، عدا عن تحسين المستوى المعيشي لبعض الأسر التي تمارس بعض الأنشطة التجارية والإنتاجية الموسمية المؤقتة.
وبهدف دمج "اقتصاد الظل" في العملية الاقتصادية الأردنية وتنظيمه، طالب الخبراء بأهمية التخطيط طويل الأجل لتحسين ظروف النمو الاقتصادي، إضافة إلى أهمية صياغة ترتيبات وسياسات من قبل الحكومة الجديدة ومؤسسة الضمان الاجتماعي وغيرها من الجهات المختصة.
ويضاف إلى ذلك أهمية تطوير الحكومة منظومة الأدوات التأمينية وتوسيع مظلة التأمين الصحي، وتخفيف كلف الاشتراك في برامج التأمين الصحي المختلفة، إضافة إلى تأسيس قاعدة بيانات عن سوق العمل غير الرسمي، عدا عن ضمان احتفاظه بمكتسباته وتقديم المزيد من الحوافز والمزايا له، وتخفيض الكلف التشغيلية والإنتاجية على أعماله.
ويقصد بالاقتصاد غير الرسمي، ممارسة مجموعة من القطاعات وكيانات الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر غير النظامية أنشطة ذات قيمة اقتصادية في جميع القطاعات الاقتصادية المنتجة للعديد من السلع والخدمات التي يتم تداولها نقدا بعيدا عن نطاق سيطرة الجهات الرسمية بالدولة.
وكان تقرير أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مؤخرا، أشار إلى أن اتساع حجم الاقتصاد غير الرسمي في الأردن، نتيجة للجذور العميقة لهذه الظاهرة محليا، والمتمثلة في معدلات النمو المتواضعة والمتقلبة، إضافة إلى ركود الإنتاجية، عدا عن تباطؤ وتيرة التحول الاقتصادي.
ويضاف إلى ذلك ضعف فرص العمل ونوعيتها خاصة بين الشباب والنساء، إلى جانب مشكلة ازدواجيات المعايير في سوق العمل، وأنظمة الحماية الاجتماعية المجزأة، وعدم كفاية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وتضاربت البيانات المتعلقة بحجم الاقتصاد غير الرسمي في المملكة، إذ تشير أحدث دراسة محلية حول ذلك أصدرها منتدى الإستراتيجيات الأردني في عام 2021 إلى أن حجم هذا الاقتصاد محليا تراوحت نسبته على مدى السنوات الماضية حول ما يعادل 15 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أظهر تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2022 حول العمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن 59 % من إجمالي العمالة في الأردن هي عمالة غير منظمة، وأن
75 % من عمالة القطاع الخاص هي عمالة غير منظمة أيضا.
وأكد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة أن توسع اقتصاد الظل محليا خلال السنوات الماضية يعود بشكل أساسي إلى ضعف معدلات النمو الاقتصادي التي فاقمت من مشكلة البطالة ومحدودية فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد الرسمي مما دفع بالكثير إلى قبول العمل بفرص مؤقتة وغير مغطاة بأي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية(ضمان اجتماعي، تأمين صحي)، عدا عن ضعف معدلات الأجور داخل الاقتصاد الرسمي .
وبين المخامرة أن استيعاب "القطاع غير الرسمي"، لعدد كبير من الأيدي العاملة في ظل مشكلة البطالة المتنامية كان له أثر جيد في تقليص حجم الأعباء الاقتصادية والمعيشية لدى الكثير من الأسر، إضافة إلى مساهمته في رفع حجم الاستهلاك المحلي من خلال إتاحة الفرصة للعديد من الأسر المعوزة وكذلك بعض الطلبة وغيرهم من المواطنين على ممارسة أعمال تجارية وإنتاجية موسمية مؤقتة.
ويرى المخامرة أن لاتساع حجم"اقتصاد الظل"، أضرارا اقتصادية واجتماعية كبيرة ومنها عدم توفر أمان اجتماعي واقتصادي مستدام للأفراد الذين يعملون فيه، ما قد يجعلهم عرضة للاستغلال في وقت الأزمات، إلى جانب خسارة خزينة الحكومة الأردنية بعض الإيرادات الضريبية المتاحة، نتيجة عدم دخول هذا الاقتصاد، في معادلة الاقتصاد الوطني وبالتالي لم يمكن تحصيل الضرائب والرسوم منه.
وبقصد معالجة مشكلة اقتصاد الظل محليا، وحماية العاملين فيه وتنظيمه، دعا المخامرة إلى ضرورة صياغة ترتيبات وسياسات من قبل الحكومة الجديدة ومؤسسة الضمان الاجتماعي وغيرها من الجهات المختصة، لإيجاد صيغة معينة تضمن تسهيل دخول المنخرطين في هذا الاقتصاد بمنظومة الضمان الاجتماعي، إضافة إلى أهمية تطوير الحكومة منظومة الأدوات التأمينية وتوسيع مظلة التأمين الصحي، وتخفيف كلف الاشتراك في برامج التأمين الصحي المختلفة، فضلا عن تحسين مستويات الأجور، إلى جانب أهمية العمل على توفير قاعدة بيانات توثق عدد العاملين في هذا النوع من الاقتصاد من أجل تسهيل التعامل معهم في الأزمات.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة، "حجم الاقتصاد غير الرسمي أحد المعايير والمؤشرات على قوة الاقتصاد، إذ كلما انخفض حجمه أشار ذلك لقوة الاقتصاد والعكس صحيح، وهو واقع الحال في الأردن" ، إذ هناك تقديرات ترفع مساهمته في حجم الناتج الإجمالي المحلي إلى 40 % وهذا حجم كبير جدا".
واعتبر زوانة أن تضخم حجم "الاقتصاد غير الرسمي" محليا، كان نتيجة للمشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني منذ فترة طويلة كتواضع معدلات النمو الاقتصادي، وضعف الاستثمارات المتدفقة، وارتفاع معدل البطالة وغيرها.
وأكد زوانة أنه في ظل محدودية الخيارات، وجد كثيرون في"الاقتصاد غير الرسمي" ملجأ لإيجاد فرص العمل أو البدء في نشاط تجاري صغير، وهذا بلا شك أمر إيجابي.
وبين زوانة، أن اتساع حجم"الاقتصاد غير الرسمي" يتسبب بتداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، وتتمثل هذه السلبيات في عدم قدرة المنظومة الضريبية للوصول لهذا الاقتصاد، وبالتالي تراجع الإيرادات العامة، مع ما يعانيه هيكلها من ضعف وضيق سواء بالاعتماد على الضريبة غير المباشرة بكل عيوبها أو بعدم وجود قاعدة بيانات عنه لدى الجهات الرسمية، ما يضعف القدره على التخطيط التنموي الفعال.
ويضاف إلى ذلك بحسب زوانة، عدم تمتع العاملين بهذا القطاع بمظلة الحماية الاجتماعية من ضمان وصحة وغيرها، ما ينعكس كذلك أيضا على تراجع فعالية قوة العمل الأردنية لعدم شمول عاملين القطاع بالعملية التدريبية والتأهيلية، وبالتالي ومع مرور الوقت تضعف فعالية قوة العمل الأردنية وقدرتها على المساهمة في العملية التنموية.
ويرى زوانة أن إدماج "اقتصاد الظل" في العملية الاقتصادية الأردنية يحتاج لتخطيط طويل الأجل وظروف نمو اقتصادي مرتفع ومستدام لإنجاح عملية الدمج، لكي يضمن أن من ينوى دمجه سيجد فرصة العمل المناسبة، إلى جانب أهمية توجه الحكومة لتأسيس قاعدة بيانات عن سوق العمل غير الرسمي وتتابع تطوراته وتفاصيله وتحولاته، عدا عن تسهيل الإجراءات والتشريعات التي تتيح شمول هذا النوع من الاقتصاد في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي محمد البشير "ظاهرة "اقتصاد الظل" في الأردن هي نتاج فجوة في الدخول وتوزيع الثروة وضعف التشريعات، نجم عنها بعد فترة طويلة بعض المشكلات الاقتصادية كالبطالة والفقر وضعف مستويات الأجور، إضافة إلى تدني معدلات النمو".
وأضاف البشير "على الحكومة أمام توسع هذا القطاع مضاعفة الجهود لإدماجه في المشهد الاقتصادي الرسمي بما يضمن احتفاظه بمكتسباته، وتسهيل إجراءات شموله بمظلة الحماية الاجتماعية، وتقديم المزيد من الحوافز والمزايا له، وتخفيض الكلف التشغيلية والإنتاجية إلى أعماله" داعيا أيضا إلى ضرورة إعادة النظر بالسياسات الضريبية والمالية بما يخدم تحسين الواقع المعيشي للمواطنين.
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إن "الاقتصاد غير الرسمي"، ظاهرة منتشرة في مختلف دول العالم وتتباين في حجم انتشارها من دولة إلى أخرى، وكذلك مدى سلبيتها أو إيجابيتها.
وتابع " أن انتشار هذا النوع من الاقتصاد محليا له جانب إيجابي لا يمكن تجاوزه ويتمثل في تخفيف الضغوط على الاقتصاد الرسمي الناجمة عن مشكلة البطالة، حيث كان "الاقتصاد غير الرسمي " متنفس للمتعطلين عن العمل على مدار السنوات الاخيرة بتوفيره بعض فرص العمل المؤقتة لهؤلاء.
وشدد عقل على أهمية عمل الحكومة على دمج "الاقتصاد غير الرسمي " في معادلة الاقتصاد الوطني، واتخاذ خطوات نحو شمول قطاعات اقتصاد الظل المختلفة والعاملين فيه، في مظلة الحماية الاجتماعية.

MENAFN02102024000072011014ID1108740594


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية