(
MENAFN- Alghad Newspaper)
سماح بيبرس
عمان – ناقش مشاركون في مائدة مستديرة حول "موقف الأمم المتحدة الموحد بشأن الاحتجاز تقليل الاكتظاظ في مرافق الاحتجاز والسجون"، أمس التدابير العملية الرامية للحد من الاكتظاظ والاحتجاز قبل المحاكمة وخلالها وبعدها.
ويعقد المائدة مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بالشراكة مع مديرية الأمن العام، ويشارك فيها خبراء في العمل الإصلاحي والسجني، وقضاة وممثلو إدارات عامة معنية بالسجون في المنطقة ومؤسسات حقوق إنسان ومجتمع مدني وبرلمانيين.
وتناول المشاركون تجارب دول مشاركة فيها وما تتبعه من إجراءات للحد من الاكتظاظ في السجون، ودور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العمل مع إدارات السجون للحد من آثار الاكتظاظ وحماية حقوق السجناء.
مدير الأمن العام اللواء عبيد الله المعايطة، استهل الجلسة الافتتاحية بالتاكيد على مبادئ مديرية الأمن العام لتطوير آليات تعزيز حقوق الإنسان، وتوطيد أسس العدالة الجنائية بتطبيقات أمنية مثلى، وممارسات قانونية تعبر عن ضمائرنا.
وقال المعايطة، "سعت السياسات والتشريعات العقابية لتوفير الوقاية والرعاية لتأهيل المحكوم عليهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد صالحين، قادرين على العيش الكريم، لكن التحديات غالبا تحول دون نجاح المؤسسات العقابية في مساعيها، ومنها ضعف برامج رعايتها ودعمها المادي".
وأشار إلى أن الأردن قطع شوطا في منظومة العمل المتعلقة بتأهيل نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وفقا لنهج إصلاحي شمولي، يستند على خطط وبرامج وإستراتيجيات، أعدت بنهج علمي متطور، يخدم المسيرة الإصلاحية ويراعي مصلحة النزلاء وينسجم مع المعايير الدولية في هذا المجال.
وأضاف، آمنت المديرية بأهمية التنسيق والتعاون مع الداعمين والشركاء في دول الشقيقة والصديقة والهيئات والمنظمات المحلية والدولية، ما عزز من قدراتها على وضع الخطط وتنفيذها والمضي نحو تحقيق مزيد من الإنجازات لمشاريع قائمة وأخرى مستقبلية واعدة تسهم بتحقيق أهدافنا.
من جهته، قال الممثل الإقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مازن شقورة، في سياق عدم كفاية الإصلاحات في نظام العدالة الجنائية والتمويل، إن السجون تشهد اكتظاظا كارثيا ونقصا في الموارد مع ارتفاع عدد السجناء، ما يزيد من الضغط عليها ويثير القلق بشأن البعد عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، المتعلقة بنسبة المحتجزين غير المحكوم عليهم كجزء صغير من إجمالي نزلاء السجون.
وأشار شقورة إلى أن نقص العمل وانخفاض الأنشطة التعليمية وبرامج التأهيل جراء الاكتظاظ يؤدي لزيادة العنف في السجون، مضيفا أنّ العيوب البنيوية في أنظمة العدالة الجنائية، بما في ذلك المتعلقة بالتمييز العنصري والتحيز، تؤدي للشعور بمشاعر الظلم وعدم المساواة، ما يؤدي غالبا للعنف وتدهور حقوق الإنسان والنظام السجني.
وأضاف، أنّ الحجة الأكثر شيوعًا في أي نقاش حول كيفية تحسين الوضع في السجون هي الميزانية، فبدون استثمارات جديدة كبيرة لا يمكن تحسينها، ولا بناء منشآت جديدة، ولا توظيف وتدريب وتجهيز الموظفين أو إنشاء برامج كافية أو تحسين النظام القضائي، وبرغم صحّة ذلك "إلا أن ذلك غالبًا ما يكون مجرد عذر، وينم عن عدم الرغبة الحقيقية بالتقدم، نظرا لنقص الإرادة الحقيقية والجهود، والمعرفة، مؤكدا أنّ هناك طرقا وأدوات للتعامل بفعالية مع هذه المسألة لصالح المجتمع ككل، ولا تتطلب استثمارات كبيرة، وبعضها يأتي بتكاليف قليلة أو بدون تكلفة على الإطلاق".
المديرة الإقليمية في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي للشرق الأوسط تغريد جبر، بينت أن هناك أكثر من 102 دولة تعاني من ظاهرة اكتظاظ السجون، وتصل نسبة الاكتظاظ في 8 دول لأكثر من 300 % من حجم القدرة الاستعابية و150 % في 59 دولة أخرى، أما المتوسط العالمي المتعارف عليه لظاهرة الاكتظاظ فهو 200 % وفقا لتقرير المنظمة العام الحالي.
ووصفت جبر ظاهرة الاكتظاظ بالـ"العبء الثقيل ماديا وإداريا ومعنويا ليس فقط على السجناء، بل وعلى العاملين في السجون" مشيرة إلى أن ذلك يؤثر سلبا على مناحي الحياة اليومية للسجناء من مأكل ومشرب وملبس وخدمات صحية وبرامج اعاده تأهيل وادماج وغيرها، كما له اثر سلبي على الإدارة اليومية للمؤسسات السجنية، كعملية التصنيف والتسكين وحفظ الأمن والاستقرار في هذه المؤسسات، وإدارة تنقلات السجناء وخروجهم للمحاكم وبرامج التشغيل والتدريب، انتهاء بعملية الإفراج.
وأكدت على أنّ المنظمة تؤمن بأن تحقيق العدالة ومحاربة الجريمة والعيش في مجتمعات آمنة "لا تتحقق بمجرد الاحتجاز فقط"، بل بتطوير برامج إعادة إصلاح وتأهيل تضمن الكرامة الإنسانية، والتقليل من فرص العودة للجرم وتطوير ساسيات جنائية تحارب أسباب الجريمة وتعالجها من جذورها.
وخلال عمل المنظمة في المنطقة على مدار الـ30 عاما الماضية، شهدت توجه دول المنطقة لتبني سياسات وإصلاحات عملية، تسعى لتطوير المنظومة السجنية بما يتوافق مع المعايير الدولية لإدارة العدالة وحقوق الانسان، وتبني إصلاحات قانونية وعملية تهدف للحد من الاكتظاظ.
وحتى في الدول التي تواجه أوضاع سياسية غير المستقرة من توترات وصراعات، كان لها أثر مباشر على نظم العدالة وتحديد السجون، كما في اليمن والسودان بحيث كانت الإدارات السجنية حريصة على استمرار العمل وتوفير كافة الخدمات والحماية للسجناء.
كما يأتي اعتماد الموقف الموحد لمنظومة الأمم المتحدة بشأن الاحتجاز خطوة جوهرية نحو تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال، ويؤكد على إن تقليل الاعتماد على الاحتجاز وتطبيق البدائل غير الاحتجازية ليس فقط مطلبًا حقوقيًا، بل هو ضرورة إنسانية، تساهم في إعادة التأهيل والاندماج المجتمعي وحفظ الأمن والسلم.
MENAFN01102024000072011014ID1108737632