Saturday, 05 October 2024 09:04 GMT



مصائب قوم عند قوم فوائد

(MENAFN- Alghad Newspaper) بعيدا عن ((المناوشات الكلامية)) التي تشهدها ساحتنا العربية بخصوص التطورات التي أصابت لبنان، وطالت بشكل مباشر حزب الله من خلال سلسلة عمليات مفاجئة وصعبة، هناك من يرى أن ما حدث لا يمكن أن يكون محض صدفة، أو نتاج نشاط استخباراتي إسرائيلي فقط. فالأصابع تؤشر على تطورات على مستوى دول عاونت دولة الاحتلال في تقديم معلومات استخباراتية حول المقاومة اللبنانية بهدف ضرب الحزب وإضعافه بتصفية قياداته دون أن تطيح بذلك التنظيم الذي كانت وما زالت دولة الاحتلال تحسب لقوته ألف حساب.
ما يقرب تلك الصورة من الذهن، ذلك الحراك المعلن في بعض جوانبه، والخفي في البعض الآخر، والذي يصور أن الفرصة باتت مواتية لانفراجة في الكثير من الملفات المعقدة ليس على الصعيد اللبناني فقط، وإنما في العديد من دول المنطقة، وجلها لها علاقة بإيران والولايات المتحدة وبشكل غير مباشر بإسرائيل.
وبالتوازي، فقد عبرت أطراف شعبية عن تعاطيها مع هذه القراءة بخلافات واصطفافات طالت المقاومة وعلاقتها بإيران، وقبل ذلك دورها المفترض في الملفات مدار البحث. فالتحشيد لصالح المقاومة كان محكوما بالموقف من إسرائيل، وتنفيذها عمليات إسناد للمقاومة الفلسطينية التي تواجه أشرس هجمة في تاريخها. والتي تطورت إلى أطماع صهيونية كشفت عنها رموز التطرف في حكومة الاحتلال، وتمثلت بالحديث عن مشروع لإعادة رسم خريطة المنطقة لصالح دولة العدو.
بينما نقاط الاختلاف تمتد ما بين العقائدية وما أنتجت من ممارسات تمت ترجمتها سياسيا في أكثر من مكان على هذه الأرض، ومصلحيا في أكثر من موقع. وهي خلافات تكاد تكون موسمية وتظهر بين الحين والآخر، وتختفي بنفس الوتيرة، وفقا لأبعاد سياسية ومصلحية أيضا.
المناوشات حول الحزب ومستقبله ما زالت في أوجها ومرشحة للاستمرار تحت تأثير الصمت الذي مارسته قيادة الحزب على وقع الصدمة التي أصابته بدءا من تغير قواعد اللعبة، ودخول العوامل الإلكترونية في المواجهة، إضافة إلى اغتيال الجزء الأكبر من قياداته إما نتيجة لمؤامرة ـ كما يعتقد البعض ـ أو بسبب نشاط استخباراتي إسرائيلي كما يدعي الطرف الآخر.
لكنها - المناوشات - قد تبدأ حالة الهدوء في ضوء ما كشفه نعيم قاسم نائب أمين عام الحزب من تأكيدات باستمرار ذات النهج، وأن الخط السياسي والعسكري له لم يتغير، وأنه بصدد انتخاب قيادة جديدة تستمر بتوافق تام.
وتعززت القناعة بأن الحزب الذي ترنح على وقع الضربات التي طالت قياداته لم يفقد قوته وقدرته في ضوء تعاطيه مع العمليات البرية التي نفذها جيش الاحتلال والذي اعترف بأنه يخوض مواجهات صعبة مع المقاومة. وكذلك استمرار عمليات المناوشة دعما لجبهة غزة. وتأكيدات نائب أمينه العام استعداد المقاومة لمواجهة الغزو البري المحتمل، وعدم السماح بعودة سكان الشمال الإسرائيلي إلى المستوطنات.
وهي تأكيدات تلتقي مع السلوك الإيراني باقتصار مشاركتها في المواجهة من خلال أذرعها المتواجدة في دول أخرى.
تأكيدات نعيم قاسم حول المقاومة، وهي الأولى الرسمية بعد اغتيال نصرالله، لم تفلح في وضع حد للشكوك التي تثيرها تحليلات سياسية وإستراتيجية تؤشر على حراك سياسي يمكن أن يفتح الباب على انفراج يراه البعض وشيكا، وتعتبره بعض الأطراف نتيجة حتمية لما أصاب المقاومة ويعمل البعض على توظيفه لتحقيق منجزات مصلحية.
فتصريحات قاسم تتقاطع بشكل كامل مع بيان لرئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي، فاجأ الجميع بالتأكيد على موافقة الحكومة على إعادة الجيش إلى ما بعد نهر الليطاني، وتنفيذ القرار الأممي 1701. ووقف إطلاق النار فورا لتطبيق القرار، وكذلك ترتيب جلسة برلمانية لانتخاب رئيس الجمهورية فورا.
ما يعني أن الحكومة اللبنانية ترى إمكانية توظيف ما حدث في عملية انفراج سياسي، وصولا إلى ملء الفراغ الرئاسي الذي تعاني منه الدولة اللبنانية. بينما بدت أطراف أخرى وكأنها تشاركها نفس الرؤية فيما يخص ملفات تخصها. وبشكل غير مباشر وجود أطراف أخرى قد تكون شاركت في إيصال المقاومة إلى ما آلت إليه.
فقد تم الإعلان عن اتفاق أميركي عراقي على إنهاء تواجد قوات التحالف الدولية - وكلها قوات أميركية - قبل نهاية العام 2025.
كما أعلن عن اتفاق على إنهاء التواجد الأميركي على الأرض السورية في العام 2026.
والبيانان أثارا موجة من التكهنات بأنهما يرتبطان بتطورات المقاومة اللبنانية، ويؤشران على أدوار معينة أسهمت في ما أصاب الحزب وقياداته وكوادره بمواقعها المتعددة. وأطلقا فرضية المرحلة المقبلة ومحدداتها، وفقا لتفاهمات قد تكون المقاومة اللبنانية أولى ضحاياها. وقد تكون جزءا من العنوان الذي رفعه اليمين الإسرائيلي حول إعادة رسم خريطة المنطقة.
وبينما ينظر متابعون إلى تلك الصورة المفترضة كحقيقة شبه مؤكدة، ما زال الطرف الآخر ينظر لها بعين الريبة، ويرى أن مشواره طويل، وأن أمامه الكثير للوصول إلى تلك الحالة. ما يعني أن التحليلات التي استندت إلى فرضيات بعضها واقعي، والبعض الآخر خيالي، أغفلت ما يتعلق بالمقاومة وما إذا كانت قادرة على تجميع قوتها واستعادة معنوياتها التي ساد اعتقاد بأنها منهارة، واستغلال ما لديها من أسلحة وما يمكن أن تحصل عليه من إمكاناتها الذاتية ومن أصدقائها وما يمكن أن تطوره بما يتماشى مع متطلبات المرحلة، وتسد النوافذ التي استغلت لمحاولة الإطاحة بها. وفي المقابل ما هي استعدادات الجانب الإسرائيلي في مجال التسليح وتطوير أساليب الرد، إضافة إلى ما كشفه رئيس حكومة الاحتلال من أنه أخطأ بتوقيع اتفاق ((حقل غاز المتوسط)) مع لبنان، وأنه سيتراجع عن ذلك الاتفاق، في إشارة إلى محاولته تعظيم الفوائد التي ستجنيها حكومة الاحتلال نتيجة لما أصاب المقاومة اللبنانية.
فهذا ما تقوله المقاومة ضمنا، وما ألمح إليه نائب الأمين العام لحزب الله، وذلك ما يراه من يعتقدون أن الفرصة باتت مواتية لتسوية إشكالاتهم السياسية والأمنية.
وبين هذه وتلك ثمة من ينتظر ((ما الذي يمكن أن تؤول إليه الأمور))؟ ومن يرى أن المقاومة ما زالت حاضرة وقادرة على تنفيذ الحد الأدنى مما أعلن عنه أمينها العام قبل استشهاده بأيام قليلة.

MENAFN01102024000072011014ID1108737598


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية