Sunday, 13 October 2024 01:55 GMT



جرائم الحرب والنفاق الغربي‏

(MENAFN- Alghad Newspaper) ترجمة: علاء الدين أبو زينة‏ كيتلين جونستون* - (كونسورتيوم نيوز) 19/9/2024
لو تم مجرد اشتباه في أن أي حكومات أخرى -روسيا أو الصين أو إيران على سبيل المثال- كانت مسؤولة عن الهجمات الإرهابية الإسرائيلية على لبنان، لكان المسؤولون الأميركيون منهمكين في إصدار الإدانات.‏
* * *
‏حتى كتابة هذه السطور، ارتفع عدد القتلى ‏‏إلى 12‏‏ في ‏‏الهجوم الإسرائيلي الذي شُن في لبنان‏‏ يوم الثلاثاء والذي فجر مواد متفجرة مخبأة في آلاف أجهزة الاستدعاء. ‏‏ثم قتل 20 شخصًا آخرين في ‏‏هجوم آخر شُن يوم الأربعاء‏‏ مع موجة ثانية من الانفجارات، هذه المرة في أجهزة للاتصال اللاسلكي وأنظمة ‏‏الطاقة الشمسية المنزلية‏‏.
ويبلغ إجمالي عدد القتلى ‏‏حتى كتابة هذه السطور 32‏‏ شخصًا. وكان من بين القتلى طفلان وأربعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية. وأصيب الآلاف.‏
‏كما يمكن أن يتوقع المرء، يبدو مديرو الإمبراطورية الغربية مرتبكين حقاً بشأن هذا الأمر. ‏‏رفض المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، ‏‏بشدة، الإجابة عن‏‏ أي أسئلة تتعلق بمسؤولية إسرائيل عن الهجمات خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، على الرغم من التقارير التي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع والتي أشارت إلى أن إسرائيل هي الطرف المسؤول، كما نقلت وسائل الإعلام، بما في ذلك ‏‏صحيفة "نيويورك تايمز"‏‏ ‏‏عن مسؤولين أميركيين‏‏ كمصدر لها.‏
‏"لن أتحدث عن تفاصيل هذه الحوادث"، قال كيربي ‏‏بشكل متكرر‏‏ عندما سئل عن دور إسرائيل وما الذي سيكون عليه الرد الأميركي.‏
غني عن القول إنه لو تم الاشتباه في أن حكومة، مثل روسيا أو الصين أو إيران، كانت مسؤولة عن هجمات مماثلة، فإن كيربي وزملاءه على المنصات لن يكتفوا بتسمية المعتدي المشتبه به، ولكنهم سيدينون بشدة الهجوم باعتباره عملاً إرهابياً.
‏وهنا يجدر تذكير القراء بأنه في العام 2017، أوضحت ‏‏مذكرة مسربة لوزارة الخارجية‏‏ بلغة واضحة أن سياسة الولايات المتحدة الدائمة هي التغاضي عن انتهاكات حلفاء الولايات المتحدة، بينما تتم إدانة الانتهاكات التي يرتكبها أعداء الولايات المتحدة من أجل تقويض الأعداء والإظهار للدول الأخرى امتيازات الاصطفاف مع الولايات المتحدة.‏
‏أظهرت المذكرة مدير إمبراطورية المحافظين الجدد براين هوك، الذي كان آنذاك مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية، وهو يعلِّم وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي لكان مبتدئًا، أن "حقوق الإنسان" بالنسبة للحكومة الأميركية ليست سوى سلاح يستخدم لإبقاء الدول الأخرى منضبطة وفي الصف. ‏
‏في نظرة رائعة في الطبيعة القاتمة لإدارة السرد الإمبريالي، أخبر هوك تيلرسون بأن سياسة الولايات المتحدة هي التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الدول المتوافقة مع المصالح الأميركية، بينما تقوم باستغلالها وتسليحها ضد الدول التي ليست كذلك.‏
وأوضح هوك في المذكرة: "في حالة حلفاء الولايات المتحدة، مثل بعض دول الشرق الأوسط والفلبين، فإن لدى الإدارة ما يبرر سلوكها تمامًا لدى التأكيد على علاقات جيدة لمجموعة متنوعة من الأسباب المهمة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وفي مواجهة المقايضات الصعبة حقًا في ما يتعلق بحقوق الإنسان".‏
‏وكتب هوك‏‏: ‏‏"أحد المبادئ التوجيهية المفيدة لسياسة خارجية واقعية وناجحة هو أنه يجب معاملة الحلفاء بشكل مختلف -وأفضل- من الخصوم‏‏".‏
‏"نحن لا نتطلع إلى تعزيز خصوم أميركا في الخارج. نحن نتطلع إلى الضغط عليهم والتنافس معهم والتفوق عليهم. لهذا السبب، يجب أن نعتبر حقوق الإنسان قضية مهمة فيما يتعلق بعلاقات الولايات المتحدة مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. وهذا ليس فقط بسبب الاهتمام الأخلاقي بالممارسات داخل تلك البلدان. إنه أيضا لأن الضغط على تلك الأنظمة بشأن حقوق الإنسان هو إحدى الطرق لفرض تكاليف، وممارسة الضغط المضاد، واستعادة المبادرة منها استراتيجيا".‏
‏من الممل قول إنه "إذا فعلت المجموعة (س) هذا، فإن السياسيين والنقاد الغربيين سيدينونها ولكن لأن المجموعة (ص) فعلت ذلك، فإنهم يكونون على ما يرام معها" مرة تلو المرة، لكنَّ من المهم تسليط الضوء على هذه التناقضات لأنها تظهر كيف يتم خداعنا.‏
يتم ‏‏تلقين الغربيين منذ ولادتهم‏‏ الاعتقاد بأنهم يعيشون في مجتمع جيد في الأساس مع حكومات هي، على الرغم من عدم اتسامها بالكمال، تظل أعلى بكثير من الطغاة والمستبدين الفاسدين في الجنوب العالمي. ‏
في الواقع، يبقى هيكل السلطة الغربية المتمركز حول الولايات المتحدة هو ‏‏القوة الوحيدة الأكثر فتكا واستبدادا على وجه الأرض‏‏ وبهامش هائل للغاية، لكن هذه الحقيقة الواضحة يتم حذفها دائمًا من منهج التلقين.‏
‏من خلال الإشارة إلى التناقضات الصارخة بين الطريقة التي تستجيب بها طبقة الإعلام السياسي الغربي لأشياء مثل تحويل إسرائيل للأجهزة الإلكترونية إلى آلاف القنابل الموضوعة في جميع أماكن تواجد السكان المدنيين والطريقة التي ترد بها عندما تقوم مجموعات أخرى بتفجير متفجرات بين المدنيين، فإنك تساعد في إحداث ثقوب في حجاب التلقين العقائدي الذي ألقوه على فهمنا الجماعي للعالم. ‏
إنك كلما أدركت أكثر أنك ترى مجتمعك هو الجيد فقط والآخرين سيئين بسبب الطريقة التي يتم بها تأطير الأحداث العالمية من قبل وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين، اقتربت أكثر من الحصول على لحظة إلهامك الخاصة: "‏‏هل نحن الأشرار"؟‏
‏إن النفاق والتناقض ليسا شرّين أخلاقيين كبيرين في حد ذاتهما، لكنهما غالبًا ما يشكلان غطاءً لشرور أخلاقية كبيرة.
‏إن حقيقة أننا مدربون على التفكير في العالم على يد أشخاص يسهلون الشرور العظيمة التي يرتكبها جانبهم عندما يدينون شرورًا مماثلة يرتكبها أعداؤهم تظهر أنهم لا يقفون ضد الشر، وأنهم هم أنفسهم أشرار للغاية.‏
‏إن الاعتراف بالمشاكل الموجودة في عالمنا هو الخطوة الأولى لحلها. هذا ما يعمل عليه الدعاة ومديرو الإمبراطوريات لمنعنا من القيام به، وهذا ما نحاول القيام به من خلال الإشارة إلى ثقوب الحبكة الصارخة والتناقضات في رواياتهم مرة ومرة أخرى.‏
‏الشيء الصحيح الذي يجب فعله عندما يتحدث القادة الغربيون عن حقوق الإنسان أو يدينون الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات المعادية هو السخرية منهم ورفضهم.
‏إنهم لا يقولون أي شيء صحيح عن قيمهم ومعتقداتهم الفعلية؛ لو كانوا يفعلون، فلن يكون هناك الكثير من النفاق في الطريقة التي يدينون بها الحكومات التي لا يحبونها بسبب الإساءات التي يتجاهلونها ويختلقون الأعذار لها عندما ترتكبها الحكومات التي يحبونها.
‏إنهم لا يقولون أبدًا ما يقولونه لوقف انتهاكات حقوق الإنسان أو جعل العالم مكانا أفضل، إنهم يقولون فقط ما يقولونه لتقويض أعدائهم حتى تتمكن الإمبراطورية الغربية من حكم العالم وتكون الوحيدة التي تدير الانتهاكات وتمتلك حق ارتكابها.‏
‏وينطبق الشيء نفسه على الصحافة الغربية السائدة. سوف تراهم وهم يتجاهلون تماما الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات المتحالفة مع الولايات المتحدة بينما يظهرون اهتماما هائلا بالانتهاكات المزعومة من قبل الجماعات التي تستهدفها الإمبراطورية، غالبًا بناء على أدلة واهية للغاية.
‏اسخر منهم وارفضهم عندما يتصرفون وكأنهم يهتمون بانتهاكات حقوق الإنسان. إنهم لا يهتمون. إنهم يريدون فقط التأكد من أن هيكل السلطة التعسفي الذي يقومون بالدعاية له هو الذي يكون في موضع المسؤولية.‏

*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: صحفية أسترالية مستقلة ومدونة ومعلقة سياسية معروفة بتحليلها النقدي لوسائل الإعلام الرئيسية والسياسة الخارجية الأميركية. تكتب على موقعها الإلكتروني الخاص وتُنشر كتاباتها في وسائل الإعلام المختلفة، وتتشارك في كتابة أعمالها مع زوجها الأميركي، تيم فولي.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: War Crimes & Western Hypocrisy

MENAFN01102024000072011014ID1108737606


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية