(
MENAFN- Alghad Newspaper)
زئيف جابوتنسكي، الأب الروحي للتطرف الصهيوني، المعلم لأجيالٍ من المتطرفين الإسرائيلين– وأشرسهم مناحيم بيغن- انضم للجيش البريطاني وبرز كأحد الأوائل الذين دخلوا فلسطين مع جيش الانتداب في“الفيلق اليهودي”.
في عام 1923 كتب جابوتنسكي- وهو علماني غير متدين- كتابه المشهور“السور الحديدي” وخلاصته أن الفلسطيني ليس له ذنب بمشكلة اليهود الأوروبيين، ونحن- الحركة الصهيونية- نغتصب أرضه بالقوة. وأضاف قائلا:“لو كنتُ فلسطينيًا، لحاربت المشروع الصهيوني. لذا فإن إنشاء دولة إسرائيل لا يعتمد فقط على التصدي لمقاومة الفلسطيني بل يعتمد أساسا على سحق إرادته وإيمانه بجدوى المقاومة”، ويكون ذلك حسب رأيه عن طريق الضرب“بالقوة المفرطة” على نحو يجعل فعل المقاومة في الثقافة العربية الفلسطينية عبثياً وغير ممكن.
عملت إسرائيل منذ تأسيسها على استئصال فكرة جدوى المقاومة باستخدام القوة المفرطة – دير ياسين مثالٌ على ذلك – وهي، وإن كانت تعتبر حرب الساعات الستة حالة تدخل إلهي، حيث“سارع”“رب إسرائيل” لإنقاذها، فإنها منذ عام 1967 انخرطت في تحقيق دولة متفوقة عسكريًا، قادرة على سحق جميع أعدائها، وكل ذلك بمساندة تصل إلى حد التبني من أميركا وأكثر دول أوروبا.
في إطار إستراتيجيتها لاستئصال فكرة جدوى المقاومة، نجحت إسرائيل أيضا بتحييد أغلب العالم العربي والإسلامي من الصراع وحولت القضية الفلسطينية من قضية تحرر عربي إنساني أساسها حقوق سياسية وحقوق إنسانية ومقاومة احتلال إلى“خلاف” إسرائيلي فلسطيني، تشرف“أميركا المتآمرة” على حله عن طريق عملية سلام وهمية استغلت فيه إسرائيل الوقت لتغيير الواقع الجغرافي على أرض فلسطين التاريخية نحو المزيد من الاستيطان الذي أسقط واقعيا خديعة إسرائيل وأميركا المعروفة بحل الدولتين، حيث انتقلنا من حلم الدولة الفلسطينية إلى كابوس التهجير الفلسطيني.
كما عملت إسرائيل على تفريغ القانون الدولي من محتواه بمساعدة آلية الفيتو الأميركي التي حولت الشرعية الدولية إلى مهزلة، ورغم محاكمتها أمام المحاكم الدولية بتهم الإبادة الجماعية، ورغم ملاحقة قادتها أمام محاكم دولية واعتبارهم مجرمي حرب، فإن كل الشرعية الدولية لم تفلح في وقف الحرب الهمجية على غزة ولا على لبنان!
آخر الكلام، وبرغم كل تفوقها العسكري وتوافر جميع شروط تحقيق مشروع“دولة إسرائيل الكبرى”، ورغم دعم حلفائها من الغرب والعرب والعجم غير المحدود، فقد خسرت إسرائيل وللأبد فرصة قيامها في المنطقة، إذ إن تاريخها الذاتي– واقعيا كان أم مزيفا - والتاريخ الإنساني بأسره يثبت أن سحق مقاومة أي شعب بالقوة المفرطة يشكل زرعا لبذور جديدة للمقاومة أكثر قوة وتصميما على نيل الحرية واستعادة الحقوق المشروعة، نعم لقد خنقت إسرائيل حلم وجودها في المنطقة بحبل قوتها المفرطة تلك. وسيتعلم جيل قادم من العرب من أخطائهم وسيعدون العدة العلمية والسياسية والعسكرية لإقامة العدل، وإن غدا لناظره قريب جنابك.
MENAFN01102024000072011014ID1108737595
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.