Friday, 27 September 2024 02:34 GMT



كيف يتصدى التعليم لأزمة التغيرات المناخية؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) آلاء مظهر عمان - في ظل تشديد دعوات عالمية على أهمية تكيف أنظمة التعليم مع التغيرات المناخية، أكد خبراء تربويون أهمية التصدي لأزمة التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل البشرية والحضارة الإنسانية ونموها.
وأشاروا، في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد"، إلى أن التصدي لأزمة تغيرات المناخ يكون من خلال التعليم، عبر وضع السياسة التعليمية وتوفير الأطر والأدلة المتعلقة بالمناخ والتغيرات المناخية، والتوسع في تضمين التغيرات في المناهج والكتب المدرسية ومصادر التعلم كافة، واستكمال مشروع المناهج الرقمية، بالإضافة إلى تطوير المحتوى الإلكتروني وتفعيل نظامه وغيرها.
وكان تقرير جديد للبنك الدولي صدر مؤخرا، أشار إلى أن 400 مليون طالب على مستوى العالم تعرضوا لإغلاق المدارس بسبب الظروف المناخية القاسية منذ العام 2022.
وتناول التقرير الذي جاء بعنوان "اختيار مستقبلنا: التعليم من أجل العمل المناخي" الآثار الضارة لتغير المناخ على التعليم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ويقدم حلولاً لتسخير التعليم لتحفيز العمل المناخي.
بدورها، تواصلت "الغد" مع مسؤولين في وزارة التربية والتعليم للتعليق على هذا الموضوع، لكن لم يتسن لها الحصول على رد رسمي.
وكانت وزارة التربية والتعليم أطلقت، مؤخرا، إستراتيجية لإدارة الأزمات والمخاطر 2023-2027؛ حيث حددت الإستراتيجية 13 خطرا رئيسيا تؤثر على نظام التعليم في المملكة، موضحة المخاطر الرئيسية المحددة في الأقاليم الثلاثة، والتي صنفت بحسب احتمال تكرارها أو أثرها الكبير في نظام التعليم في المملكة المتمثلة في مخاطر الطقس، والمخاطر الاجتماعية، ومخاطر الحدود، والخطر السيبراني، إضافة إلى مخاطر الفيضانات، والأمن الغذائي، والجفاف، والمخاطر الصناعية، والبيولوجية، والجراد، والزلازل، والحفر الانهدامية، والانهيارات الأرضية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير التربوي الدكتور محمود المساد، إن ظاهرة التغير المناخي حتمية ومتنوعة وعالمية، وتتفاوت الدول في المساهمة بها، وزيادة حدتها، أو الحد من آثارها، والتكيف معها من دولة إلى أخرى.
وأوضح المساد أن التعليم له دور بارز في ذلك، من خلال الوعي بهذه الظاهرة، والتحوط لها قبل وقوعها أو تفاقمها كما في حالات التصحر، والتخفيف من حدتها كما في المحافظة على الأشجار وتكثيرها وتقليل فاقد المياه، وجميعها وغيرها ترتبط بالمعرفة المكتسبة بالتعليم، ومنظومة القيم والمهارات التي تترسخ في كيان المتعلمين وشخصياتهم وما يصدر عنهم بعد ذلك من سلوكيات.
وأشار الى أن التعليم والمتعلمين في الأردن يتأثرون أكثر من غيرهم بهذه الآثار، فعلى الرغم من صغر المساحة الجغرافية، إلا أنها تتمتع بتنوع مناخي شديد، ففيها مناطق باردة جدا في الشتاء، وحارة للغاية في الصيف، وأمطار قليلة تتغير في كمياتها من عام إلى آخر، وقد تمر سنوات متتالية جافة، وقد تسقط أمطار صحراوية جارفة كارثية أحيانا.
وهذا كله خلق ظواهر أخرى تنعكس على التعليم سلبياً مثل زيادة عدد أيام التعطل في السنة نتيجة البرد الشديد وتساقط الثلوج والفيضانات والحر الشديد، سواء على مستوى المملكة، أو على مستوى منطقة بعينها، علما أن مثل هذه الآثار تزداد حدة عندما تترافق مع الفقر والنظام المركزي في إدارة التعليم، وفق المساد.
وتابع أنه على الرغم من شح الإمكانات، إلا أن وزارة التربية والتعليم تقوم ببعض الدور الوقائي لمثل هذه الوجوه التي تشكل ظاهرة التغير المناخي في الأردن، فعلى صعيد الوقاية المستمرة في الوعي الإنساني المرتبط بمحتوى التعلم، تزخر المناهج والكتب المدرسية ومصادر التعلم المتعددة بمحتوى يرفع من الوعي المعرفي، والقيم والمهارات التي تدعم سلوكيات الطلبة في التخفيف من آثار هذه الظاهرة، والتغلب على بعض تحدياتها، خاصة في الأنشطة المدرسية التي تحافظ بها على غطاء نباتي مستدام، وبيئة خضراء حيوية.
وأضاف مساد: "وعلى صعيد بيئات التعلم، تجتهد الوزارة في تخفيف حدة البرد في بعض المناطق من خلال وسائل التدفئة المناسبة، وكذلك في مناطق الحر الشديد بوسائل التكييف المناسبة".
بدوره، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة، إن أزمة المناخ والتغيرات المناخية أصبحت واقعا ومهددا لمستقبل البشرية ولجميع مناشط الحياة في أنحاء العالم، وخاصة التعليم.
وقال أبو غزلة إن الأردن أصبح كجزء من هذا العالم يشهد هذه التغيرات المناخية والمتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة والجفاف، والتصحر نتيجة التعدي على الأشجار الحرجية، وتشكل السيول والفيضانات أحيانا والتي أثرت على البنى التحتية للمرافق العامة ومنها المدارس، ما قد يتسبب في تعطيل الطلبة وفقدان أيام تعلمية من الفرص التي يستحقونها.
كما يعاني الأردن من انحباس الأمطار أحيانا، ما أثر على مصادر المياه لديه، وبالتالي أثرت هذه التغيرات المناخية على الأوضاع الاقتصادية للأسر والمزارعين وغيرهم والذين يتوقفون عن إرسال أبنائهم الذكور والإناث للتعليم، بسبب الأوضاع المادية الصعبة، ولعل هذه العوامل جميعها تدفع بأبنائهم للتسرب المدرسي، وفق أبو غزلة.
وأكد ضرورة التوعية بالتغيرات المناخية والكوارث التي تنتج عنها من أجل ضمان استمرارية التعليم للطلبة في كل مكان، وتوفير كل الموارد لدعم تمويل التعليم وتوفير البنى التحتية والتقنية، وتطوير المحتوى الإلكتروني ومنصات التعليم، وتوفير الأدوات الإلكترونية وتدريب المعلمين والطلبة وتمكينهم من المهارات اللازمة لضمان استدامة التعامل مع التغيرات المناخية، لاسيما وأن التعليم هو المحرك الأساسي وهو بوابة التمكين من المهارات وحل المشكلات التي تواجه الشباب ويعيد تشكيلهم وإعدادهم للمستقبل.
وبين أبوغزلة أن التأثيرات المحتملة لأزمة تغير المناخ على التعليم في الأردن، يمكن أن تتمثل في الانقطاع عن المدرسة والتسرب من التعليم لتأمين سبل العيش وخاصة في مناطق جيوب الفقر أو غيرها، إضافة لتأثير هذه التغيرات على الأداء الأكاديمي للطلاب بسبب البرودة الحادة أو الحرارة المرتفعة، وخاصة في مناطق الأغوار والعقبة والصحراء في الجنوب والشرق.
وأوضح أن أزمة التغيرات المناخية تهدد مستقبل البشرية وتهدد الحضارة الإنسانية ونموها، ونحن في الأردن أكثر تعرضا لهذه الأزمات، لذا لا بد من التصدي لها ومن خلال التعليم من خلال وضع السياسية التعليمية وتوفير الأطر والأدلة المتعلقة بالمناخ والتغيرات المناخية، والتوسع في تضمين التغيرات في المناهج والكتب المدرسية ومصادر التعلم كافة، واستكمال مشروع المناهج الرقمية الذي أعلن عنه، بالإضافة إلى تطوير المحتوى الإلكتروني وتفعيل نظام التعليم الإلكتروني الذي تم إقراره مؤخرا.
فضلا عن إعداد بنوك الأسئلة والامتحانات الإلكترونية المرتبطة به، والبدء بتنفيذ إستراتيجية التعليم المتمازج وتوفير جميع متطلباتها، والاستثمار في بناء المنصات التعليمية، والاستفادة من البدائل التعليمية التكنولوجية وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت في متناول اليد.
ولفت إلى ضرورة تزويد الطلبة بالتعليم المناخي والمهارات المراعية للبيئة، لتعزيز قدرتهم على التكيف مع آثار تغيير المناخ، والاستعداد لمواجهتها، وتمكين المعلمين والطلبة من المهارات اللازمة لإدارة التغيرات المناخية والتعامل معها، ومع تحدياتها ليكونوا لاعبين بارزين في مواجهة تحديات تغير المناخ.
وأكد أبوغزلة أهمية العمل على توحيد الجهود الوطنية كافة، وإشراك الوزارات والمؤسسات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها في جميع النقاشات والقرارات المتعلقة بتغير المناخ على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية؛ لدعم التوجهات الوطنية والإستراتيجيات والخطط والسياسات في مجال التغيرات المناخية، ووضع الخطط لإدارة الأزمات التي تنتج عنها وتحديثها باستمرار، مع ضرورة وضع آليات لمتابعة هذه الخطط.
وشدد على أهمية بناء الشراكات مع الدول الصديقة والشقيقة والاستفادة من تجاربها في تركيب أجهزة للتنبؤ بهذه التغيرات المناخية، ومن الممارسات الناجحة لديها في مجال التعامل مع التغيرات المناخية، وحل المشكلة التي تسببها وتؤثر على القطاعات عامة ومنها التعليم.
من جانبه، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، إن التغير المناخي ترك أثرا كبيرا في حياة الناس في القطاعات كافة، ومنها قطاع التعليم الذي يعد الأكثر تأثرا كونه المدخل الأساسي لتحقيق النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتتنوع أنواع وأشكال المؤثرات المناخية والتغيرات المصاحبة لها وترتبط عادة بالظروف المكانية والزمانية.
وبين النوايسة أن التغير المناخي يترك أثرا مباشرا في رفع نسبة التسرب من التعليم، وبشكل خاص عند تكرار حدوث تعطيل التعليم نتيجة الظروف المناخية وبشكل مستمر ومن دون حدوث علاج لردم فجوات التعلم التي تحدث نتيجة هذا التعطل، ويؤدي إلى تعاظم الفقر التعليمي وصعوبة في تطوير الأداء التعليمي للطلبة.
وأشار إلى أن تأثير التغير المناخي يكاد يكون شاملا في تأثيره على التعليم، كونه يرتبط بالمدخلات ويؤثر في العمليات، وتبرز آثاره السلبية في المخرجات، وعادة ما ينعكس هذا على تحقيق مؤشرات التنمية المرتبطة بالتعليم.
وأكد ضرورة وجود تصور مستقبلي مرتبط بالتخطيط للتعامل مع المخاطر التي تواجه التعليم، والتي ترتبط بالتأثيرات المناخية وكيفية التعامل معها بصورة إيجابية تنعكس على تحسين التعليم وتجويده في ظل جميع الظروف، بما فيها التغيرات المناخية.
وحتى يتم التعامل مع التغيرات المناخية بصورة إيجابية، أوضح النوايسة أهمية الوعي الكامل بها عن طريق إدماجها في المناهج الدراسية وبرامج إعداد المعلمين، وربطها مع إجراءات عملية تخطيطية ينفذها المعلم والنظام التعليمي، ولا بد أن تنعكس على تحسين التعليم وتجويده.
بالإضافة إلى توظيف التدريب على المهارات المناخية الحديثة واستخدامات التقنيات الرقمية للتعامل مع التغيرات المناخية في جانب التعليم، مثل التدريس المتزامن وغير المتزامن، الذي يعد حلا مناسبا لمواجهة تأثير التغير المناخي على حضور الطلبة للمدرسة مثلاً، واليوم المدرسة مطالبة بدور أكبر في التعامل مع التغير المناخي من خلال مجموعة من الإجراءات التوعوية والتعليمية والخططية، ومن خلال الاستفادة من البرامج الدولية، مثل برنامج اليونسكو.
ويرمي هذا البرنامج، بحسب النوايسة، إلى مساعدة الأفراد على فهم التأثير الراهن للاحترار العالمي وتعزيز التثقيف المناخي بين الطلاب عن طريق تعزيز قدرات الدول الأعضاء على توفير التعليم الجيد في مجال تغير المناخ من أجل التنمية المستدامة، مع التركيز على التعليم الأساسي والثانوي، مؤكدا ضروة تبني النظام التعليمي خطة وطنية شاملة للتعامل مع التغيرات المناخية وتأثيرها على التعليم.

MENAFN20092024000072011014ID1108697704


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية